#مبتدأ_وخبر د. #هاشم_غرايبه
المبتدأ: يقول مثل غربي : “إذا رأيت الثعلب يلبس مسوح الواعظين، فانتبه الى دجاجاتك”، وقصة هذا المثل تقول بأنه في قطيع من الدجاج، وبعد أخذ عدد الدجاج بالتناقص، تنبهت الدجاجات الى أن ذلك بسبب افتراس الثعلب للقاصية منها، فاتفقن أن يوكلن للديك مهمة المراقبة، بأن يقف على قمة التلة، ومتى ما رأى الثعلب مقتربا، يصيح محذرا، فتركض الدجاجات الى القن، وعندها لا يجد الثعلب إليهن سبيلا.
بعد فترة قصيرة انقطعت أرزاق الثعلب وأخذ يتضور جوعا، فلجأ الى الحيلة، لبس رداء أبيض، ووضع على رأسه قلنسة حمراء، وفي رقبته سبحة خضراء، وركّب على ذقنه لحية بيضاء، وأخذ يجول في الحقول وهو يُسبّح بصوت عالٍ، ومبشرا بالمحبة وإزالة الكراهية، وداعيا الى حفظ الحقوق لجميع قاطني الغابة ومنح الحيوانات حرية تقرير المصير.
تعاظمت شعبية الثعلب، وأخذت تنتظم حلقات الاستماع الى محاضراته، ورغم فرح الجميع بانتشار هذه المفاهيم، إلا أنها على صعيد الواقع بقيت خطابات جوفاء، إذ ظل القوي يفترس الأضعف، فلم تتغير طبيعة حياة المخلوقات، وبالنسبة لقطيع الدجاج، وبعد أن اطمأنت الديوك الى مواعظ الثعلب، وتوقفت عن المراقبة، عادت أعداد الدجاجات تتناقص.
الخبر: منذ القرن العشرين، تطورت المفاهيم البشرية تجاه منظومة حقوق الإنسان، ومنها الحريات العامة، ونشر الديمواقراطية وحق الشعوب في تقرير المصير، عمليا تغيرت حياة الشعوب الأوروبية للأفضل، لكن الذي تغير في حياة الشعوب الأخرى أمر واحد هو أنها خضعت للإستعمار من قبل الأوروبيين، فتم نهب ثرواتها، وإدامة تبعيتها وإفقارها بتعيين إدارات محلية فاسدة مرتبطة بهم لحكمها، ومع ذلك ظلت الدعوات الأوروبية الوعظية لنشر مفاهيم الحرية والديمقراطية، متمثلة في المنظمات غير الحكومية، المنشرة في كافة تلك الأقطار المفقرة.
في مقابلة مصورة نشرتها قناة “The middle nation”، تطرح المذيعة على “Shahid Bolsen” وهو داعية إسلامي ألماني، سؤالا تقليديا يمثل نظرة الغرب الى الإسلام: أليس معتقدكم متعاليا ينظر بفوقية الى الناس ويفرض عليهم رؤيته ويسعى الى إجبار اتباع العقائد الأخرى على اتباعه.
يرد عليها: أوافقك على أن الإسلام يعتبر معتقده صوابا، وما خالفه زائغ، لكن سبب ذلك أنه صادر عن الله، وبالطبع فيعني ذلك أنه الصواب، بخلاف المعتقدات التي جاء بها بشر، فهي تجريبية قابلة للتغيير والتعديل، ولا يمكن أن ترقى الى الكمال الإلهي مهما تطورت.
لكني أخالفك في قولك أنه يفرض على الناس اتّباعه، فمبدؤه معروف وهو: “لكم دينكم ولي دينِ”، ولا يكره الآخر على اعتناقه، لكنه يدعوه لفهمه والاقتناع به، وعندها يعتنقه فذلك باختياره وبكامل إرادته، بل وقد يتعمق في فهمه فيتحول الى داعية له.. كما فعلت أنا.
ثم يبدأ بسرد الوقائع التي تثبت نفاق الغربيين بادعائهم أن منهجهم هو الأفضل في مفاهيم الحرية واحقاق حقوق الإنسان، فيقول ان الفوقية هي سمتهم، وهم من يعتقدون أن حضارتهم هي الأمثل وفرضوا رؤاهم وأفكارهم على الشعوب الأخرى، بل وشنوا الحروب طوال قرون لاكراه الناس على اتباع حضارتهم.
كما يقول مبينا الفارق: إن المسلمين جميعا مقتنعون بصحة معتقدهم، ولا يقبلون التفريط به مهما كانت الظروف، فهل أنتم مقتنعون بمبادئ معتقدكم وتتمسكون به في جميع الظروف؟.
