انعقدت في يوليو 2019م بأديس أبابا لقاءات بين وفديّ قوى الحرية والتغيير وقيادات بارزة من الجبهة الثورية، والحركات المسلحة الأخرى في السودان، أي قبل التوقيع النهائي على وثيقة 2019م الدستورية الشهيرة في 4 أغسطس 2019م، انعقدت لقاءات أديس أبابا تلك بين الطرفين لبحث فرص السلام والتحول الديمقراطي في البلاد.

وضم وفد الحركات المسلحة قائد الجبهة الثورية مالك عقار، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، ووفدا من حركة كوش بقيادة محمد داؤود والتوم هجو، بالإضافة إلى قادة مدنيين. باعتبار أن هذه الحركات جزءاً من قوى الحرية والتغيير.
قيل حينها إن الغرض من تلك الاجتماعات، هو التشاور حول قضايا الحرب والسلام والفترة الانتقالية، ومسودة الاتفاق مع المجلس العسكري، والاتفاق على رؤية موحدة حول كيفية الوصول للسلام في المرحلة المقبلة.
وخلال تلك اللقاءات بالعاصمة الإثيوبية، طالب متحدث باسم الحركات المسلحة قوى الحرية بعدم الإعلان عن التشكيلة الحكومية، قبل حدوث توافق حولها بين كل الأطراف، إلا أنّ هذا لم يحدث، وصرّح رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، معتبراً أن اتفاق الخرطوم (أي وثيقة 2019م الدستورية) لا يعبر عن قضايا الوطن ولا يقدر تضحياتهم، معرباً عن اعتراضه على البنود الخاصة بعملية السلام في الاتفاق.
ناس الحرية والتغيير، كان لهم تقيما مختلفا لتلك اللقاءات، فقد كتب في حينه الصحفي منعم سليمان على حسابه في الفيس: "الحقيقة انه لقاء تم فيه خداع قوى الحرية والتغيير كما خداعنا جميعا بعنوانه: ( مناقشة قضايا الحرب والسلام)ً.. حتى إذا حضر الوفد إذ بهم أمام سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.. حيث فوجئ وفد الحرية والتغيير انهم في مواجهة وحوش يرون في الثورة وليمة.. هذا يريد اللحم وذاك العظم وهذه تريد المعصم.. ففضحنا أمرهم أمام العالمين.."
من هناك، ولد الغبن السياسي، وكبر، وقيل: "من فشّ غبينته، خرّب مدينة". التوّحش الضاري للسلطة، والشهوة العارمة للنفوذ، كانت أسباباً لتوقيع "حركات الكفاح المسلح" بنودا سرية تحت "التربيزة" مع المكون العسكري (للجنة الأمنية للنظام البائد) في ظل وجود صوري لحكومة حمدوك، بيّتت فيها الطرفان، نيّة تقويض الحكومة المدنية ــ الانتقالية مع سبق الإصرار والترّصد. وتمكنوا من تنفيذ ما دبروه بليل في 25 أكتوبر، نكايةً في قوى الحرية والتغيير، التي تجاهلت طلبهم في إرجاء تشكيل الحكومة الانتقالية، ولكن ماذا بعد ذلك؟
أصبحوا، أي قيادات "الكفاح المسلح"، أصحاب الرصّة والمنصة، شغلوا الناس، وخطفوا الأضواء، مكّنوا منسوبيهم في مفاصل الدولة، وتجّبروا، لكنهم، ولمدة سنة ونصف، بالتمام والكمال، حكموا "زُمنتارية" بدون شرعية، وبدون حكومة، ووضعوا أيديهم في يد الجلاد، شاركوا في قمع الشعب، واشتركوا في قتل مئات الشباب العزّل في شوارع مدن السودان المختلفة، وأضحوا لا يبالون بعودة فلول النظام البائد، طالما هم عودهم راكب في "كارتيل" تقاسم السلطة والثروة، ضاربين بشعاراتهم الثورية، ومظالم أهاليهم عرض الحائط، مكتفين بما غنموها من حقائب وزارية، ومناصب دستورية، باسم اتفاق السلام "الماسورة" الذي تم توقيعه على عجل، و"بدغمسة" في جوبا.
ومن المفارقات، خلال لقاءات أديس أبابا المشار إليها، إن بعض حركات "الكفاح المسلح"، اشترطت لنزع أسلحتها بمقتضى اتفاق سلام محتمل في إطار الوضع الجديد بالسودان، حل قوات الدعم السريع وإعادة هيكلة الجيش.
اللجنة الأمنية، وفلول النظام البائد، لعبوا بحركات "الكفاح المسلح" سياسة، وهم في سكرتهم بالسلطة المنهوبة يعمهون، انشغلوا بقضاء وطرهم منها، إلى أن كمن لهم نقابة المحامين السودانيين، في منعطف حاد، ودلقت مشروعا دستوريا زلقا وناعما وسط أرجلهم، استهانوا به في البداية، ثم حاولوا عرقلته بكافة السبل الصبيانية، إلى أن تضّخم، وأصبح بعبعاً ماكرا وخطراً على سلطتهم "البوكو"، ثم نافحوا للتوقيع عليه، لكنه كان الإطاري عصياً عليهم.
تمّكن مشروع الدستور الانتقالي، واتفاقه الإطاري، من إحداث شرخاً مميتا، في صفوف الانقلابين، وحاضنتهم السياسية الهشة من حركات "الكفاح المسلح"، وانتهت خلافاتهم حول الاتفاق الإطاري بالحرب العينة الدائرة الآن، كان سببها مغبوني السلطة، مشتهي النفوذ، الذين تعاونوا مع فلول النظام البائد، وتآمروا مع لجنته الأمنية، لوأد الفترة الانتقالية، وعرقلة العودة للمسار المدني الديمقراطي.
وهم الآن، لا شبعوا من بلح الشام، ولن يذوقوا عنب اليمن. الانشقاقات تحاصرهم، واللعان تلاحقهم أينما حلوا.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 113//
//////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر الکفاح المسلح

