جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-24@17:55:54 GMT

"الناتو" يتذاكى على روسيا

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

'الناتو' يتذاكى على روسيا

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

تكشف الأزمة في أوكرانيا كل يوم عن مساوئ الغرب وخططهم الشيطانية تجاه العالم عبر بوابة أوكرانيا، والتي لا يربطهم بها من الأساس أي رابط سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو تاريخي، ولا اتفاقيات أو معاهدات عسكرية ولا أمنية. مصلحة الغرب الوحيدة من دعم أوكرانيا هي إضعاف روسيا وتهديد أمنها القومي الوجودي؛ الأمر الذي تُدركه موسكو واستعدت له بقوة منذ سنوات خلت.

الأزمة الأوكرانية لم تنحصر في جغرافيتها؛ بل تعدتها وعبرت الحدود وشغلت العقول حول العالم وأيقظت الضمير العالمي للحيلولة دون تكرار ذريعة أوكرانيا في بقاع أخرى من العالم. فقد فشل الغرب في تسويق أسطوانته المشروخة التي أسقط ودمر وفتت بفعلها أقطارًا عربية حيوية وفاعلة في ربيعه المزعوم مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، تلك الأسطوانة التي تدعي بأن خلاف الغرب مع الحكام، ويهدف إلى نصرة الشعوب ونشر الحرية والعدالة وقيم الديمقراطية!

نجح الروس في المقابل- رغم تواضع آلتهم الإعلامية- في تسويق حقيقة مضادة لتضليل الغرب مفادها أن الصراع مع روسيا وليس مع الرئيس بوتين، وأن للروس حقوقًا ومطالبَ ومخاوفَ مشروعة لخصتها "اتفاقية مينسك" مع أوكرانيا برعاية وحضور فرنسا وألمانيا بعد تفكك منظومة الاتحاد السوفييتي عام 1991م، والتي تضمنت صراحة ضرورة حيادية أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف الناتو أو قيامها بأي أعمال عدائية مباشرة أو بالإنابة ضد روسيا. وبفعل هذه الاتفاقية استقرت أوكرانيا وتحولت من دولة تستورد الدواجن واللحوم الفاسدة من أمريكا لسد الفجوة الغذائية لشعبها، إلى عاشر دولة في العالم في إنتاج المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح والذرة بأنواعها، وقفزت إلى معدل إنتاج 150% من الدواجن واللحوم الحمراء في غضون عشرة أعوام فقط، وجنت مليارات الدولارات من الاستثمارات التي استقطبت وأغرت الكثير من الأقطار والأفراد حول العالم بفعل ثرواتها الزراعية والطبيعية ومناخها الاستثماري الجاذب.

لكن الغرب لم يرق له هذا الاستقرار والهدوء، فلجأ إلى بدعة الثورات الملونة التي لا تثور إلّا في جغرافيات بعينها؛ حيث نجح في إسقاط الحكومة الوطنية في كييف عام 2014م وإحلال حكومة دُمى عميلة له بقيادة زيلينسكي لاحقًا، فما كان من الروس سوى القيام بعملية استباقية وقائية تمثلت في احتلال شبه جزيرة القرم الاستراتيجية لحرمان النظام الأوكراني الجديد من الانضمام إلى الناتو على اعتبار أن ميثاقه ينص على عدم قبول عضوية دولة لها أراضٍ محتلة.

كان الغرب وما زال يحلم بزرع إسرائيل جديدة في أوكرانيا على شاكلة إسرائيلَهُ في قلب الوطن العربي، مهمتها زعزعة الاستقرار في روسيا على اعتبار أن أغلب قادة الكيان الصهيوني أوكرانيون في الأصل، وأن وجود نظام صهيوني نازي في أوكرانيا كفيل بتحقيق الآتي:

زعزعة استقرار روسيا وتهديد أمنها القومي. إقامة دولة عدائية تحوي مختبرات تجارب للحروب الجرثومية. جعل أوكرانيا محطة رئيسة للدعارة والمثلية والرقيق الأبيض وغسيل الأموال. تهيئة أوكرانيا لتصبح وطنًا بديلًا عن فلسطين في حال زوال الكيان الصهيوني.

يتذاكى الغرب اليوم ويتواضع في أحلامه تلافيًا للمزيد من الانتكاسات في الملف الأوكراني وتداعياته حول العالم، فيعرض على روسيا تلميحًا وتصريحًا إمكانية التغاضي عن الأراضي الأوكرانية التي احتلتها روسيا وضمتها بشرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم مقابل وقف الحرب، والسماح لأوكرانيا بالانضمام لحلف الناتو، وهذا يعني في مخطط الغرب المكشوف نقطة توقف عملياتية، بالمصطلح العسكري، لتقييم الموقف، ثم القيام بعمليات أخرى أشد فتكًا وأكثر ضراوة.

