ناقش منتدى "الثقافة والتراث الأخضر.. الطريق نحو الاستدامة" الذي أقيم اليوم بولاية صلالة المبادرات التي من شأنها أن تحافظ على عناصر التراث الثقافي والطبيعي، واستدامتها من خلال التركيز على استغلال الموارد والخامات الطبيعية في مختلف مجالات التراث الثقافي، حيث سلط الضوء على دور الثقافة بعناصرها المختلفة، وصمودها أمام التغيرات المناخية وتأثيراتها مما يسهم في التقليل من البصمة الكربونية ويساعد على الوصول إلى مستوى صفر، وذلك تماشيا مع توجهات سلطنة عُمان الرامية إلى بلوغ مستوى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ويشكل في الوقت ذاته أحد التوجهات الإستراتيجية التي تركز عليها رؤية عمان 2040 بإيجاد مجتمع واع ومثقف ومدرك لبيئته والحفاظ عليها من خلال تبنّي مشروعات الاقتصاد الأخضر والدائري.

ويأتي هذا المنتدى كذلك متماشيا مع التوجهات العالمية والإقليمية في صناعة المستقبل الأخضر ومن أهمها مبادرة المملكة العربية السعودية “الثقافة والمستقبل الأخضر“ التي تهدف إلى تعزيز دور الثقافة، ورفع الوعي بأهمية الثقافة في التنمية الشاملة والمستدامة، والحث على رسم سياسات ثقافية وبرامج شاملة تسهم في تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، والتخفيف من آثار التغيُّر المناخي، وتعزيز القدرة على التكيّف معها، والتعامل مع تحدياتها المختلفة.

نظمت المنتدى وزارة التربية والتعليم ممثلة في اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة التراث والسياحة، وبالشراكة مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو"، واللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، ويشارك به عدد من الخبراء والمختصين في مجال صون التراث الثقافي والطبيعي يمثلون المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" ومكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج العربية، واليمن وقطر، وعدد من الخبراء العُمانيين والخليجيين.

ويهدف المنتدى شبه الإقليمي الذي رعى افتتاحه سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد بن خلف الخروصي وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث إلى التعريف بالثقافة والتراث الأخضر والمفاهيم المرتبطة بهما واستعراض التحديات التي تواجه عناصر الثقافة والتراث الأخضر ودور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز ممارسات الثقافة والتراث الأخضر، وتقديم أفضل الحلول الابتكارية التي تدعم توجه الثقافة والتراث الأخضر لخدمة البيئة واستدامتها، وعرض أفضل الممارسات في مجال الثقافة والتراث الأخضر ودورها في تحقيق الاقتصاد المستدام، ويستهدف المنتدى الباحثون والأكاديميون، والطلبة في مؤسسات التعليم العالي والعاملون في مجال التراث، والثقافة، والبيئة، والسياحة، والمتاحف، وأفراد المجتمع المحلي.

وقال سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد بن خلف الخروصي، وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث بعد إطلاق شعار التراث الأخضر للمنتدى إن مفهوم التراث الأخضر يتجاوز المصطلح المتعارف عليه حاليا بالتراث الطبيعي أو البيئي ليشمل جميع المبادرات لحفظ وصون التراث الثقافي وبالتالي التركيز على الموارد لتعظيم الاستفادة من التراث الثقافي، ونحن هنا في سلطنة عمان لدينا مبادرات وتجارب ونماذج ناجحة في الحفاظ على التراث الثقافي.

ويتضمن المنتدى الذي يستمر لمدة يومين تقديم مجموعة من أوراق العمل، يشارك بها ١٦ باحثا من داخل عمان وخارجها وتتخللها جلسات نقاشية مع الخبراء في هذا المجال بالإضافة إلى جلسات حوارية تهدف إلى مناقشة استشراف مستقبل الثقافة والتراث الأخضر في المنطقة العربية.