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية المصري: تقسيم السودان “خط أحمر”

السودان – أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن بلاده تعتبر مسألة تقسيم السودان “خطاً أحمر”، مشيرا إلى أن مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي تستضيفه القاهرة “مخطط له في أواخر شهر أبريل (نيسان) المقبل”.

جاء ذلك خلال مقابلة متلفزة أجراها الوزير المصري مساء الجمعة، مع قناة الشرق للأخبار السعودية، وسط تطورات حرب بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع تقترب من عامين في السودان، وترقب لمفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف عبد العاطي خلال المقابلة “نحن ندعم الدولة الوطنية ومؤسساتها في السودان وهذا أمر شديد الأهمية”.

وتابع: “لدينا قلق بالغ بشأن مسألة وحدة السودان واستقراره وسلامة أراضيه وعدم تقسيمه، وهذا خط أحمر بالنسبة لنا ولا يمكن أن نقبل بحدوثه تحت أي ظرف من الظروف”.

وأكد أن بلاده “ضد أي أفكار وطروحات خاصة بأطر موازية تتعلق بالسودان”، مشددا على وقوفها مع السودان وشعبه.

في 20 فبراير/ شباط الماضي استدعى السودان سفيره لدى نيروبي كمال جبارة، احتجاجا على استضافة كينيا اجتماعات ضمت قوى سياسية وقيادات من “قوات الدعم السريع”، بهدف إقامة “حكومة موازية”، وتنفي كينيا.

‏ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وفيما يتعلق بقطاع غزة ومخططات واشنطن لتهجير الفلسطينيين منه، قال عبد العاطي إن الموقف الأمريكي متطور خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، التي قال فيها “لا حاجة ولا ضرورة لطرد سكان القطاع من أراضيهم”.

وتابع في حديثه عن ذلك: “هذا تطور شديد الأهمية، ونحن نقدر أهمية هذا التصريح في هذا التوقيت”.

وذكر أن مؤتمر إعمار قطاع غزة “مخطط له في أواخر شهر أبريل المقبل”.

