جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@11:50:22 GMT

من المسؤول؟ ومن الضحية؟

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

من المسؤول؟ ومن الضحية؟

 

 

سلطان بن ناصر القاسمي

 

في ظل المُتغيرات الاجتماعية والثقافية المُستمرة، أصبحت قضايا الانفصال والطلاق تحمل أوجهًا مُتعددة وتحديات معقدة، وبينما نسلط الضوء على تأثيرات هذه العمليات على الأزواج المنفصلين، يتجه اهتمامنا هنا إلى الأبناء الذين يكونون محورًا في هذه السياقات، ولذلك نتساءل: من المسؤول عن مستقبل هؤلاء الأبناء؟ ومن يتحمل العبء الأكبر لضمان نجاحهم؟

في مقال سابق أشرنا إلى مخاطر ارتفاع معدلات الطلاق، واستكمالًا لهذه المخاطر؛ سواءً كان هذا الانفصال جاء برضا الطرفين نتيجة عدم تفاهم والقناعة بعدم التكافؤ، أو عدم رضا من أحد الطرفين بمستوى أو أسلوب المعيشة مع الطرف الآخر.

وهنا حديثي ينصب حول ما إذا كان هناك أطفال بينهم نتيجة ذلك الزواج، وكيف ستؤول مسؤولية تربية هؤلاء الأبناء بعد ذلك؟ فإما أن تُضحّي الأم بحياتها وتُكرسها لتربية أبنائها- وهذه النتيجة هي الأكثر شيوعًا في مجتمعنا الآن- أو أن الأم تبدأ حياتها من جديد في تجربة زواج ثانية- وهذا من حقها طبعًا- لتبدأ حياة أخرى مع زوج وأبناء جدد من زوج آخر، دون التفات إلى الأبناء السابقين الذين سينتقلون إلى كنف تربية أبيهم الذي لن يُطيل هو الآخر في اختيار زوجة أخرى ليكمل حياته، وقد يُعدد باختيار عدة زوجات من باب إظهار القدرة والقوامة على المرأة حتى يُبيِّن ذلك لمن انفصل عنها وأنجب منها سابقًا دون مُراعاة أو اكتراث إلى أن هذه المرأة هي أمٌ لأولاده، وما سينتج عنه ذلك من تضحيات لتلك المرأة في سبيل تربية أبنائها بعد الانفصال.

عادةً ما تكون المسؤولية الأولى لرعاية الأبناء بعد الانفصال على عاتق الأم، وهي تُواجه تحديات كبيرة في توفير بيئة صحية ومستقرة لنموهم، قد تتجاوز الأم نفسها في التضحية بحياتها الشخصية والمهنية من أجل تقديم الرعاية الأمثل لأطفالها، ألا تستحق الأم التقدير والإعجاب نظرًا للتضحيات التي تقوم بها من أجل تأمين مستقبل أبنائها؟

ومن المهم في الموضوع إن كانت الأم منفصلة عن زوجها وكرست حياتها لرعاية أبنائها وتربيتهم والاهتمام بدراستهم لتأتي لحظة الأنانية من الأب- ولا أُعمم- الذي انشغل بأبنائه الآخرين وزوجاته ليطلب أحقيته في تحديد مصير حياة أبنائها الباقية في اختيار أزواجهم وزوجاتهم من باب التحدي والتعنت مع الأم التي تركت كل ما في الحياة من مُتعة لتربية أبنائها لتواجه ذلك الزوج المُتشبث بنظرة خاطئة للأسف في نجاح الأم في تربية أبنائها دون نكران وجوده الذي ينبغي ألا نغفل دوره في هذا السياق، فهو يمتلك حقوقًا ومسؤوليات تجاه أبنائه بعد الانفصال، ومن المهم أن يكون للأب دور فعّال في توجيه وإرشاد أبنائه، وذلك من خلال التواصل المستمر والدعم العاطفي، ويجب أن يسعى للتوفيق بين حياته الشخصية والعائلية من أجل استقرار أطفاله ونموهم السليم.

ولنصل إلى ما يجب أن يتخذ في مثل هذه المواقف، في أن يبارك الأب ويصحح اختيارات الأبناء في تحديد مصير تكوين أسرهم بإقناع وبدون تعنت ليجد هؤلاء الأبناء أن الأب والأم الناصحين والموجهين لهم في حياتهم لكي يؤسسوا أسراً ناجحة، ولقد أرشدنا الرسول ‏صلى الله عليه وسلم إلى حسن اختيار الزوج بقوله ‏صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وقوله صلى عليه وسلم (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك).

