السفارة الأمريكية تكشف لـبغداد اليوم الهدف الأساس من التحشيد الأمريكي بالمنطقة
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
كشفت سفارة واشنطن لدى بغداد، اليوم الاثنين (28 آب 2023)، أسباب التحركات الأخيرة للارتال الأمريكية والتي قيل إنها بداية الاستعداد لتغيير النظام السياسي الحالي في العراق.
وبهذا الخصوص، بيّنت السفارة الأمريكية، أنه "في شهر آب الماضي وبالتنسيق الدقيق مع القوات الأمنية العراقية، تمّ استبدال أفراد الخدمة للفرقة الجبلية الأمريكية العاشرة بأفراد خدمة من الحرس الوطني لولاية أوهايو"، موضحة، أن "هذا الاستبدال كان جزءا من الاستبدال المخطط له للقوات، من أجل دعم قوة المهام المشتركة- عملية العزم الصلب".
وقال الناطق الرسمي للسفارة الامريكية في العراق، دانيل كورشاك، في تصريح خص به "بغداد اليوم" إن "هذه التحرّكات طبيعية وروتينية ومُخطط لها وبالتنسيق مع القوات الأمنية العراقية وخلال هذه المناوبات يتم نقل القوات والعجلات والمعدات من وإلى العراق".
وأضاف، أنه "بطبيعة الحال لا يُمكن احراز تقدّم حقيقي واستقرار دائم في المنطقة، دون تحقيق الأمن في العراق وضمان الهزيمة الدائمة لداعش وهذا الأمر يحتاج استبدال القوات لديمومة جاهزيتها".
وتابع كورشاك، أن "القوات الأمنية العراقية تقود القتال والولايات المتحدة ملتزمة بدعمها ودعم التحالف الدولي"، عادًا، أن "تواجد قوات الولايات المتحدة والتحالف الدولي في العراق جاء بناء على دعوة من الحكومة العراقية، لتقديم المشورة، والمساعدة، ولتمكين قوات الأمن العراقية من ضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش".
العراق يؤيد البقاء
وفي منتصف كانون الثاني 2023، عدّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن العراق لا يزال "بحاجة إلى القوات الأجنبية" الموجودة فيه.
وقال السوداني في مقابلة نشرتها، صحيفة "وول ستريت جورنال" وتابعتها "بغداد اليوم": "لسنا بحاجة إلى قوات تقاتل داخل الأراضي العراقية". وفيما أشار إلى أنّ "القضاء على تنظيم داعش سيستغرق بعض الوقت"، أوضح أن "التهديد للعراق مصدره تسلل خلايا تنظيم داعش من سوريا".
وفي الآونة الأخيرة شوهدت أرتال كبيرة للقوات المسلحة الأمريكية، حيث برز حديث سياسي وشعبي بأن القوات الامريكية بدأت بالاستعداد لتغيير النظام السياسي الحالي في العراق وإجراء عملية انتقال للسلطة إلى جهات أخرى.
علاقة الفصائل بالتحركات الأمريكية
المتحدث السابق باسم التحالف الدولي العقيد مايلز كاغينز، يوصف المعلومات حول التحركات العسكرية الامريكية والنوايا بشن عمليات عسكرية في العراق بأنها "شائعات"، مع الاشارة إلى ان تلك الشائعات اطلقتها الجهات المقربة من إيران لأنها لا ترغب باستمرار التواجد الامريكي في سوريا.
وقال كاغينز في تصريحات متلفزة تابعتها "بغداد اليوم"، في 25 آب 2023، إنه "صحيح ان هنالك تحركات امريكية في المنطقة، بين العراق وسوريا وهي تحركات روتينية ومستمرة وتحدث بين الحين والاخر"، مبينا، أن "ماجرى هو استبدال القوة العسكرية من اوهايو التي تخدم في المنطقة، بقوة أخرى من نيوروك".
وأكد أن "هذه التحركات مستمرة وحدثت وستحدث دائما لزيادة او تقليص عدد القوات واستبدالها"، مضيفا، أن "القوات الامريكية لاتنوي القيام بعمليات عسكرية أو ضرب ايران او الفصائل المرتبطة بها لانها لاتمتلك العدد الكافي لهذا الامر في المنطقة، والتحالف الدولي يركز على محاربة داعش ولاتريد الانشغال بقضايا اخرى قد تؤثر على هذه المهمة".
تهويل إعلامي مقصود
وكان الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، قد أكد الثلاثاء الماضي، (22 آب 2023)، أن التحركات الأمريكية الاخيرة هي تحركات لاستبدال القوات والحكومة العراقية على علم به، مشيرا الى أن هذا التحرك رافقه تهويل إعلامي مقصود من الجانب الامريكي لـ"رد اعتباره" بعد انتكاسه في العراق.
