لجريدة عمان:
2024-11-21@22:19:13 GMT

توسع البريكس خطوة كبيرة في لعبة بعيدة المدى

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

اتفقت مجموعة بريكس التي تتألف من الاقتصادات الناشئة الكبرى للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا على دعوة ست دول أعضاء جديدة إلى ناديها متزايد القوة. أصدر رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا هذا الإعلان البارز خلال الأسبوع الحالي في ختام القمة السنوية لزعماء مجموعة بريكس المنعقدة في جوهانسبرج.

في حين يستهين النقاد الغربيون على نطاق واسع بمجموعة بريكس باعتبار أنها لم تزل في مهدها، فإن ضم الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران ـ بالإضافة إلى منتجي الطاقة الرئيسيين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ـ يمثل تحولا كبيرا لا يمكن الاستهانة به بسهولة.

منذ البداية، كانت مجموعة بريكس منظمة تتسم بتفاؤل يبدو غير واقعي. ولقد تم سك مصطلح (بريكس) على يد الاقتصادي جيم أونيل في عام 2001 لتسليط الضوء على معدلات النمو القوية في البرازيل وروسيا والهند والصين غداة هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة.

طوال العقد الأول من القرن الحالي، أصبحت اقتصادات الأسواق الناشئة موضع افتتان من الاستثمار، ويجادل كثيرون الآن، بأنها أصبحت موضع وفرة غير منطقية.

كانت تركيا هي الطفل المدلل لهذه الإثارة. فعلى سبيل المثال، تزايد صعود الاقتصاد التركي في أواخر العقد الأول من القرن الحالي بسبب نهج القوة الناعمة الخيري الذي اتبعته تركيا وتمثل في "عدم وجود مشاكل مع الجيران".

وقد أسهمت هذه الاستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية في دفع الاقتصاد التركي وتحفيز الاستثمار، لكنها تعرضت لضغط هائل في السنوات الأخيرة. كان التفاؤل الجامح بشأن صعود الطبقة المتوسطة العالمية في الأسواق الناشئة هو الذي أسهم في خلق المزاج المزدهر عندما عقدت مجموعة بريكس قمتها الأولى في عام 2009.

واليوم، تهيمن الصين على مجموعة البريكس، بوصفها أقوى أعضائها. وتندر الكتابات التي تتملق صعود طبقة متوسطة جديدة. وتواجه الأسواق الناشئة صعوبات مع الاقتصاد الصيني.

ومع ذلك، فقد تم وضع الأساس لتكامل أعمق بين الدول خارج الغرب. وتعمل الصين على وضع هذا الأساس والاستفادة من هذه الروابط مع ضمان أن تظل أهدافها الاقتصادية وسياستها الخارجية هي التي تقود هذه التحولات.

وتعد الدعوة الموجهة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مثالا حيا على هذه الاستراتيجية. فمن المصالح الجيوسياسية والاقتصادية الأساسية للصين أن تكسر هيمنة الدولار على تجارة النفط والغاز.

وعندما طرحت شركة أرامكو السعودية فكرة الاكتتاب العام IPO، أعربت كيانات في الدولة الصينية عن اهتمامها بالاستحواذ على حصة أقلية. ولم يحدث ذلك قط، لكن الصين استثمرت بسخاء في الاقتصاد السعودي وقطاع النفط.

وبرز الصينيون أيضا بوصفهم وسيطا مهما بين السعودية وإيران. ففي مارس، توسط دبلوماسيون صينيون في اتفاق مصالحة بين البلدين في خطوة فاجأت واشنطن وأحرجتها. ويأتي ضم إيران والمملكة العربية السعودية إلى مجموعة (بريكس +) ليزيد من نفوذ الصين في الشرق الأوسط.

لم تسارع جميع البلاد إلى فتح عضوية بريكس على هذا النحو. فقد كانت البرازيل حذرة بشكل ملحوظ من ضم أعضاء جدد، ولكنها بلا شك سعدت بضم الأرجنتين. فقد أصبح البلدان الأمريكيان الجنوبيان متقاربين بشكل متزايد في السنوات الأخيرة إلى حد العمل على عملة مشتركة.

إن ترسيخ مثل هذه التحالفات في جميع أنحاء الجنوب العالمي هو واحد من أهم الدروس المستفادة من نفوذ مجموعة بريكس المتزايد. وقد زعم نقاد غربيون أن الكتلة محض أقوال بلا أفعال، ولكن خطوات صغيرة ترسي الآن الأساس لنسخة جديدة من الاقتصاد العالمي.

لقد ارتفعت التجارة بين دول بريكس بنسبة 56% بين عامي 2017 و2022، لتصل إلى 422 مليار دولار، وهو اتجاه تصاعدي يبدو من المؤكد أنه سوف يستمر.

