خروج البرهان واتجاهات القوى السياسية
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
أن الحرب في السودان قد فرضت شروطا جديدة على الساحة السياسية، حيث تغيرت فيها موازين القوى، وفقا للأجندة المطروحة، و دائما يكون الشعب هو الثقل الذي يحدد مؤشرات التغيير، كانت الساحة منذ سقوط نظام الإنقاذ في 11 إبريل 2019م و حتى يناير 2023م صراع بين المكون العسكري و القوى المدنية، حدث التغيير بشكل متسارع بعد مارس 2023م حيث بدأت موازين القوى تتغير بسبب الأزمة التي تفجرت داخل مكونات المكون العسكري ( الجيش – ميليشيا الدعم) فالحرب أحدثت تغييرا في ميزان القوى مرة أخرى عندما انحازت أغلبية الشعب في تأييدها للقوات المسلحة.
أن وصول الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش إلي مدينة أم درمان وزيارة قواعد الجيش فيها ثم السفر إلي اتبره و بورتسودان. أيضا طرح أسئلة جديدة حول الأجندة التي يحملها معه، كل جماعة تحاول أن تقدم توقعاتها السياسية و تريد أن يكون الخروج مساندا لرؤيتها. قال برمة ناصر رئيس حزب الأمة القومي " أن كان خروج البرهان بترتيبات و تفاهمات من أجل إقاف الحرب و تحقيق السلام و العودة للمسار الديمقراطي.. فإن ترتيبات الخروج ستجد منا السند و العضد الذي يعيد للشعب السوداني حقوقه المسلوبة و يحقق تطلعاته في حياة كريمة" حديث برمة ناصر يؤكد ليس لديهم أي معلومة عن سبب الخروج. و يريد أن يناصر الخروج عملية التفاوض، و كلمة ترتيبات يتوقع أنها تمت من دول المجتمع الإقليمي أو الدولي. و في جانب أخر تخوفت بعض قيادات تابعة إلي (قحت المركزي) أن يكون الهدف من الخروج تكوين حكومة تصريف أعمال، و قال أحد القيادات أن تكوين الحكومة من مهمة القوى المدنية التي يجب أن تتحاور في ذلك. و هناك قوى سياسية أخرى تتوقع أن يفتح البرهان باب اللقاءات مع القوى السياسية المختلفة للتشاور حول أجندة ما بعد الحرب، و كيفية تكوين حكومة تصريف أعمال.
هذا التباين في الأراء و التحليلات جميعها توقعات غير مسنودة بمعلومات يقينية. حيث قال سفير السودان في واشنطن لقناة الجزيرة مباشر، أنه يعلم أن البرهان سوف يقوم بزيارات ماكوكية لدول الجوار و لكنه لم يحدد الدول التي سوف يزورها. في الوقت الذي لزم فيه الجيش و إعلام مجلس السيادة الصمت عن سبب خروج البرهان و المهام التي تريد القيام بها. الأمر الذي يؤكد أن القوى السياسية جميعها لا تملك أي معلومة يقينة كلها افتراضات غير مسنودة بمعلومات. هذا الصمت من الجيش يؤكد أن قيادة الجيش قد رتبت أولوياتها، مما يشير أنها وحدها التي سوف تصنع الحدث، و ما يترتب عليه، و الآخرين متلقين فقط.
في جانب أخر جاء في صفحة حميدتي على ( تويتر – X) مشروع سياسي مطول عن رؤية الميليشيا إلي سودان المستقبل، و هي رؤية سياسية. و المراقب سوف يتضح له أن هذه الرؤية التي كان يرددها مستشاره السياسي الخاص يوسف عزت في لقاءاته مع القنوات الفضائية، و حميدتي لا يملك التأهيل الذي يجعله يقدم رؤية سياسية. إذا كانت بعض قيادات الميليشيا تعتقد أنها تريد أن تلعب دورا سياسيا عليها أن تكون حزب و تساعد على خروج الميليشيا من منازل المواطنين و المؤسسات العامة، و تقدم هذه الرؤية قبل أن تطرح الرؤية السياسية، لكن دون الأنتهاء من الميليشيا العسكري لن يقب الشعب السودان لها دورا سياسيا خاصة أن جموع الشعب السوداني و هي تستقبل قوات الجيش في العديد من مناطق السودان تؤكد على تحالفها مع الجيش و ترديد كلمة ( بل بل بل) و هي تعني الانتهاء من الميليشيا. كما هناك كلمة نقلت عن نائب القائد العام الفريق أول شمس الدين الكباشي يقول فيها " نحن لا نستجدي و لا ننتظر المجتمع الدولي لإدانة التمرد .. الذي قامت به ميليشيا الدعم السريع و سوف نقوم بمسحها من الارض قبل عودة البرهان" هذا يؤكد أن الجيش سوف لن يقبل أي دور سياسي أو عسكري للميليشيا.
