"الناتو" يتذاكى على روسيا
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
تكشف الأزمة في أوكرانيا كل يوم عن مساوئ الغرب وخططهم الشيطانية تجاه العالم عبر بوابة أوكرانيا، والتي لا يربطهم بها من الأساس أي رابط سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو تاريخي، ولا اتفاقيات أو معاهدات عسكرية ولا أمنية. مصلحة الغرب الوحيدة من دعم أوكرانيا هي إضعاف روسيا وتهديد أمنها القومي الوجودي؛ الأمر الذي تُدركه موسكو واستعدت له بقوة منذ سنوات خلت.
الأزمة الأوكرانية لم تنحصر في جغرافيتها؛ بل تعدتها وعبرت الحدود وشغلت العقول حول العالم وأيقظت الضمير العالمي للحيلولة دون تكرار ذريعة أوكرانيا في بقاع أخرى من العالم. فقد فشل الغرب في تسويق أسطوانته المشروخة التي أسقط ودمر وفتت بفعلها أقطارًا عربية حيوية وفاعلة في ربيعه المزعوم مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، تلك الأسطوانة التي تدعي بأن خلاف الغرب مع الحكام، ويهدف إلى نصرة الشعوب ونشر الحرية والعدالة وقيم الديمقراطية!
نجح الروس في المقابل- رغم تواضع آلتهم الإعلامية- في تسويق حقيقة مضادة لتضليل الغرب مفادها أن الصراع مع روسيا وليس مع الرئيس بوتين، وأن للروس حقوقًا ومطالبَ ومخاوفَ مشروعة لخصتها "اتفاقية مينسك" مع أوكرانيا برعاية وحضور فرنسا وألمانيا بعد تفكك منظومة الاتحاد السوفييتي عام 1991م، والتي تضمنت صراحة ضرورة حيادية أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف الناتو أو قيامها بأي أعمال عدائية مباشرة أو بالإنابة ضد روسيا. وبفعل هذه الاتفاقية استقرت أوكرانيا وتحولت من دولة تستورد الدواجن واللحوم الفاسدة من أمريكا لسد الفجوة الغذائية لشعبها، إلى عاشر دولة في العالم في إنتاج المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح والذرة بأنواعها، وقفزت إلى معدل إنتاج 150% من الدواجن واللحوم الحمراء في غضون عشرة أعوام فقط، وجنت مليارات الدولارات من الاستثمارات التي استقطبت وأغرت الكثير من الأقطار والأفراد حول العالم بفعل ثرواتها الزراعية والطبيعية ومناخها الاستثماري الجاذب.
لكن الغرب لم يرق له هذا الاستقرار والهدوء، فلجأ إلى بدعة الثورات الملونة التي لا تثور إلّا في جغرافيات بعينها؛ حيث نجح في إسقاط الحكومة الوطنية في كييف عام 2014م وإحلال حكومة دُمى عميلة له بقيادة زيلينسكي لاحقًا، فما كان من الروس سوى القيام بعملية استباقية وقائية تمثلت في احتلال شبه جزيرة القرم الاستراتيجية لحرمان النظام الأوكراني الجديد من الانضمام إلى الناتو على اعتبار أن ميثاقه ينص على عدم قبول عضوية دولة لها أراضٍ محتلة.
كان الغرب وما زال يحلم بزرع إسرائيل جديدة في أوكرانيا على شاكلة إسرائيلَهُ في قلب الوطن العربي، مهمتها زعزعة الاستقرار في روسيا على اعتبار أن أغلب قادة الكيان الصهيوني أوكرانيون في الأصل، وأن وجود نظام صهيوني نازي في أوكرانيا كفيل بتحقيق الآتي:
زعزعة استقرار روسيا وتهديد أمنها القومي. إقامة دولة عدائية تحوي مختبرات تجارب للحروب الجرثومية. جعل أوكرانيا محطة رئيسة للدعارة والمثلية والرقيق الأبيض وغسيل الأموال. تهيئة أوكرانيا لتصبح وطنًا بديلًا عن فلسطين في حال زوال الكيان الصهيوني.يتذاكى الغرب اليوم ويتواضع في أحلامه تلافيًا للمزيد من الانتكاسات في الملف الأوكراني وتداعياته حول العالم، فيعرض على روسيا تلميحًا وتصريحًا إمكانية التغاضي عن الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا وضمتها بشرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم مقابل وقف الحرب، والسماح لأوكرانيا بالانضمام لحلف الناتو، وهذا يعني في مخطط الغرب المكشوف نقطة توقف عملياتية، بالمصطلح العسكري، لتقييم الموقف، ثم القيام بعمليات أخرى أشد فتكًا وأكثر ضراوة.
