نور الهادي.. مشاهدات يومية من السودان – صورة
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
لا تُغادر تلك التفاصيل المتعدّدة في الشخصية السودانية أعمالَ نور الهادي، مُتتبّعاً الأزياء الملوّنة خاصة عند النساء وحركة الناس وسلوكياتهم في المكان، بحيث تحتوي اللوحة الواحدة على مشاهد متنوّعة لا صلة تربط في ما بينها، لكنها تقدّم موضوعاً واحداً يأخذ تكوينات لا حصر لها.
بدأ الفنان التشكيلي السوداني، المولود في جزيرة كرني وسط نهر النيل عام 1959، الرسم في فترة مبكّرة من حياته، وبحضور قويّ للطبيعة، كما رسم العديد من البورتريهات التي ربما شكّلت أساساً لشخصيات طوّرها بعد دراسته في كلية الفنون وصولاً إلى اليوم.
استكمالاً لتجاربه السابقة، يُفتتح عند الحادية عشرة من صباح الإثنين، الرابع من الشهر المقبل، في “المؤسسة العامة للحي الثقافي – كتارا” بالدوحة، معرض نور الهادي الذي يحمل عنوان “السودان أرض الألوان”، ويتواصل حتى السابع عشر من أيلول/ سبتمبر 2023.
يضمّ المعرض لوحات تصوِّر المشهد الاجتماعي والثقافي في السودان، في محاولة لتقديم بانوراما بصرية تمزج بين الواقع بمفرداته المُغرِقة في محاكاة البيئة المحلّية، وبين بُعد أسطوري تحضر علاماتُه ورموزُه وإشاراتُه في تكوين المناخ العام للعمل.
يمثّل اللون واحداً من أهمّ عناصر لوحة الهادي، المعروف بتقديمه عادة ألواناً قوية ومتراكمة كطبقات على السطح، ضمن تعبيرية تذهب إلى التجريد، وهي نزعة تغلب على معظم أعماله الأخيرة، بعد أن سادت الانطباعية في أعمالٍ سابقة ركّزت على صفاء اللون، وتحديد أكبر لملامح الشخوص والأبنية في الفضاءات التي يتناولها وظهرت فيها تلك المربّعات الصغيرة.
المربّعات كانت تعكس بدايةً تداخُل التكوين الإنساني مع محيطه الذي يبدو امتدداً له، لكنها ستتحوّل بعد ذلك لتحشد الشخصيات على نحو أكبر في اللوحة، حيث لم يعد كثير من ملامح وجوهها واضحة، كما قد تلتصق ببعضها بعضاً فتسير أزواجاً وجماعات، مع هيمنة نسائية غالباً.
يعتمد الهادي على الذاكرة الطفولية مصدراً رئيساً، تعكس في جانبٍ من جوانبها حنيناً إلى تلك الحياة البسيطة الوادعة في جوهرها، والصاخبة في تنوُّع ألوانها وطبيعتها. صورة واحدة لشخصيات تقترب من شكل أيقوني لكنها تستنسخ في كلّ مرّة بحسب اختلاف المسافة في النظر إليها.
العربي الجديد
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الهادي البياري أسطورة تونسية صنعت المجد وعانى التجاهل والنكران
تونس- لا يبدو يوم 5 مايو/أيار من كل عام عابرا بالنسبة إلى مشجعي النادي الأفريقي التونسي بقدر ما هو موعد سنوي راسخ، لكونه يحمل ذكرى أعرض انتصار لفريقهم في تاريخ مباريات الديربي التونسي أمام الغريم التقليدي الترجي.
قبل نحو 40 عاما وتحديدا في 5 مايو/أيار 1985 حقق النادي الأفريقي فوزه الأكبر في مواجهاته ضد الترجي، وذلك بنتيجة 5-1 كأكبر فوز في تاريخ مباريات الفريقين، لكن ذلك الانتصار ارتبط ارتباطا وثيقا بنجم الفريق الأحمر والأبيض الهادي البياري، لكونه صاحب الهدف الخامس، مما جعله يتحول إلى أيقونة لدى جماهير النادي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الإسباني لوبيتيغي مدربا لمنتخب قطر لكرة القدمlist 2 of 2أعلى 10 مدافعين أجرا في العالمend of listوخط الهادي البياري مسيرة كروية مذهلة مع الأفريقي جعلته أفضل هداف في تاريخ النادي، لكن أسطورة فريق "باب الجديد" مثلما يكنى في تونس يعيش حاليا وضعا صحيا واجتماعيا صعبا زاده التجاهل والنكران من ناديه وجعا ومعاناة.
