هل لنا.. التنبؤ بمضاعفات الحمل؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
بالنسبة للآباء والأُمَّهات الحوامل منهنَّ، يُمكِن أن يكُونَ الحَمْل زمنًا مختلفًا، بل ومليئًا بالترقُّب البهيج. كيف لا؟ والوالدان في عصرنا هذا قَدْ يستطيعان سماع دقَّات قلب صغير، ومشاهدة الجنين وهو يتلوَّى وسط ضبابيَّة الموجات فوق الصوتيَّة. ومع ذلك، وبالنسبة للكثيرين من تلك الأُمَّهات، يأتي الحَمْل أحيانًا مصحوبًا بمشاكل صحيَّة، يُمكِن أن تعرِّضَ كلًّا من الأُمِّ والطفل للخطر.
                
      
				
لذلك يُعدُّ، ما قَبل تسمُّم الحَمْل (وهو حالة طبيَّة تصيب بعض الحوامل، ويكُونُ عادةً خلال النِّصف الأوَّل من الحَمْل، وتشمل ارتفاع ضغط الدم يصاحبها ظهور كميَّات ملحوظة من البروتين في البول)، والولادة المبكِّرة من الحالات الشَّائعة نسبيًّا التي يُمكِن أن تعرِّضَ الأُمَّ وطفلها لخطر المشكلات الصحِّيَّة قَبل الولادة وبعدها. ولعلَّ الأدقَّ قولًا هنا، بأنَّ الأطبَّاء ليس لدَيْهم طريقة جيِّدة لتحديد ما إذا كان الفرد سيصاب بإحدى هذه المضاعفات مثلًا! بلا شك في الوقت الحالي، ينظر الأطبَّاء في المقام الأوَّل إلى حالات الحَمْل السَّابقة للمرأة، والتاريخ الطبِّي، وعوامل مِثل العمر لتحديد المخاطر التي تتعرَّض لها. ولعلَّ هذه التدابير مفيدة ولكنَّها محدودة، وقَدْ تفشل في تحديد المشكلات في وقت مبكِّر بما يكفي لتمكين العلاج الفعَّال.. فهل يتغيَّر هذا وبشكلٍ حقيقي مع الوقت؟
حقيقة الكثير من الأبحاث تجرى في مؤسَّسات متخصِّصة عالميَّة، حيث تذكر تلك الدراسات أنَّ الأجزاء العائمة الحُرَّة من المادَّة الوراثيَّة الموجودة في دم المرأة الحامل قَدْ توفِّر طريقة للكشف عن المضاعفات مِثل (ما قَبل تسمُّم الحَمْل والولادة المبكِّرة) على الرغم من أنَّ هنالك دراسات أخرى قَدْ لاحظتها تحذِّر من أنَّه من السَّابق لأوانه تحديد مدى فائدة هذه الاختبارات في العيادات! مع ذلك، الذي يهمُّنا هنا كمتابعين أنَّ هذه الاختبارات قَدْ توفِّر للباحثين طريقة جديدة لكشف البيولوجيا الأساسيَّة لهذه الأمراض الغامضة.
بطبيعة الحال جميعًا نحمل أجزاء من مادَّتنا الجينيَّة ـ كلًّا من الحمض النووي وابن عمِّه ـ إن استطعت القول ـ الأكثر تلاشيًا الحمض النووي الريبوزي (آر إن آي)، في مجرى الدَّم لدَيْنا. طبعًا خلال فترة الحَمْل، يتمُّ إطلاق هذه الأجزاء الحُرَّة العائمة، وأقصد هنا (دي إن آي، وآر إن آي) من الجنين النَّامي إلى دم الأُمِّ، عَبْرَ المشيمة في المقام الأوَّل. والصحِّيح هنا ولعقدٍ من الزمان استخدم الأطبَّاء الحمض النووي لفحص الجنين بحثًا عن تشوُّهات وراثيَّة.
وتلخيصًا لعدَّة دراسات، يبدو لي واضحًا بأنَّ الباحثين أدركوا أنَّه يُمكِنهم استخدام الحمض النووي الريبوزي (آر إن آي)، للحصول على رؤية أكثر ديناميكيَّة للتغيُّرات التي تحدث داخل جسم الأُمِّ أثناء الحَمْل! بل والنظر إلى ما هو أبعد، من خلال العوامل التي تتغيَّر على مدار فترة الحَمْل مِثل مضاعفات ما قَبل الولادة التي تحدَّثتُ عَنْها آنفًا.
وهنا مؤخرًا تمَّ تحديد الحمض النووي الريبوزي هذا، والمتوافق مع خمسمائة وأربعة وأربعين جينًا يختلف نشاطها بَيْنَ أولئك الذين أصيبوا بتسمُّم الحَمْل وأولئك الذين لَمْ يصابوا به. والمثير حقيقةً للاهتمام هنا، هو استخدام خوارزميَّة حاسوبيَّة، طوَّرها الباحثون اعتمادًا على ثمانية عشر جينًا، يُمكِن استخدامها للتنبُّؤ بخطر إصابة المرأة بتسمُّم الحَمْل بعد أشهر.
