الاقتصاد القياسي.. المفهوم والأهمية
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يعد الاقتصاد القياسي (Econometrics) أحد العلوم الحديثة مقارنة بالعلوم الاقتصادية الأخرى وهو أسلوب من أساليب التحليل الاقتصادي يهتم بالعلاقة بين المتغيرات الاقتصادية ويهتم أيضا بالتقدير العددي (الكمي) ويعتمد كثيرا على النظرية الاقتصادية وعلوم الرياضيات والإحصاء بهدف اختبار الفرضيات والتقدير وذلك للتنبؤ بالظواهر الاقتصادية؛ إذ إن كما هو معلوم أن علم الاقتصاد مثل علم الأرصاد يعتمد على التقديرات والتوقعات للتنبؤ بالأحداث الاقتصادية على نقيض العلوم الإنسانية التي تعتمد على الفرضيات والنظريات في إجراء التحليلات، ولكن يمكن القول إن علم الاقتصاد يقوم باختبار النظريات والفرضيات الاقتصادية بهدف التنبؤ وذلك عبر الاستعانة بالنظرية الاقتصادية أولا لتحديد المشكلة المراد دراستها والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتوقع أن تؤثر فيها، ثم يتم الاستعانة بالاقتصاد الرياضي لتوصيف العلاقات بين المتغيرات، بعدها يتم استنباط طرق القياس وتطويرها عبر الاستفادة من علم الإحصاء للحصول على نتائج دقيقة ليتم التنبؤ بالمشكلة أو الظاهرة المراد دراستها باستخدام بعض البرامج التحليلية مثل SPSS وEVIEWS.
وبالتالي نستطيع القول بأن النظرية الاقتصادية تعطينا فكرة عامة حول شكل العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية، أما دور الاقتصاد القياسي هو تحديد المقدار الكمي لتلك العلاقة بالاعتماد على الاقتصاد الرياضي.
وعند الحديث عن ظهور الاقتصاد القياسي وتطوّره ووفقا لبعض المصادر التي اطلعت عليها خلال الفترة الماضية، فإن الإحصائي الألماني أرنست إنغل هو أول من وضع القوانين المرتبطة بالدخل والاستهلاك مستندا على بيانات ميزانية الأسرة لكن أول من استخدم مصطلح الاقتصاد القياسي هو الاقتصادي النرويجي فريش Fresh عام 1926 ثم اشترك مع واضعي الفكر الاقتصادي مثل مور H.More، وشولتز H.Schultz، وفريش وستون R.Stone الجمعية الدولية للاقتصاد القياسي International Econometrics Association.
إن أهمية الاقتصاد القياسي لا تقتصر على فهم المصطلحات والمفاهيم المرتبطة بهذا النوع من الاقتصاد بل تعدت إلى أبعد من ذلك وأصبح يستخدم في وضع السياسات الاقتصادية واتخاذ القرارات المناسبة وفقا للتنبؤات المستخلصة بعد إجراء سلسلة من التحليلات باستخدام علوم الرياضيات والإحصاء وبالاستفادة من النظرية الاقتصادية، أيضا بات الاقتصاد القياسي عاملا مهما للتخطيط الاقتصادي في الدول النامية التي تتميز بانتشار هذا النوع من الاقتصاد وذلك لبعض الأسباب المهمة منها أن في هذه الدول تتوفر بيانات إحصائية غالبا ما تكون دقيقة؛ إذ تمثل هذه الإحصاءات الأساس للبحث العلمي عموما والبحوث والدراسات الاقتصادية خصوصا، أيضا هناك دراسات تشير إلى أن الدول النامية تتطوّر سريعا في مجال الحاسبات الإلكترونية الذي أسهم في التوسّع في النماذج الاقتصادية واستخدامها في عدة تحليلات ودراسات اقتصادية بهدف إجراء التنبؤات الاقتصادية؛ إذ لم تقتصر على الجانب النظري التحليلي وحسب بل ساعد على اختبار النماذج الاقتصادية واختبار ملاءمتها للواقع باستخدام أساليب الاستقراء والاستدلال الإحصائي.
