طهران- "بعد أن عجزت عن حجز تذكرة طيران عبر التطبيقات الإلكترونية، اضطررت إلى القيام بجولة على مكاتب السياحة والسفر بالعاصمة طهران لكن دون جدوى"، هكذا عبّر المواطن الإيراني محمد (41 عاما) عن معاناته مع نفاد تذاكر رحلات الطيران في بلاده.

ويوضح محمد للجزيرة نت أنه رغم الارتفاع المستمر منذ أكثر من عام في أسعار تذاكر الطيران، فإن الركاب الإيرانيين دأبوا على الحجز المبكر خشية نفاد التذاكر قبل أسابيع من موعد الرحلات، مضيفا أنه كثير السفر بين طهران والمحافظات الجنوبية بسبب نشاطه التجاري، لكنه يسافر منذ عام بسيارته الشخصية عندما يتعذر عليه اقتناص تذكرة طيران.

من جانبها، ترى المواطنة فريبا (26 عاما) -موظفة في أحد مكاتب السياحة والسفر القريبة من ساحة ونك شمالي طهران- أن سبب نفاد التذاكر في بلادها هو خروج مئات الطائرات من الخدمة، وأن عشرات أخريات في الأسطول الجوي الإيراني أوشكت على التقاعد بسبب تقادم عمرها، وتعذّر إعادة تأهيلها.

بعض الشركات وأصحاب التطبيقات يقومون بشراء تذاكر الرحلات الداخلية لبيعها بأسعار مرتفعة (الجزيرة) نفاد التذاكر

ومن ساحة ونك، رافقت الجزيرة نت المواطن الإيراني محمد إلى مطار مهر آباد الدولي (غربي طهران)، بحثا عن تذكرة ملغاة لكن دون جدوى، إذ اصطدم بطابور طويل ممن جاؤوا لشراء تذاكر اللحظة الأخيرة.

في غضون ذلك، أوضح للجزيرة نت أحد موظفي الخطوط الجوية الإيرانية (فضّل عدم الكشف عن هويته) أن السبب الرئيس وراء نفاد تذاكر الرحلات الداخلية خلال دقائق هو قيام بعض الشركات والتطبيقات بشراء جميع تذاكر الرحلة لبيعها بأسعار باهظة، مضيفا أن بعض الشركات تتعمد بيع تذاكر الرحلات الداخلية على مواقع عربية بالدولار.

وكانت المنظمة الإيرانية للطيران المدني قد حظرت الشهر الماضي بيع التذاكر بالدولار في الرحلات الداخلية، وحذّرت الشركات المحلية من بيعها على المواقع والتطبيقات الأجنبية.

يأتي ذلك في وقت نشرت فيه الصحافة الإيرانية تقارير عن تهالك الأسطول الجوي في إيران، وإلغاء عديد من الرحلات الداخلية أو تأخيرها عن مواعيد الإقلاع المعلنة، فضلا عن الارتفاع المتواصل في أسعار التذاكر عقب عملية تعويم التسعير (عدم تحديد سعر العملة وتركه للعرض والطلب) منذ أكثر من عام.


تعددت الأسباب

رسميا، تلقي طهران باللوم على الولايات المتحدة الأميركية لإعادتها فرض العقوبات على قطاعات النقل الجوي والبري والبحري في إيران، عقب انسحاب إدارة دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي، مما عرقل بيع الطائرات المدنية إلى الجمهورية الإسلامية، فضلا عن إحجام الأطراف الأجنبية عن توفير قطع الغيار اللازمة لتحديث الأسطول الجوي.

ويعزو المتحدث باسم هيئة الطيران المدني جعفر يازرلو المشكلات الطارئة في توفير تذاكر الرحلات الداخلية إلى زيادة الطلب والعقوبات الأجنبية وإقبال الإيرانيين على السفر عقب جائحة كورونا والأسعار المناسبة لتذاكر الطيران في البلاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال يازرلو إن الطيران الإيراني يشغّل حاليا أسطولا من 183 طائرة بعد خروج 150 من الخدمة (متوسط أعمارها 10 أعوام)، موضحا أن البلاد تحتاج فعليا إلى 550 طائرة.

