موضة الموسم.. نجمات تألقن بضفيرة الشعر | من الأجمل
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
أصبحت ضفيرة الشعر، موضة كبيرة خلال الموسم بين العديد من الفنانات والنجمات.
ومن النجمات اللواتي تألقن بضفيرة الشعر، الفنانة ياسمين صبري، رانيا يوسف، غادة عبد الرازق، ودرة.
تألقت ياسمين صبري، مرتديه فستان أنيق ومميز باللون الأبيض، واختارت تسريحة الضفيرة لشعرها البني الطويل لتتناسب مع ظهورها اللافت.
أطلت رانيا يوسف، بفستان موف لافت ذا تصميم أنيق ليكشف عن جمالها، واختارت تسريحه الضفيرة لشعرها الأسود الطويل لتكشف جمال إطلالتها.
غادة عبد الرازق
تألقت غادة عبد الرازق، مرتديه قميص أنيق باللون الأبيض ليتناسب مع ظهورها، واختارت أيضا تسريحه الضفيرة الطويلة لشعرها الطويل.
درةارتدت درة، فستان طويل باللون الابيض يتناسب مع ظهورها وجمالها، واختارت أيضا تسريحه الضفيرة لتتناسب مع جمالها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الضفيرة غادة عبد الرازق رانيا يوسف درة
إقرأ أيضاً:
أردوغان يواجه احتجاجات اعتقال عمدة إسطنبول بسياسة “النفس الطويل”
د. منى سليمان
باحث أول ومحاضر فى العلوم السياسية
القاهرة (زمان التركية)ــ تمر تركيا بأزمة داخلية متصاعدة منذ اعتقال عمدة إسطنبول السابق “أكرم إمام أوغلو” يوم 19 مارس 2025، لتورطه في قضايا فساد والتواصل مع تنظيمات إرهابية وتم اعتقال 99 شخصًا معه، غداة ذلك سادت موجات من التظاهرات والاحتجاجات المستمرة بعدة مدن تركية (إسطنبول، أنقرة، إزمير، طرابزون…) شارك بها عشرات الآلاف من المتظاهرين وتم اعتقال 1500 منهم، وذلك وسط تنديد دولي وانتقادات لموقف الحكومة التركية التي نفت حدوث “تسييس” في القضية، بينما انتقد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” تنظيم احتجاجات ضد قرار الاعتقال، ولم يهتم بحالات العنف ضد المعتقلين أو الدعوات لإقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، نظرًا لإدراكه لأهمية الدور التركي الإقليمي الراهن في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، التي تدفع الدول الكبرى للحفاظ على الوضع القائم ببلاد الأناضول دون تغير، ورغم هذا ما زالت الأزمة متصاعدة ولها العديد من الأبعاد والتداعيات على ترتيبات المشهد السياسي التركي.
أولا : اعتقال عمدة إسطنبول .. الملابسات وردود الفعل:
1- ملابسات اعتقال عمدة إسطنبول:
أ- اعتقال وسجن “أكرم أمام أوغلو”:
يعد عمدة إسطنبول “أكرم إمام أوغلو” من أكثر السياسيين المعارضين الملاحقين قضائيًّا، وقد بدأت الأزمة الحالية من خلال:
-أعلنت جامعة إسطنبول يوم 18 مارس 2025 عن إلغاء الشهادة الجامعية لعمدة إسطنبول “أكرم إمام أوغلو”، وقالت إنها سترسل جميع المعلومات والوثائق المتعلقة بقرارها إلى مكتب المدعي العام بإسطنبول ومجلس التعليم العالي، وأوضح بيان جامعة إسطنبول “أنه في عام 1990، حدثت انتهاكات لقرارات مجلس التعليم العالي والشروط التي يسعى إليها التشريع، وتم إلغاء شهادات 28 شخصًا انتقلوا إلى برنامج اللغة الإنجليزية في كلية إدارة الأعمال بشكل غير قانوني، بدوره وصف “إمام أوغلو”، القرار بأنه “غير قانوني”، وأكد أنه “ليس لديهم السلطة لاتخاذ مثل هذا القرار، تقع السلطة حصريًّا على عاتق مجلس إدارة كلية إدارة الأعمال، يوم محاسبة أولئك الذين اتخذوا هذا القرار أمام التاريخ والعدالة قريب، لا يمكن إيقاف مسيرة أمتنا المتعطشة للعدالة والقانون والديمقراطية”، “الحكومة يمكنها أن تنتزع حق أي إنسان وأن تأكل حقوق العباد وتستولي على ممتلكاتهم بلا تردد أو خجل”. أهمية القرار أنه يمنع الأخير من الترشح للانتخابات الرئاسية في تركيا التي تشترط وفق الدستور أن يكون المرشح حاصل على “مؤهل عال”، جدير بالذكر أنه خلال الحملة الانتخابية لعام 2023 أثيرت تلك الاتهاكات بشكل غير رسمي بحق “أردوغان” حيث شكتت المعارضة في حصوله على مؤهل عال، يذكر أن “إمام أوغلو” انتقل من جامعة “جيرنا” الامريكية الخاصة بقبرص إلى جامعة إسطنبول الحكومية، والجامعة الخاصة لم تكن معتمدة في ذلك الوقت من جانب مجلس التعليم العالي التركي، وقد نشرت بلدية إسطنبول الشهادة الجامعية “لإمام أوغلو” من كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول لتأكيد صحتها.
– تم اعتقال عمدة إسطنبول “أكرم أمام أوغلو” صباح يوم 19 مارس 2025 من منزله بقوة شرطية كبيرة وسط إجراءات أمنية مشددة، وكذلك اعتقل معه 99 شخصًا من العاملين بالبلدية وفريق عمله منهم مستشاره الإعلامي “مراد أونغون، ومستشاره السياسي نجاتي أوزكان، ورئيس بلدية منطقة شيشلي “رسول إمره شاهان”، ورئيس بلدية منطقة “بيليك دوزو” “محمد مراد تشالك”، ورجل الأعمال “علي نوح أوغلو” أثناء محاولته الفرار وبحوزته 40 مليون ليرة تركية، واتهم بنقل 3 “فيلات سكنية” بقيمة 50 مليون دولار إلى “إمام أوغلو” مقابل 15 مليون ليرة، عبر شركته “غوللوجه للزراعة والصناعة”، قبل تحويلها “لشركة إمام أوغلو للإنشاءات”، وأعلنت وزارة الداخلية التركية في 23 مارس 2025، أنها علّقت عمل “أكرم إمام أوغلو” رئيس بلدية إسطنبول بعد أن قضت محكمة بسجنه بإطار تحقيق في قضايا فساد.