كما أقدم نصيحتي للأبناء في أن يبادروا إلى بر والديهم وأن لا يتركوا مسافة بينهم وبين آبائهم وأمهاتهم في برهم ووصالهم حتى يجد كل منهم ويدرك أن أبناءه بجانبه، وأقدم نصيحتي أيضاً إلى الأبوين في عدم ذكر مساوئ وأخطاء الطرف الآخر أمام الأبناء، وليدرك الاثنان معًا أن هؤلاء أبنائهم معًا وأن يحرصوا كل الحرص على مستقبلهم دون تعقيد، وأن يدعون لهم بالتوفيق والحياة السعيدة الهادئة، فيكفيهم معاناة انفصالكما عن بعضكما وفقدانهم حياة الأسرة الواحدة وحنان الأبوين معًا في بيت أسري واحد، فرفقًا بهؤلاء الأبناء.

وفي نهاية المطاف، يتعين على الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناءهم هم الأهم والأكثر تأثيرًا في هذه المعادلة، فيجب عليهم العمل معًا بروح التعاون والحب من أجل توفير بيئة صحية ومستدامة لنمو وتطور الأبناء، فبتبني مبدأ التفاهم والاحترام المتبادل، يمكن للأبناء أن يشهدوا نموًا وازدهارًا يعكس دور كل من والديهم في توجيههم نحو مستقبل مشرق، وأن ينالوا بعضا مما فقدوه من الجو الأسري الواحد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كأنها لا زلت على قيد الحياة.. أول تمثال للأم إيرينى رئيس دير الراهبات

كأنك تراها أمامك، أول تمثال لـ الأم إيرينى بفن الواقعية المفرطة، وهى تجلس على كرسى ويغلب على التمثال شدة الإتقان.

وقال المهندس أشرف رؤوف أن تمثال الأم إيرينى هو النموذج الخامس بفن الواقعية المفرطة، لما لها من مكانة كبيرة وقدسية لدى المواطنين، مشيرا إلى وجود تلك الأعمال في المركز الثقافي القبطى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

الأم إيرينى

وأضاف في حواره لـ اليوم السابع إنه خريج فنون جميلة ويعمل مهندس ديكور، وأنه أول من أدخل فن الواقعية المفرطة في مصر، رغم أنه موجود في دول العالم منذ 20 عاما، مشيرا الى أن بعض الدول استخدمته في عمل مجسمات للمشاهير ويتم استخدامه في الأفلام العالمية.

الأم تماف إيرينى

وكشف أن تمثال الأم إيرينى استغرق عمله سنة كاملة، مشيرا إلى أن تماف إيرينى حضرت إلى القاهرة وكان عمرها 18 عاما، وأخذت تتردد على دير أبو سيفين، وتمت رسامتها على البابا كيرلس السادس وسنها 20 عاما، وبعد وفاة والديها حضر أخوتها إلي القاهرة، وأقاموا بسكن قريب من الدير قرب منطقة الزهراء، وأصبحت رئيسة للدير عام 1962، ووصل عدد الراهبات في عهدها إلى أكثر من مائة راهبة، وكانت تنتقى الراهبات الحاصلات على أعلى مستوى تعليمي، منهن المهندسات والطبيبات، وفي شتي التخصصات، وتقضي الفتاة تحت الاختبار داخل الدير مدة ثلاث سنوات، وكل راهبة  لها خدمة مسئولة عنها في الدير.


يذكر أن الأم إيرينى رئيسة دير أبي سيفين قد تنيحت - توفت يوم الثلاثاء 31 أكتوبر سنة 2006م. وتم إنتاج فيلم عن قصة حياتها باسم "فخر الرهبة".

الأم تماف إيرينى

 

الأم إيرينى

   

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • رسالة الأميرة شارلوت إلى ديانا تُبكي الصحافة مجدداً!
  • إن كان دعاة الانفصال متشبثين برأيهم ،نقول لهم انتظروا حتى ننتهي من هذا العدو الغاشم
  • المخرج محمد ناير: أثينا مستوحى من تجربة محاكاة عقل الأم بعد وفاتها
  • وفاء عامر: أعشق الفن ولا يهمني حجم الدور
  • كأنها لا زلت على قيد الحياة.. أول تمثال للأم إيرينى رئيس دير الراهبات
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترف رسميًا باغتيال حسن بدير المسؤول في حزب الله
  • وفاة مسؤول مصري أثناء أدائه صلاة العيد
  • الفلفل الحار يساعد على الوقاية من سكري الحمل
  • مسؤول عسكري إيراني يحدد هدفا عسكريا أمريكيا بريطانيا مشتركا للرد على أي هجوم محتمل
  • أجواء عيد الفطر في حماة.. بين تقاليد الأجداد وحداثة الأبناء