القضية الأخرى التي يجب الإشارة إليها؛ أن الاتحاد الأفريقي قد ألغى أجتماع القوى المدنية الذي كان مقررا له يوم 5 سبتمبر 2023م، هذا الإلغاء له علاقة بخروج البرهان و الأجندة التي يحملها، إلي جانب أن الجيش كان قد أكد من خلال كلمات قياداته السابقة أي حوار سياسي يجب أن يتم داخل السودان، و هذا سوف يعطي الشعب فرصة كبيرة أن ينظم نفسه و يختار ممثليه في أي حوار، لآن الاجتماع خارج السودان يتطلب مصاريف انتقال و إقامة و العديد من قيادات القوى السياسية لا يمتلكون ذلك خاصة الشباب. كل ذلك يشير أن الكل سوف ينتظر الجيش ماذا سوف يفعل. خاصة أن العديد من القوى السياسية الوسطية و يمين اليسار و اليسار لم تنطق ببنت شفه. الكل الآن ينتظر حديث القائد العام و ما يحمل من أجندة في دفتره. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
////////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى السیاسیة خروج البرهان
إقرأ أيضاً:
البرهان … إياك و(البيض الممزر)!
في 2018 تم استدراج البشير الى توهم أن الخطر كل الخطر فيمن يرفضون ترشيحه في 2020 أو من لم يعلنوا تصفيقهم للفكرة حتى لو كانوا متعايشين معها بغير قناعة، لايمانهم أن تقويم الاعوجاج أفضل من كسر العود، وأن الاصلاح أفضل التغيير.
المهم، انصرف البشير من حل المشكلات الاقتصادية والتنفيذية، وصار يقرب ويؤخر بناء على الموقف من 2020، وأغفل أن النجاح الاقتصادي والتنفيذي هو (بطاقة التأهيل) الحقيقية، وليس المقالات والحملات الاعلامية والمخاطبات واللقاءات الجماهرية، بل الأسوأ من ذلك (التهجيس) الذي جعله يحضن (البيض الممزر) منتظرا أن يفقس له كوادر يحكم بها بعد 2020 من مختلف الأطياف، من الذين انحازوا لترشيحه علنا، وبدأ فعلا في التخلص ممن تم تصويرهم له أنهم غير مخلصين، لأنهم أذعنوا لأمر واقع وغير مقتنعين ب 2020.
بكل صراحة ووضوح، مطلوب من البرهان وقيادة الدولة الآن تأمين الأداء الاقتصادي من الفساد والاختراق، وإدارة دولاب الدولة التنفيذي والولائي، والنزول بطاقم متكامل فورا من رئيس وزراء للمعتمد ومدراء الوحدات الادارية ومنسق احتياطي شعبي وشرطة مجتمعية في اي قرية .. غير كدا سيضيع السودان قولا واحدا.
يجب أن يتقدم هذا الملف للأمام بذات التقدم المحرز عسكريا أو أسرع، والعنصر البشري أهم من الرضا الخارجي، ولا بد من إسقاط الكوزوفوبيا فورا ودون تردد، وليس المقصود هو اعادة نظام سابق ولا يحزنون حسب كلام (المهجسين)، ولكن المطلوب أن تكون يد الحاكم غير مغلولة في اختيار الشخص المناسب والمجرب لأي موقع، لا توجد هواجس داخله، ولا قيود خارجه.
على سبيل المثال، في مستوى الحكم المحلي، السودان فيه 133 محلية، وكان فيها 133 معتمد، وكان الناجحين والمخلصين هم النصف أو أكثر. وعليه، أي معيار غير النجاح السابق، أي تصنيف مؤسس على هواجس (أجنبية أو قحاتية) يعتبر جريمة في حق السودان لا تقل عن جرائم الجنجويد في ذبح وسرقة المواطنين.
