يعيشون الخوف.. مئات المترجمين الأفغان ينتظرون وفاء بريطانيا بوعدها
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
لا يزال مئات الأفغان الذين عملوا مع الجيش البريطاني يعيشون مختبئين في أفغانستان بعد مرور عامين على سقوط كابول، وفقا لتقرير نشرته صحيفة صنداي تايمز.
بعد عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021، وعدت المملكة المتحدة بتقديم اللجوء للأفغان الذين خاطروا بحياتهم لدعم الجيش البريطاني. ولا يزال ما يقدر بنحو 400 شخص مؤهلين لإعادة التوطين بموجب سياسة الحكومة لإعادة التوطين والمساعدة الأفغانية (Arap) محاصرين في أفغانستان مع 1600 من أفراد أسرهم.
وصف الأفغان الذين تمكنوا من الفرار من حكم طالبان، لصنداي تايمز، العيش في عزلة في غرف بلا نوافذ لعدة أشهر، وعدم تناول أي شيء سوى الخبز والماء، خوفا من الهجمات الانتقامية من الجماعة الأصولية.
ولا يزال آلاف الأفغان المؤهلين لهذا المخطط عالقين في فنادق في باكستان وتركيا وإيران. أنفقت حكومة المملكة المتحدة أكثر من 15.7 مليون جنيه إسترليني لإسكان الأفغان في الفنادق بالخارج في الفترة من يناير 2022 إلى مارس 2023.
تسعى الحكومة جاهدة لطرد المترجمين الأفغان وعائلاتهم من الفنادق قبل الموعد النهائي في نهاية الأسبوع. أعلن الوزراء في وقت سابق من هذا العام إنذارًا نهائيًا لحوالي 9000 أفغاني يعيشون في مساكن مؤقتة في المملكة المتحدة للمغادرة بحلول 31 أغسطس، لكنهم كانوا مترددين في الكشف عن عدد الأشخاص الذين انتقلوا الآن.
تدعي السلطات المحلية أنه في بعض المناطق، لم يتمكن واحد من كل خمسة أفغان من العثور على سكن وتم إعلانه بلا مأوى. وفي نورثامبتون، تشير التقارير المحلية إلى أن 50 في المائة من الأفغان الذين يعيشون في الفنادق في بداية الشهر كانوا يواجهون التشرد.
قال مصدر حكومي إنه يتم نقل ما بين 400 إلى 450 أفغانيًا من الفنادق أسبوعيًا. وقالوا: "إن المهمة التي كانت ضخمة تحولت إلى قصة نجاح حقيقية".
أحد أولئك الذين نجحوا في الخروج هو محمد سيد، 34 عاماً، عمل كمترجم فوري في الدوريات مع الجيش البريطاني من عام 2010 إلى عام 2012. وقد اختبأ لمدة تسعة أشهر بعد وصول طالبان إلى السلطة، ولم يأكل سوى الخبز والماء. ونادرا ما يخرج. وفر في النهاية عبر الحدود إلى باكستان في فبراير من العام الماضي، حيث تعرض لوابل من الرصاص أثناء محاولته الهروب من كابول، وفي النهاية وصل إلى المملكة المتحدة في أكتوبر.
لقد أقام في فندق في ليفربول ولكنه وجد الآن منزلاً جديدًا في ميلتون كينز. وقال إن 94 شخصاً في الفندق الذي يقيم فيه ما زالوا يواجهون التشرد، على الرغم من أن أكثر من 100 شخص وجدوا سكناً منذ نهاية الشهر الماضي.
تشير الرسائل التي اطلعت عليها صحيفة التايمز إلى أن الأفغان غير القادرين على العثور على سكن قد تلقوا عروض سكن مؤقت من وزارة الداخلية بعد الموعد النهائي للإخلاء. يتم تقديم العروض إذا كان أحد أفراد الأسرة يتلقى العلاج في مستشفى معين أو إذا تم العثور على عقار يصبح متاحًا بعد الموعد النهائي ولكن ليس قبل ديسمبر.
مع إخلاء معظم الفنادق، هناك ضغوط على الحكومة لتسيير المزيد من الرحلات الجوية للأفغان الذين ما زالوا محاصرين في باكستان وأماكن أخرى. وتم إجلاء 45 شخصًا فقط في الأشهر السبعة الأولى من العام، لكن الوزراء مترددون في الترحيب بمزيد من المترجمين الفوريين حتى يتم العثور على سكن دائم لهم.