ومهما يكُنْ، أعتقد أنَّه قَبل طرح هذه الاختبارات للنَّاس، سيكُونُ من الضروري النظر في أفضل السُّبل لتوصيل نتائج الاختبار ـ مثلًا ـ، وما هي الخطوات التالية التي يجِبُ اتِّخاذها للأفراد الذين تمَّ تحديدهم على أنَّهم في فئة عالية الخطورة؟ بالنسبة لتسمُّم الحَمْل ـ على سبيل المثال ـ يُمكِن أن تساعدَ جرعة منخفضة من الأسبرين في منع ظهوره أو تأخيره، بَيْنَما قَدْ يساعد هرمون البروجسترون في منع بعض حالات الولادة المبكِّرة. لكن كلُّ اختبار إضافي يضاف إلى اختبارات ما قَبل الولادة يجعل القرارات أكثر تعقيدًا أحيانًا، وربَّما مرهقة للنساء الحوامل!
ختامًا، ندرك أنَّ الخبراء يحاولون إجراء اختبار دم بسيط لفحص بعض مضاعفات الحَمْل الشَّائعة كما رأينا، ولا يزال الباحثون متفائلين بشأن مستقبل الاختبارات المعتمدة على الحمض النووي الريبوزي، واختباراتها المرتبطة بـ(ما قَبل تسمُّم الحَمْل)، والتي هي بالفعل أكثر دقَّة من الاختبارات المتاحة حاليًّا لهذه الحالة. وصدقًا إذا نجح الباحثون في التنبُّؤ بمضاعفات أخرى، فإنَّ المرضى في المستقبل سوف يستفيدون ليس فقط من المعلومات الإضافيَّة حَوْلَ حَمْلهم، ولكن أيضًا من فرصة الحصول على المزيد من الرعاية الشخصيَّة التخصُّصيَّة.
د. يوسف بن علي الملَّا
 طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
 dryusufalmulla@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: م الح م ل
إقرأ أيضاً:
خمول الغدة الدرقية.. مرض صامت يؤثر على المزاج والوزن
يُعد خمول الغدة الدرقية من أكثر الاضطرابات الهرمونية شيوعًا، إذ يصيب ملايين الأشخاص حول العالم نتيجة انخفاض إنتاج الهرمونات المسؤولة عن تنظيم طاقة الجسم ووظائفه الحيوية.
تقع الغدة الدرقية في مقدمة الرقبة على شكل فراشة، وتتحكم في عمليات التنفس، نبضات القلب، الوزن، والهضم، وحتى الحالة النفسية، مما يجعل أي خلل فيها ينعكس على الجسم بالكامل.
الأسباب المحتملة
بحسب موقع Medlineplus الأمريكي، يُعد مرض “هاشيموتو” السبب الأكثر شيوعًا لخمول الغدة الدرقية، حيث يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الغدة ويُضعف إنتاجها للهرمونات.
كما تشمل الأسباب الأخرى: التهاب الغدة، العيوب الخلقية، استئصالها جزئيًا أو كليًا، العلاج الإشعاعي، أو تناول بعض الأدوية، وفي حالات نادرة قد يكون السبب خللًا في الغدة النخامية أو اضطرابًا في مستويات اليود.
الأعراض والعلامات
يُظهر المرض أعراضًا تدريجية أبرزها التعب المزمن، زيادة الوزن غير المبررة، انتفاخ الوجه، برودة الأطراف، الإمساك، جفاف الجلد والشعر، وآلام المفاصل.
كما قد تظهر أعراض أخرى مثل تباطؤ ضربات القلب، الاكتئاب، اضطراب الدورة الشهرية، وضعف الخصوبة، وفي بعض الحالات، يؤدي تضخم الغدة إلى بروز في الرقبة يسبب صعوبة في البلع والتنفس.
مضاعفات الحمل
تشكل الإصابة بخمول الغدة الدرقية أثناء الحمل خطرًا على الأم والجنين، إذ يمكن أن تؤدي إلى الإجهاض، الولادة المبكرة، وارتفاع ضغط الدم، لذا يُنصح بمتابعة دقيقة لوظائف الغدة خلال الحمل.
العلاج والمتابعة
يُعالج المرض عادةً بتناول هرمون بديل لتعويض النقص، مع إجراء تحاليل دم منتظمة كل 6 إلى 8 أسابيع لتحديد الجرعة المناسبة.
ويُحذر الأطباء من التوقف عن الدواء دون استشارة مختص، كما يُنصح مرضى "هاشيموتو" بتجنب الأطعمة الغنية باليود إلا بعد استشارة الطبيب.
خمول الغدة الدرقية قد يكون صامتًا في بدايته، لكنه قابل للعلاج والسيطرة عليه عند التشخيص المبكر والالتزام بالعلاج الطبي والمتابعة الدورية.
 جلسة تحفيزية من ممدوح عيد للاعبي بيراميدز قبل لقاء التأمين الأثيوبي
جلسة تحفيزية من ممدوح عيد للاعبي بيراميدز قبل لقاء التأمين الأثيوبي