– استجوبت الشرطة “أكرم أمام أوغلو” رئيس البلدية المتهم بـ”الفساد” و”الإرهاب” لمدة خمس ساعات يوم 22 مارس 2025 ثم مثل أمام المدعي العام، الذي قرر سجنه، وقد نفى “أكرم إمام أوغلو” خلال التحقيق معه كافة تهم الإرهاب الموجهة إليه، وعدها “افتراءات لا يمكن تصورها”، وأوضح “من الضروري أن تتخلص بلادنا في أسرع وقت ممكن من هذه العقلية”، ثم صدر صباح يوم 23 مارس 2025، حكم قضائي من محكمة تركية بسجن “أكرم إمام أوغلو”، في قضية تتعلق بالفساد، بينما تم إخلاء سبيله في قضية أخرى مرتبطة بتهم تتعلق بالإرهاب. وقد تم سجن “أوغلو” الذي صدر أمر باحتجازه على ذمة محاكمة بتهم فساد إلى “سجن مرمرة” قرب منطقة “سيليفري” بإسطنبول.
جدير بالذكر، أنه تم استدعاء “إمام أوغلو” للإدلاء بإفادته في 26 فبراير 2025 ضمن نطاق الجرائم المنصوص عليها في المادة 204 من القانون الجنائي التركي بشأن “التزوير في مستند رسمي”، ويعد هذا سادس تحقيق ضد “إمام أوغلو” منذ انتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول للمرة الأولى في مارس 2019، والثالث خلال أقل من شهرين، ومن المقرر أن يمثل “إمام أوغلو” أمام المحكمة مرتين في 11 أبريل المقبل، للتحقيق معه بتهمة “إهانة موظف عام واستهداف أشخاص يقومون بواجباتهم في مكافحة الإرهاب”، ومخالفات وفساد في المناقصات في أثناء فترة رئاسته لبلدية “بيلك دوزو” التابعة لمدينة إسطنبول قبل توليه رئاسة بلدية المدينة، وسبق أن حكم عليه بالسجن سبغ سنوات في قضية أخرى تتعلق بإهانته لأعضاء المجلس الأعلى للانتخابات، بيد أنه ينتظر الاستئناف، وحال تمت إدانته في كافة تلك القضايا فإنه سيتم سجنه وعزله من منصبه كعمدة لاسطنبول وحظر نشاطه السياسي الذي سيترتب عليه منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028.
ب- تعدد الاتهامات “لأمام أوغلو”:
تم توجيه عدد من الإتهامات “لإمام أوغلو”، منها توجيه اتهام “بتقديم الدعم لتنظيم إرهابي مسلح” (يقصد به حزب العمال الكردستاني) عبر مشروع “التوافق المدني”، حيث تشير لائحة الادعاء إلى أن المتهمين تورطوا في إدراج عناصر محسوبة على “مؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردي” بمناصب حساسة داخل بلدية إسطنبول، شملت لائحة الاتهام سجلات اتصال هاتفية تؤكد تواصل “إمام أوغلو” مع 138 شخصًا لهم سوابق بقضايا إرهابية، كما وجهت “لإمام أوغلو” اتهامات متعلقة بالفساد خلال فترة رئاسته لبلدية إسطنبول الكبرى، حيث تؤكد التحقيقات إلى وجود مخالفات مالية وإدارية جسيمة تتعلق بعمليات المناقصات العامة، والتمويل غير المشروع، واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية، وتم الكشف عن عمليات فساد ممنهجة تضمنت منح عقود حكومية بشكل غير قانوني، والتلاعب في آليات تقديم العطاءات، واستلام رشى وعمولات مقابل تسهيل الحصول على المشاريع العامة، وكشفت التحقيقات عن تلقي “أمام أوغلو” بعض الممتلكات والعقارات من رجال أعمال متعاونين معه، منهم مدير الإعلام في بلدية إسطنبول “مراد أونغون”ـ وتم توقيف رئيس بلدية منطقة “بيليك دوزو” بإسطنبول “محمد مراد تشالك” بتهم الانضمام لمنظمة إجرامية، وكذلك اعتقل رئيس بلدية منطقة شيشلي “رسول إمراه شاهان”، بتهمة تقديم الدعم لتنظيم إرهابي مسـلح، وتم إصدار أمراً بالحجز على أصول رئيس مجلس إدارة شركة (IMM Media Inc) “مراد أونغون” (وهو مقرب من امام أوغلو).
وقد رفض ونفى “أكرم إمام أوغلو” جميع التهم الموجهة إليه، ووصفها بأنها “مفبركة وغير المستندة إلى أدلة حقيقية”، وأكد أن طبيعة عمله كرئيس بلدية تجعله على تواصل مستمر مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، وهذا لا يعد اتهام أو جريمة، وأكد أن جميع الإجراءات المالية والإدارية التي اتخذها خلال فترة ولايته تمت وفق القوانين واللوائح المتبعة.
ونشر “أكرم إمام أوغلو” عدد من الرسائل على موقع التواصل الاجتماعي (اكس) عقب اعتقاله وسجنه، جاء فيها “الاتهامات افتراءات غير معقولة، معاً سنتصدى لتلك الضربة وتلك الوصمة السوداء في ديمقراطيتنا، أقف بشموخ ولن أركع”، “أثق في القضاء التركي الأعلى، لا يمكنكم ولا يجب أن تبقوا صامتين، وأقول لجميع السياسيين في حزب العدالة والتنمية وفي التحالف الحاكم، لقد تجاوزت هذه الأحداث أحزابنا ومبادئنا السياسية. فالعملية الآن تتعلق بأمتنا، وخاصة عائلاتكم”، ووجه رسالة “لأردوغان”، قال فيها “لا فائدة من استعجال خوفك، فأنت سُتهزم بطريقة أو بأخرى، أدعو 86 مليون مواطن للنزول إلى الشوارع وإعلان نضالهم لأجل الديمقراطية والعدالة أمام العالم بأسره”، ودعا “أردوغان” لتبرير الثروة التي يمتلكها حاليا.