الروس بطبيعة الحال لم يُجبروا على خوض هذه الحرب لقبول جوائز ترضية؛ بل للعودة إلى "اتفاقية مينسك" بكامل بنودها، وتفهم مخاوفهم كاملةً غير منقوصة، وروسيا تدرك أن الغرب في مأزق حقيقي من الملف الأوكراني المفتوح والمُرشح للمزيد من الأوراق؛ كأي ملف مفتوح في السياسة والأزمات، فقد أصبحت الأزمة الأوكرانية وتداعياتها محل اهتمام عالمي خارج نطاق الغرب ومهدد حقيقي لمصالحه بل لبقائه؛ حيث أصبح المزاج العالمي مؤيدًا لروسيا تلميحًا وتصريحًا باعتبارها تقوم بحرب تعبر عن ضمير العالم الحر في مواجهة الغطرسة الغربية التي تجاوزت كل حد.
من المعروف أن العداء الغربي لروسيا هو عداء تاريخي لم يتوقف للحظةٍ، وأن زوال روسيا أو إخضاعها وإضعافها مطلب غربي تاريخي كذلك، لهذا فحتى ما عُرفت بالثورة البلشفية التي قادها لينين عام 1917- من واقع يهودية أغلب قادتها ونتائجها على الأرض لاحقًا- لم تكن في حقيقتها سوى قوة ناعمة وذراع غربي لتدمير القيصرية والكنيسة الأرثوذوكسية الروسية (هوية الدولة الروسية والهوية الروحية للشعب الروسي).
قبل اللقاء.. لن يقبل الروس من هذه الحرب والمواجهة مع الغرب بما خف وزنه وغلا ثمنه؛ بل بما ثقل وزنه وغلا ثمنه.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترامب يكشف عن"مناقشات جادة" تجري مع روسيا بشأن أوكرانيا فهل تضع الحرب أوزارها؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته أجرت "مناقشات جادة للغاية" مع روسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكداً أن هناك احتمالا كبيرا لأن يتخذ هو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطوات "مهمة" نحو إنهاء النزاع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات.
اعلانقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إدارته أجرت مناقشات "جادة للغاية" مع روسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، وأنه ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد يتخذان قريبًا إجراءات "مهمة" نحو إنهاء الصراع المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
وقال ترامب للصحافيين في المكتب البيضاوي: "سنتحدث وأعتقد أننا ربما سنقوم بشيء سيكون مهمًا".
"نريد إنهاء تلك الحرب. لم تكن تلك الحرب لتبدأ لو كنت رئيسًا."
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة مجموعة العشرين في هامبورغ، 7 يوليو 2017AP Photoولم يذكر ترامب منْ مِن إدارته كان على اتصال مع الروس، لكنه أصر على أن الجانبين "يتحدثان بالفعل".
ورداً على سؤال عما إذا كان قد تحدث بالفعل مباشرة مع بوتين، اكتفى الرئيس الأمريكي بالقول: "لا أريد أن أقول ذلك".
ولطالما قال ترامب إنه لم يكن ليسمح باندلاع النزاع لو كان في منصبه، على الرغم من أنه كان في السلطة حين تصاعد القتال في شرق أوكرانيا بين قوات كييف والانفصاليين المدعومين من موسكو، أي قبل أن يرسل بوتين عشرات الآلاف من قواته إلى أوكرانيا في شباط عام 2022.
ومنذ عودته إلى منصبه، انتقد ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائلاً إنه كان ينبغي عليه عقد صفقة مع روسيا لتجنب الصراع.
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز في وقت سابق من شهر يناير/كانون الثاني، سخر الرئيس الجمهوري من زيلينسكي قائلاً: "كان يتحدث بشجاعة كبيرة"، في حين أن أوكرانيا كانت تعتمد على المساعدات الأمريكية لخوض الحرب.
وقال ترامب: "كانوا شجعانًا، لكننا أعطيناهم مليارات الدولارات".
تعتمد أوكرانيا حاليًا على الولايات المتحدة في حوالي 40% من احتياجاتها العسكرية، ومنذ فبراير 2022، أرسلت واشنطن إلى كييف أكثر من 65 مليار دولار (62 مليار يورو).
وفي مقابلة أجراها مؤخرًا مع التلفزيون الروسي الرسمي، أشاد بوتين بسيد البيت الأبيض الجديد ووصفه بأنه "رجل ذكي وبراغماتي" يركز على المصالح الأمريكية.
