زكي اليافعي: التشكيليون العرب يمتلكون الخامة والموهبة
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
القاهرة "د.ب.أ": قال الفنان التشكيلي اليمني زكي اليافعي: إن الفنون التشكيلية ليست في المكانة التي تستحقها في بلدان العالم العربي، مشيرا إلى أن مستقبل الحركة التشكيلية العربية مرهون بارتفاع وتطور ثقافة التلقي.
وأكد اليافعي، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ)، أن تطوّر الفنون التشكيلية عربيا، يرتبط بارتفاع قيمة الفن لدى الجمهور العربي، الأمر الذي سيحفّز الفنان على توظيف كل قدراته لتطوير مهاراته والارتقاء بأعماله الفنية لتكون في مستوى ثقافة الجمهور، خاصة إذا كان هذا الجمهور قادرًا على ممارسة النقد عن دراية واطلاع وثقافة.
وشدّد على أن التشكيليين العرب يمتلكون الخامة والموهبة، لكن هناك غيابا للجانب الأكاديمي لدى البعض، معتبرًا أن المهم هو مدى المكانة التي تتمتّع بها اللوحة في ترتيب مقتنيات الإنسان بالوطن العربي.
وأضاف: إن الناس في المجتمعات الفقيرة مشغولة بأساسيات العيش، وأن المقتدرين لا تجد لديهم ميلاً إلى الفنون البصرية، وإن كان هناك ميل لديهم فإنهم "يستخسرون السعر" حتى وإن كان العمل الفني يرتقي إلى العالمية.
و تساءل اليافعي "هل نسمع عن مزادات فنيّة في الدول العربية؟" وأجاب قائلًا: "بالطبع لا"، موضحًا أن مثل تلك المزادات تؤثر بشكل أو بآخر على النتاج الإبداعي للفنان التشكيلي العربي.
وحول وجود فنانين عالميين عرب، قال اليافعي: "العرب لديهم فنانون عالميون، ولكنهم بعيدون عن العالمية بفعل الوسط المحيط بهم".
وأضاف: إن قلة قليلة من التشكيليين العرب تعيش من نتاج ممارستها للفن، وأن من يمتلك فنون التسويق هو الذي يستطيع الكسب وبيع أعماله حتى وإن كانت ليست بقوة أعمال الآخرين ممن لا يمتلكون القدرة على التسويق.
وحول رؤيته لمكانة المرأة في المشهد التشكيلي العربي، قال اليافعي: إن الفنانات التشكيليات العربيات تستطيع أن تكون حاضرة، وأن تكون ندًّا للرجل، ولكن البيئة ومسؤولياتها المنزلية هي أمور تحول دون أن يحتل هذا "الكائن الرقيق الجميل" المكانة اللائقة به في أغلب المجتمعات العربية.
وتابع أنه "في مجالي التمثيل والغناء بوطنه اليمن، من تظهر على الشاشات صاحبة المكانة الاجتماعية وليست الأكثر موهبة" لكنه أردف قائلا: "في مقابل ذلك فإن هناك نساء يمنيات استطعن كسر القيود وصرن من المشاهير، ومثّلن المرأة والوطن أفضل وأرقى تمثيل".
وضرب اليافعي مثالًا على ذلك بالدكتورة آمنة النصيري التي دخلت التحدي وجعلت الأهل واليمن كلها تفخر بها كفنانة وإنسانة.
وحول مسيرته وتجربته الفنية، قال إنه منذ أن استطاع الإمساك بالقلم، وهو شغوف برسم المشاهد التي تختزنها ذاكرته بما يتناسب بكل مرحلة عمرية مرّ بها، وأنه ظل يمارس هذا الشغف حتى كبر وذلك بتشجيع من المجتمع المحيط به مثل البيت والمدرسة، وكان يحقق نشوة إشباع رغباتهم بشيء من الدهشة.
وبيّن اليافعي أنه بعد ذلك تأثر بالموروث والبيئة اليمنية الغنية المحيطة به، وراح يرسم الواقعية ويُعبّر عنها ويعشق تفاصيلها ورسائلها الواضحة الجليّة خاصة أنه يميل للوضوح ولا يجيد الإيحاء أو الرسائل المُبطّنة.