وقالت سارة دي يونج، المؤسس المشارك لتحالف سولها، وهي مؤسسة خيرية تدعم المترجمين الفوريين الأفغان: "بعد انتظار دورهم، والحرمان من العمل والتعليم والأمن في باكستان أو إيران، أصبح للمترجمين الفوريين الأفغان المؤهلين وغيرهم من الموظفين الحق في الحصول على المساعدة". الحصول على إجابة من حكومة المملكة المتحدة على السؤال البسيط: "متى سيتم نقلهم إلى المملكة المتحدة مع عائلتهم لبدء حياة جديدة؟"
قالت متحدثة باسم الحكومة: "نحن مدينون بالامتنان للموظفين المؤهلين بموجب برنامج سياسة الحكومة لإعادة التوطين والمساعدة الأفغانية الذين عملوا لصالح حكومة المملكة المتحدة أو معها في أفغانستان. لقد تعهدنا بواحد من أكبر الالتزامات على مستوى أي دولة لدعم أفغانستان، وقد قمنا حتى الآن بنقل حوالي 24600 فرد إلى بر الأمان في المملكة المتحدة، بما في ذلك الآلاف في إطار خططنا لإعادة التوطين في أفغانستان.
وأضافت: نحن نواصل العمل بوتيرة سريعة للوفاء بالتزاماتنا تجاه شركائنا الأفغان. ويشمل ذلك نقل الأشخاص إلى خارج أفغانستان وإبعادهم عن الخطر الحقيقي والتهديد للحياة الذي تشكله طالبان وكذلك العمل مع الأمم المتحدة والشركاء ذوي التفكير المماثل والدول المجاورة لأفغانستان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أفغانستان بريطانيا طالبان المملکة المتحدة فی أفغانستان العثور على
إقرأ أيضاً:
رسوم ترامب تجعل أيرلندا الشمالية نقطة اشتباك اقتصادي بين بريطانيا وأوروبا
لندن- في وقت تعد فيه بريطانيا أقل الخاسرين من بين حلفاء الولايات المتحدة الغربيين من حرب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على دول العالم دون أن تتجاوز نسبة تلك الضرائب 10%، لا تخشى أيرلندا الشمالية رسوم ترامب ولكنها تترقب بقلق طبيعة الرد الأوروبي على السياسات الحمائية الأميركية.
فيبدو أن مستقبل الوضع الاقتصادي في هذه المقاطعة البريطانية معلق على رجاء أن لا يختار الاتحاد الأوروبي معاملة السلع الأميركية بالمثل ويفرض عليها ضرائب جمركية بنسبة 20%، مما يضع أيرلندا الشمالية التي تربطها في الآن ذاته صلات تجارية بالسوق الأوروبية وبريطانيا وعلاقات تاريخية بالولايات المتحدة في وضع صعب وغير مسبوق.
حدود تماس تجاري صعبةوبموجب الترتيب التجاري لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الوارد فيما يعرف بـ"إطار وندسور" ، يجب أن تلتزم السلع القادمة إلى أيرلندا الشمالية بقواعد الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن أي قرار للرد بالمثل من قبل الكتلة الأوروبية على رسوم ترامب الجمركية سيعني أن البضائع الأميركية التي ستدخل أيرلندا الشمالية ستواجه تعريفات جمركية.
في المقابل لن تدفع السلع الأميركية التي تدخل مناطق أخرى في المملكة المتحدة أي رسوم، مما سيترتب عنه رفع الكلفة الاقتصادية لأي بضائع أميركية يستهلكها المواطنون في أيرلندا الشمالية بالمقارنة مع باقي المناطق البريطانية.
إعلانواستطاع المفاوضون الأوروبيون والبريطانيون التوقيع قبل عامين على "إطار ويندسور" حل الخلاف بشأن الحدود الصلبة بين بريطانيا وجزيرة أيرلندا، والحفاظ على الوضع الخاص لأيرلندا الشمالية كمقاطعة بريطانية وأيضا كعضو في السوق الأوروبية المشتركة، سعيا للحفاظ على السلام الهش في جزيرة أيرلندا بين الوحدويين والجمهوريين بعد صراع أهلي دام لعقود، انتهى بالتوقيع على اتفاق "الجمعة العظيمة" برعاية أميركية عام 1999.
لكن "إطار ويندسور" قد يجعل من أيرلندا الشمالية نقطة جذب للمصنعين، الذين سيستطيعون بموجب قواعد الاتفاق الوصول إلى الأسواق البريطانية والأوروبية دون تسديد رسوم جمركية، في حين تخضع سلعهم المصدرة للولايات المتحدة فقط لنسبة 10% على خلاف باقي الدول الأوروبية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الحكومة تترقب بـ"عناية" طبيعة الرد الأوروبي على التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، وستعمل على التنسيق مع الاتحاد بشأن انعكاسها المحتمل على أيرلندا الشمالية.
في المقابل، دفع الارتباك الذي تعيش على وقعه الأسواق في أيرلندا الشمالية، زعيم الحزب الوحدوي الديمقراطي (DUP) جافين روبنسون لتذكير حكومة حزب العمال أمام البرلمان بتحفظ الوحدويين على وضعية أيرلندا الشمالية بعد خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، محذرا أن الأيرلنديين رهن قرار تتخذه بروكسل في حين أنهم يخضعون للسيادة البريطانية.