وبطبيعة الحال، يطل للولايات المتحدة شبح ضخم وراء هذه التطورات. فقد سارت جنوب أفريقيا ، على سبيل المثال، على حبل رفيع للغاية طوال قمة مجموعة بريكس لئلا تثير غضب الولايات المتحدة. إذ قال الرئيس رامافوزا ـ في خطاب متلفز إلى الأمة عشية القمة ـ إن جنوب إفريقيا لن تنجر إلى منافسة بين القوى العالمية. ثم أعاد تأكيد موقف جنوب أفريقيا بعدم الانحياز بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولقد نشأ خلاف بين البلدين منذ أن اتهم السفير الأمريكي في بريتوريا، روبين بريجيتي، جنوب أفريقيا ببيع الأسلحة بشكل غير قانوني لروسيا في العام الماضي. وأثار مشرعون أمريكيون إمكانية إزالة جنوب أفريقيا من اتفاقية أجوا AGOA للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة والعديد من الدول الأفريقية المهمة بالنسبة لاقتصاد جنوب أفريقيا.

وبرغم الخطابات والتهديدات، فإن شركات أميركية، من قبيل شركة فورد، تستفيد استفادة هائلة من العلاقة التجارية الحالية مع جنوب أفريقيا. ومن غير المرجح أن يحدث أي تغيير حقيقي في هذا الترتيب لأنه سوف ينطوي على ضرر بالاقتصاد الأمريكي.

تسلط هذه الملحمة الضوء على الوضع المعقد الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه مع صعود مجموعة بريكس. وببساطة، فإن العديد من البلاد التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الاقتصاد الأمريكي في التجارة والدعم العسكري، تتعاون الآن بشكل عميق مع روسيا والصين من خلال الكتلة، ولن تفعل واشنطن ولا تملك أن تفعل الكثير حيال ذلك.

هل بوسعنا أن نتخيل أن تنتقد الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة علانية بسبب عضويتهما الجديدة في مجموعة بريكس؟ مطلقا. لقد عجزت أمريكا عن تحميل جنوب أفريقيا، وهي البلد الأقل قوة بكثير، مسؤولية علاقاتها المشتبهة مع روسيا. ولقد استنفدت الولايات المتحدة جزراتها مع قيام مجموعة بريكس بتوسيع التعاون عبر الجنوب العالمي وتعميقه.

ومن المنظور الصيني بعيد المدى، فإن أفضل مسار للعمل هو الاستمرار ببطء في إقامة البنية الأساسية لاقتصاد عالمي غير منحاز من خلال مجموعات مثل مجموعة بريكس.

وفي نهاية المطاف، سوف تبلغ الشراكات التجارية والتعاون بين هذه البلاد من الرسوخ ما يجعل تجاهلها أمرا غير ممكن، وسوف يصبح من الممكن إجراء تغييرات أكثر أهمية على النظام العالمي، من قبيل إزاحة الدولار الأميركي من مكانته كعملة احتياطية عالمية. والصين تعرف ذلك، ولهذا السبب حضر الرئيس شي جين بينج اجتماعات القمة شخصيا.

ومع أن هذا لن يحدث في أي وقت قريب، فإنه يجري تجميع الأساس لمثل هذا المستقبل.

• جوزيف دانا كاتب مقيم في جنوب أفريقيا. سبق له أن عمل من القدس ورام الله والقاهرة واسطنبول وأبو ظبي. ورأس تحرير مشروع "Emerge85" الإعلامي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العربیة السعودیة الولایات المتحدة مجموعة بریکس جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

أخطر رد عسكري للرئيس الروسي ”بوتين” بعد سماح أمريكا لأوكرانيا قصف روسيا بصواريخ بعيدة المدى!

أخطر رد عسكري للرئيس الروسي ”بوتين” بعد سماح أمريكا لأوكرانيا قصف روسيا بصواريخ بعيدة المدى!

مقالات مشابهة

  • بوتين: استخدام أسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثر على العملية العسكرية الخاصة
  • «الجارديان»: مخاوف لدى الولايات المتحدة وأوروبا من تصعيد الحرب الهجينة الروسية بعد استخدام أوكرانيا الصواريخ بعيدة المدى
  • الاستخبارات الروسية: محاولات الناتو تسهيل ضربات أوكرانية بعيدة المدى لن يمر دون عقاب
  • بمشاركة السيسي.. ختام قمة العشرين بالبرازيل وتسلم جنوب أفريقيا الرئاسة
  • لافروف: دول البريكس تكتسب نفوذا داخل مجموعة العشرين
  • أخطر رد عسكري للرئيس الروسي ”بوتين” بعد سماح أمريكا لأوكرانيا قصف روسيا بصواريخ بعيدة المدى!
  • زيلينسكي: زيادة إنتاج الدفاع الأوكراني إلى 30 ألف طائرة دون طيار بعيدة المدى
  • ولي عهد أبوظبي يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع رئيس جنوب أفريقيا على هامش أعمال قمة الـ «20»
  • تلفزيون "بريكس": الملتقى الأول للقيم العريقة بموسكو يعزز الروابط الثقافية بين الأعضاء
  • زاخاروفا: رد موسكو على الضربات بالقذائف الغربية بعيدة المدى سيكون مناسبًا وحازمًا