وبشأن وجود وعود من الدول المانحة بتقديم منح مالية لبدء مسار إعادة إعمار غزة، قال الوزير المصري: “نأمل بطبيعة الحال أن تبدأ الدول العربية، ونتواصل مع الجميع، ونتواصل أيضاً مع الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى غير العربية للتشجيع على البدء في الإعلان عن تعهدات مالية”.

وأضاف: “بالتأكيد لدينا قدر من الوقت لتكثيف الاتصالات والجهود، ولكن الآن الجهود منصبة على الانتهاء من الورقة المفاهيمية ومن الجلسات الخاصة بالمؤتمر، لأن هذا المؤتمر سيتضمن أفكاراً غير تقليدية، أفكاراً خلاقة، فيما يتعلق بورش عمل تتناول ملفات بعينها”.

وفي عملية الإعمار، أوضح عبد العاطي وجود “دور للقطاع الخاص، خاصة القطاع الخاص الفلسطيني، والشركات العربية، والشركات الإقليمية مثل تركيا، والشركات الدولية مثل الشركات الأميركية والأوروبية”.

وأشار إلى أن “هذه الأفكار الكثيرة مطروحة، حيث يجري الانتهاء منها، وبالتوازي يتم مخاطبة الدول والأطراف المانحة لتشجيعها على أن يكون هناك تعهدات مالية”.

ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي يروج ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية وأوروبية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.

وفي المقابل، اتفقت الدول العربية في قمة طارئة عقدت بالقاهرة في 4 مارس الجاري، على رفض أي محاولات من شأنها إعادة إعمار قطاع غزة من خلال تهجير سكانه تحت أي مسمى أو ظروف.

كما أقرت القمة العربية الطارئة خطة جامعة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، على أن يستغرق تنفيذها خمس سنوات، وتكلف نحو 53 مليار دولار أمريكي.

وتتضمن الخطة العربية تشكيل لجنة “إدارة غزة” لتتولى تسيير شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية “تكنوقراط” تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

 

الأناضول

Previous ماكرون يبحث مع سلام هاتفيا جهود الإعمار والإصلاحات بلبنان Related Posts ماكرون يبحث مع سلام هاتفيا جهود الإعمار والإصلاحات بلبنان عربي 15 مارس، 2025 المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: القطاع على أبواب مجاعة محققة بسبب الحصار عربي 15 مارس، 2025 أحدث المقالات وزير الخارجية المصري: تقسيم السودان “خط أحمر” ماكرون يبحث مع سلام هاتفيا جهود الإعمار والإصلاحات بلبنان “اتحاد سات” و”المنذر”.. الإمارات والبحرين تطلقان قمرين اصطناعيين المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: القطاع على أبواب مجاعة محققة بسبب الحصار ترامب حول مفاوضات وقف النار بغزة: الوضع معقّد للغاية.. نأمل أن تسير الأمور على ما يرام

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • دولة أفريقية تتعهد بسد فجوة، السودان من سلعة “الشاي”
  • استئناف العمل بقسم الغاز في معمل “سادكوب” بمدينة بانياس بعد توقفه لأيام جراء هجمات فلول النظام البائد
  • تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في “نير عوز”: فشل ذريع بكل المقاييس
  • وزير الخارجية المصري: تقسيم السودان “خط أحمر”
  • قسم الغاز في معمل “سادكوب” بانياس يستأنف عمله بعد التوقف الذي نتج عن هجمات فلول النظام البائد.
  • الشيباني: المجلس الرئاسي يقدم مبادرات “باهظة وفارغة” لإطالة المرحلة الانتقالية
  • تصاعد الخلافات بين نتنياهو ورئيس جهاز “الشاباك” بسبب هزيمة الـ”7 أكتوبر”
  • لمدة 5 سنوات.. سوريا تقر إعلانًا دستوريًا لإدارة المرحلة الانتقالية
  • أمين حسن عمر يحرر شهادة لـ”لقوات المشتركة” من حركات دارفور.. ليسوا نهابة ولا كسابة
  • محافظة حلب تطلق حملة “الطائفة السورية” لدعم أسر الساحل المتضررة جراء اعتداءات فلول النظام البائد