وأشار إلى أنه عمل على الاطلاع على تاريخ الفنون، وتغذية ذاكرته البصرية بمشاهدة أعمال لكبار الفنانين العالميين، وعشق أساليب بعضهم وتكوّنت لديه الجرأة والخبرة وبدأ يرسم بالأسلوب التأثيري، بعد أن عرف أسرار اللون وخبايا الظل وبهاء الضوء.
ووصف اليافعي علاقته باللوحة والفرشاة والألوان، بأنها "علاقة محبة وشغف يصل لحد الهوس"، وأنه ينتظر اللقاء بلوحته بلهفة وينسى العالم وهو أمامها وكأنه يجلس إلى من يحب، وأنه حين يرسم يشعر بالجمال، ويشعر من حوله بجمال حضوره كإنسان.
وأضاف: إنه يحرص على اختيار موضوع لوحاته بدقة وعناية، مشيرا إلى أن ذلك من أول أسباب نجاح العمل الفني، خاصة حين يحمل هذا العمل رسائل جمالية وإنسانية ووطنية.
وحول موضوعات لوحاته الفنية، قال: إن أعماله تنطلق من حبه للأشياء القديمة العتيقة، وعشقه للشعر الكلاسيكي وللموروث الثقافي والحضاري الإنساني ولتراث وحضارة وطنه اليمن بوجه خاص.
وأوضح أنه يختار للوحاته موضوعات تكون بمثابة رسالة للعالم عن وطنه الذي يعج بالتراث بداية من الأزياء ومروراً بالعمارة والأهازيج الشعبية، إضافة إلى حضور المرأة التي يرسمها في لوحاته من منظور حضورها الرائع في الحياة، دون أن يحصر تناوله الفني لها في خانة الأنثى كـ "النظرة الشرقية التي تُقلّل من مكانة هذا الكائن الناعم الذي يصنع أمجاد الرجال".
يُذكر أن زكي اليافعي، فنان تشكيلي يمني، شارك في عشرات المعارض والملتقيات التشكيلية العربية في وطنه اليمن، وفي عدد من البلدان مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وإسبانيا، إضافة إلى معارضه الشخصية.
ونال اليافعي جوائز عديدة على المستويين المحلي والدولي، وله مقتنيات فنية في عدد من بلدان العالم، وفي القصور الملكية العربية، كما مثّل وطنه اليمن في عدد من المعارض والفعاليات الفنية الدولية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حكيم العرب.. قائد تطلّع إلى العالمية في خدمة الإنسان
وضع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، معالم البدايات في تطور الخدمات الصحية في دولة الإمارات، وشكلت رؤيته، طيب الله ثراه، الأب المؤسس في الرعاية الطبية التي يمكن من خلالها تحقيق أفضل ما يُمكن لضمان استقرار المجتمع والحفاظ على صحته، وكانت كلماته خير دليل على ذلك حين قال: «لا أريد أن يغترب إنسان بحثاً عن العلاج ليكابد مع آلام المرض مشقة الابتعاد عن الأهل والوطن»، ومن أجل تحقيق هذه الرغبة، تصدرت الرعاية الصحية قائمة الاهتمامات، وأصبح من حق كل مواطن يعيش على هذه الأرض أن يفخر بما تحقق في المجال الصحي، وما تحظى به من منشآت وقلاع طبية تنتشر في المدن والقرى.
كان النفط سبباً في التغيير، وذلك في منتصف أربعينات القرن العشرين، عندما بادرت شركات النفط لإنشاء مستوصفات صغيرة، وتعيين الأطباء، لتوفير الخدمات الطبية لموظفيها في الحقول النفطية، لكن مع قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1971، أدّى هذا التحرك السياسي لإنشاء وزارة الصحة العامة التي فعّلت المزيد من التطوّر السريع في مجال الرعاية الصحية، وصولاً إلى تجاوز معدل نمو الكادر الطبي خلال 10 سنوات، بين 104 و140%، وارتفع عدد الأطباء البشريين العاملين بالقطاعين الحكومي والخاص إلى 26151، بنهاية 2020، مقابل 12804 أطباء عام 2010، بزيادة 104% وب13347 طبيباً، كما ارتفع عدد أطباء الأسنان إلى 6811 طبيباً، مقابل 3042 طبيباً بنمو 124%، وفي التمريض إلى 56133 ممرضاً، بنمو 140%، وذلك بحسب المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.
