صحيفة الشرق الأوسط تكشف كواليس هرب المنقوش وسبب اختيارها تركيا
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
كشفت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، كواليس هرب وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الدبيبة نجلاء المنقوش إثر احتجاجات أعقبت الكشف عن لقاء جمعها ووزير الخارجية لدى الكيان الصهيوني في روما الأسبوع الماضي.
قالت الصحيفة نقلا عن مصادر، إن اختيار المنقوش لتركيا، التي لا تعارض اللقاءات والمباحثات مع إسرائيل، يشير إلى ثقتها في قدرة أنقرة على التدخل لدى حكومة الدبيبة لتخفيف حدة رد الفعل ضدها، إضافة إلى أن تركيا يمكنها أن تستضيفها، من دون اعتراض من الدبيبة، بعد أن بات من شبه المؤكد أنه لن يكون ممكناً استمرارها في منصبها أو عودتها إليه، كما أنه يمكن أن يكون هناك خطر على حياتها حال بقائها في ليبيا.
ووصلت وزيرة الخارجية الموقوفة عن العمل في حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية نجلاء المنقوش إلى إسطنبول، بعد فرارها إلى تركيا بطائرة خاصة من مطار معيتيقة.
وقالت وكالة «الأناضول» التركية، الاثنين، نقلاً عن مصادر أمنية، إن «أجهزة تتبع الرحلات الجوية أكدت وصول طائرة المنقوش إلى مطار إسطنبول بعد مغادرة ليبيا في ساعة متأخرة ليل الأحد بمساعدة جهاز الأمن الداخلي».
وكان جهاز الأمن الداخلي الليبي نفى ما قال إنه «أنباء غير مؤكدة» بشأن السماح أو تسهيل سفر المنقوش، مشيراً إلى أنها لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ مطار معيتيقة، سواء الصالة العادية أو الخاصة أو الرئاسية، بحسب المتعارف عليه.
وذكر الجهاز، في بيان، أن جهاز الأمن الداخلي رئاسةً وأعضاء يؤكدون وقوفهم صفاً واحداً مع تطلعات الشعب الليبي واحترام مشاعره تجاه القضايا كافة، وخاصةً القضية الفلسطينية، مستنكراً «ما قامت به وزيرة الخارجية بالجلوس مع أحد أفراد الكيان الصهيوني». وأشار إلى أنه أدرج اسم المنقوش في قائمة الممنوعين من السفر لحين امتثالها للتحقيقات.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
زيارة السيسي إلى قطر والكويت: دبلوماسية تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط
في توقيت بالغ الدقة، تأتي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولتي قطر والكويت لتؤكد مجددًا أن القيادة السياسية المصرية تُجيد قراءة المتغيرات وتوظيفها ببراعة لصالح الدولة. لم تعد القاهرة مجرد طرف في معادلات المنطقة، بل أصبحت بوصلة يُعاد وفقها ترتيب الحسابات.
قبل سنوات، كانت قطر رأس حربة في مشروع تقسيم الشرق الأوسط عبر تمويل جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية. سارت حينها في فلك يخدم أجندات الفوضى الخلاقة، وسخّرت أدواتها الإعلامية لضرب استقرار الدول. لكن المعادلة تغيرت، وبفضل القيادة السياسية المصرية، نجحت القاهرة في تفكيك ذلك المشروع، وإعادة ضبط العلاقة مع قطر. اليوم، لم تعد الدوحة في موقع الخصومة، بل أصبحت شريكًا استراتيجيًا وأداة فاعلة ضمن مساعي إنهاء الحرب في غزة، في تنسيق مصري- قطري يعكس نضجًا سياسيًا يُحسب للطرفين.
أما الكويت، التي مرت علاقتها بمصر بمرحلة من البرود، فقد عادت إلى موقعها الطبيعي كداعم استراتيجي، بعدما تيقنت أن القاهرة هي الضامن الحقيقي للاستقرار. الزيارة الأخيرة فتحت أبواب التعاون، وجددت الثقة المتبادلة، وأعادت العلاقات إلى عمقها التاريخي.
ولا يمكن إغفال الأثر الكبير لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، التي شكلت نقطة تحول في نظرة القوى الكبرى إلى مصر. ما شهدته تلك الزيارة من استقبال استثنائي وحوار سياسي عميق، قدّم صورة واضحة عن دولة باتت تتعامل بندية واحترام مع العالم. لقد أعادت هذه الزيارة ترتيب الكثير من الحسابات، وجعلت عواصم عدة تهرول إلى القاهرة لكسب هذا الحليف القوي، الذي يثبت يومًا بعد يوم أنه لا ينكسر ولا يساوم.
الملف الفلسطيني كان حاضرًا بقوة، لا سيما في ظل التصعيد الإسرائيلي في غزة. زيارة السيسي إلى قطر جاءت في إطار مبادرة مصرية حقيقية لوقف إطلاق النار وإنهاء الكارثة الإنسانية. التحول القطري في هذا الملف لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة لجهد مصري طويل أعاد توجيه بوصلة السياسات القطرية لتصبح جزءًا من الحل. مصر، بعلاقاتها التاريخية مع السلطة الفلسطينية والفصائل، تستثمر هذا الرصيد لتقود مسار التسوية في ظل صمت دولي وعجز أممي.
الجانب الاقتصادي حظي كذلك باهتمام كبير، إذ أعلنت قطر والكويت عزمهما ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في السوق المصري، في قطاعات حيوية كالبنية التحتية، والطاقة، والسياحة، والعقارات. تلك الاستثمارات تمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري، وفرصة لتعزيز النمو وخلق فرص عمل، في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية اضطرابًا.
ما تحقق خلال هذه الجولة الدبلوماسية يؤكد براعة مصر في إدارة التوازنات السياسية والاقتصادية، ويُظهر قدرتها على التأثير الإقليمي الهادئ دون ضجيج. الرئيس السيسي لا يطرق الأبواب طلبًا للدعم، بل يفرض احترامه بسياسات رشيدة ومواقف ثابتة تستند إلى رؤية وطنية وشعبية صلبة.
بهذا النهج، انتقلت مصر من موقع الدفاع إلى موقع التأثير وصناعة القرار. دبلوماسية هادئة، لكنها تُغيّر موازين القوى، وتصنع واقعًا جديدًا عنوانه: مصر أولًا.. .والعرب أقوياء بوحدتهم.