بدء أعمال المنتدى شبه الإقليمي «الثقافة والتراث الأخضر» بمحافظة ظفار
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يستعرض تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأفضل الحلول الابتكارية
مسقط ـ «الوطن»:
بدأت صباح أمس في مُجمَّع السُّلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه في مدينة صلالة بمحافظة ظفار أعمال المنتدى شِبْه الإقليمي: «الثقافة والتراث الأخضر: الطريق نحو الاستدامة»، والذي تنظِّمه وزارة التربية والتعليم ـ ممثَّلةً في اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة، وبالشراكة مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) واللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم ـ.
يهدف المنتدى ـ والذي يستمر لثلاثة أيام ـ إلى التعريف بالثقافة والتراث الأخضر والمفاهيم المرتبطة بهما، واستعراض التحدِّيات التي تواجِه عناصر الثقافة والتراث الأخضر، ودَوْر تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي في تعزيز ممارسات الثقافة والتراث الأخضر، وتقديم أفضل الحلول الابتكارية التي تدعم توجُّه التراث الأخضر لخدمة البيئة واستدامتها، وعرض أفضل الممارسات في مجال الثقافة والتراث الأخضر ودَوْرها في تحقيق الاقتصاد المستدام.
رعى حفل افتتاح المنتدى سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد بن خلف الخروصي وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث، وقد تضمَّن حفل الافتتاح كلمة سلطنة عمان، ألقتها آمنة بنت سالم البلوشية أمينة اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، أكَّدت فيها أنَّ العالَم ينظر إلى الثقافة على أنَّها أداةٌ مهمةٌ في تحقيق التنمية المستدامة للدول والرفاه المتكامل للشعوب والمُجتمعات، ورسم الخطط والسياسات الثقافية والتراثية المؤدِّية إلى تعزيز التفاهم ونشْرِ السلام. ونوَّهت إلى اهتمام المنظَّمات (اليونسكو، الايسيسكو، والألكسو) بالثقافة، ودعم الدول الأعضاء لصون تراثها بشقَّيْه المادِّي غير المادِّي والاهتمام بصون الموارد الطبيعية والثقافية.
وفي ختام كلمتها أشارت إلى انسجام موضوع الثقافة والتراث الأخضر مع رؤية عُمان 2040، ومع الاستراتيجية الثقافية وقانون التراث الثقافي لسلطنة عُمان اللذين يؤكِّدان أهمِّية صون الثقافة والتراث بجميع عناصرهما مع ضرورة السَّعي الدؤوب لوضع الأُطر اللازمة لحمايتهما من التغيُّرات المناخية التي أصبحت من أبرز القضايا التي تهمُّ العالَم أجمع.
ثم ألقى المهندس بلال شابي خبير اختصاصي برامج في قِطاع الثقافة بمنظَّمة العالَم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) كلمة المنظَّمة، تحدَّث فيها حول خطورة التغيُّرات المناخية وتأثيرها على المواقع التراثية في العالَم عامَّة وفي العالم الإسلامي خاصَّة، وأهمِّية تطوير استراتيجيات وتبادل الخبرات والجهود لحماية البيئة وعناصرها الثقافية. وتطرَّق لجهود منظَّمة الإيسيسكو في تقديم الدعم والمشورة للدول الأعضاء من أجل التصدِّي لظواهر التغيُّر المناخي والحفاظ على بيئة سليمة، مستلهمة من الثقافة الإسلامية؛ إيمانًا مِنها بأنَّ التغيُّرات المناخية أصبحت تُشكِّل تهديدًا كبيرًا على المواقع التراثية حول العالَم، وانخراطًا مِنها في الجهود الدولية الداعية إلى التصدِّي لهذه الظاهرة والمحافظة على المكتسبات التاريخية للشعوب. بعدها ألقى الدكتور عبدالإله الطخيس مدير قِطاع الثقافة باللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم كلمة المملكة، أشار فيها إلى مبادرة المملكة العربية السعودية «الثقافة والمستقبل الأخضر» التي تهدف إلى تعزيز دَوْر الثقافة، ورفع الوعي بمركزية الثقافة في التنمية الشاملة والمستدامة، وتحثُّ على رسم سياسات ثقافية وبرامج شاملة تُسهم في تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، والتخفيف من آثار التغيُّر المناخي، وتعزيز القدرة على التكيُّف معها، والتعامل مع تحدِّياتها المختلفة.
واختتم الدكتور حمد بن محمد المحرزي عميد كُلِّيَّة عُمان للسياحة بالندب حفل افتتاح المنتدى بورقة رئيسة بعنوان «التراث الطبيعي الأخضر والسياحة: التكامل نحو الاستدامة». تطرَّق فيها إلى أنواع التراث، ومِنها التراث الطبيعي. وينبثق من التراث الطبيعي عدد من الأفرع، ويُمثِّل التراث الطبيعي الأخضر أحد أنواع هذا التراث؛ وهو مصطلح يصف مواقع التراث الطبيعي التي تمتاز بطبيعة برِّية طبيعية أو بتدخل الإنسان كالبيئات المزروعة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: للتربیة والثقافة والعلوم الثقافة والتراث الأخضر العال م
إقرأ أيضاً:
"الثقافة" تصدر الأعمال الكاملة للمفكر سليمان العطار بهيئة الكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعاقدت وزارة الثقافة، من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، على إصدار الأعمال الكاملة للأكاديمي البارز المترجم والناقد الأدبي الدكتور سليمان العطار، الذي يُعد من أبرز المفكرين والمثقفين المصريين الذين ساهموا بشكل ملحوظ في تطوير الفكر العربي الحديث.
