جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-26@16:09:55 GMT

"الناتو" يتذاكى على روسيا

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

'الناتو' يتذاكى على روسيا

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

تكشف الأزمة في أوكرانيا كل يوم عن مساوئ الغرب وخططهم الشيطانية تجاه العالم عبر بوابة أوكرانيا، والتي لا يربطهم بها من الأساس أي رابط سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو تاريخي، ولا اتفاقيات أو معاهدات عسكرية ولا أمنية. مصلحة الغرب الوحيدة من دعم أوكرانيا هي إضعاف روسيا وتهديد أمنها القومي الوجودي؛ الأمر الذي تُدركه موسكو واستعدت له بقوة منذ سنوات خلت.

الأزمة الأوكرانية لم تنحصر في جغرافيتها؛ بل تعدتها وعبرت الحدود وشغلت العقول حول العالم وأيقظت الضمير العالمي للحيلولة دون تكرار ذريعة أوكرانيا في بقاع أخرى من العالم. فقد فشل الغرب في تسويق أسطوانته المشروخة التي أسقط ودمر وفتت بفعلها أقطارًا عربية حيوية وفاعلة في ربيعه المزعوم مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، تلك الأسطوانة التي تدعي بأن خلاف الغرب مع الحكام، ويهدف إلى نصرة الشعوب ونشر الحرية والعدالة وقيم الديمقراطية!

نجح الروس في المقابل- رغم تواضع آلتهم الإعلامية- في تسويق حقيقة مضادة لتضليل الغرب مفادها أن الصراع مع روسيا وليس مع الرئيس بوتين، وأن للروس حقوقًا ومطالبَ ومخاوفَ مشروعة لخصتها "اتفاقية مينسك" مع أوكرانيا برعاية وحضور فرنسا وألمانيا بعد تفكك منظومة الاتحاد السوفييتي عام 1991م، والتي تضمنت صراحة ضرورة حيادية أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف الناتو أو قيامها بأي أعمال عدائية مباشرة أو بالإنابة ضد روسيا. وبفعل هذه الاتفاقية استقرت أوكرانيا وتحولت من دولة تستورد الدواجن واللحوم الفاسدة من أمريكا لسد الفجوة الغذائية لشعبها، إلى عاشر دولة في العالم في إنتاج المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح والذرة بأنواعها، وقفزت إلى معدل إنتاج 150% من الدواجن واللحوم الحمراء في غضون عشرة أعوام فقط، وجنت مليارات الدولارات من الاستثمارات التي استقطبت وأغرت الكثير من الأقطار والأفراد حول العالم بفعل ثرواتها الزراعية والطبيعية ومناخها الاستثماري الجاذب.

لكن الغرب لم يرق له هذا الاستقرار والهدوء، فلجأ إلى بدعة الثورات الملونة التي لا تثور إلّا في جغرافيات بعينها؛ حيث نجح في إسقاط الحكومة الوطنية في كييف عام 2014م وإحلال حكومة دُمى عميلة له بقيادة زيلينسكي لاحقًا، فما كان من الروس سوى القيام بعملية استباقية وقائية تمثلت في احتلال شبه جزيرة القرم الاستراتيجية لحرمان النظام الأوكراني الجديد من الانضمام إلى الناتو على اعتبار أن ميثاقه ينص على عدم قبول عضوية دولة لها أراضٍ محتلة.

كان الغرب وما زال يحلم بزرع إسرائيل جديدة في أوكرانيا على شاكلة إسرائيلَهُ في قلب الوطن العربي، مهمتها زعزعة الاستقرار في روسيا على اعتبار أن أغلب قادة الكيان الصهيوني أوكرانيون في الأصل، وأن وجود نظام صهيوني نازي في أوكرانيا كفيل بتحقيق الآتي:

زعزعة استقرار روسيا وتهديد أمنها القومي. إقامة دولة عدائية تحوي مختبرات تجارب للحروب الجرثومية. جعل أوكرانيا محطة رئيسة للدعارة والمثلية والرقيق الأبيض وغسيل الأموال. تهيئة أوكرانيا لتصبح وطنًا بديلًا عن فلسطين في حال زوال الكيان الصهيوني.

يتذاكى الغرب اليوم ويتواضع في أحلامه تلافيًا للمزيد من الانتكاسات في الملف الأوكراني وتداعياته حول العالم، فيعرض على روسيا تلميحًا وتصريحًا إمكانية التغاضي عن الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا وضمتها بشرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم مقابل وقف الحرب، والسماح لأوكرانيا بالانضمام لحلف الناتو، وهذا يعني في مخطط الغرب المكشوف نقطة توقف عملياتية، بالمصطلح العسكري، لتقييم الموقف، ثم القيام بعمليات أخرى أشد فتكًا وأكثر ضراوة.