الروس بطبيعة الحال لم يُجبروا على خوض هذه الحرب لقبول جوائز ترضية؛ بل للعودة إلى "اتفاقية مينسك" بكامل بنودها، وتفهم مخاوفهم كاملةً غير منقوصة، وروسيا تدرك أن الغرب في مأزق حقيقي من الملف الأوكراني المفتوح والمُرشح للمزيد من الأوراق؛ كأي ملف مفتوح في السياسة والأزمات، فقد أصبحت الأزمة الأوكرانية وتداعياتها محل اهتمام عالمي خارج نطاق الغرب ومهدد حقيقي لمصالحه بل لبقائه؛ حيث أصبح المزاج العالمي مؤيدًا لروسيا تلميحًا وتصريحًا باعتبارها تقوم بحرب تعبر عن ضمير العالم الحر في مواجهة الغطرسة الغربية التي تجاوزت كل حد.

من المعروف أن العداء الغربي لروسيا هو عداء تاريخي لم يتوقف للحظةٍ، وأن زوال روسيا أو إخضاعها وإضعافها مطلب غربي تاريخي كذلك، لهذا فحتى ما عُرفت بالثورة البلشفية التي قادها لينين عام 1917- من واقع يهودية أغلب قادتها ونتائجها على الأرض لاحقًا- لم تكن في حقيقتها سوى قوة ناعمة وذراع غربي لتدمير القيصرية والكنيسة الأرثوذوكسية الروسية (هوية الدولة الروسية والهوية الروحية للشعب الروسي).

قبل اللقاء.. لن يقبل الروس من هذه الحرب والمواجهة مع الغرب بما خف وزنه وغلا ثمنه؛ بل بما ثقل وزنه وغلا ثمنه.

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

روسيا تكشر عن أنيابها.. تهديدات بتصعيد حرب هجينة ضد الغرب

في تصعيد جديد في صراعها مع الغرب، حذرت روسيا من أنها ستواصل توسيع نطاق الحرب الهجينة التي تشنها ضد الدول الغربية، مهددة بزيادة الهجمات الإلكترونية، عمليات التخريب، وتوجيه ضربات مباشرة إلى حلفاء أوكرانيا.

وفي حلقة من برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، ناقش، سيد غنيم، الأستاذ الزائر في الناتو والأكاديمية العسكرية الملكية في بروكسل، تهديدات موسكو الأخيرة وكيفية تأثيرها على الأمن العالمي في ظل الصراع المستمر في أوكرانيا.

الحرب الهجينة: مزيج من الأسلحة التقليدية وغير التقليدية

غنيم بدأ النقاش بشرح مفهوم الحرب الهجينة التي تتبناها روسيا في الفترة الأخيرة، قائلاً إنها تشمل مزيجًا من الهجمات العسكرية التقليدية، الحرب السيبرانية، والتأثير الإعلامي، فضلاً عن التلاعب بالاستقرار الداخلي للدول الغربية.

روسيا، بحسب غنيم، لا تقتصر على القتال في ساحة المعركة فقط، بل تستخدم أساليب غير تقليدية لزعزعة استقرار الدول من الداخل، من خلال التشويش على الأنظمة السياسية والاقتصادية.

ضربات أوكرانية على العمق الروسي: تصعيد غير مسبوق

غنيم أشار إلى الهجمات التي شنها الجيش الأوكراني باستخدام صواريخ أميركية الصنع ضد أهداف روسية، والتي اعتبرتها موسكو استفزازًا مباشرًا.

وأضاف أن هذا الهجوم يفتح الباب أمام تصعيد عسكري غير مسبوق من روسيا، حيث تتزايد المخاوف من تنفيذ موسكو عمليات هجومية شاملة داخل أوكرانيا وخارجها. وتوقع غنيم أن تبدأ روسيا في تنفيذ ضربات مباشرة ضد القوات الغربية إذا استمرت هذه الهجمات.

التهديدات الروسية: الرد على أي دول تسمح باستخدام أراضيها ضد موسكو

وفيما يتعلق بالتهديدات الروسية بتوجيه ضربات إلى دول الغرب التي تساهم في دعم أوكرانيا، قال غنيم إن روسيا تلوح بشكل متزايد بأنها ستتعامل مع هذه الدول بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع كييف.

