الدولة تنهار والتعافي يبتعد.. لبنان بحاجة لدعم عاجل ومنتظم ومشروط
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يحتاج لبنان إلى دعم دولي عاجل ومنتظم ومشروط، عبر استراتيجية من المانحين تتضمن محطتين، الأولى تقدم دفعة كبيرة لإعادة الإعمار مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية، والثانية توفر الدعم العاجل للشعب اللبناني.
ذلك ما خلص إليه كل من إسحاق ديوان، وهو أكاديمي وباحث ومدير سابق في البنك الدولي، وحنين السيد وهي متخصصة في التنمية البشرية تعيش في لبنان، وذلك عبر مقال في "معهد الشرق الأوسط بواشنطن" (MEI) ترجمه "الخليج الجديد".
ومنذ 2019، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة، إذ انهارت عملته المحلية الليرة أمام العملات الأخرى، مع شح في السلع الأساسية، ولاسيما الأدوية والوقود، وانخفاض حاد في القدرة الشرائية.
وقال ديوان وحنين إن "الاستراتيجية الحالية تؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومة للانخراط في إصلاحات أساسية كشرط مسبق للمساعدة التنموية. وهذا هو الموقف الصحيح، إذ سمحت المساعدات السابقة للحكومات المتعاقبة بتجنب الإصلاحات".
واستدركا: "ولكن لكي تصبح هذه المرحلة الأولى أكثر فعالية، فيتعين على الجهات المانحة الدولية أن تجدد تعهداتها وأن توضح شروطها وأن تلتزم بمسار العمل هذا بشكل أكثر انتظاما مما يحدث الآن".
واستطردا: "مع ذلك، لا شيء من ذلك كافٍ، وتوجد حاجة أيضا إلى الدعم الفوري بشكل عاجل"، محذرين من أن "عدم مساعدة السكان الآن سيؤدي إلى تدهور الأوضاع بشكل كبير، مما يجعل احتمالات التعافي في المستقبل بعيدة كل البعد عن أي وقت مضى".
و"انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 10000 دولار إلى 4000 دولار سنويا، ووقع نصف السكان في براثن الفقر، وربع الأسر لديها طفل ينام جائعا، وارتفعت معدلات عدم المساواة"، بحسب ديوان وحنين.
وأضافا أن "هذا يحدث في سياق انهيار الدولة، إذ انخفضت النفقات العامة بمقدار عشرة أضعاف، ويتقاضى المعلمون والممرضون أجورا زهيدة للغاية، وتوقف العديد منهم عن العمل، وأصبح جيل كامل معرض للخطر: فقد تسرب ثلث الأطفال من المدارس العامة، ونسبة متساوية لا تتلقى الرعاية الصحية الأولية".
اقرأ أيضاً
استبعد طباعة الليرة.. حاكم مصرف لبنان: صرف رواتب أغسطس بالدولار
خدمات أساسية
و"إلى جانب الحد من المعاناة الإنسانية، فإن المحطة الثانية، وهي برنامج حماية الخدمات الأساسية، ستسعى إلى منع الجروح الحالية من أن تؤدي إلى سرطان في مراحله النهائية"، كما أضاف ديوان وحنين.
وأوضحا أن "هذا البرنامج سيتضمن استمرار حصول جميع الأسر على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم وفرص كسب العيش وشبكة الأمان الاجتماعي".
وزادا بأنه "عبر القيام بذلك، فإن برنامج المساعدات الخارجية من شأنه أن يقلل من المخاطر الجسيمة التي تواجه البلاد الآن، ومنها ارتفاع معدلات الجريمة والمزيد من الهجرة غير الشرعية وتفاقم التوترات الطائفية".
وبالنسبة لقضية اللاجئين السوريين في لبنان، قال ديوان وحنين إنها "تزيد من تعقيد الوضع، فالدعم الدولي الذي يتلقونه يولد شعورا بالظلم والغضب بين اللبنانيين؛ لأن الوعد بتقديم الدعم المالي للفقراء اللبنانيين لم يتحقق بشكل كافٍ؛ مما أدى إلى فجوات تمويلية كبيرة، ويوجد ارتفاع خطير في معدلات كراهية الأجانب يأججها ساسة يسارعون إلى إلقاء اللوم عن إخفاقاتهم على كبش فداء مثالي (اللاجئين)".
وأفادا بأن "المساعدات الإنسانية الرسمية للاجئين السوريين بلغت نحو 1.8 مليار دولار لكل سنة من السنوات الثلاث الماضية. وتفيد تقديراتنا بأن برنامج حماية الخدمات الأساسية الجيد التنظيم والمفتوح لجميع المحتاجين، سيخدم حوالي 4 ملايين شخص، 55% منهم لبنانيون، وسيتكلف حوالي 3 مليارات دولار سنويا".
وشددا على أن "المطلوب هو زيادة حجم الدعم الإنساني وتنظيمه بشكل أفضل كبرنامج متماسك متوسط الأجل، ضمن هيكل يحافظ على الضغوط لإجراء الإصلاحات، بينما الدعم الآن أصبح مجزأ وغير فعال".
و"بفصل دعم الخدمات الأساسية المقدمة مباشرة للمواطنين عن التعامل مع الدولة يمكن تعزيز المحطة المشروطة الأولى (المساعدات الإنسانية العاجلة) من خلال جعلها أكثر مصداقية"، كما تابع ديوان وحنين.