الروس بطبيعة الحال لم يُجبروا على خوض هذه الحرب لقبول جوائز ترضية؛ بل للعودة إلى "اتفاقية مينسك" بكامل بنودها، وتفهم مخاوفهم كاملةً غير منقوصة، وروسيا تدرك أن الغرب في مأزق حقيقي من الملف الأوكراني المفتوح والمُرشح للمزيد من الأوراق؛ كأي ملف مفتوح في السياسة والأزمات، فقد أصبحت الأزمة الأوكرانية وتداعياتها محل اهتمام عالمي خارج نطاق الغرب ومهدد حقيقي لمصالحه بل لبقائه؛ حيث أصبح المزاج العالمي مؤيدًا لروسيا تلميحًا وتصريحًا باعتبارها تقوم بحرب تعبر عن ضمير العالم الحر في مواجهة الغطرسة الغربية التي تجاوزت كل حد.

من المعروف أن العداء الغربي لروسيا هو عداء تاريخي لم يتوقف للحظةٍ، وأن زوال روسيا أو إخضاعها وإضعافها مطلب غربي تاريخي كذلك، لهذا فحتى ما عُرفت بالثورة البلشفية التي قادها لينين عام 1917- من واقع يهودية أغلب قادتها ونتائجها على الأرض لاحقًا- لم تكن في حقيقتها سوى قوة ناعمة وذراع غربي لتدمير القيصرية والكنيسة الأرثوذوكسية الروسية (هوية الدولة الروسية والهوية الروحية للشعب الروسي).

قبل اللقاء.. لن يقبل الروس من هذه الحرب والمواجهة مع الغرب بما خف وزنه وغلا ثمنه؛ بل بما ثقل وزنه وغلا ثمنه.

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني .. وكييف تعلن إسقاط 47 مسيّرة

عواصم "وكالات"": قالت روسيا اليوم إنها سيطرت على بلدة ستوروجيف الواقعة في شرق أوكرانيا والقريبة من قرية فيليكا نوفوسيلكا التي تحاول قواتها على ما يبدو محاصرتها.

وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية "نتيجة تحرّك حاسم للوحدات... تم تحرير ستوروجيفوي"، مستخدمة التسمية الروسية للبلدة.

وتتقدّم روسيا ميدانيا بثبات في منطقة دونيتسك الواقعة ستوروجيف ضمن نطاقها، على حساب قوات أوكرانية أقل عديدا وعتادا.

وستوروجيف وفيليكا نوفوسيلكا قريبتان من خط المواجهة في الجنوب الذي خيّم عليه الجمود طويلا وحيث تقول أوكرانيا إن روسيا تخطّط لهجوم جديد.

وتسعى روسيا لتحقيق أكبر مكاسب ميدانية ممكنة قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في يناير.

ويثير تعهّد ترامب وضع حد سريع للحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، قلقا في أوكرانيا وأوروبا، علما أنه لم يقترح آليات ملموسة لأي وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام.

ويقول الجيش الروسي إنه سيطر على أكثر من 190 من البلدات والقرى الأوكرانية هذا العام، في حين تعاني كييف في الحفاظ على مواقعها بسبب نقص العديد والعتاد.

إنتقادات غير عادلة

اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، أن الانتقادات الحادة في بعض الأحيان التي وجهها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمستشار الألماني أولاف شولتس ليست في محلها.

وقال روته في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب ا): "لقد أخبرت زيلينسكي كثيرا أنه يجب عليه التوقف عن انتقاد أولاف شولتس لأنني أعتقد أن هذا غير عادل".

وذكر روته أن ما فعله شولتس من أجل أوكرانيا مثير للإعجاب، مضيفا أن شولتس ضمن أن تكون ألمانيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، موضحا أن هذا إنجاز يمكن لكييف أيضا أن تشعر بالامتنان له.

وفي المقابل، تبنى روته موقفا مغايرا لشولتس فيما يتعلق بصواريخ كروز من طراز "تاوروس" التي تطلبها أوكرانيا، موضحا أنه يؤيد تسليمها لأوكرانيا أيضا دون فرض أي قيود على استخدامها، وقال رئيس الوزراء الهولندي الأسبق: "بوجه عام، نعلم أن مثل هذه الإمكانيات مهمة للغاية بالنسبة لأوكرانيا"، مشيرا في المقابل إلى أن الأمر لا يعود إليه ليقرر ما الذي ينبغي للحلفاء توريده.

وكان زيلينسكي انتقد شولتس مؤخرا - من بين أمور أخرى - بسبب اتصاله بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا، رغم رفضه لذلك. كما أعرب الرئيس الأوكراني مرارا عن عدم تفهمه لرفض المستشار الألماني تسليم صواريخ "تاوروس" لبلاده.

جولات خارجية

صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم بأن الرئيس فلاديمير بوتين يخطط للقيام بعدة جولات خارجية في يناير المقبل، دون الكشف عن برنامج الجولات .

وقال بيسكوف في تصريحات لوكالة"سبوتنيك" ردا على سؤال حول الرحلات الخارجية المقبلة للرئيس بوتين: "ستكون في يناير".

