جريدة الوطن:
2025-01-05@09:03:20 GMT

متى نتعلم من دروس الماضي؟

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

متى نتعلم من دروس الماضي؟

برغم ما شهده البَشَر في كامل طول وعرض الكرة الأرضيَّة، وعلى اختلاف مستويات تقدُّم بلدانها، من قسوة كبرى أثناء تجربة فيروس كورونا المُرعبة، وما خلَّفته من تداعيات إنسانيَّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة لا نزال ندفع فاتورتها حتى الآن، ولا يزال عالقًا في الأذهان ما أحدثه (كوفيد19) من مآسٍ جعلت مِنْه مرحلة تاريخيَّة وحقبة زمنيَّة ستظلُّ تُروى في التاريخ الإنساني الشَّخصي والوطني والعالَمي، إلَّا أنَّ هذه الأهمِّية وهذا التأثير الكبير تجاهل تطوُّرات الفيروس الحاليَّة، فقَدْ فوجئتُ بطبيب يطالبني بإجراء فحوصات للتأكُّد من إصابتي بالمتحوِّر الكوروني الجديد، الذي يطلق عليه (BA.

5) والذي عرفت أنَّه منتشر منذ فترة في جميع أنحاء العالَم، وينتمي لسلالة (أوميكرون) الذي اجتاح العالَم الشِّتاء الماضي.
إنَّ سلبيَّة نتيجة الفحص، والتأكُّد أنَّها نزلة برد عاديَّة، لَمْ تَحُل بَيْني وبَيْنَ التساؤل المنطقي، كيف لشخص يعمل في مجال الإعلام لَمْ يسمع ولا يقرأ عن هذا الضيف الثقيل رغم مرور فترة كبيرة على اكتشافه؟ وظننتُ أنَّ هناك تجاهلًا متعمَّدًا من وسائل الإعلام، لكنَّني فوجئت بأنَّ خبر الفيروس موجود بشكلٍ واسع، وتناقلته معظم وسائل الإعلام المحلِّيَّة والعالَميَّة، وظننتُ أنَّني بشكلٍ ذاتي تجاهلته لا إراديًّا، لكنَّني مع سؤالي للمحيطِين بي وجدتُ نَفْس الحالة من التجاهل اللاإرادي، فهل كان لصعوبة تجربة كورونا السابقة وقسوتها والخوف من تكرارها دَوْر في هذا التجاهل العمدي؟ أم أنَّ الإنسان العالَمي بات حريصًا على التعايش معها دُونَ الخوف والهلع الذي كان مصاحِبًا لها في فترتها الأولى؟
نحن أمام تصرُّف إنساني غريب، حيث لا تزال كورونا جزءًا من موروثاتنا الشفهيَّة، وإحدى أهمِّ القصص التي نتحدَّث عن حقبتها في اللقاءات العائليَّة ومع الأصدقاء، وتظلُّ تداعياتها الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة شاهدًا يذكِّرنا بما عانيناه وقتها، ما فقَدْنا من أعزَّاء نتيجة التخاذل العالَمي الذي عرفنا فيما بعد أنَّه كان متوقعًا؛ نظرًا لتجاهل الدوَل للبحث العلمي في هذا المجال، والاستمرار في إنفاق الأموال على تطوير الأسلحة وغيرها من أوْجُه الإنفاق التي تتجاهل صحَّة الإنسان، ولا تضعها في سلَّم أولويَّاتها بالشَّكل الذي تستحقُّه، وغيرها من الأسباب التي جعلت أعتى النُّظم الطبيَّة تسقط أمام هذا الفيروس البسيط. وبرغم هذا التذكُّر الجمعي، إلَّا أنَّ العيون تتجاهل ـ بشكلٍ لا إرادي ـ أيَّ خبر يُعِيد إلى الأذهان إمكان عودة تلك الحقبة حتى لو كانت أقلَّ شراسة. ولعلَّ هذا التجاهل على مستوى الدوَل والحكومات والأفراد من عودة انتشار متحوِّرات كورونا، يظلُّ لعبًا بالنَّار. فبحسب العديد من العلماء المتخصِّصين يؤكِّد استمرار المتحوِّرات الجديدة في الظهور، ويحذِّر من التهاون في التعامل معهم. صحيح أنَّ الجُدد لا تُشكِّل خطرًا كارثيًّا يُمكِن أن يتسبَّبَ في موجة مُرعبة، لكن لا يُمكِن أن نغمضَ أعيُننا عن الخطر على المدى الطويل، فوفقًا لهؤلاء العلماء لا تزال الإصابة بالعدوى (وتكرار الإصابة بها) مشكلة حقيقيَّة يستغلُّها المتحوِّر الجديد لإضفاء عبء مستمرٍّ وثقيل على عاتق البَشَريَّة، بحسب وصفهم لَمْ تنتهِ معركتنا مع كورونا بعد، مؤكِّدين أنَّ السماح بانتشار الفيروس بهذه الوتيرة المُخيفة والشرسة بمثابة اللَّعب بالنَّار، وأي نار؟ فذاكرتنا تعي جيِّدًا كيف اكتوينا مِنْها؟ وكم فقَدْنا من أعزَّاء بسبب التخاذل والتهاون والجشع العالَمي.

إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م

إقرأ أيضاً:

من وباء عالمى إلى مرض موسمى شائع.. «لو موند» الفرنسية: 5 سنوات على جائحة كورونا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مرت خمس سنوات على ظهور جائحة كورونا (كوفيد 19)، التى غيرت مسار العالم بشكل جذري، فقد بدأت الجائحة فى ديسمبر 2019 بظهور حالات التهاب رئوى غامض فى مدينة ووهان الصينية، لتتحول سريعًا إلى وباء عالمى أودى بحياة الملايين وأثر على جميع مناحى الحياة.

فى المراحل الأولى، ساد الذعر والجهل بشأن الفيروس الجديد، فقد انتشر الفيروس بسرعة غير مسبوقة بفضل سهولة تنقله بين الأفراد، مما أدى إلى فرض إجراءات إغلاق صارمة فى جميع أنحاء العالم لتقليل انتشاره، وشهدت المستشفيات ضغطًا هائلًا، ونقصًا حادًا فى أجهزة التنفس الصناعى والأكسجين الطبي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات.

نشرت صحيفة "لو موند" الفرنسية تستذكر خمس سنوات على تفشى فيروس كورونا (كوفيد - 19) فى العالم؛ مشيرًا إلى تحوله من جائحة مدمرة إلى مرض موسمى أكثر شيوعًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الفيروس، الذى أودى رسميًا بحياة سبعة ملايين شخص فى العالم، أصبح أقل خطورة من سابقه، مع بقائه أكثر فتكًا من الإنفلونزا. ووصف تفشى كورونا بأنه "انتشار عالمى خاطف نادرًا ما نراه فى التاريخ البشرى الحديث، يمكن مقارنته فى الحجم بالإنفلونزا الإسبانية عام 1918".

لكن بعد خمس سنوات، أصبح الفيروس أمرًا طبيعيًا تقريبًا، وفقًا للصحيفة، ونقلت تصريحًا لأوليفييه شوارتز، رئيس وحدة الفيروسات والمناعة فى معهد باستور فى باريس، قال فيه إن الفيروس "استكشف جميع التركيبات الممكنة للتكيف ومواصلة انتشاره، على الرغم من حقيقة أن السكان أصبحوا محصنين ضده تدريجيًا من خلال التطعيم أو العدوى".

وتطرقت الصحيفة إلى المتحورات العديدة للفيروس (ألفا، بيتا، جاما، دلتا، أوميكرون)، والتى اكتسبت خصائص جديدة من حيث الضراوة والقدرة على العدوى، مُشيرًا إلى أن متحور أوميكرون ظل المسيطر منذ ظهوره فى نهاية عام ٢٠٢١ فى جنوب أفريقيا.

وأوضحت أن المتحورات المنتشرة قبل "أوميكرون" كانت تستهدف الجهاز التنفسى السفلي، مما تسبب فى التهابات أكثر خطورة، بينما يستهدف أوميكرون الجهاز التنفسى العلوي، مما أدى إلى أشكال أقل خطورة من المرض مع قابلية أكثر للالنتقال.