وقال الخزعلي في تصريحات تابعتها "بغداد اليوم"، إنه "لدينا تفصيل كامل عن استبدال القوات الأميركية بغيرها القتالية بعدد 2500 فرد وهذه التحركات بعلم الحكومة العراقية مع عدد إضافي بحدود 1500 للذهاب من قاعدة الحرير إلى سوريا".
وأضاف: "كان يفترض أن يكون استبدال القوات الأمريكية في الشهر التاسع والتبديل كان كبيراً"، مبينا ان "ما حصل هو إعلام مضخم للتحركات الأمريكية، والهدف من الحركة الإعلامية هو رد اعتبار لتفعيل معادلة الردع الأمريكي من جديد بعد انتكاس هيبتها بالعراق لكن لم يحصل الأمريكان على التفاعل الذي كانوا يتوقعونه".
وأوضح ان "الفرقة الأمريكية التي جاءت قتالية وأكثرها ستكون بسوريا"، لافتا إلى أن "هدف القوات الامريكية غير المعلن هو لإنشاء إقليم على الحدود مع سوريا".
تعزيزات عسكرية سورية
وتزامنت التعزيزات الأميركية مع ارسال الجيش السوري تعزيزات عسكرية للفرقة 17 والفرقة 18 إلى منطقة الميادين بريف دير الزور الشرقي القريبة من الحدود العراقية، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووفقا للمرصد، فإن التعزيزات جاءت لتعويض خسائر الفرقة الذين قضوا في الهجوم الأعنف لتنظيم داعش في بادية الميادين، وأيضا تحسبا من هجوم محتمل على خلفية معلومات عن قرب صدام عسكري بين القوات الأميركية من طرف والفصائل الموالية لايران من طرف آخر في دير الزور.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: بغداد الیوم فی المنطقة فی العراق
إقرأ أيضاً:
سلاح وخنادق وقواعد من الثمانينيات.. ماذا يحدث في حمرين العراقية؟
لم تتوقف العمليات العسكرية العراقية للقضاء على جيوب تنظيم داعش في مرتفعات حمرين طيلة السنوات الماضية، وفي أحدث عملية عسكرية، نفذت طائرات F16 تابعة للقوات الجوية العراقية، في 30 أكتوبر الماضي، أربع غارات جوية استهدفت مواقع للتنظيم في مرتفعات حمرين.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيان "شرعت قوة أمنية مشتركة من القوات الخاصة بالجيش العراقي مع مفارز مديرية استخبارات كركوك والجهد الهندسي للفرقة 11 وبإسناد فني وجوي من التحالف الدولي، بالذهاب الى المكان المستهدف، وعثرت القوة على 8 جثث للإرهابيين"، لافتة الى أن المعلومات تشير الى وجود قيادات مهمة للتنظيم من بين القتلى.
وتشكل مرتفعات حمرين الممتدة بين محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين شمال العراق، مركزا استراتيجيا مهماً تحول خلال العقدين الماضيين إلى قاعدة للتنظيمات المتشددة المسلحة، مما حال دون الاستفادة من ثروات هذه المرتفعات الاستراتيجية.
وتمتد سلسلة مرتفعات حمرين من محافظة ديالى شمال شرق العراق باتجاه جنوب محافظة كركوك، وصولا إلى شمال محافظة صلاح الدين في منطقة الفتحة، حيث يفصلها نهر دجلة عن جبال مكحول الممتدة حتى الحدود العراقية السورية.
والى جانب موقعها الاستراتيجي، تمتاز هذه السلسلة من المرتفعات الوعرة باحتضانها كميات كبيرة من الثروات الطبيعية في مقدمتها النفط والغاز الطبيعي، التي تحاول السلطات العراقية استثمارها، لكن الأوضاع الأمنية التي يشهدها العراق منذ عام 2003 حالت حتى الآن دون الاستفادة الاقتصادية من ثروات حمرين.
وباشرت وزارة النفط العراقية نهاية عام 2003 عمليات تطوير حقول نفط في شمال البلاد بمشاركة دولية، وشملت الخطة إنتاج 160 ألف برميل يوميا من حقل حمرين، الى جانب حفر آبار إضافية إلى الآبار التسعة الموجودة في الحقل وإقامة بنية تحتية لإنتاج الغاز المصاحب.
لكن عمليات التأهيل والتطوير توقفت إثر الأوضاع الأمنية التي شهدتها المنطقة، ومن ثم سيطرة تنظيم داعش على الحقل وتدميره للآبار النفطية والمعدات وتخريب خطوط نقل النفط.