جدير بالذكر، أن “أكرم إمام أوغلو” (54 عام) ينحدر من مدينة طرابزون بالبحر الأسود. وهو ابن عائلة من المطورين العقاريين، وهو عمدة إسطنبول عن حزب الشعب الجمهوري المعارض ذي التوجهات “العلمانية الديمقراطية الاجتماعية”، وينتمي لتيار “يمين الوسط”، وقد ذاع صيته بعد فوزه بالانتخابات البلدية عن إسطنبول عامي (2019-2024)، وأدى ذلك لانتزاع المعارضة أكبر البلديات التركية (إسطنبول 16 مليون نسمة) من الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” بعد سيطرته عليها لمدة عقدين، كما ارتفعت شعبية “أمام أوغلو”، وصنفته استطلاعات الرأي بأنه منافس محتمل في انتخابات الرئاسية التركية المقبلة عام 2028، كما أبدى رغبته في الترشح بالفعل ولذا أطلق حملته الانتخابية للانتخابات التمهيدية لحزب الشعب الجمهوري يوم 9 مارس 2025، وتعهد بإنهاء حكم “أردوغان” وإستعادة الديمقراطية وأكد “أن زمن أردوغان قد انتهى”، واتهم الحكومة التركية باستخدام التضييق السياسي ومصادرة الأصول لترهيب المعارضة، وسط تكهنات بشأن انتخابات مبكرة في تركيا، ويوصف “امام أوغلو” بأنه المرشح المعارض المحتمل ضد “أردوغان” في الانتخابات الرئاسية عام 2028.
2-ردود الأفعال الداخلية:
أ- حزب الشعب الجمهوري المعارض:
اتخذ حزب الشعب الجمهوري المعارض مواقف متعددة على الصعيد الرسمي والميداني للتضامن مع “أمام أوغلو”، وهذا الزخم في حركة الحزب كان له أثره في استمرار تصاعد الأزمة منذ 19 مارس حتى اليوم، منها:
-غداة اعتقال “أوغلو” هتف نواب الشعب الجمهوري ضد “أردوغان” في البرلمان، ورددوا هتافات ضد الحكومة، وقطعت قناة البرلمان التركي التلفزيونية البث، وتم تعليق الجلسة في البرلمان، وأدان نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري “علي ماهر باشارير” اعتقال أكرم إمام أوغلو، وأكد أن “أردوغان سيرحل بطغيانه وأن ما حدث كان انقلابًا”، وتم تنظيم المظاهرات جرت في أكثر من 12 مدينة رئيسية منها إسطنبول، كبرى المدن التركية، والعاصمة أنقرة معقل حزب الشعب الجمهوري.
-نظمت عشرات الاحتجاجات في إسطنبول وأنقرة وأزمير وطرابزون، نظمت التظاهرات تحت شعار “تركيا تنتفض”، ومنذ اعتقال “أكرم أمام أوغلو” في 19 مارس 2025 اعتصم أنصاره وأعضاء حزبه “الشعب الجمهوري” أمام مبنى البلدية في إسطنبول، وتم فض هذا الاعتصام من قبل الحزب يوم 26 من الشهر ذاته، وحدثت صدامات بين الشرطة التركية ومتظاهرين في إسطنبول وإزمير، وكان الاحتجاج الرئيسي في حديقة ساراتشاني في إسطنبول أمام مبنى بلدية إسطنبول، وهتف المتظاهرين “استقيلي يا حكومة”.
-أعلن حزب “الشعب الجمهوري” يوم 24 مارس 2025 عن ترشّيَح عمدة بلديةإسطنبول المسجون “أكرم إمام أوغلو” رسمياً للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في عام 2028، بعد فوزه بالانتخابات التمهيدية للحزب، وذلك بعد تنظيم الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة يوم 23 مارس 2025، رغم اعتقال المرشح الوحيد فيها وهو عمدة اسطنبول “”أكرم أمام أوغلو” وقد فاز بها وحصل على 13 مليون صوت من أصل 15 مليون صوت مسجلين مما يؤكد تضامن كبير معه، وامتنع عمدة أنقرة “منصور يافاش” عن الترشح لها، وأصبح رسميا مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض ثاني أكبر الأحزاب التركية لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في يونيو 2028، هذا في ظل مطالبات مستمرة من أحزاب المعارضة وأبرزها الشعب الجمهوري بإجراء انتخابات مبكرة.
-رئيس حزب الشعب الجمهوري “أوزغور أوزال” أكد في تعليقه على القرار أن “السيد أكرم ليس الجاني هنا، لكن الإجراء المتخذ سياسي وليس قانونياً، سنقدم أوضح رد سياسي على هذه العملية السياسية، نحن ندعم أكرم إمام أوغلو”، ووصف الاعتقال بأنه “محاولة انقلاب ضد رئيسنا القادم”، كما قام يوم 25 مارس 2025، بزيارة “أكرم إمام أوغلو” بسجنه وكذلك زار رئيسَي بلديتَي شيشلي وبيلك دوزو “رسول إمراه شاهان” و”مراد تشاليك” على التوالي، تعهد باستمرار “الاحتجاجات وتوسيع نطاقها، وستكون هناك مفاجأة لإردوغان في عيد الفطر”، ودعا رئيس حزب الشعب الجمهوري “أوزيل” لمقاطعة 11 علامة تجارية لوسائل إعلام وشركات معروفة بقربها من الحكومة التركية، وحال تم الاستجابة لدعوته فإن ذلك سيؤدي لخسائر لتلك الشركات والاقتصاد التركي.