أي محاولة ترقيعية للتجريب وصناعة كوادر وتحويل نظاميين لموظفين، لا يمكن أن تكون هي الأساس .. لا بد أن تبني الحكومة على الموجود وتراعي رغبة المجتمعات الأهلية، بحكم تجربتهم مع المعتمدين السابقين والخيارات الناجحة، وبعد ذلك تضيف بالتجريب.
أساسا الوصول لرقم 133 من المستوى المعقول أو الجيد كلف الانقاذ تجارب مريرة وخسارات واتفاقيات عبر سنين عددا، ولم يكن الموضوع تعيينات تنظيم، هذا كذب صراح، بل عدد من الناجحين تم ادخالهم تدريجيا في المؤتمر الوطني ولا صلة لهم بالتنظيم، يعني الموضوع كان فحص ودخول إجرائي وليس تجنيد، وهذا معروف، لأن الدولة بعد الرابع من رمضان باتت أقوى من التنظيم.
هذا مجرد نموذج في الحكم المحلي، وينطبق على كافة مستويات الدولة.
أي محاولة للتركيز على شخص البرهان وجعل الالتفاف حول ذاته هو (عقيدة الولاء والبراء) ضارة بالبرهان نفسه قبل غيره، وكل من يروجون لهذا الأمر هم (البيض الممزر) الذي لن يفقس، أو النحل الميت الذي لا ينتج العسل.
Dead bees don’t make honey
في حال عدم الإسعاف العاجل للأداء التنفيذي والاقتصادي والولائي حسب الوصفة أعلاه، لا جدوى من التحشيد والتهجيس.
التذاكي والتحايل والوصفات المعقدة بالاستفادة من شخصيات مع إستمرار ابعادهم، أو وجود رجال في الظل لمساعدة آخرين بالريموت كنترول، كلام فارغ، وفاشل.
مما أذكره أن أحدهم من الوطنيين، في عهد قحت، أغلق الأبواب وهمس لي دايرين اعلاميين منكم بس ما يكونوا ظاهرين، قلت له (اعلامي ما ظاهر) دا فاشل، زي عطر لا رائحة له أو (بيرفيوم برائحة الماء) لن يشتريه إلا مغفل!
أساسا الإعلامي الناجح ظاهر ومعروف وحوله دائرة من الجدل هي جزء من ظهوره وفعاليته، وتقاس جدواه بأثره وليس بانتماءه حقيقي كان مزعوما.
واضفت له من عندي نعم صحيح أن هنالك وظائف ليس من ضمن مواصفاتها الظهور، مثل (مهندس بترول شاطر) لكن الاعلام والدبلوماسية مثلا غير ذلك تماما .. الشخص هو نفسه أداة التنفيذ، لا يوجد معه بوكلين ولا ورشة لحام بالأوكسجين، من تراه أمامك الآن ويحدثك هو نفسه (عدة الشغل) لو دايره بدون عدة معناها ما دايره، ولن يسلمك علاقاته ولا شبكاته، لأنها هي ذاتها متغيرة ومتجددة غير ثابته و السيطرة عليها Manual.
هذا ليس في السودان، بل في العالم الاول نفسه لضمان النفاذ في المجتمع السياسي والمدني، يتم التعاقد مع الفاعل وليس شراء علاقته ووزنه وشهرته، ولا حتى (خطته المدونة)، لأن العمل جزء كبير منه قائم على ثغرات العدو وهي مسألة متغيرة أثناء الصراع، وليست وفق خطة، مثل قصة (أبوالقدح بعرف محل يعضي رفيقه)!
هم أنفسهم يقولون Results-oriented يعني التقييم بالنتائج وليس الخطة وأرقام هواتف الاصدقاء هذا جهل مريع بالعمل الإعلامي والمدني.
نصيحتي للبشير حول الاداء الاقتصادي والتنفيذي كانت مشابهة، في مقال (كلمات لا بد منها عن ترشيح البشير) في أول تعليق، مقالي في هذا البوست نشر في اغسطس 2018.
شاء الله أن تكون نصيحتي التالية هي لحمدوك في أغسطس 2019، في أربع نقاط، ونشرت سكرين من نصيحتي ورده علي (أتفق معك يا صديقي) في بوست سابق.
وكان رده مجرد مجاملة، أو كلام الواتس تمحوه (المزرعة)!
ونصيحتي للبرهان الآن … البيض الممزر لن يفقس ولو حضنته العنقاء في قمة جبل.
مكي المغربي