المنظمة الإيرانية للطيران المدني حظرت الشهر الماضي بيع التذاكر بالدولار في الرحلات الداخلية (الجزيرة) العقوبات الأميركية

وأضاف يازرلو أن الشركات الغربية المصنعة للطائرات المدنية نقضت العقود الموقعة مع طهران لشراء مئات الطائرات عقب عودة العقوبات الأميركية.

وكانت الحكومة الإيرانية السابقة قد أبرمت عقودا لشراء 100 طائرة مدنية من شركة إيرباص الأوروبية، و80 أخرى من شركة بوينغ الأميركية، وعدد آخر من شركة "إيه تي آر" الفرنسية الإيطالية، إلا أن الشركات الغربية اعتذرت عن الوفاء بالتزاماتها إثر عودة العقوبات على طهران.

من جانبه، يقول رئيس هيئة الطيران المدني محمد محمدي بخش إن قطاع خدمات الملاحة الجوية يواجه "حربا غير متكافئة" بسبب العقوبات الأجنبية، وكشف عن أن 10 طائرات ركاب من أصل 13 استوردتها طهران عقب توقيع الاتفاق النووي أمست خارجة عن الخدمة بسبب امتناع الشركات الغربية عن تزويد إيران بقطع الغيار اللازمة.

خبرة وطنية

وتابع محمدي بخش -في تصريح صحفي- أن بلاده تعمل على تحديث وإعادة تأهيل الطائرات المعطلة، إلى جانب استقدام طائرات مدنية مستعملة لسد العجز، مؤكدا شراء واستيراد 55 طائرة خلال الأشهر الماضية، انضمت 20 منها إلى الخطوط الجوية.

وأشار إلى أن بلاده اكتسبت خبرة ثمينة في مجال صيانة طائرات الركاب، وأن بعض الدول الأجنبية ترسل طائراتها الغربية إلى إيران لتحديثها وإعادة تأهيلها.

وکانت شركة "إيرفلوت" الروسية قد أعلنت أبريل/نيسان الماضي إرسال إحدى طائراتها من طراز "إيرباص إيه 330-300" إلى إيران لإصلاحها.

وتخطط طهران لشراء نماذج حديثة وصناعة طائرات محلية، وفق رئيس هيئة الطيران المدني الذي أكد أن المشروع الوطني لتطوير طائرات "إيران 140" يمضي على قدم وساق.

طائرات إيران بحاجة للاستبدال أو الصيانة وجزء كبير منها خرج من الخدمة (الأوروبية) طلب طائرات روسية

وعن إمكانية شراء أو استئجار طائرات مدنية من الدول الصديقة التي لا تعترف بالعقوبات الأميركية أو تتعرض لعقوبات مماثلة، يقول الطيار في الخطوط الجوية الإيرانية هوشنك شهبازي إن المقصود بالدول الصديقة روسيا، مضيفا أن الدول الصديقة الأخرى تخشى التعاون مع إيران بسبب العقوبات الغربية.

وكان رئيس الاتحاد الإيراني لمكاتب خدمات السفر في إيران حرمت الله رفيعي أعلن الشهر الماضي تقديمه طلبا للجانب الروسي لتزويد بلاده بـ3 طائرات ركاب لاستخدامها في الرحلات الداخلية والخارجية.

وتحظر المادة 9 في قانون الطيران المدني الإيراني استخدام طائرات الشركات الأجنبية للرحلات الداخلية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الطيار شهبازي أن حل مشكلة ندرة تذاكر الطيران يكمن في تعديل السياسة الخارجية والعمل على رفع العقوبات، موضحا أن متوسط عمر الطائرات المدنية في إيران 25 عاما، في حين كان لا يتجاوز 6 سنوات أيام نظام الشاه السابق.