وأضاف أن روسيا قد تستهدف المملكة المتحدة والولايات المتحدة مباشرة، في حال استمر استخدام الأراضي الأوكرانية لشن هجمات على أراضيها. هذه التصريحات قد ترفع من حدة التوترات بشكل غير مسبوق بين موسكو والدول الغربية.

التعاون مع أطراف غير تقليدية: تعزيز شبكة العلاقات الروسية

أشار غنيم إلى أن روسيا تعمل على توسيع دائرة تحالفاتها، خصوصًا في إفريقيا وآسيا الوسطى، حيث تسعى إلى تعزيز وجودها العسكري والسياسي. هذا التعاون مع دول غير تقليدية، بحسب غنيم، قد يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي والدولي، خاصة إذا قررت روسيا استخدام هذه العلاقات لتوسيع نطاق الحرب الهجينة ضد الغرب.

وأضاف أن روسيا قد تستخدم هذه الدول كحصن لها في مواجهة الضغوط الغربية، ما يعزز من قدرتها على فرض المزيد من الضغوط.

الناتو في مواجهة التحديات: كيف يرد الحلف على الحرب الهجينة؟

خلال النقاش، طرح تساؤل حول رد فعل حلف الناتو تجاه التصعيد الروسي، خصوصًا في ظل تصاعد المخاوف من مواجهة شاملة. غنيم أكد أن الناتو قد بدأ في إعادة تقييم استراتيجياته لمواجهة هذا النوع من الحروب، وتحديدًا من خلال تعزيز الدفاعات السيبرانية ومراقبة التحركات الروسية.

أضاف غنيم أن الحلف سيحتاج إلى مزيد من التعاون مع دول الجوار وأدوات الردع غير التقليدية لمواجهة التهديدات الروسية المتزايدة.

هل يتجه الصراع إلى حرب شاملة؟

في سياق الحديث عن تصعيد الحرب الهجينة، تطرق النقاش إلى فكرة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى اندلاع حرب شاملة بين روسيا والدول الغربية، حيث أشار غنيم إلى أن روسيا قد لا تكون قادرة على حسم الصراع في أوكرانيا بالوسائل التقليدية، لكنه حذر من أن استمرار هذه التصعيدات قد يؤثر على استقرار المنطقة ويؤدي إلى نتائج غير متوقعة.

وأضاف أن الغرب يهدف إلى إضعاف النظام الروسي من الداخل، لكنه سيكون بحاجة إلى مزيد من التعاون بين الدول الأعضاء في الناتو لتحقيق هذا الهدف.

التهديدات السيبرانية: الحرب في الفضاء الرقمي

غنيم أكد أن الحرب السيبرانية تعد من أخطر أدوات الحرب الهجينة التي تستخدمها روسيا، حيث يمكن لهذه الهجمات أن تُعطل الأنظمة الإلكترونية في الدول الغربية وتعرقل التواصل العسكري والمدني.

وأضاف أن أي تصعيد في هذا المجال قد يتسبب في أضرار جسيمة للبنية التحتية الرقمية في أوروبا وأميركا، وهو ما قد يفتح الباب أمام حرب ممتدة خارج نطاق الجبهات العسكرية التقليدية.

تصعيد خطر مع عدم وجود حل قريب

وأشار غنيم مختتماً إلى أن الوضع في أوكرانيا سيظل معقدًا في ظل التصعيد المستمر من روسيا، محذرًا من أن الحرب الهجينة قد تزداد تعقيدًا في الأيام المقبلة.

مع تزايد الدعم الغربي لأوكرانيا، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت روسيا ستستمر في استخدام هذه الاستراتيجية المتطورة أم ستجد نفسها مضطرة للدخول في حرب شاملة مع الغرب.

مقالات مشابهة

  • روسيا تتحدى الغرب بصاروخ «أوريشنيك»
  • قرار جديد من بوتين لتشجيع الروس على التطوع للمشاركة في الحرب مع أوكرانيا
  • كورسك.. روسيا استعادت 60% من الأراضي التي احتلتها أوكرانيا
  • روسيا تكشر عن أنيابها.. تهديدات بتصعيد حرب هجينة ضد الغرب
  • أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا
  • لهذا السبب أطلقت روسيا صاروخها العابر للقارات على أوكرانيا
  • مستعدون للردّ على أيّ تطورات.. بوتين: لا أحد يمتلك الوسائل لمواجهة أحدث أسلحة روسيا
  • زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"
  • استعدادًا لسيناريو حرب عالمية ثالثة...وثائق سرية تكشف خطط ألمانيا لنشر 800 ألف جندي من الناتو في أوكرانيا
  • بوتين يحذر الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح ضد روسيا