وبدأت أعمال المنتدى اليوم بكلمة سلطنة عمان، ألقتها آمنة بنت سالم البلوشية، أمينة اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، أكدت فيها أن العالم ينظر إلى الثقافة على أنها أداة مهمة في تحقيق التنمية المستدامة للدول والرفاه المتكامل للشعوب والمجتمعات، ورسم الخطط والسياسات الثقافية والتراثية المؤدية إلى تعزيز التفاهم ونشر السلام. ولفتت إلى اهتمام المنظمات "اليونسكو، والإيسيسكو، والألكسو" بالثقافة، ودعم الدول الأعضاء لصون تراثها بشقيه المادي وغير المادي والاهتمام بصون الموارد الطبيعية والثقافية. وفي ختام كلمتها أشارت إلى انسجام موضوع الثقافة والتراث الأخضر مع رؤية عُمان 2040، ومع الإستراتيجية الثقافية وقانون التراث الثقافي لسلطنة عُمان اللذين يؤكدان على أهمية صون الثقافة والتراث بجميع عناصرهما مع ضرورة السعي الدؤوب لوضع الأُطر اللازمة لحمايتها من التغيرات المناخية التي أصبحت من أبرز القضايا التي تهم العالم أجمع.

وألقى المهندس بلال شابي، خبير اختصاصي برامج في قطاع الثقافة بمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) كلمة المنظمة، تحدث فيها حول خطورة التغيرات المناخية وتأثيرها على المواقع التراثية في العالم عامة وفي العالم الإسلامي خاصة، وأهمية تطوير استراتيجيات وتبادل الخبرات والجهود لحماية البيئة وعناصرها الثقافية. وتطرق لجهود منظمة الإيسيسكو في تقديم الدعم والمشورة للدول الأعضاء من أجل التصدي لظواهر التغير المناخي والحفاظ على بيئة سليمة، مستلهمة من الثقافة الإسلامية؛ إيمانا منها بأن التغيرات المناخية أصبحت تشكل تهديدا كبيرا على المواقع التراثية حول العالم، وانخراطا منها في الجهود الدولية الداعية إلى التصدي لهذه الظاهرة والمحافظة على المكتسبات التاريخية للشعوب.

كما ألقى الدكتور عبدالإله الطخيس، مدير قطاع الثقافة باللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم كلمة المملكة، أشار فيها إلى مبادرة المملكة العربية السعودية الثقافة والمستقبل الأخضر التي تهدف إلى تعزيز دور الثقافة، ورفع الوعي في مركزية الثقافة في التنمية الشاملة والمستدامة، وتحثّ على رسم سياسات ثقافية وبرامج شاملة تسهم في تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، والتخفيف من آثار التغيُّر المناخي، وتعزيز القدرة على التكيّف معها، والتعامل مع تحدياتها المختلفة.

أوراق عمل وجلسات حوارية

وقدم الدكتور حمد بن محمد المحرزي، عميد كلية عمان للسياحة بالندب ورقة العمل الرئيسية في المنتدى بعنوان "التراث الطبيعي الأخضر والسياحة: التكامل نحو الاستدامة" أكد من خلالها على أن التراث يعد أحد الجوانب الرئيسية في المجتمعات، والذي يمثل ما ورثناه من الأجداد وعن الأسلاف، موضحا أن كلمة التراث لها تفرعات كثيرة تشمل العديد من أنواع التراث، كالتراث الطبيعي وهو التراث ذات السِمات الطبيعية والتكوينات الجيولوجية والفيزيوغرافية والمناطق المحددة التي تشكل موطنًا لأنواع الحيوانات والنباتات المهددة أو النادرة والمواقع الطبيعية ذات القيمة من وجهة نظر العلم أو الحفظ أو الجمال الطبيعي، وهي تشمل المناطق الطبيعية الخاصة والمحمية بشكل عام، وحدائق الحيوان، والأحواض المائية والحدائق النباتية، والموائل الطبيعية، والنظم الإيكولوجية البحرية، والمحميات،، ومنذ نشأتها قامت منظمة اليونسكو بإعطاء مواقع التراث الطبيعية أهمية من خلال إنشاء قائمة التراث الطبيعي العالمي، والتي تحتوي على 257 موقعا طبيعيا وبما يعادل ثلاثة ملايين ونصف كيلومتر مربع، حيث وضعت 39 موقعا طبيعيا منها بسبب التمازج والأهمية التي يمثلها الموقع في الجمع بين القيم الثقافية والطبيعية.