-رئيس بلدية أنقرة “منصور يافاش” أشار إلي أن “يجب على كل من يدافع عن سيادة القانون والديمقراطية وإرادة الشعب في هذا البلد أن يعلم أن هذه المحاولات ضد رئيس بلدية منتخب غير مقبولة، سبب الاحتجاز غير معروف، ما دلالة الإسراع اليوم في القبض على رئيس بلدية سبق أن ذهب إلى المحكمة وأدلى بشهادته؟”، ثم أوضح أنه “لا أحد فوق القانون، كل واحد يمكن أن يحاكم، يذهب إلى المحكمة ويحاكم ويعاقب إن كان قد ارتكب جريمة”.
-عمدة بلدية طرابزون السابق ونائب حزب الشعب الجمهوري “فولكان جانالي أوغلو” أوضح في كلمته أن “الذين وصلوا إلى السلطة قائلين (كفى، الكلمة ملك للأمة) نسوا للأسف مقولة (السيادة ملك للأمة دون قيد أو شرط) أثناء وصولهم إلى السلطة وتصرفوا كما لو أنهم استولوا على السلطة بطريقة استبدادية وأوصلوا بلدنا إلى ما نحن عليه، اليوم الوحدة والتضامن وتحت قيادة عزيزي أكرم إمام أوغلو، سنقول لهم (كفى، الكلمة ملك للأمة!)” في إِشارة الى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”
– النائب عن حزب “الشعب الجمهوري” المعارض “يوكسل تاسكين” أكد أن “ثمة غضب عارم. الناس يخرجون إلى الشوارع بشكل تلقائي. لأول مرة يهتم بعض الشباب بالسياسة”.
– نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري “إلهان أوزغل” أكد أن “القضية تكمن في معرفة ما إذا تركيا ستعيش في ظل نظام استبدادي أم ستصبح دولة ديموقراطية”.
جدير بالذكر أن مجلس بلدية إسطنبول اجتمع يوم 26 مارس 2025 لإنتخاب نائبا لعمدة إسطنبول ليتولى منصب القائم بالأعمال بدلا من “أكرم أمام أوغلو”، وتم انتخاب مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض “نوري أصلان” (56عام)، وقد سارع “أوزيل” بدعوة المجلس للانعقاد لتجنب تعيين الحكومة التركية “وصي” على بلدية إسطنبول الكبرى كما تفعل مع رؤساء البلديات الأكراد الذيم يتم سجنهم.
ب- أحزاب المعارضة التركية:
كان هناك تضامن من كافة أحزاب المعارضة التركية على اختلاف ايديوجياتها وانتمائها وتياراتها السياسية، مع “أمام أوغلو”، كما يلي:
– رئيس حزب “الجيد” (القومي) “مساوات درويش أوغلو” “إلغاء شهادة إمام أوغلو، ممارسة تتجاوز بكثير القضاء على منافس سياسي، أدعو أولئك الذين يعتقدون أنهم يحكمون تركيا إلى تحمل المسؤولية، وألا يتسببوا في ضرر للبلاد”
-رئيس حزب “الديمقراطية والتقدم” (الاسلامي) “علي باباجان” أكد أن “ما تعيشه تركيا اليوم لا يختلف عما شهدناه سابقًا من محاولات انقلابية، سواء كانت ظاهرة في السياسة أو نفذتها جهات وصاية مختلفة، حتى وإن لم تكن بيد الجيش”
-رئيس حزب “الرفاه من جديد” (الاسلامي) “فاتح أربكان” أوضح أنه “ليس من العدل، ولا من الصواب، أن تفرضوا على الآخرين الظلم الذي تعرضتم له في الماضي، وبصورة أشد، هذا النهج الذي يسحق السياسة والعدالة معاً، هو خلاصة تصفية دولة القانون والانتقال إلى دولة القضاة والمدعين العامين”.
-رئيس حزب النصر المعتقل (قومي) “أوميت أوزداغ” كتب من سجنه “أولئك الذين اعتقلوني بشكل غير قانوني ولم يُعدّوا لائحة اتهامي منذ 58 يومًا، قاموا اليوم مرة أخرى بالانتهاك القانوني نفسه باحتجاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو”.
-الرئيس التركي السابق “عبد الله جول”: “دعونا نتذكر كيف لم يتقبل الضمير العام الظلم الذي لحق بالرئيس رجب طيب إردوغان وبشخصي. لا ينبغي أن تُرتكب أخطاء مماثلة بحق أكرم إمام أوغلو، الذي انتُخب رئيساً للبلدية بإرادة الشعب، لا ينبغي أن نفقد سيادة القانون والعدالة، وإلا ستخسر تركيا، من المحزن حقاً أن نصل إلى هذه العملية، التي حظيت بتغطية واسعة، داخل تركيا وفي الصحافة الأجنبية، بينما كانت البلاد تتقدم بخطوات ناجحة على الصعيد الداخلي وفي السياسة الخارجية وفي علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي”.
-وزير التعليم الأسبق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية “حسين تشيليك” “لا ينبغي أن ننسى أن حزب العدالة والتنمية وصل إلى السلطة عبر مسارات مماثلة، لا يُمكنك العبث بإرادة الشعب”.
-نائب حزب العدالة والتنمية السابق في إزمير “حسين كوجابيك” وجه حديثه “لأردوغان” “هل هذا هو أصلك؟ هل حاربنا من أجل هذا؟ هل جررنا أنفسنا إلى المحاكم لسنوات بسببه؟ في الواقع، دبرت انقلاباً ضد نفسك وأنت لا تدري!” ونتيجة هذا الانتقاد، أُحيل “كوجابيك” إلى لجنة التأديب بالحزب، مع طلب فصله.
– المرشح الرئاسي التركي السابق رئيس حزب المملكة (القومي) “محرم إنجه” “الحكومة تظن أنها نجحت في تنفيذ ما تريده باستغلال القضاء، بعد فشلها في صناديق الاقتراع”.
-دعا نائب حزب “المساواة وديموقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد “إبراهيم أكين” لتوحيد المعارضة لمواجهة الأزمة.
– أعلن 337 كاتب وأكاديمي ومتطوع بالمجتمع المدني دعوة لجميع أطياف المجتمع من أجل الاتحاد ضمن “تحالف الديمقراطية” لمواجهة القمع الأمني ورفض تسييس القضاء، وذلك عقب حبس “أكرم إمام أوغلو”.