المسلمون يعيشون ظروفا صعبة الآن بفعل ما تم فرضه عليهم، قد يلومون حكامهم في ذلك، ولكنهم لا يلقون باللائمة على معتقدهم، بل يزدادون تمسكا به، لأن من كان على يقين من صحة معتقده يتمسك به في جميع الأحوال، فقد تكون الحكومات التي تديرالمجتمعات الاسلامية فاشلة، لكن المجتمعات الاسلامية ناجحة دائما، لأنها تسعى الالتزام بالشريعة في كل الظروف، إن كانت الدولة اسلامية أو علمانية أو كانت حتى محتلة.
أما الأوروبيون فهم إن حدثت ظروف يخشون منها على رخائهم ومكاسبهم أن تنتقص، سرعان ما يرمون المبادئ من النافذة، وحدث ذلك في (تشريعات) الحرب على الإرهاب، وما لحقها من انتشار الاسلاموفوبيا وما جرته من انتهاكات لحقوق الانسان، وما يحدث الآن في فرنسا والعديد من الدول الأوروبية من مصادرة الحريات بذريعة محاربة الانفصالية، ومؤخرا عندما حاول عمال السكك الحديدية تنظيم اضراب للمطالبة بحقوقهم، قام “بايدن” بمنعهم لحماية مصالح الشركات، رغم أن الديمقراطية تجيز ذلك.
لذلك على الديوك أن لا تنخدع، بل تبقى على التلة متيقظة للثعالب.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية: صنعاء مع خيار السلام ولن تقف مكتوفة اليدين أمام تصعيد الأطراف الأخرى
الثورة نت|
التقى وزير الخارجية والمغتربين جمال عامر، اليوم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ في ختام زيارته لصنعاء.
وفي اللقاء تم تقييم نتائج المشاورات التي أجراها المبعوث الأممي أثناء زيارته لصنعاء، والتأكيد على أن خارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي في 23 ديسمبر 2023 هي المسار الصحيح للسلام في اليمن، وتمثل أرضية يمكن البناء عليها لسلام عادل ومنصف للشعب اليمني.
وجدد وزير الخارجية، رفض حكومة التغيير والبناء لربط علمية السلام بأية ملف إقليمي آخر.. مؤكدًا أن خيار صنعاء الاستراتيجي هو السلام، واستعدادها للتوقيع اليوم على خارطة الطريق مع السعودية باعتبارها الطرف الرئيس في الحرب في حال حسنت النوايا.
وأوضح أن الخيار الاستراتيجي للسلام لا يعني الوقوف مكتوفي اليدين أمام خطوات التصعيد التي تتخذها الأطراف الأخرى، وفي نفس الوقت تحرص صنعاء على تأسيس علاقات مع دول الجوار قائمة على أسس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وشدد الوزير عامر على أن موقف صنعاء هذا هو من مصدر قوة وليس ضعف.. مبينًا أن العلاقات الثنائية القائمة على أسس صحيحة تبقى قوية ولا تتأثر بأي ظروف أو ضغوط.
ودعا الأمم المتحدة إلى أن تقدم رسالة تفاؤل للشعب اليمني بخطوات عملية تؤدي إلى إحلال السلام في اليمن حتى لا يتعزز فقدان الشعب ثقته في الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص.
وطالب وزير الخارجية، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، بتحمل مسؤوليته الإنسانية والقانونية تجاه المواطن اليمني الذي يتعرض للكثير من الضغوط والأعباء المالية والنفسية والمعيشية نتيجة القرارات أحادية الجانب التي تتخذها وتمارسها الأطراف الأخرى، خاصة ما يسمى بحكومة الطرف الآخر، فيما له علاقة بالاتجاه لإصدار بطاقة شخصية إلكترونية، والتعميم على كافة السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج بعدم التعامل مع الوثائق والشهادة الصادرة عن المحافظات الشمالية والتي تم تعميدها بالدوائر القنصلية في صنعاء وغيرها من الإجراءات الأحادية التي تؤسس للانفصال وتقسيم البلاد.
واعتبر ذلك انتهاكاً لوحدة الشعب والدستور اليمني، ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتي تؤكد جميعها على وحدة وسلامة وسيادة الأراضي للجمهورية اليمنية.
بدوره أوضح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أن زيارته إلى صنعاء والمشاورات التي أجراها، رسالة للشعب اليمني بأن الأمم المتحدة ومكتب المبعوث الخاص ملتزمين بدورهم في بذل المساعي الحميدة بين الأطراف اليمنية لإنهاء حالة الحرب والانقسام، بما يعود بالفائدة على المواطن اليمني الذي يستحق حياة أفضل وبما يلبي طموحاته.