وأشار المحرزي إلى أن التراث الطبيعي ينبثق منه عدد من الأفرع، بحيث يمثل التراث الطبيعي الأخضر أحد أنواع هذا التراث ولكون أن مصطلح التراث الطبيعي يشمل كل مكونات الطبيعة التي نتجت ضمن مراحل تاريخ الأرض وما صاحبها من عمليات إيكولوجية وبيولوجية مهمة، ساهمت في تشكيل البحار والشواطئ والجبال وغيرها من الظواهر الطبيعية، فإن التراث الطبيعي الأخضر هو مصطلح يصف مواقع التراث الطبيعي التي تمتاز بطبيعة برية طبيعية أو بتدخل الإنسان كالبيئات المزروعة، ومن هذه المواقع الغابات والمسطحات الخضراء أو غير الخضراء الطبيعية وغيرها من البيئات تحتوي على الحياة البرية الطبيعية، والتي تسهم بشكل مباشر في الحفاظ على النظام البيئي الأحيائي الطبيعي للمنطقة. عليه، مصطلح التراث الطبيعي الأخضر، لا يقتصر فقط على المكونات الطبيعية الخضراء، لكنه يشير بدرجة أكبر إلى التراث الطبيعي الذي يقوم على المساهمة المباشرة في استدامة بيئاته المختلفة وبما يسهم في الحفاظ على كوكب الأرض.

وأكد الدكتور حمد المحرزي في ختام ورقته على أن السياحة صناعة تقوم على كافة أنواع المصادر التي تزخر بها البيئات الحاضنة لهذه الصناعة، فإن التراث الطبيعي الأخضر يعد أحد أهم المصادر التي تقوم عليها السياحة، حيث تتقاطع منطلقات صناعة السياحة مع المفاهيم التي يقوم عليها التراث الأخضر. لمناقشة هذا التقاطع، تقدم هذه الورقة إطارا نظريا حول مفهومَي التراث الطبيعي الأخضر، وصناعة السياحة، وكيف يمكن أن يُخلق التكامل بين صناعة السياحة كموظِّف لمصادر التراث الطبيعي الأخضر وبما يعزز استدامة كل منهما للآخر.

وبدأت الجلسة الأولى للمنتدى التي تناولت جهود المنظمات الدولية في مجال الثقافة والتراث الأخضر، بورقة عمل حول استشراف مستقبل الثقافة والتراث الأخضر في ضوء أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة قدمتها المهندسة جاوده منصور من مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج العربية واليمن، واستعرض المهندس بلال شابي من منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في ورقة العمل الثانية جهود منظمة "الإيسيسكو" في صون الثقافة والتراث الأخضر، وتناول الدكتور أحمدو حبيبي من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" في ورقة عمله جهود المنظمة في هذا المجال، واختتمت الدكتورة هبة عبدالعزيز من الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عمان الجلسة الأولى بورقة علمية حول دور كرسي اليونسكو في مجال التراث العالمي وإدارة السياحة المستدامة في المنطقة العربية في مجال صون التراث الأخضر.

وفي الجلسة الثانية ترأس جاسم محمد الجيدة من دولة قطر جلسة العمل التي تمحورت حول تعزيز الثقافة والتراث الأخضر من خلال رسم الخطط وتوظيف التقنيات الحديثة، وتضمنت ثلاث أوراق عمل، حيث حملت الورقة الأولى عنوان "مضامين الثقافة والتراث الأخضر نحو مستقبل مستدام في رؤية عُمان 2040" قدمتها المهندسة فايزة بنت محمد الحارثية من مكتب متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، و"دور التعليم في تعزيز الثقافة والتراث الأخضر: مبادرة المدارس الخضراء أنموذجًا" عنوان الورقة الثانية في هذه الجلسة، استعرضتها الدكتورة هدى بنت مبارك الدائرية من اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، والورقة الثالثة (الأخيرة) حول دور المتاحف في حفظ وصون الثقافة الأخضر تناولتها الدكتورة نجية بنت محمد السيابية من متحف عمان عبر الزمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للتربیة والثقافة والعلوم التغیرات المناخیة العالم الإسلامی التراث الثقافی فی تحقیق فی مجال من خلال رؤیة ع

إقرأ أيضاً:

منظمة الصحة العالمية: انتشار الفيروسات التنفسية ضمن المعدلات الطبيعية ولا داعي للطوارئ

أكدت منظمة الصحة العالمية أن انتشار الفيروسات التنفسية على مستوى العالم ما زال ضمن المعدلات الطبيعية المتوقعة لموسم الشتاء، مشيرة إلى أن المخاطر على الصحة العامة تبقى منخفضة في الوقت الراهن.

