بقلم: هيثم السحماوي

(زمان التركية)- من الجرائم الخطيرة التي يرتكبها المجرمون الجدد جريمة السب والقذف، وخطورتها تأتي من الأثر الكبير الذي تتركه في نفس الضحية، وما تمثله من مساس بشرفه وعرضه وسمعته، الأمر الذي يستلزم معه ضرورة معاقبة مرتكبها بكل حزم وشدة، أخذًا بحق من وقع عليه هذا الاعتداء وتحقيقًا لمبدأ الردع العام وعدم التهاون مع هذا النوع من الجرائم بأي شكل من الأشكال، وهذه المحاسبة يجب أن تتم على أكمل وجه مهما كان هذا الإنسان ومهما كان وضعه ومكانته في المجتمع، فحق الإنسان في حماية شرفه وسمعته من حقوقه الأصيلة الأساسية الواجب حمايتها والحفاظ عليها، ومعاقبة من يعتدي عليها.

وفي ذلك يقول الدكتور علي عبد القادر القهوجي والدكتور فتوح عبدالله الشاذلي في كتابهما جرائم الإعتداء على الإنسان والمال (وهكذا فإن شرف الإنسان واعتباره يعتبر قيمة اجتماعية لا تقل أهمية عن تلك التي تتعلق بحق الإنسان في الحياة وفي سلامة بدنه، ومن ثم كانت جديرة بإسباغ الحماية الجنائية عليها).

وتعرف السبب محكمة النقض المصرية بأنه (في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومأ إليه) وفقما جاء في أحكام محكمة النقض بتاريخ 28 يناير من عام 1985.

أما القذف فهو الإسناد العلني لواقعة محددة تستوجب عقاب أو احتقار من أسندت إليه.

تنص المادة 302 من قانون العقوبات على أنه:

“يعد قاذفًا كل من اسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورًا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونًا”.

وتنص الفقرة الأخيرة من المادة 171 من قانون العقوبات على أنه:

“وتعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس”.

ومن أسف أن يكون عدد ارتكاب هذه الجرائم في تزايد مستمر مع تطور الوسائل التكنولوجية الحديثة وتسهيل عملية النيل من الأشخاص وسمعتهم واعتبارهم، والموضوع ليس مقتصر على ارتكاب هذه الجرائم من أشخاص ضد آخرين بصورة فردية بهدف التشهير بهم والانتقام منهم بأسهل الوسائل وأقل التكلفة، ولكن تكمن خطورة هذه الجرائم من ناحية أخرى تأتي عند اختلاف وجهات النظر بين الدول والحكومات تجاه قضية من القضايا أو مسالة معينة، حيث تعمد تلك الدول والحكومات إلى التشهير بغيرها من الدول الأخرى والشعوب من خلال السيطرة على مؤسسات إعلامية تقوم ببث العديد من أفعال السب والقذف والتشهير والتنكيل على مواقعها عبر شبكة الإنترنت، بهدف تضليل الرأي العام بصدد تلك القضايا أو التشهير والانتقام من الأطراف المعتدى عليها، والتي تراها تلك الدول والمؤسسات المسيطرة عليها عدوًا لها من وجهة نظرها السياسية والعنصرية. يعرض ذلك الدكتور أحمد حسام طه تمام في كتابه المعنون “الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي”.

وفي مصر تنص المادة رقم 76 في الفقرة الثانية من القانون رقم 10 لعام 2003 بِشأن تنظيم الاتصالات على عقوبة هذه الجريمة، والتي يقدرها القاضي ما بين الحبس من 24 ساعة إلى الحبس 3 سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 20 ألف جنيهًا أو بإحدى هاتين العقوبتين. هذا بالإضافة للحق في المطالبة بالتعويض.

والإثبات في هذه الجرائم يكون عن طريق الرسالة المكتوبة أو المسموعة والتقدم ببلاغ لمباحث الإنترنت بوزارة الداخلية أو إدارة التكنولوجيا التابعة للوزارة، وبالطبع يحق لمن اعتدي عليه أن يلجأ مباشرة للنيابة العامة مطالبًا بحقه.

تبقى العبارة التي كنت أكررها دائمًا في سلسلة المقالات السابقة التي كانت بعنوان “الأمم المتحدة وقضايا العصر” والتي تحدثت فيها عن الأمم المتحدة وحقوق الإنسان وهي أن العبرة دائمًا ليست في نصوص القوانين المنمقة ولكن في مدى الالتزام بتطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع أخذًا بحق المجني عليه ومعاقبة المجرم المرتكب للجريمة، وتحقيق المراد العام من ذلك وهو الحفاظ على أمن المجتمع وسلامة أفراده لتحقيق الردع العامّ.

Tags: السب والقذفالمجرمون الجدد

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: السب والقذف المجرمون الجدد هذه الجرائم

إقرأ أيضاً:

بعد حادث الدهس في عيد الميلاد بألمانيا.. أشهر الجرائم حول العالم

شهدت ألمانيا حادثًا مأساويًا عندما أقدم شخص على دهس مجموعة من المدنيين أثناء احتفالات عيد الميلاد، مما أسفر عن وقوع ضحايا وإصابات. أثار الحادث موجة من الصدمة والغضب محليًا ودوليًا، وتم ربطه، وفقًا للتقارير الأولية، بدوافع تطرف ديني. يعيد هذا الحادث إلى الأذهان سلسلة من الجرائم العالمية التي ارتُكبت على خلفية التطرف الديني، والتي خلفت آثارًا عميقة على المجتمعات.


