بقلم: إسماعيل الحلوتي

أيام قليلة جدا تلك التي باتت تفصلنا عن نهاية شهر غشت وحلول موعد الموسم الدراسي الجديد 2023/2024، حيث لم يعد هناك من حديث يدور بين غالبية الأسر المغربية، وخاصة منها تلك التي يتابع أبناءها دراستهم في المستوى الابتدائي أو الثانوي أو هما معا في مدارس التعليم الخصوصي، إلا عن المخاوف من ارتفاع واجبات التسجيل وأثمنة اللوازم والمقررات الدراسية، في ظل ما يحدث من مضاربات وتهافت على الكسب السريع أمام غياب المراقبة الصارمة من لدن السلطات المعنية.

فمما لا ريب فيه أن آلاف الأسر المغربية الفقيرة والمتوسطة على حد سواء، لم تنفك تعيش تحت رحمة موجة الغلاء الفاحش التي قوضت قدرتها الشرائية في السنتين الأخيرتين، دون أن تكون التدابير المتخذة من قبل حكومة أخنوش كفيلة بالتصدي للمضاربين والحد من ارتفاع الأسعار في المحروقات، التي أرخت بظلالها على باقي أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية. ذلك أن البيانات الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط تؤكد أن تكاليف المعيشة عرفت خلال شهر يوليوز من السنة الجارية 2023 ارتفاعا رهيبا مقارنة مع سنة 2022، حيث سجل معدل التضخم زيادة تقدر ب"4,9" في المائة بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية.

إذ أنه وفي خضم هذا المسلسل من الغلاء الفاحش، لم تفتأ الكثير من الأسر المغربية تعيش داخل دوامة من المعاناة، حيث لا تكاد تخرج من أزمة حتى تصطدم بأخرى لا تقل تأثيرا وضررا عن سابقاتها. وهكذا نجد أنه لم يمض على الشهر الفضيل رمضان مع ما يتطلب من مصاريف إضافية سوى أسابيع قليلة، حتى حل عيد الأضحى المبارك في أجواء ملتهبة بدعوى تداعيات الجفاف وغيره، ثم تلا ذلك عطلة الصيف وما أدراكم ما عطلة الصيف التي تستلزم ميزانية خاصة من أجل الترفيه على الأبناء، حتى يمكنهم العودة من السفر إلى بيوتهم في أجواء من المرح والحيوية والنشاط والاستعداد الجيد للدراسة.

وليست هذه المرة الأولى التي تعم فيها بيوت المغاربة حالة من الترقب والتوجس حول الدخول المدرسي، ففي كل سنة دراسية جديدة تبدي العديد من الأسر تخوفها الشديد من احتمال ارتفاع تكاليف الدراسة في القطاع الخاص على وجه الخصوص، حيث أنها تكون مضطرة إلى تدبير أمورها بنوع من التقشف قصد توفير قدر من المال يسمح لها بمواجهة الطوارئ وأعباء الدراسة من حيث واجبات رسوم التسجيل التي تزداد قيمتها سنة بعد أخرى دون حسيب ولا رقيب، ناهيكم عن أثمان المستلزمات المدرسية والكتب والمقررات وغيرها من المطالب، التي لا تتورع مؤسسات التعليم الخصوصي في فرضها مع بداية كل موسم دراسي جديد، مما يؤدي إلى استياء الأمهات والآباء رفضا لجشع أرباب تلك المدارس...

صحيح أن الحكومة تحاول في حدود الإمكان طمأنة الأسر المغربية من خلال إبداء استعدادها للتصدي للزيادات في أسعار الكتب المدرسية، وتقدم على تخصيص ملايين الدراهم لدعم ناشري الكتب المدرسية الموجهة بشكل خاص إلى المستويات التعليمية بالسلك الابتدائي وكذلك سلك التعليم الثانوي الإعدادي، وأنها طالما توعدت المضاربين بالمتابعات القضائية، مشددة على ضرورة التعامل مع المخالفين بالحزم والصرامة اللازمين، وذلك بغرض الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، والتشجيع على التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، وضمان توفر الكتب المدرسية بالأعداد الكافية في المدن والقرى.