ويعيد الوضع المربك لأيرلندا الشمالية في علاقتها بالرسوم الجمركية الجدل بشأن التنازلات التي قبلت بها بريطانيا بخصوص الوضع في أيرلندا الشمالية في إطار اتفاق بريكست، الذي أثار خلافات حادة بين الحكومة البريطانية والحزب الوحدوي في أيرلندا الشمالية، بلغت حد رفضه المشاركة في الحكومة على مدى عامين كاملين، قبل موافقته على الدخول في التشكيلة الحكومية العام الماضي.
إعلانفي المقابل، حذرت وزيرة المالية كاويمي أرشيبالد في الحكومة الإقليمية بأيرلندا الشمالية، من حالة عدم اليقين التي تعصف بالأسواق بسبب عدم قدرة المصنعين والمستثمرين على الحسم في طبيعة الضرر أو المنفعة الاقتصادية المترتبة عن السياسات الحمائية الجديدة وانعكاسها على أيرلندا الشمالية.
وتبلغ صادرات أيرلندا الشمالية إلى الولايات المتحدة كل سنة نحو 1.5 مليار جنيه إسترليني (نحو 1.93 مليار دولار)، تشمل أغلبها قطاعات الأدوية والآلات الصناعية، في حين تستورد أيرلندا الشمالية سنويا نحو 750 مليون جنيه إسترليني (نحو 966 مليون دولار) من السلع الأميركية، وقد تحتاج لدفع أعباء إضافية في حال اختار الاتحاد الأوروبي فرض رسوم مضادة على البضائع الأميركية.
وعلى الحدود الصعبة لأيرلندا الشمالية مع جمهورية أيرلندا، تبدو الأخيرة أكثر المتضررين من الرسوم الجمركية الجديدة، حيث تعتمد البلاد على الولايات المتحدة كسوق أساسي للتصدير، ويوجه ما يقارب من ثلث إجمالي صادراتها إلى الولايات المتحدة بقيمة 61 مليار جنيه إسترليني (نحو 78.6 مليار دولار).
وفي حين لايزال الرد الأوروبي على السياسات الحمائية الأميركية دون معالم واضحة، بينما تتبنى الحكومة المركزية في لندن نهجا أكثر ليونة مع الإدارة الأميركية، تتعالى أصوات الساسة في أيرلندا الشمالية، مطالبة كلا من الأوروبيين والبريطانيين بأخذ الوضع الخاص لأيرلندا في عين الاعتبار، وتنسيق الرد على رسوم ترامب الجمركية لتخفيف تداعياتها على اقتصاد المقاطعة البريطانية.
وفي هذا السياق يشدد ماتياس بووير مدير المعهد الأوروبي للاقتصاد السياسي (ECIPE) في حديث للجزيرة نت، أن "إطار ويندسور" الذي ينظم المبادلات التجارية لأيرلندا الشمالية مع الاتحاد الأوروبي، قادر على امتصاص الصدمة التجارية مادام قد صمم لأجل ذلك الغرض في الأساس، دون أن يستبعد أن يحفز تعقيد الوضع في أيرلندا الشمالية الخلافات في أكثر من اتجاه سواء بين الخصوم السياسيين في الداخل وفي علاقة بريطانيا بجيرانها الأوروبيين.
إعلانورجح الخبير الاقتصادي أن تبني الإدارة الأميركية للسياسات الحمائية قد يدفع البريطانيين والأوروبيين إلى التقارب، وهي المهمة التي يحاول رئيس الوزراء البريطاني إتمامها -رغم نهجه البراغماتي والمهادن للإدارة الأميركية- بهدف ضخ دماء جديدة في علاقة بلاده مع الاتحاد الأوروبي في ظل التحديات التي فرضها وصول ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة .
في المقابل، يرى أن على الأوروبيين والبريطانيين العمل على استغلال الارتباك الدولي للإمساك بزمام قيادة الاقتصاد العالمي و تشكيل أجندة التجارة العالمية، بدلا من الدفاع عن الوضع الراهن، أو البحث عن سبل للانتقام من الإدارة الأميركية الجديدة.
شرخ لا يُرتقلكن دافيد هانيغ عضو لجنة التجارة والأعمال البرلمانية البريطانية يشكك -في حديث للجزيرة نت- في صلابة أواصر الثقة التي تربط الكتلة الأوروبية ببريطانيا بعد انفصالها العسير عن الاتحاد وإصرارها على تفضيل علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة على أي تقارب أوروبي، محذرا من أن الوضع الاقتصادي في أيرلندا الشمالية قد يكون ضحية للريبة والشك الذي يطبع هذه العلاقة.
وأوضح الخبير الاقتصادي البريطاني أن كلا من بريطانيا والاتحاد الأوروبي رغم اختلاف مقاربتهما للتعامل مع سياسات ترامب الحمائية، لكنهما يراقبان بقلق انعكاساتها على الوضع الاقتصادي والسياسي الهش في أيرلندا الشمالية، لكن دون القدرة على بلورة خطة مشتركة لمواجهتها بشكل موحد، مشددا على أن هذه الانقسامات تفضلها الإدارة الأميركية لعقد صفقات تستفرد عبرها بكل دولة أوروبية على حدة.