فى فرنسا، انضم فيروس كورونا إلى أمراض الجهاز التنفسى المُراقبة فى الشتاء مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوى التنفسي، لكن اختلافًا كبيرًا يكمن فى انتشار كورونا على مدار السنة.

ونقلت صحيفة "لو موند" عن كارين لاكوب، رئيسة قسم الأمراض المعدية فى مستشفى سانت أنطوان فى باريس، قولها: "لم تعد هناك أى رعاية خاصة، بخلاف ما نقدمه للعلاج الفيروس المخلوى التنفسى أو الإنفلونزا".

واستبعدت الصحيفة ظهور متحور جديد أكثر خطورة؛ مشيرة إلى أن التطور الذى قد يشكل مشكلة هو فيروس يتحور بسرعة كبيرة ويؤدى إلى فقدان الحماية المناعية الجماعية.

التطورات العلمية وسباق مع الزمن
قال الدكتور على حسن، أخصائى الأنف والأذن والحنجرة: "كان الوضع كارثيا فى بداية الجائحة، لم نكن نعرف كثيرًا عن الفيروس، وكانت معدلات الوفيات مرتفعة جدا، خاصة بين الأشخاص ذوى الأمراض المزمنة والكبار فى العمر".

شهدت الجائحة سباقًا عالميًا لتطوير لقاحات علاجية وعلاجات فعالة، وقد نجحت الجهود العلمية فى تطوير لقاحات فعالة فى وقت قياسي، مما ساهم فى تقليل حجم الوفيات والحد من خطورة المرض.

وأكدت الدكتورة سحر محمد، باحثة فى علم الأحياء الجزيئي، تشرح: "كان تطوير اللقاحات أحد أكبر النجاحات العلمية فى تاريخ البشرية. استخدام تقنيات الـmRNA ساعد فى اختصار وقت التطوير بشكل دراماتيكي".

على الرغم من تراجع حدة الجائحة، إلا أن آثارها الطويلة الأمد ما زالت واضحة، فقد أدت الجائحة إلى أزمة اقتصادية عالمية وشهدت زيادة فى معدلات الفقر والبطالة.

كما أدت إلى أزمة صحية نفسية عالمية، حيث يعانى العديد من الأفراد من الاكتئاب والقلق واضطرابات الصحة العقلية الأخرى.

الدكتور عمر عادل، أخصائى الصحة النفسية، يقول: "الجائحة أدت إلى زيادة كبيرة فى حالات الاكتئاب والقلق. فقد أثر الحجر الصحى والخوف من العدوى بشكل سلب على الصحة النفسية للعديد من الأفراد".

تعتبر جائحة كورونا درسا فى أهمية الاستعداد للأوبئة والأزمات الصحية العالمية، فقد كشفت الجائحة عن ثغرات كبيرة فى النظم الصحية العالمية وأهمية التعاون الدولى فى مكافحة الأوبئة.

يشدد الخبراء على ضرورة تعزيز البنية التحتية الصحية، وزيادة الاستثمار فى البحث العلمي، وتعزيز التعاون الدولى للتأهب للأوبئة المستقبلية.

مقالات مشابهة

  • أشد من كورونا.. انتشار فيروس جديد يثير الهلع في الصين
  • حقائق هامة عن فيروس كورونا
  • تفشي فيروس رئوي جديد يشبه كورونا في الصين
  • هل تواجه الصين جائحة جديدة بعد 5 سنوات من كورونا؟
  • أعاد إلى الأذهان جائحة كورونا.. فيروس HMPV يُثير الهلع!
  • صحف عالمية: التجاهل المتعمد لانتهاك إسرائيل حقوق الفلسطينيين انحراف خطير
  • الضرائب تشرح خضوع نشاط صناعة المحتوى للضريبة.. تفاصيل
  • أستاذ علوم سياسية: العالم العربي لم يتعلم من دروس التاريخ
  • الأطباء الداخليون والمقيمون يصعدون ويؤكدون..”التجاهل الممنهج يهدد استقرار النظام الصحي!
  • من وباء عالمى إلى مرض موسمى شائع.. «لو موند» الفرنسية: 5 سنوات على جائحة كورونا