بيد أن كل تلك البرامج الاجتماعية من قبيل "تيسير" و"مليون محفظة" التي تدعي الحكومات المتعاقبة أنها تهدف إلى محاربة ظاهرتي الانقطاع والهدر المدرسيين، ليست في واقع الأمر سوى مسرحية هزيلة، لأن الدعم المادي الممنوح للأسر المعوزة غير كاف لتحفيزها على إرسال ابنائها إلى المدراس وتشجيعهم على الاجتهاد والمثابرة. حيث مازالت تلك البرامج عاجزة عن تحقيق ما رسم له من أهداف، في ظل غياب المراقبة والحكامة الجيدة. أليس من الضحك على الذفون أن يقيم المسؤولون الدنيا ويقعدونها مع مطلع كل سنة دراسية جديدة في محاولة يائسة للفت أنظار المواطنين عن حقيقة الزيادات الصاروخية في التكاليف المدرسية بالتعليم الخصوصي تحديدا، والاكتفاء بالحديث في وسائل الإعلام عن عدد الأسر المنخرطة في برنامج "تيسير" والمستفيدة من دعم يقدر بستين درهم بالنسبة لتلاميذ المستويين الأول والثاني ابتدائي وثمانين درهما بالنسبة لتلاميذ المستويين الثالث والرابع ابتدائي، ومائة درهم لتلاميذ المستويين الخامس والسادس ابتدائي، ويصل مبلغ الدعم في المستوى الثانوي الإعدادي إلى مائة وأربعين درهما؟ !

للأسف الشديد أنه رغم وعود حكومة أخنوش بتحسين ظروف عيش المواطنين والتصدي لمختلف مظاهر الفساد، فإن الأوضاع لم تزدد إلا سوءا من حيث تصاعد موجة الغلاء التي ضربت جيوب المواطنين وأنهكت كاهلهم، عبر الزيادات المتوالية في أسعار المواد الغذائية الأساسية وأسعار المحروقات التي وصلت إلى مستويات قياسية لم يكن حتى أشد المتشائمين يتوقعها، وإضافة إلى ذلك هناك أيضا زيادات مطردة في التكاليف المدرسية، التي يضطر معها آلاف الآباء والأمهات إلى القيام أحيانا بأعمال إضافية من أجل توفير تعليم جيد لفلذات أكبادهم. 

فإلى متى سيستمر المسؤولون عن الشأن التربوي ببلادنا في غض الطرف عما يجري من استنزاف للأسر المغربية؟

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الأسر المغربیة

إقرأ أيضاً:

الرياضة المدرسية والجامعية على طاولة وزير التربية والتعليم

 

 

حسن الوريث

 

مما لا شك فيه أن الرياضة المدرسية تشكل دعامة أساسية للرياضة الوطنية ومنجماً حقيقيا للتنقيب عن المواهب الرياضية وصقل مهاراتها وتوجيهها إلى الأندية الرياضية وتهيء الظروف والشروط اللازمة لممارسة النشاط الرياضي لجميع طلاب المدارس كما أن الرياضة المدرسية تعتبر مجالا حيويا يساهم في تربية الطلاب وتكوينهم التكوين السليم من خلال اكتساب المعارف وتنمية الكفاءات الرياضية واستيعاب العادات الصحية والوقائية وترسيخها وتحصين الناشئة، كما تضطلع الرياضة، سواء كانت فردية أو جماعية، بدور أساسي في صقل شخصية الفرد.

مقدمة بسيطة أردت من خلالها أن اتحدث عن أهمية الأنشطة المدرسية المختلفة المتنوعة والتي غابت تماما عن مدارسنا ربما بقصد أو بغير قصد لكن ما يهمنا هو هذا الغياب الذي حول مدارسنا إلى سجون وعقول طلابنا إلى قوالب كقوالب صبة الإسمنت وبالتأكيد أن مسؤولي التعليم ليس من الآن ولكن منذ فترة لا بأس بها اسهموا في هذا الغياب للأنشطة المدرسية وربما كان تغييبا مقصودا، لأن نمط بناء مدارسنا تغير كثيرا وعلى حساب الملاعب والمراسم والمعامل التي تم مسحها من خارطة تفاصيل المباني المدرسية لتحل محلها غرف جامدة وكأنك تبني سجونا وليس مدارس للعلم والمعرفة وجزء منها أماكن ومساحات لممارسة الأنشطة المدرسية التي بالتأكيد نعرف أنها تسهم في تنمية قدرات الطلاب ومهاراتهم وتعمل على صقل مواهبهم وابداعاتهم، كما تساعدهم على التحصيل العلمي بشكل أفضل.

وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي معنية بالدرجة الأولى بغياب الأنشطة المدرسية وضرورة دراسة الأسباب ووضع المعالجات لإعادة المدرسة والجامعة ومعاهد التعليم الفني إلى وهجها الحقيقي ولن تعود إلا بعودة الأنشطة الرياضية والثقافية والعلمية ولابد أن يكون لدينا رؤية حقيقية وسليمة تجاه الرياضة المدرسية والرياضة الجامعية إيجاد استراتيجية وطنية لإعادة الروح للرياضة المدرسية والرياضة الجامعية وإدراجهما ضمن الاستراتيجية الوطنية العامة للرياضة كي ننطلق بالرياضة في بلادنا إلى مستويات أفضل، ويمكن الاستفادة من الدول والبلدان التي سبقتنا في هذا الجانب وليس عيباً أن نستفيد من الآخرين لكن العيب أن نبقى في أماكننا محلك سر- وليعلم الجميع أن الاهتمام بالرياضة يبدأ من المدرسة والجامعة وأن الرياضة في الأندية الرياضية فقط لا تكفي ولابد من إعادة النظر في المبنى المدرسي من حيث ضرورة توفر البنية التحتية من ملاعب وصالات رياضية، وكذا إعادة حصص التربية البدنية للمدارس وإعداد مدرسي التربية البدنية الإعداد الأمثل لتقديم حصص الرياضة بأساليب حديثة تسهم في تطوير قدرات الطلاب وبناء الجسم السليم واكتشاف مواهبهم وإبداعاتهم من خلال إقامة البطولات المدرسية والتنسيق مع الجهات المعنية بالرياضة لتطوير الرياضة المدرسية بما ينعكس ايجاباً على الرياضة بشكل عام.

هذا الملف نضعه أمام وزير التربية والتعليم والبحث العلمي في حكومة التغيير والبناء لوضعه ضمن أولويات عمل الوزارة انطلاقا من أهمية الأنشطة المدرسية والجامعية، لأن المدرسة والجامعة والنادي ثلاثة أضلاع هامة لابد من وجود تكامل فيما بينها لإنتاج رياضي مبدع، وهذا التكامل شرط أساسي لتطور الرياضة على اعتبار أن الرياضي يبدأ غالباً في المدرسة ثم ينتقل إلى الجامعة وبينهما أو بعدهما النادي وحتى تكتمل اضلاع الرياضة بما ينعكس إيجاباً على الرياضة بشكل عام.. فهل وصلت الرسالة؟؟.. نتمنى ذلك.

مقالات مشابهة

  • استمرار تراجع الذهب والمعادن الثمينة وسط ارتفاع الدولار عقب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية
  • وزيرة البيئة تؤكد أهمية توفير التكنولوجيا منخفضة التكاليف في تحقيق الأمن الغذائي وإدارة المياه
  • تقرير: ارتفاع فواتير المياه يضغط على ميزانيات الأسر في إنجلترا وويلز
  • لموسم الشتاء.. 10 وصفات مختلفة وسهلة للبطاطا وبأقل التكاليف «مسلوقة ومشوية»
  • العطلات المدرسية الرسمية في الأردن 2024 -2025.. قائمة بإجازات السنة
  • الرياضة المدرسية والجامعية على طاولة وزير التربية والتعليم
  • الصادرات المغربية تمكنت من مواصلة مسارها التصاعدي بقيمة إ جمالية تقدر بــ 331 مليار
  • مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية
  • الأرصاد تكشف عن ارتفاع جديد بدرجات الحرارة وانتهاء موجة عدم استقرار الطقس
  • ارتفاع جديد في الحرارة.. الأرصاد تعلن موعد انتهاء موجة عدم استقرار الأحوال الجوية