وخلص الطيار الإيراني إلى أنه لا يمكن التعويل كثيرا على إصلاح وإعادة تأهيل الطائرات عدة مرات، لأن ذلك يعرض حياة الركاب للخطر، منتقدا الترويج لتدشين الطائرات الوطنية قريبا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الطیران المدنی تذاکر الطیران للجزیرة نت فی إیران

إقرأ أيضاً:

مستشار خامنئي: إيران قد تغير عقيدتها النووية حال تعرضت لخطر وجودي

شدد كمال خرازي،  مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، على أن طهران قد تغير من عقيدتها النووية في حال تعرضت لتهديد وجودي، موضحا أن بلاده لا تمارس في الوقت الراهن تطوير الأسلحة النووية.

وقال خرازي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس المجلس الاستراتيجي الإيراني للعلاقات الدولية، في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن "لا رغبة لدى طهران في حرب بالمنطقة، ولا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، ولكن إذا ما تعرضت البلاد لخطر وجودي فإنها ستغير عقيدتها النووية".

وتأتي تصريحات المسؤول الإيراني في ظل تصاعد حدة المواجهات بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان، الأمر الذي دفع  بعثة إيران لدى الأمم المتحدة للتحذير من "حرب إبادة" في حال أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على حرب شاملة ضد لبنان، مشيرة إلى أنه في مثل هذه الحالة فإن "كل الخيارات بما في ذلك المشاركة الكاملة لمحور المقاومة ستكون مطروحة على الطاولة".


في السياق، أوضح خرازي في حديثه للصحيفة البريطانية، أنه في حال "أعاد الغرب فرض العقوبات التي تم رفعها بعد انضمام إيران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وفرض القيود على البرنامج النووي الإيراني، فسيتبع ذلك حتما رد فعل جدي من طهران يتعلق بتغيير الاستراتيجية النووية".

ولفت المسؤول الإيراني إلى أن بلاده "لا ترغب في إنشاء أسلحة نووية"، وتابع: "حتى الآن لم نتخذ قرارا بتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 60 بالمئة. لكننا نحاول توسيع تجربتنا باستخدام وسائل وطرق مختلفة".

تجدر الإشارة إلى أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبنى، مطلع حزيران /يونيو الماضي، قرارا يذكر "إيران رسميا بعدم تعاونها"، مطالبا طهران بالتراجع عن الحظر المفروض على دخول كبار المفتشين إلى أراضيها.


واعتمد مجلس الوكالة المؤلف من 35 دولة، لقرار بعدما حظي بتأييد 22 دولة وامتناع 12 ومعارضة اثنتين هما روسيا والصين، ويهدف التحرك الجديد إلى دفع إيران للامتثال لتحقيق تجريه الوكالة منذ سنوات في آثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع غير معلنة.

وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، ذكرت أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب وصل إلى مستويات قريبة من مستوى صنع الأسلحة.

مقالات مشابهة

  • من قلب طهران .. إيرانيون يغنون أغنية ” أنت ملك ” .. فيديو
  • مستشار خامنئي: إيران قد تغير عقيدتها النووية حال تعرضت لخطر وجودي
  • مسؤول إيراني: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا عليه
  • مستشار خامنئي: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا شاملة
  • مستشار خامنئي لا يستبعد تغيير إيران لعقيدتها النووية عند وجود تهديد جدي
  • وول ستريت جورنال: هكذا أصبحت إيران قوة دولية رغم أنف أميركا
  • كيف ستتغير سياسة طهران تجاه موسكو؟
  • خبراء إيرانيون يشخصون المشاكل مع العراق بشأن استيراد الغاز
  • WSJ: كيف تحدت إيران أمريكا لتصبح قوة دولية؟
  • إلغاء مئات الرحلات الجوية فى كندا بعد إضراب مفاجئ