ج- ردود الفعل الرسمية:
-غداة اعتقال “أمام أوغلو” أوضح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” (71 عاما) “أن الحكومة ليس لديها وقت للمشاحنات مع المعارضة، لأنها مشغولة بحل مشكلات البلاد”، ثم أشار إلى أن الاحتجاجات على احتجاز رئيس بلدية إسطنبول بأنها تحوّلت “لحركة عنف”، وأكد “لن نقبل الإخلال بالنظام العام. وكما لم نذعن قط للإرهاب في الشوارع، فلن نستسلم للتخريب، النزول إلى الشوارع طريق مسدود، لن نخضع لإرهاب الشارع”، ووصف المتظاهرين “أولئك الذين ينشرون الرعب في الشوارع ويريدون إشعال النار في هذا البلد ليس لديهم مكان يذهبون إليه. الطريق الذي سلكوه هو طريق مسدود”.
-أعلن وزير الداخلية التركي “علي يرلي كايا” أنه تم تحديد 261 حسابا مشبوها متورطا في نشر محتوى تحريضي على وسائل التواصل الاجتماعي، وكشفت تقارير تركية أن (شركة X) منصة التواصل الاجتماعي بدأت في تعليق وإغلاق بعض حسابات الشخصيات المعارضة في تركيا بعد اعتقال “أكرم إمام أوغلو”، جدير بالذكر أن قانون وسائل التواصل الاجتماعي، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2022، يمنح الحكومة التركية سيطرة واسعة على المحتوى بمنصات التواصل الاجتماعي.
-وزير العدل التركي “يلماظ تونش” أكد “أن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في إسطنبول، “تأتي في إطار القانون، ومن الخطير وغير الصحيح محاولة تحريف التحقيقات التي تقوم بها السلطة القضائية المستقلة باستخدام تعبيرات مثل الانقلاب يجب احترام القرارات التي يصدرها القضاء المستقل”، وأضاف أنه “تم إصدار قرارات توقيف بحق 106 مشتبهين، بينهم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، في إطار تحقيقين تجريهما النيابة العامة بإسطنبول وتم توقيف 100 شخص، بتهم فساد مالي”.
3- ردود الفعل الخارجية:
حظى قضية اعتقال عمدة إسطنبول “أكرم أمام أوغلو”، باهتمام دولي رسمي وإعلامي كبير نظرا لعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورغبتها في الاتضمام للاتحاد الأوروبي، وقد تم تنظيم عدد من التظاهرات خارج تركيا للتضامن مع “أمام أوغلو”، حيث تجمعت الجالية التركية يوم 25 مارس 2025 أمام القنصلية العامة التركية في لوس أنجلوس للاحتجاج على اعتقال “أكرم إمام أوغلو”، ورفعوا لافتات معارضة “لأردوغان”، وخرج مئات الأشخاص إلى العاصمة الألمانية برلين للاحتجاج على اعتقاله، كما يلي:
– حظي خبر اعتقال وسجن “أكرم إمام أوغلو” باهتمام الصحافة العالمية وتم تغطيته ومتابعته في (لوموند الفرنسية، هيئة الإذاعة البريطانية، الغارديان البريطانية، أسوشيتد برس، سي إن إن، رويترز، دويتشه فيله الألمانية، صحيفة لاكروا الفرنسية، ليبراسيون الفرنسية، مونت كارلو الدولية)، وأجمعت تلك المواقع والصحف الدولية على أن قرار سجنه “مسيس” ويهدد الديمقراطية في تركيا ويحولها لحكم شمولي مستبد وحذر من اتساع دائرة الاحتجاجات والتأثيرات السلبية على الاقتصاد التركي.
– طالبت الأمم المتحدة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين بسبب ممارستهم حقوقهم المشروعة في التظاهر والتعبير، مؤكدة على ضرورة أن يحظى أي متهم بمحاكمة عادلة تتضمن حقه في الدفاع عن نفسه وتوكيل محامٍ من اختياره، وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء لجوء تركيا إلى الاعتقالات الجماعية وفرض حظر شامل غير القانوني على الاحتجاجات، وحثت أنقرة على التحقيق في أي استخدام غير قانوني للقوة.
-أصدر مؤتمر السلطات المحلية والإقليمية في مجلس أوروبا يوم 23 مارس 2025 بيان يدين فيه سجن عمدة بلدية إسطنبول الكبرى “أكرم إمام أوغلو” في إطار التحقيق في قضية “الفساد” لأنه “اعتداء على الديمقراطية”.
-أدان رؤساء بلديات عدد من العواصم والمدن الأوروبية الكبرى (أمستردام، باريس، ميلانو، برشلونة، روما، هلسنكي، غنت، أوتريخت، وبروكسل) توقيف “أكرم إمام أوغلو”، وصدر عنهم بيان مشترك أوضح “ندين بشدة حبسه التعسّفي ونعرب عن قلقنا العميق إزاء هذا الوضع والانتهاكات المتكررة للحقوق الأساسية والحريات البلدية في تركيا”، وطلبوا “بالإفراج الفوري” عن رئيس بلدية إسطنبول و”إسقاط كل الإجراءات القانونية” و”وقف الضغوط السياسية” عليه.
– المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية “كريستوف لوموان” “إن الاعتقال من المرجح أن تكون له عواقب وخيمة على الديمقراطية التركية”.
-المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية “سيباستيان فيشر” “الاعتقالات التركية هي انتكاسة خطيرة للديمقراطية”، ووصف المستشار الألماني “أولاف شولتز” اعتقال “أكرم إمام أوغلو” بأنه “مؤشر على تراجع الديمقراطية في تركيا، ويضر بالعلاقات التركية الأوروبية”، وأوضحت وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بيربوك” أن سعي تركيا لتصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي أصبح أكثر صعوبةً؛ بسبب الإجراءات المتعلقة برئيس بلدية إسطنبول الموقوف.
-أدان مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا “ناتشو سانشيز أمور” اعتقال عمدة إسطنبول و100 شخص معه وحذر من أن “تركيا تتحرك بسرعة نحو دولة استبدادية كاملة”.
-رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” “ثمة قلق عميق إزاء ما يحدث في تركيا، ويجب احترام الحقوق الديمقراطية، خاصة حقوق المسؤولين المنتخبين، نريد لتركيا أن تبقى مرتبطة بأوروبا، لكن ذلك يتطلب التزامًا واضحًا بالقيم الديمقراطية”.