التطرف الديني هو استغلال الدين لتبرير أعمال العنف ضد الأفراد أو المجتمعات، غالبًا ما يتحول المتطرفون إلى تنفيذ جرائم بشعة تستهدف الأبرياء، بهدف تحقيق أجندات أيديولوجية أو سياسية، مما يهدد التعايش السلمي بين الأديان والثقافات.

أشهر الجرائم المرتبطة بالتطرف الديني

1. هجمات 11 سبتمبر 2001 (الولايات المتحدة):
تعتبر الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي واحدة من أكثر الجرائم المروعة في التاريخ الحديث. نفذها تنظيم "القاعدة"، وأودت بحياة ما يقرب من 3,000 شخص، مما أدى إلى تغييرات جذرية في سياسات الأمن العالمية.

2. حادثة شارلي إيبدو (فرنسا):
في يناير 2015، قام متطرفون بمهاجمة مقر مجلة "شارلي إيبدو" في باريس، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا. كانت الجريمة ردًا على نشر المجلة رسومًا كاريكاتورية اعتبرها المتطرفون مسيئة للإسلام.

3. مجزرة كرايست تشيرش (نيوزيلندا):
في مارس 2019، قام متطرف عنصري بمهاجمة مسجدين في مدينة كرايست تشيرش، ما أدى إلى مقتل 51 مسلمًا أثناء صلاة الجمعة. الجريمة أثارت استنكارًا عالميًا وحملة تضامن مع المسلمين.

4. حادثة الدهس في سوق عيد الميلاد (برلين 2016):
شهدت العاصمة الألمانية برلين حادثًا مشابهًا للحادث الأخير، حيث قام شخص بدهس المتسوقين في سوق عيد الميلاد باستخدام شاحنة، ما أدى إلى مقتل 12 شخصًا وإصابة آخرين. تم ربط الحادث بتنظيم "داعش".

5. هجمات مومباي (الهند 2008):
نفذ مسلحون متطرفون سلسلة من الهجمات في مدينة مومباي استهدفت فنادق ومحطات قطارات ومطاعم، ما أسفر عن مقتل 166 شخصًا. الحادث أبرز التوترات المرتبطة بالتطرف الديني في جنوب آسيا.

6. الهجوم على كنيسة القديسين (مصر 2011):
استهدف انفجار كنيسة القديسين في الإسكندرية خلال احتفالات رأس السنة، مما أدى إلى مقتل 21 شخصًا وإصابة العشرات. كان الحادث مؤشرًا على محاولات إثارة الفتنة الطائفية في المنطقة.

زرع الخوف والانقسام المجتمعي: تؤدي الجرائم المرتبطة بالتطرف إلى تصاعد التوترات بين المجتمعات الدينية.

تدمير صورة الأديان: يستخدم المتطرفون الدين لتبرير أفعالهم، مما يسيء إلى قيم التسامح والسلام التي تمثلها الأديان.

استنزاف الموارد الأمنية: تضطر الحكومات إلى تكريس جهود كبيرة لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني، مما يؤثر على أولويات التنمية.

تعمل الدول والمنظمات الدولية على مكافحة التطرف من خلال تعزيز الحوار بين الأديان، مكافحة خطاب الكراهية، وتعزيز التعليم الذي يدعم قيم التعددية والتسامح. كما تسعى الحكومات إلى تطوير تقنيات استخباراتية لرصد التهديدات المحتملة.

 

تسلط حوادث مثل دهس عيد الميلاد في ألمانيا الضوء على ضرورة التصدي للتطرف الديني بجميع أشكاله. يبقى التحدي الأساسي هو تحقيق التوازن بين احترام الحريات الدينية وضمان أمن المجتمعات، مع تعزيز قيم التعايش السلمي والحوار البناء.

مقالات مشابهة

  • فعالية احتفائية لوزارة العدل وحقوق الإنسان إحياءً لذكرى ميلاد الزهراء عليها السلام
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين في غزة إلى 197 منذ بدء العدوان
  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 197 منذ بدء العدوان
  • 6 نصائح ذهبية لتحقيق السعادة في العام الجديد.. «أهلا بـ2025»
  • حصاد 2024| «سفاح التجمع» و«طفل شبرا الخيمة».. أبشع 8 جرائم قتل شغلت الرأي العام (فيديوهات وصور)
  • قصة أردني خسر 1400 دينار من محفظته الإلكترونية
  • بعد حادث الدهس في عيد الميلاد بألمانيا.. أشهر الجرائم حول العالم
  • البحوث الاجتماعية: جرائم الاقتصاد تتصدر الأكثر انتشارا بمواقع التواصل
  • محاضرات قانونية وإدارية تسلط الضوء على قضايا معاصرة بمعهد البحوث الجنائية