تميز سليمان العطار بفكره العميق، وأسلوبه النقدي، واهتمامه الخاص بقراءة التراث وإعادة النظر فيه من خلال رؤية معاصرة تواكب التحديات الحديثة. رغم ابتعاده عن الأضواء والشهرة، إلا أن تأثيره العلمي والإنساني كان واسع النطاق، مما جعل محبيه وزملاءه يشعرون بالحزن لرحيله.
نشأ سليمان العطار تحت تأثير عميق من عبد العزيز الأهواني، الذي كان له الفضل في إدخال الدراسات الأندلسية إلى مصر والعالم العربي وتطويرها، ورأى العطار في الأهواني نموذجًا للمثقف الذي يكرس حياته للعلم، مشبهًا إياه بأرسطو الذي اعتبر تلاميذه كتبه الحية. هذه العلاقة مع الأهواني شكلت وعي العطار النقدي والتجديدي، ودفعته إلى دراسة التراث بمنظور جديد بعيدًا عن التقليد الأعمى.
يرى العطار أن التراث يشكل عنصرًا أساسيًا من الهوية العربية، لكنه يعارض تقديس هذا التراث دون فحص أو نقد. يجادل بأن الهوية الثقافية تحتاج إلى حيوية وديناميكية تمكنها من التفاعل مع الحاضر وتجاوز الجمود.
يعتبر العطار أن فهم التراث بعمق وتوظيفه بذكاء يمكن أن يسهم في بناء مستقبل مزدهر، وذلك من خلال تجاوز الرؤية المحدودة للتاريخ والتراث والبحث عن طرق لدمج الماضي في سياق العصر الحديث.
تجسد سليمان العطار سلوك المثقف العضوي الذي يرى الثقافة كسلوك يومي وليس مجرد نظريات وشعارات، كان يؤمن بأن الوعي الثقافي يتجاوز حدود العقل إلى الشعور، وأن المثقف يجب أن يساهم في بناء مشاريع حضارية كبرى.
دعا العطار إلى إشاعة قيم الحوار، وقبول الآخر، ونبذ التطرف الفكري والتعصب، كان يرفض الجمود والتنميط الفكري، ويسعى إلى تجديد الفكر العربي من خلال نقد النصوص التقليدية وتحريرها من القداسة التي تحول دون تطورها.
اسهامات العطار في النقد الأدبي كانت عميقة ومتعددة، في كتابه «مقدمة في تاريخ الأدب العربي: دراسة في بنية العقل العربي» الذي أعاد تحريره الدكتور قحطان الفرج الله بعنوان «عقلان وثقافتان/ دراسة في بنية العقل عن العرب»، عالج العطار الجذور الفكرية التي ساهمت في تشويه الهوية الثقافية للعرب.
كان للخيال مكانة خاصة في فكر العطار، حيث اعتبره أداة للخلق المعرفي والابتكار، درس العطار نظرية الخيال عند ابن عربي، في كتابه «الخيال والشعر في تصوف الاندلس»، و «الخيال النظرية والمجلات عند ابن عربي» ووصفها بأنها وسيلة لتحريك منظمة الابتكار وتجاوز الجمود الفكري.
ترجم العطار أعمالًا أدبية عالمية مثل «مائة عام من العزلة» لغابرييل غارسيا ماركيز و«دون كيخوتي» لثربانتس، وصنفت من أهم ولانضج الترجمات لهذا العمل الفريد، من خلال هذه الترجمات، سعى العطار إلى تعزيز الفهم الشمولي للثقافة الإنسانية والتواصل مع التجارب الإنسانية المشتركة.
رأى في ترجمة هذه الأعمال جسرًا يربط بين الثقافة العربية والثقافات العالمية، ويعزز من قدرة المثقف العربي على التفاعل مع العالم الحديث، كما رأى العطار أن إعادة قراءة التراث العربي أمر حيوي لتحقيق التقدم الحضاري، واعتبر أن مشاكل الهوية الثقافية العربية ترتبط بشكل كبير بتقديس التراث دون دراسة نقدية أو محاولة للتجديد.
انتقد العطار حالة التشرذم الثقافي في العالم العربي، ودعا إلى تجاوز الانقسامات الطائفية والمذهبية والمناطقية، وقدم العطار رؤية تتجاوز التحليل السطحي للتاريخ، وتدعو إلى فحص العوامل التي أدت إلى التشرذم العربي، ومحاولة استعادة الوحدة الثقافية من خلال فهم أعمق وأشمل للتراث وليه العديد من الدراسات والكتابات الإبداعية في مجال الرواية (رواية سبعة أيام، ورواية عصابة سرقة الاثار) ومجموعة قصصية (النساء لن تدخل الجحيم).
د. سليمان العطار يظل مثالاً نادرًا للمثقف الذي جمع بين الرؤية النقدية العميقة والقدرة على التفاعل مع التراث بعقلانية وتجديد، وبفضل إسهاماته الفكرية والنقدية، ساهم في إحياء الحوار الثقافي في العالم العربي ودفعه نحو أفق جديد يتسم بالتعددية والابتكار، أعماله وترجماته ستظل جزءًا من التراث الثقافي والفكري العربي، تلهم الأجيال القادمة للتفكير النقدي والتفاعل الإيجابي مع التراث والثقافة العالمية.