-عضو البرلمان الأوروبي الهولندي “مالك عزماني” “اعتقال إمام أوغلو محاولة سياسية لضرب المعارضة، وهذه الأعمال المناهضة للديمقراطية غير مقبولة، خصوصًا لدولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.
-أعرب رئيس بلدية أثينا “هاريس دوكاس” عن تضامنه مع “إمام أوغلو” وعد اعتقاله “هجوم مباشر على الديمقراطية”ـ واليونان أعلنت في 24 مارس 2025 أنها تستبعد عقد اجتماع رفيع المستوى قريباً مع تركيا بعد سجن “إمام أوغلو”، لأن “الوضع في تركيا مُقلق، واليونان تُراقبه ومتمسكة بموقفها الرافض لما وصفته بالتنازلات على حساب سيادة القانون والحريات السياسية”.
-منظمة “هيومن رايتس ووتش” وصفت الاعتقالات التركية الأخيرة بأنها “انتهاك صارخ تأتي ضمن نمط من التحقيقات ذات الدوافع السياسية الهادفة للقضاء على المعارضة”.
-وصفت منظمة “مراسلون بلا حدود” المدافعة عن حرية الإعلام الاعتقالات بحق الصحفيين والمتظاهرين بأنها “فاضحة وتعكس وضعا خطيرا للغاية في تركيا”.
– تحالف الديمقراطيين الأوروبيين ندد بحجب وسائل التواصل الاجتماعي، وإغلاق محطات المترو، ومنع الاحتجاجات، لأنها أساليب الأنظمة الاستبدادية، و”أوروبا لا يمكنها أن تبقى صامتة حيال ذلك” .
-خلال اجتماع وزير الخارجية الأمريكي “ماركو روبيو” يوم 25 مارس 2025 بنظيره التركي ” هقان فيدان” بواشنطن، أعرب عن تخوفه من تصاعد الاحتجاجات في تركيا .
-أصدرت وزارة الخارجية البريطانية يوم 26 مارس 2025 تحذيرا لرعاياها الموجودين داخل تركيا ومن يخططون للسفر إليها، عقب استمرار الاحتجاجات التي انتشرت في أرجاء تركيا عقب حبس عمدة بلدية إسطنبول “أكرم إمام أوغلو”، وحال تكررت تلك التحذيرات من السفر لتركيا فإن موسم السياحة في صيف 2025 سيتراجع مما يعود على الاقتصاد التركي سلبا.
هذا الزخم والاهتمام الدولي الأوروبي الأمريكي باعتقال “أكرم أوغلو” سيكون محل تقدير حال تم اتخاذ موقف حاسم من أنقرة مثل “فرض عقوبات” نتيجة قمع التظاهرات أو منع أنقرة من المشاركة بالمنظمات الدولية كما يحدث مع دول آخرى تشهد مثل تلك الحالة، بيد أن ذلك ربما لا يحدث للحفاظ على العلاقات مع تركيا وستكتفي الدول الغربية ببيانات التنديد فقط.
ثانيا: دلالات وتداعيات الأزمة:
1-مشاهدات على الداخل التركي:
تعد أزمة اعتقال عمدة إسطنبول من أكثر الأزمات الداخلية التي ستعيد ترتيب المشهد السياسي التركي خلال المرحلة المقبلة التي ستسبق الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028، وأصبح من المرجح بقوة أن تعقد انتخابات مبكرة عام 2027 وربما قبل ذلك، وذلك وفق الترتيبات التي سيقوم بها “أردوغان”، وهناك عدد من المشاهدات على الداخل التركي خلال الأيام الماضية ومنها:
-تشهد تركيا منذ إعتقال “أمام أوغلو” يوم 19 مارس 2025، تظاهرات متزايدة خرجت في أكثر من 50 محافظة من أصل 81، والأبرز أنها حدثت في معاقل حزب العدالة والتنمية الحاكم، مثل قونية وطرابزون وريز رغم حظر السلطات التجمعات والانتشار الكثيف للشرطة.
-شارك الشباب بكثافة في هذه التظاهرات وكان بعضهم من الطلاب الذين يوصفون بأنهم لا يهتمون عادة بالسياسة، وتعد تلك أكبر تظاهرات بتركيا منذ احتجاجات “غيزي” “بميدان تقسيم” بإسطنبول عام 2013، وحملوا لافتات مكتوب عليها “نحن أبناء اللصوص الذين كبروا”، في إشارة لاحتجاجات “ميدان تقسيم” التي شهدتها إسطنبول عام 2013، ووصف آنذاك “أردوغان” عندما كان رئيس للوزراء أن “المتظاهرين لصوص”، مما يؤكد أن نسبة كبيرة منهم ستكون ضد “أردوغان” في أي استحقاق انتخابي مقبل.
-التزم “إمام أوغلو” بكافة التعليمات الشرطية ولم يعترض عليها وأصر على نفي كافة التهم الموجهة له، كما أنه حرص على توجيه خطاب “قومي إسلامي” موجه لأنصار حزبه العلماني “الشعب الجمهوري” والأحزاب الإسلامية حيث كتب “أكرم أوغلو” أكثر من مرة على موقع (اكس)، “مئات عناصر الشرطة وصلوا إلى منزلي. أسلّم نفسي إلى الله ثم للشعب”، “نسلم انفسنا لله، نثق في عدالة الله، سنحاسب الظالمين في الآخرة”، والكثير من هذه الجمل والعبارات التي تؤكد إيمانه بتحقيق العدالة.
-انتقد “أردوغان” بحدة التظاهرات ووصف المتظاهربن بأنهم “إرهابي الشوارع”، ورغم هذا سمح لهم بالتظاهر دون الحصول على أذن مسبق، ليحقق هدفين الأول يؤكد للدول الأوروبية التي انتقدت اعتقال “أكرم أوغلو” بأنه يسمح بالتظاهر كجزء من الممارسات الديمقراطية، وكذلك لإلقاء القبض على المتظاهرين ومثيري الشغب.