وفي مؤتمر صحفي عقدته في جنيف يوم الثلاثاء، قالت مارغريث هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن المنظمة تراقب عن كثب تطورات الوضع الصحي العالمي، وتعتبر أن الزيادة في عدد الإصابات بالفيروسات التنفسية، التي تشمل الإنفلونزا الموسمية وفيروسات الالتهاب الرئوي، تظل ضمن المعدلات الموسمية الطبيعية.

وأوضحت هاريس أن الحالات المسجلة في بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة والصين، لا تستدعي اتخاذ إجراءات طارئة في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن المنظمة لا ترى ضرورة لتفعيل أي إعلان طوارئ أو خطط استجابة طارئة. وأكدت أن الوضع الصحي العام مستقر إلى حد كبير رغم بعض الإصابات التي تم رصدها، مثل أول حالة وفاة جراء فيروس أنفلونزا الطيور التي تم تسجيلها في الولايات المتحدة يوم الإثنين الماضي.

وفي سياق متصل، شددت هاريس على ضرورة مراقبة انتشار فيروس أنفلونزا الطيور بين الحيوانات، خصوصاً الدواجن والماشية، وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية. وبينت أن المنظمة تواصل متابعة الوضع عن كثب لضمان عدم انتقال الفيروسات إلى البشر بشكل أوسع.

فيما يخص الوضع في الصين، أفادت المتحدثة أن التقارير الواردة من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية تشير إلى زيادة في الإصابات التنفسية الشائعة، مثل الإنفلونزا وفيروس الالتهاب الرئوي و”كوفيد-19″. وقد أظهرت بيانات النظام الصيني للمراقبة ارتفاعاً بنسبة تتجاوز 30% في عدد الحالات الإيجابية للإنفلونزا الموسمية مقارنة بمجموع الإصابات التنفسية الأخرى.

ومع ذلك، أكدت هاريس أن مستويات العدوى في الصين تظل ضمن النطاق المتوقع خلال فصل الشتاء، وأن الزيادة الحالية في الإصابات لا تشير إلى تحول في سلوك الفيروسات أو تهديدات جديدة على الصحة العامة.

وفي الختام، شددت منظمة الصحة العالمية على أهمية الاستمرار في مراقبة الوضع وتطبيق التدابير الوقائية، بما في ذلك اللقاحات ضد الإنفلونزا، للتخفيف من تأثير هذه الفيروسات خلال موسم الشتاء.

مقالات مشابهة

  • رغم المؤهلات الطبيعية.. القطاع السياحي بإقليم الحوز ينتظر إعادة الهيكلة
  • بمناسبة يوم الثقافة المصرية احتفالية بقصر ثقافة شمال سيناء
  • تقرير: تغير المناخ غذى الكوارث الطبيعية التي تسببت في خسائر بقيمة 320 مليار دولار العام الماضي
  • «السياحة» تفتتح فعاليات الدورة الأولى لـ «أيام غريان السياحية للتسوق والحرف والتراث»
  • عامٌ من الإنجازات الثقافية لحماية الهوية الفلسطينية وإبرازها عربيًا وعالميًا
  • شاب يخضع لاختبار مفاجئ في سورة آل عمران من موظف في شؤون الحرمين .. فيديو
  • شراكة لتعزيز الحفاظ على التراث والتبادل الثقافي
  • الهيئة الملكية لمحافظة العُلا وأكاديمية دونهوانغ الصينية تعقدان شراكة لتعزيز الحفاظ على التراث والتبادل الثقافي
  • احتفاء بيوم الثقافة المصرية.. خصم 25% على جميع إصدارات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
  • منظمة الصحة العالمية: انتشار الفيروسات التنفسية ضمن المعدلات الطبيعية ولا داعي للطوارئ