وأعلنت الوزارة في مايو 2023 عن المباشرة مجدداً بتأهيل وتطوير حقل حمرين النفطي. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مدير هيئة حقول صلاح الدين النفطية، عامر خليل احمد المهيري قوله: إن "مشروع حقل حمرين سينفذ بالتعاون بين شركتي نفط الشمال والمشاريع النفطية"، متوقعا زيادة الإنتاج إلى 50 ألف برميل يوميا من النفط الخام و45 مقمق "مليون قدم مكعب قياسي" من الغاز المصاحب.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، الأكاديمي فرات الموسوي، على أن مرتفعات حمرين تمتاز بأهميتها ودورها المؤثر في الاقتصاد العراقي.
ويضيف لـ"الحرة": "وعورة الطرق في مرتفعات حمرين ومشاكلها الأمنية، كانت ضمن أبرز الأسباب التي جعلتها مركزا للتنظيمات الإرهابية ومنها تنظيم داعش، وبالتالي تسببت هذه الجماعات في تأخير كافة المشاريع الاستثمارية فيها، ولهذا لم يتمكن البلد من الاستفادة من ثروات هذه المرتفعات الاستراتيجية."
واحتضنت مرتفعات حمرين خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي العديد من القواعد العسكرية ومراكز خاصة بتجربة الأسلحة المصنوعة من قبل "هيئة التصنيع العسكرية" الحكومية خاصة الصواريخ، وحفرت الهيئة لهذا الغرض العشرات من الخنادق والانفاق والممرات المحصنة وسط هذه المرتفعات.
واتخذت التنظيمات المتشددة المسلحة، ومن ضمنها تنظيمي القاعدة وداعش بعد عام 2003، من هذه الأنفاق المحفورة بدقة وتقنية عالية بأعماق كبيرة تحت الأرض ومن الكهوف الطبيعية، مراكز قيادة ومعسكرات، وحولت جزءا كبيرا منها إلى مخازن للسلاح، واستفادت منها كمخابئ، وقد ساعدتها وعورة التضاريس في البقاء لفترة أطول فيها، فوعورتها تمنع القطعات العسكرية النظامية من استخدام كافة أنواع الأسلحة والآليات في هذه التضاريس للقضاء على تواجد الجماعات المسلحة التي تعتمد الكر والفر في هجماتها.
ويشير الإعلامي رياض الجابر إلى أن محافظة صلاح الدين كانت لها خطط استراتيجية بعد 2003 للاستفادة عن طريق الاستثمار من الثروات الموجودة في مرتفعات حمرين، لكن هذه الأمور تغيرت كثيرا بعد سيطرة تنظيم داعش على محافظة صلاح الدين وجزء من محافظتي كركوك وديالى عام 2014.
ورغم أن القوات الأمنية العراقية نجحت، نهاية عام 2017، في تحرير كافة الأراضي من التنظيم، الا أن العديد من فلول داعش تمكنوا من الاختباء في مرتفعات حمرين، واتخذوها مركزا لشن الهجمات على المواطنين والقوات الأمنية.
ويوضح الجابر لـ"الحرة"، "مازالت المنطقة غير مؤمنة بالكامل، هناك أيضا جيوب لمسلحين يستفيدون من التمويه الذي تقدمه لهم هذه المرتفعات، ولكن في المستقبل من الممكن الاستفادة من ثرواتها بعد استباب الأمن والاستقرار فيها بالكامل."
ويلفت الجابر إلى أن سببا آخر في عدم الاستثمار في حقول النفط والغاز في هذه المرتفعات يعود إلى أن خطط الحكومات السابقة نصت على ترك هذه الحقول إلى قرب نضوب الموارد النفطية، أو الوقود الأحفوري في الجنوب والشمال، لأن عملية استخراج النفط والغاز من هذه الحقول مكلفة، وكذلك طرق نقلها صعبة.
ولا تقتصر ثروات حمرين على النفط والغاز، بل تشمل السياحة، وتحتضن هذه المرتفعات والمنطقة المحيطة بها العديد من المواقع الطبيعية التي يمكن الاستفادة منها كمواقع سياحية كما وتعتبر مرتفعات حمرين مراعي طبيعية يمكن لسكان المناطق الريفية المحاذية لها الاستفادة منها.
وساهم الامتداد الطبيعي بين سلسلة مرتفعات حمرين ومكحول في نشوء ممر جبلي آمن استخدمته الجماعات المسلحة ومنها تنظيم داعش خلال السنوات الماضية، لنقل السلاح والمسلحين من سوريا الى العراق وبالعكس دون أن تكون صيدا سهلا للطيران.