-أزمة اعتقال “أمام أوغلو” حولته “لرمز سياسي معارض” حتى حال تم إثبات صحة الاتهامات الموجه له، فإن طريقة اعتقاله التي أظهرت “استعراض قوة” من الحكومة التركية ضده، وتوقيت اعتقاله الذي يسبق انتخابه من قبل حزبه كمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وفي ظل ارتفاع شعبية المعارضة مقابل تراجع شعبية الحزب الحاكم و”أردوغان”، تثير الشبهات حول مدى “إستقلالية” القضاء التركي وفرض نفوذ سياسي عليه، لاسيما وأن الادعاء التركي العام قد تجاهل النظر في 100 شكوى فساد تقدم بها رئيس بلدية أنقرة “منصور يافاش” المعارض ضد سلفه “مليح جوكتشيك” عضو حزب “العدالة والتنمية”.
– أحال حزب “العدالة والتنمية” نائبه السابق “حسين كوجابييك” إلى لجنة الانضباط وطلب فصله النهائي من الحزب، عقب انتقاده العلني لاعتقال “أكرم إمام أوغلو”، مما يدل على وجود خلاف داخل الحزب الحاكم حول قضية عمدة أسطنبول، وتؤكد رفض الحزب لأي انتقاد داخلي يطعن في سياساته أو قرارات قيادته، وهو ما يتعارض مع أي مبادئ ديمقراطية.
ولذا نجد أن قضية اعتقال “أمام أوغلو” ستكون “نقطة تحول” في المشهد السياسي التركي الداخلي، حيث يسعى “أردوغان” للقضاء على المعارضة تماما والسيطرة على جميع وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة لصالحه، وهو ما سيحول تركيا من حكم ديمقراطي متعدد لحكم شمولي مستبد، وهذا سيكون له العديد من التداعيات على الداخل والخارج وربما لن يتمكن “أردوغان” من إدارة الأزمة الحالية والوصول لهدفه حال استمرت التظاهرات والانتقادات الخارجية له.
2-دوافع “أردوغان” من الأزمة:
من المسلم به أن القضاء التركي قد حصل على “موافقة ضمنية” من “أردوغان” قبل البدء في إجراءات اعتقال “أمام أوغلو” نظرا للتداعيات المصاحبه لذلك، وثمة عدد من الدوافع التي حثت “أردوغان” لإثارة قضية الاعتقال بهذا التوقيت، حيث إن اعتقال “أمام أوغلو” هو جزء من مرحلة “ترتيب الداخل التركي” قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة بتركيا، التي يسعى “أردوغان للترشح فيها للمرة الثالية، ومن تلك الدوافع ما يلي:
– هيكلة الحزب الحاكم: عقد في 23 فبراير 2025، فعاليات المؤتمر العام الثامن لحزب العدالة والتنمية التركي، وانتهى بانتخاب “رجب طيب أردوغان” رئيساً للحزب لدورة جديدة وللمرة التاسعة على التوالي، بعدما حصل على 1547 صوتاً من إجمالي 1607 مندوبين عن الولايات التركية الــ81، وشهد المؤتمر تغييرات لافتة في هيكلة الحزب؛ إذ ضمت لجنة القرار المركزي والإدارة، التي تعد أعلى هيئة اتخاذ قرار في الحزب، 39 عضو جديد من إجمالي 75 عضو، وتأتي هذه التعديلات للإعداد لرغبة “أردوغان” في تعديل الدستور ليسمح له بالترشح للرئاسة للمرة الثالثة.
-إضعاف المعارضين: يعمل الحزب الحاكم بتركيا على إضعاف أحزاب المعارضة خاصة حزب “الشعب الجمهوري” بعد ارتفاع شعبيته، عبر الملاحقات القضائية المستمرة ضدها والتي وصفها “أوزل” بأنها “إعلان حرب” من جانب الحزب الحاكم ضد حزبه، واتهم المدعي العام لإسطنبول بأنه يتحرك في القضايا “بدوافع سياسية” مطالباً مدعي العموم والقضاة في تركيا بالاحتكام إلى ضمائرهم.
– الترشح للرئاسة وتعديل الدستور: ألمح “أردوغان” لرغبته في الترشح لولاية رئاسية رابعة، خلال الاجتماع الدوري الثامن لشعبة حزب “العدالة والتنمية” بمنتصف يناير الحالي بمدينة “شانلي أورفة”، بيد أن ذلك يتطلب تعديلات دستورية لأن الدستور الحالي لا يسمح له بالترشح بعد توليه الرئاسة لفترتين، وقد أعلن الحزب أنه سيعمل على تمهيد الطريق لترشيحه، بينما دعا حزب “الشعب الجمهوري” المعارضة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بأسرع وقت، وهو ما رفضه “أردوغان”.
– إقصاء المنافسين المحتملين: بناء على ما سبق يعمل “أردوغان” على إقصاء كافة منافسيه المحتملين بالانتخابات الرئاسية المقبلة حال تم إجرائها بموعدها عام 2028 أو تم تمت قبل ذلك، ومن بينهم رئيس بلدية إسطنبول “أكرم إمام أوغلو” ورئيس حزب الشعب الجمهوري “أوزال”، ورئيس بلدية أنقرة “منصور يافاش” ، ورؤساء الأحزاب ذات التوجهات المحافظة مثل رئيس حزب المستقبل إسلامية رئيس حزب المستقبل “أحمد داوود أوغلو” ورئيس حزب التقدم “على باباجان”، وذلك عبر ملاحقتهم قضائيا ومنعهم من العمل السياسي كما يحدث مع “أكرم أوغلو”.