وأردفا: "لا نعتقد أن وجود شعب أقل بؤسا من شأنه أن يُخرج النظام من المأزق، بل على العكس تماما، ينبغي للبرنامج أن يعزز قدرة المواطنين على الاحتجاج ومواصلة الضغط، خاصة أنه يمكّن المجتمعات المحلية من لعب دور أكثر نشاطا في إدارة الخدمات الأساسية".
"باختصار من خلال حماية مستقبل البلاد إلى أن يتطور الوضع السياسي بالقدر الكافي للسماح بإحداث انفراجة، فإن برنامج حماية الخدمات الأساسية المنظم تنظيما جيدا والممول من المجتمع الدولي، يمثل ضرورة أساسية للحفاظ على إمكانية تعافي لبنان مرة أخرى"، كما ختم ديوان وحنين.
اقرأ أيضاً
وفد قطري إلى لبنان بطلب فرنسي للمساعدة في حل أزمة الرئاسيات
المصدر | إسحاق ديوان وحنين السيد/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: لبنان أزمة اقتصادية دعم مساعدات لاجئون إصلاحات الخدمات الأساسیة
إقرأ أيضاً:
منظمة التعاون الإسلامي تتبنى الخطة العربية لإعادة إعمار غزة.. الأمين العام للمنظمة: ندعم التصور المصري بشكل كامل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في اجتماع استثنائي عُقد أمس الجمعة في مقر منظمة التعاون الإسلامي بمدينة جدة، تبنى مجلس وزراء الخارجية الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتي أعدتها مصر ووافقت عليها القمة العربية في وقت سابق.
وجاء الاجتماع الطارئ لمناقشة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في غزة وسبل إعادة الإعمار في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
دعم إسلامي وعربي لإعادة الإعمار
وفي كلمته خلال الاجتماع، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه دعم المنظمة الكامل للخطة المصرية لإعمار غزة، مشددًا على أهمية الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في البقاء بأرضه، وضرورة حشد الدعم المالي والسياسي اللازمين لتنفيذ الخطة.
وأوضح أن إعادة الإعمار يجب أن تكون جزءًا من مسار سياسي واقتصادي متكامل لتحقيق حل الدولتين، محذرًا في الوقت ذاته من المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
كما أكد طه على أهمية استمرار عمل وكالة الأونروا في تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين، معتبرًا أن أي محاولات لإلغائها أو استبدالها مرفوضة، ودعا إلى مضاعفة الدعم المالي والسياسي والقانوني للوكالة، لضمان استمرار خدماتها الحيوية.
دعوات لوقف إطلاق نار مستدام وانسحاب إسرائيلي كامل
وفي سياق متصل، دعا الأمين العام إلى وقف إطلاق نار مستدام، يضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين المتضررين، ومساعدة النازحين في العودة إلى بيوتهم.
كما شدد على ضرورة تمكين الحكومة الفلسطينية من تولي مهامها بالكامل في غزة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتنفيذ برامج الإغاثة العاجلة والإنعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار.
وأوضح أن مصر تعكف حاليًا على تدريب كوادر أمنية فلسطينية، ستتولى حفظ الأمن في قطاع غزة بعد انسحاب الاحتلال، داعيًا الدول العربية إلى تبني الخطة المصرية ودعمها سياسيًا وماليًا لضمان نجاحها.
موقف مصر ودعوتها لتوحيد الجهود العربية
من جانبه، أكد الرئيس المصري خلال الاجتماع على أهمية توحيد الموقف العربي لدعم إعادة إعمار غزة، مشيرًا إلى أن مصر تعمل على تأهيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتولي مسؤولياتها في القطاع بعد انسحاب الاحتلال. كما شدد على أن لا سلام دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، معتبرًا أن الحل العادل للقضية الفلسطينية هو الأساس لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
دعم أوروبي للخطة وتحفظ أمريكي
وعلى الصعيد الدولي، أبدت دول أوروبية كبرى دعمها للخطة المصرية لإعادة إعمار غزة. فقد أصدر وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا بيانًا مشتركًا يوم السبت، أكدوا فيه أن الخطة العربية توفر مسارًا واقعيًا لإعادة إعمار غزة، كما أنها تضمن تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين في القطاع، الذين يعانون أوضاعًا إنسانية كارثية بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة.
وذكر البيان أن الخطة ستتكلف 53 مليار دولار، وستساعد في تجنب تهجير سكان غزة، مشيرين إلى ضرورة تقديم دعم دولي لها لضمان نجاحها.
إلا أن الموقف الأمريكي جاء مختلفًا، حيث رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخطة، مما يثير تساؤلات حول مدى إمكانية تنفيذها في ظل الانقسام الدولي بشأن مستقبل غزة.
ختام الاجتماع.. تأكيد على الدعم الشامل للفلسطينيين
اختُتم الاجتماع بتأكيد الدول الإسلامية والعربية على التزامها التام بدعم إعادة إعمار غزة، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تهدف إلى فرض واقع جديد على الفلسطينيين. كما شددت المنظمة على ضرورة إيجاد آلية دولية لحماية الشعب الفلسطيني، والعمل على توفير كل أشكال الدعم المالي والسياسي لإنجاح خطة إعادة الإعمار، في إطار الجهود الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.