Relatedزيلينسكي: نريد أن يقف ترامب إلى جانب العدالة.. إلى جانب أوكرانيا.. وبوتين لا يخاف من أوروباهل يستطيع دونالد ترامب إنهاء الحرب في أوكرانيا؟بايدن يستبق ولاية ترامب ويمدد ل 18 شهرا إقامة 800 ألف مهاجر من فنزويلا والسلفادور وأوكرانيا والسودان بعد عرقلته لحزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات يورو لأوكرانيا .. مكانة شولتس السياسية على المحكوقال بوتين: "لطالما كانت علاقتنا مع الرئيس الأمريكي الحالي علاقة عمل وبراغماتية ولكن هنك أيضًا علاقة ثقة".
وأضاف: "لا يمكنني أن أختلف معه في أنه لو كان رئيسًا، ولو لم يسرقوا منه النصر في عام 2020، لكان من الممكن تجنب الأزمة التي ظهرت في أوكرانيا عام 2022".
ويعتبر تصريح الرئيس الروسي أيضًا تأييدًا صريحًا لرفض ترامب قبول هزيمته أمام جو بايدن في الانتخابات الرئاسية عام 2020.
البحث عن ناجين بعدما أصابت طائرة روسية بدون طيار مبنى سكنيًا في سومي الأوكرانية بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني 2025AP Photoموقف ترامب من نتيجة انتخابات 2020، فنّده العديد من المسؤولين الفيدراليين والمحليين، وموظفين في سلك القضاء إضافة لكبار موظفي حملته الانتخابية السابقين، وحتى المدعي العام الخاص به، حيث قالوا إنه لا يوجد دليل على التزوير الذي يزعم حدوثه.
اعلانفي حملته الانتخابية لعام 2024، قال المرشح الجمهوري إنه قادر على إنهاء الحرب الأوكرانية "في غضون يوم واحد" وانتقد إدارة جو بايدن لإنفاقها المليارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين على المساعدات العسكرية والاقتصادية لكييف لمساعدتها على مواجهة روسيا.
خضعت علاقة ترامب مع بوتين للتدقيق منذ حملته الانتخابية للرئاسة عام 2016، عندما دعا روسيا إلى العثور على رسائل البريد الإلكتروني المفقودة التي حذفتها منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، ونشرها.
وقد انحاز ترامب علنًا إلى جانب بوتين وعلى حساب الاستخبارات الأمريكية التي كانت تحقق في فرضية تدخل موسكو في انتخابات 2016 لمساعدة المرشح الجمهوري في الاستحقاق الرئاسي الأمريكي، وقد أشاد بالزعيم الروسي بل ووصفه بـ"الذكي جدًا" لغزوه أوكرانيا.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "وحدة الظل".. ماذا نعرف عن القوة المسؤولة عن احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟ لحظة تسليم حماس الأسيرين بيباس وكالدرون للصليب الأحمر في خان يونس ضمن الدفعة الرابعة للتبادل ترامب: "بوتين لا يُبلي بلاءً حسنًا".. الرئيس يهدد زعيم الكرملين بالعقوبات ويمازحه "علينا أن ننجز!" فلاديمير بوتينالغزو الروسي لأوكرانيادونالد ترامبروسياأوكرانياالحرب في أوكرانيا اعلاناخترنا لكيعرض الآنNextمباشر. حماس تسلم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة و183 فلسطينيا إلى الحرية مجددا منهم 18 من ذوي الأحكام العالية يعرض الآنNext "وحدة الظل".. ماذا نعرف عن القوة المسؤولة عن احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟ يعرض الآنNext لحظة تسليم حماس الأسيرين بيباس وكالدرون للصليب الأحمر في خان يونس ضمن الدفعة الرابعة للتبادل يعرض الآنNext من سيفوز بجوائز غرامي في 2025؟ توقعات الفائزين وأكبر المفاجآت المنتظرة يعرض الآنNext قصف روسي لبلدة دوبروبيليا الأوكرانية يخلف جرحى وخسائر مادية واسعة اعلانالاكثر قراءة أسعار القهوة ترتفع بنسبة 90% بسبب تهديدات ترامب لكولومبيا وتأثير الظروف الجوية انتشار عدوى مقاطعة المتاجر الكبرى في دول البلقان احتجاجاً على ارتفاع الأسعار إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة سوريا إسبانيا: القبض على "عصابة إجرامية" سرقت 10 ملايين يورو من منازل فاخرة "نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك".. ترامب أكيد من قبول عمان والقاهرة لخطة تهجير الفلسطينيين اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلدونالد ترامبالصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزةحركة حماساحتجاجاتفرنساالرسوم الجمركيةبرلينضحاياتحطم طائرةالصينالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025