3- تداعيات الأزمة:
رغم أن الأزمة السياسية الحالية في تركيا هي قضائية في الأساس إلا أن مسارها سيخضع لعدد من المتغيرات الإقليمية والدولية، وسيكون لها عدد من التداعيات التي سيطرت علي المشهد التركي الحالي وهي:
-تفاقم الأزمة الاقتصادية: تهدد الأزمة التقدم الاقتصادي الطفيف الذي حققته أنقرة مؤخرا، لأنه غداة اعتقال “أمام أوغلو” انهارت أسعار العملة التركية (الليرة) وتجاوز سعر صرف الدولار الواحد 42 ليرة لأول مرة في تاريخ تركيا، وبعد أسبوع من الأزمة بدأ المستثمرين يفقدون ثقتهم بالسوق التركية، وتزايدت مخاوف رؤوس الأموال المحلية، وانخفض مؤشر بورصة إسطنبول بنسبة تجاوزت 16% خلال أسبوع، مما أدى إلى خسائر بمليارات الدولارات. كما اضطرت البنوك التركية إلى اتخاذ تدابير طارئة لمواجهة تزايد المخاطر المالية، في حين حاول البنك المركزي التدخل عبر ضخ احتياطياته من النقد الأجنبي لتثبيت سعر الصرف، لكنه لم يتمكن من منع الانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية.
-توحيد المعارضة: يسعى حزب الشعب الجمهوري المعارض لتوظيف قضية اعتقال “أكرم أوغلو” لتصبح قضية قومية وليست حزبية ليجمع أكبر عدد م المعاطفين معها من كافة الأحزاب وليس من حزب الشعب او المعارضة فقط، فعلي سبيل المثال انتقد نائب بالحزب الحاكم اعتقال عمدة إسطنبول وتم فصله من الحزب، وهذا التوظيف حال استمر سيؤدي لاضعاف شعبية الحزب الحاكم، وربما تتم إعادة توحيد أحزاب المعارضة مرة أخرى كما حدث عام 2023 عبر إعادة احياء “تحالف الأمة” الذي تكون من ست أحزاب معارضة
-عرقلة التسوية الكردية: استمرار اعتقال “أمام أوغلو” سيؤدي لعرقلة التسوية السلمية للقضية الكردية في تركيا، لاسيما في ظل دعم حزب “المساواة وديموقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد لعمدة إسطنبول ورفضه اعتقاله ومشاركة مؤيديه بالتظاهرات، ويعد “الحزب ثالث أكبر حزب بالبرلمان التركي، والذي عقد وفد منه عدة لقاءات مع الزعيم الكردي المعتقل “عبد أوجلان” حتى أعلن دعوته لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح.
– اضطرابات أمنية وعنف سياسي: في حالة استمرار التظاهرات المعارضة بتركيا بكثافة وحدة كما هي منذ 19 مارس 2025، فإن هذا سيؤدي لحالة من العنف السياسي نتيجة لقمع الحكومة التركية للتظاهرات، وهو ما سيؤثر سلبا على حالة السلم والأمن المجتمعي بتركيا، ما ينذر بتصاعد الاحتقان السياسي بالمشهد التركي من خلال تحركات شعبية تقودها المعارضة، لاسيما في ظل تنظيم تظاهرات بإسطنبول وهو ما سينعكس سلبا على السلم والأمن المجتمعي بتركيا، وربما يؤثر على حركة السياحة والتدفقات الاستثمارية حال وقوع اشتباكات بين الطرفين، وهذا سينتج عنه اضطراب أمني وربما تشهد البلاد عمليات إرهابية وحالات عنف مستمرة مما سيؤثر سلبا على الموسم السياحي بصيف 2025، وعلى حالة الاقتصاد التركي ككل.
– إجراء انتخابات مبكرة: حال استمرت تظاهرات المعارضة ودعواتها لإجراء انتخابات مبكرة ربما يخضع “أردوغان” لتلك الضغوط ويدعو لانتخابات رئاسية مبكرة، ظنا منه بأنه سيفوز بها وسيؤكد شعبيته مرة آخرى.
ويمكن القول، أن الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها تركيا عقب اعتقال عمدة أسطنبول “أكرم إمام أوغلو” مازالت في بدايتها، وهناك العديد من السيناريوهات لها، بيد أنه من شبه المرجح أن يتم الحكم بسجنه نظرا لتعدد الاتهامات الموجه له وسيتم إقصاءه من الحياة السياسية كما حدث عام 2016 مع رئيس الحزب الكردي “صلاح الدين دميرطاش” المسجون حتى اليوم، وما تعول عليه المعارضة التركية من حدوث ضغط دولي على “أردوغان” للأفراج عنه ربما يكون “غير صحيح”، نظرا لعدد من المتغيرات الإقليمية منها .. هو تصاعد الدور التركي الإقليمي وحاجة أوروبا لأنقرة في تعزيز أمنها حال تم تفكيك حلف “الناتو” ومشاركة أنقرة بقوات حفظ سلام في أوكرانيا بعد اتفاق السلام المزمع عقده بين موسكو وكييف برعاية أمريكية، وكذلك سعى واشنطن لبسط هيمنة أنقرة على سوريا لمنع عودة حلفاء إيران أو النظام السابق لدمشق مرة آخرى، فضلا عن عدد من الملفات المتداخلة في (الشرق الأوسط، البلقان، آسيا الوسطى، شرق المتوسط، أفريقيا) التي تقوم أنقرة بإدارتها بموافقة أمريكية أوروبية حيث تعمل تركيا “كوكيل” للغرب في تلك الأقاليم في بعض الأحيان، وهذا المصالح الاستراتيجية ستحول دون حدوث ضغط غربي على أنقرة للعودة للمسار الديمقراطي.
خلاصة القول، أن “أردوغان” يعول على سياسة “النفس الطويل” ويراهن على أنه مع مرور الوقت ستتلاشي التظاهرات ويفتر حماس المتظاهرين، بينما يسعى حزب الشعب الجمهوري المعارض لأن يستمر في التظاهر وحشد كافة أحزاب المعارضة لصفه، وسيكون هذا هو محور التنافس بين الحزب الحاكم والمعارضة وسيحدد مصير كلا منهم، أما مصير “أكرم امام اوغلو” من المرجح أنه سيتم الحكم عليه بالسجن وسيمنع من الترشح للانتحابات الرئاسية المقبلة، كما يدرك “أردوغان” أهمية الدور الإقليمي التركي لواشنطن وبروكسل وموسكو ويعلم أنه لن يتم الضغط عليه بقوة للتراجع عن قراراته، بيد أنه من الواضح أن الرئيس التركي يمر بأزمة داخلية متصاعدة ستؤثر على مستقبله السياسي وموقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
Tags: احتجاحات اسطنبولاردوغاناعتقال عمدة اسطنبولتركيا