البنية التحتية
شهدت الخدمات الصحية في عهد الشيخ زايد، تطوراً كبيراً، حيث أولى طيب الله ثراه، اهتماماً كبيراً بالقطاع الصحي، مما ساهم في تحسين مستوى الرعاية، ومن أبرز جوانب هذا التطور، الاهتمام بإنشاء البنية التحتية وتأسيس مستشفيات ومراكز صحية في جميع أنحاء الإمارات، بما في ذلك المناطق النائية، حيث كان الوالد المؤسس يحرص على ضمان توفير الخدمات الصحية لجميع المواطنين، بما في ذلك المناطق الريفية التي كانت تفتقر إلى الرعاية الطبية.
كما أولى، طيب الله ثراه، اهتماماً كبيراً بالتوسع في التعليم الطبي، حيث تم تطويره بشكل ملحوظ بإنشاء مدارس طبية وتوفير برامج تعليمية للأطباء والممرضين، كما تم إرسال العديد من الطلاب الإماراتيين إلى بعثات تعليمية خارجية للدراسة في مجالات الطب والصحة.
أجهزة متقدمة
كانت الإمارات في فترة حكم الشيخ زايد، تسعى لتوفير أحدث الأجهزة الطبية والتقنيات في المستشفيات والمراكز الصحية، وتمّ إدخال تقنيات طبية متطورة، مما جعل النظام الصحي من الأنظمة المتقدمة في المنطقة والعالم، فضلاً عن تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض، بإطلاق العديد من البرامج الصحية للتوعية بالأمراض المعدية والمزمنة، إضافة إلى حملات تطعيم الأطفال ضد الأمراض.
أيضاً شهد القطاع الصحي الخاص تطوراً ملحوظاً، وذلك عبر توفير تسهيلات لافتتاح مستشفيات ومراكز طبية خاصة تعمل جنباً إلى جنب مع القطاع العام، مما أدى إلى زيادة الخيارات المتاحة للمواطنين.
وتم إنشاء مستشفيات متخصصة في العديد من التخصصات مثل علاج السرطان، وطب الأطفال، وطب القلب، مما جعل الرعاية أكثر تنوعاً وفاعلية، إضافة إلى الاهتمام بالصحة النفسية، وتوفير الدعم والعلاج للأفراد الذين يعانون من مشكلات نفسية، وذلك من خلال تأسيس مراكز متخصصة.
تحسين حياة البشر
لم تقتصر جهود الشيخ زايد على تطوير الخدمات الصحية في الإمارات فقط، بل كانت الإمارات تحت قيادته من الدول الرائدة في تقديم المساعدات الصحية والإنسانية لشتى دول العالم في أوقات الأزمات والكوارث، فقد كان، طيب الله ثراه، من القادة الذين تميزوا بحسهم الإنساني العالي، حيث كان له دور كبير في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لدول العالم، سواء في الأوقات العادية أو خلال الأزمات والكوارث.
كان سعيه لتحسين حياة البشر في مختلف أنحاء العالم جزءاً من رؤيته الإنسانية العميقة، فقد كان حاضراً للإغاثة في الحروب والكوارث، وقدّم مساعدات إنسانية ضخمة، ففي عام 2004، قدمت الإمارات مساعدات كبيرة لدول جنوب شرق آسيا بعد كارثة تسونامي، ووفرت مساعدات مالية وطبية لمساعدة المتضررين، إضافة إلى أن الشيخ زايد كان من أوائل القادة الذين قدموا الدعم للاجئين في مناطق النزاع، سواء في فلسطين أو أفغانستان أو الصومال أو السودان، وغيرها من الدول التي شهدت أزمات إنسانية.
كما حرص الشيخ زايد على تقديم الدعم لمشاريع الصحة والتعليم في العديد من الدول الفقيرة، حيث تم بناء المستشفيات والمدارس في مناطق نائية حول العالم، منها أنشأ العديد من المستشفيات في مصر واليمن والسودان والصومال، وقد أرسل، طيب الله ثراه، مساعدات طبية للأشخاص الذين كانوا يعانون من أمراض مزمنة أو وبائية في العديد من الدول، وقدّم مساعدات لشراء الأدوية والمعدات الطبية.
ونتيجة لهذه الجهود، أصبحت دولة الإمارات من الدول الرائدة بالمنطقة في مجال الرعاية الصحية، فضلاً عن أن سياسات الرعاية الصحية ساهمت في تحسين مستوى الصحة العامة ورفع متوسط العمر المتوقع وزيادة الوعي الصحي لدى المواطنين.