ولم يحدد بيسكوف وجهة الجولات الخارجية لكنه قال: "سنوافيكم بالتفاصيل".

تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت في مارس العام الماضي، مذكرة توقيف بحق بوتين، وذلك بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ودعت المحكمة إلى القبض على بوتين للاشتباه في مسؤوليته عن ترحيل أطفال ونقل أشخاص دون سند قانوني من أوكرانيا إلى روسيا منذ بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير 2022.

بيع "معقد"

قالت روسيا اليوم إن الوضع مع الدول الأوروبية التي تشتري الغاز الروسي من خلال اتفاقية مرور عبر أوكرانيا معقد للغاية، وذلك بعد محادثات بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو.

وأعلنت أوكرانيا أنها لن تجدد اتفاقية عبور الغاز الروسي إلى أوروبا، ومدتها خمس سنوات ومن المقرر أن ينتهي سريانها في نهاية العام، لأنها لا تريد مساعدة موسكو في مجهودها الحربي.

وتمثل التدفقات التي تمر عبر أوكرانيا نحو نصف إجمالي صادرات روسيا من الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا. وستكون سلوفاكيا وإيطاليا والنمسا وجمهورية التشيك الأكثر تضررا إذا توقفت التدفقات.

وتصدر شركة جازبروم الحكومية الغاز أيضا إلى أوروبا عبر خط أنابيب "ترك ستريم" الممتد عبر قاع البحر الأسود.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه لا يستطيع الإدلاء بتفاصيل أخرى عن المحادثات التي جرت أمس الأحد بين بوتين وفيتسو وتناولت أيضا العلاقات الثنائية والصراع في أوكرانيا.

وصرح فيتسو الأحد بأن بوتين أكد استعداد روسيا لمواصلة توريد الغاز إلى سلوفاكيا رغم أن رئيس الوزراء السلوفاكي قال إن ذلك "مستحيل من الناحية العملية" بمجرد انتهاء سريان اتفاقية نقل الغاز المبرمة بين روسيا وأوكرانيا.

ولم يتضح بعد ما هو الحل المحتمل الذي ربما ناقشه الزعيمان.

وتحرص المجر أيضا على بقاء الطريق الأوكراني رغم أنها ستستمر في استقبال الغاز الروسي من الجنوب عبر خط أنابيب ترك ستريم.

وذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي أن من الممكن تجديد الاتفاقية لكن بشرط عدم دفع ثمن الغاز لروسيا إلا بعد انتهاء الحرب، وهو شرط من غير المرجح أن تقبله موسكو.

وقال بيسكوف للصحفيين "سمعتم تصريحات الجانب الأوكراني، وتعرفون الأوضاع في تلك الدول الأوروبية التي لا تزال تشتري الغاز الروسي وتعتبره ضروريا لتشغيل اقتصاداتها بشكل طبيعي".

وأضاف "وبالتالي، أصبحنا الآن أمام وضع معقد للغاية يتطلب مزيدا من الانتباه".

وصرح بوتين الأسبوع الماضي بأن من الواضح أنه لن يكون هناك اتفاق جديد مع أوكرانيا لنقل الغاز الروسي عبرها إلى أوروبا.

إسقاط 47 مسيّرة روسية

أسقطت أوكرانيا 47 طائرة مسيرة من أصل 72 مسيرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية على عدة مناطق أوكرانية فيما انحرفت 25 طائرة مسيرة عن طريقها، وفقًا لوزارة الدفاع الأوكرانية. وذكرت وزارة الدفاع في تقرير لها أن القوات الروسية شنّت هجمات على أوكرانيا باستخدام 72 طائرة مسيرة، تم إطلاقها على مناطق أوكرانية مختلفة، كما انحرفت 25 طائرة مسيرة عن مسارها. يشار إلى أن العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير 2022، لا تزال مستمرة، مع تأكيد روسيا على مواصلة عملياتها حتى تحقيق أهدافها، في حين تواصل أوكرانيا مطالبتها بانسحاب القوات الروسية من جميع أراضيها.

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن دعم المصالح التركية في سوريا
  • لافروف: روسيا منفتحة على الحوار مع ممثلي الدول الغربية
  • لافروف: لا مكان للهدنة في أوكرانيا ويجب ضمان عدم تمدد الناتو لحدودنا
  • «البتريوت الأوكراني»: روسيا تواصل اعتداءاتها على كييف بالصواريخ
  • البتريوت الأوكراني: روسيا تواصل اعتداءاتها على كييف بالصواريخ المجنحة
  • عضو «البتريوت الأوكراني»: روسيا تواصل اعتداءاتها على كييف بالصواريخ المجنحة
  • جمال عبد الجواد: حلف الناتو يتعرض لضعوط كبيرة تدفع لتقسيمه
  • استقلال شعب لبناء دولة فاشلة
  • إبراهيم النجار يكتب: غليان في العالم!
  • روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني .. وكييف تعلن إسقاط 47 مسيّرة