ولتوضيح كيفية تطبيق الاقتصاد القياسي في حياتنا اليومية فإن جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم خلال العامين الماضيين هي أحد النماذج التطبيقية على هذا النوع من الاقتصاد، لنفترض أن لدينا متغيرين أحدهما يمثل عدد الإصابات والآخر يمثل المخالطة مع الآخرين سواء مصابين أو لا، وبما أن أعراض مرض فيروس كورونا-19 لا تظهر مباشرة إلا بعد أيام، فإنه من المرجّح أن يتأثر العامل الذي يمثل عدد الإصابات بالزيادة أو النقصان، وخلاصة ما ذكرناه في المثال هو أن عدد الإصابات استمرت في الارتفاع بالرغم من الإجراءات المشددة للسيطرة على تفشي المرض من قبل اللجنة المكلفة ببحث آليات التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) حينها وذلك لأسباب منها الإصابات المسجلة ربما تعود لمخالطات سابقة قبل الشروع في تنفيذ قرار الإغلاق وبسبب عدم ظهور الأعراض مباشرة فإنه خلال فترة الإغلاق سوف تظهر الأعراض على المخالطين مما يزيد عدد الإصابات بالمرض.
بالرغم من صعوبة التحليلات والاختبارات التي يجريها المختصون بعلم الاقتصاد القياسي واستخلاص نتائجها وذلك لارتباط النتائج بالجانب الإحصائي الاستدلالي وأساليب الاستقراء المختلفة وصعوبة فهم نتائجه لعموم الأشخاص، إضافة إلى حداثة اهتمام العالم بالتطبيقات المرتبطة به في تفسير الظواهر الاقتصادية والعلمية، إلا أنه علم في حقيقته شائق وماتع، وما أرجوه أن ترسّخ ثقافة تعليمه في المؤسسات التعليمية وذلك لدوره في إجراء البحوث الاقتصادية والإنسانية والعلمية عموما، ولترسيخ مثل هذه العلوم عند الباحثين الاقتصاديين والمهتمين بتفسير الظواهر الاقتصادية ينبغي تحديث المواد الدراسية المرتبطة بتخصصات الاقتصاد وتشجيع الباحثين على إجراء المزيد من البحوث الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد القياسي وتوظيف النتائج في التنبؤ بالأحداث الاقتصادية المتوقعة خاصة في ظل استمرار عدم اليقين فيما يتعلق بالتطورات السياسية والاقتصادية المختلفة التي يشهدها العالم باستمرار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاقتصاد القیاسی عدد الإصابات
إقرأ أيضاً:
120 يوما تحت الماء.. ألماني يحطم الرقم القياسي ويدخل موسوعة جينيس
120 يوما، قضاها روديجر كوش، مهندس الفضاء الألماني تحت الماء، محطما رقما قياسيا لم يصل إليه أي شخص في التاريخ، إذ تواجد الرجل البالغ 59 عاما داخل كبسولة مساحتها 320 قدما مربعا لمدة 4 أشهر، وفقا لصحيفة ذا صن.
بدأ «كوش» مغامرته المذهلة في 26 سبتمبر 2024، قبالة بويرتو ليندو في دواة بنما، إذ تمكن من بناء بيت يحتوي على عدة أشياء، جهاز تليفزيون، وجهاز كمبيوتر، ودراجة رياضية، ومرحاض محمول، ومراوح في المساحة الضيقة.
حياة «كوش» تحت الماءورغم العيش تحت الماء في البحر الكاريبي، تمكَّن المهندس من استخدام الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، وتم توفير الكهرباء للمكان من خلال الألواح الشمسية ومولد احتياطي، وكان منزله تحت الماء متصلاً بغرفة أخرى فوق الماء من خلال أنبوب عمودي، وهذه هي الطريقة التي كان يتم بها جلب الطعام إليه خلال ذلك الوقت.
وفي يوم الجمعة الماضية، أمضى 120 يوما في كبسولة من الفولاذ، مسجلا رقما قياسيا عالميا جديدا لأطول فترة بقاء تحت الماء دون انخفاض الضغط.
وفور خروج «كوش» من تحت الماء، كان في استقباله عند منزله، محكم موسوعة جينيس للأرقام القياسية سوزانا رييس، لتأكيد إنجازه المذهل.
تحطيم الرقم القياسيوكان الرقم القياسي السابق مسجلا باسم الأمريكي جوزيف ديتوري، الذي أمضى 100 يوم يعيش في كوخ تحت الماء في بحيرة بولاية فلوريدا.
وقال كوش عند مغادرته الكبسولة: «كانت مغامرة عظيمة والآن بعد أن انتهت أشعر بالندم تقريبا، لقد استمتعت بوقتي هنا كثيرًا، إنه أمر جميل عندما تهدأ الأمور ويحل الظلام ويتوهج البحر، من المستحيل وصف ذلك، عليك أن تجرب ذلك بنفسك، في الليل، يمكنك سماع جميع القشريات».