مسيرة مذهلة وأرقام قياسيةبعد سنوات من اعتزال كرة القدم يعيش البياري (69 عاما) متاعب صحية كان سببها الأول كرة القدم، إذ أجرى عمليات جراحية كان آخرها جراحة معقدة على مستوى الظهر، ولا تزال تلك الحادثة تسبب له أوجاعا شديدة وتسبب له معاناة زادها الشعور بالنكران من ناديه حدة.
ورغم ما قدمه لناديه من خدمات على امتداد نحو 18 عاما فإن الهادي البياري عانى من التجاهل، ولم يجد العون من مسؤولي الأفريقي خلال خضوعه للجراحة وإقامته في المصحة، وفق ما أكده في حديثه للجزيرة نت.
ويقول البياري "نذرت فترة شبابي للأفريقي، ولم أكن أفكر سوى في مصلحة النادي وإسعاد الجماهير، كنا نلعب الكرة بنظام الهواية، ولم تكن هناك الكثير من الأموال والحوافز التي يعيشها لاعبو الجيل الحالي، ورغم ذلك كنا نذود في الدفاع عن فريقنا وقيادته إلى منصات الألقاب".
إعلانويضيف للجزيرة نت "بعد ما يقارب 20 عاما من اللعب في الأفريقي أنهيت مسيرتي في الملاعب متوجا بالعديد من الألقاب والأرقام والإنجازات الفردية، لكن ذلك لم يكن كافيا لأجد المساندة من مسؤولي النادي عندما تعرضت لمتاعب صحية كبرى كان سببها الأول كرة القدم".
كان الهادي البياري واحدا من ألمع نجوم الكرة في تونس، وبدأ مشواره في نادي جمعية أريانة عام 1967 تحت قيادة شقيقه الأكبر ويدعى الحطاب، وهو أول من ساعده في خطواته الأولى.
في عام 1972 شهدت حياته أول منعطف كبير عندما كان النادي الأفريقي أكبر أندية تونس في ذلك الوقت أول من تفطن لموهبة المراهق البالغ من العمر آنذاك 16 عاما ليضمه إلى فريق الشباب.
وقال "انضممت للنادي الأفريقي وفي الوقت نفسه انتقل صديقي وزميلي في جمعية أريانة طارق ذياب إلى الترجي، بدأت مشواري في الأفريقي وعمري 16 عاما، ولعبت أول مباراة مع الفريق الأول بعد ذلك بعامين عندما منحني المدرب أندريه ناجي الفرصة لأصبح المهاجم رقم واحد في النادي، أذكر أني أحرزت ثنائية في أول مباراة لي كلاعب أساسي".
وخاض الهادي البياري مشوارا كرويا لافتا في صفوف الأفريقي بين 1973 و1990، إذ أحرز لقب الدوري في 3 مناسبات: 1979 و1980 و1990، إلى جانب التتويج بكأس تونس 1976 في نهائي تاريخي أمام الغريم الترجي، والسوبر التونسي (1979).
كما حقق أسطورة الأفريقي الكثير من الإنجازات الفردية التي لا تزال صامدة حتى الآن، إذ إنه الهداف التاريخي للدوري التونسي برصيد 110 أهداف وللنادي الأفريقي (127 هدفا)، وهو الوحيد الذي فاز بجائزة الحذاء الذهبي لهداف للدوري التونسي 3 مرات: 1980 (14 هدفا) و1983 (17 هدفا) و1984 (12 هدفا).
إعلانوإلى جانب مشواره الطويل في الأفريقي خاض البياري تجربة الاحتراف الخارجي مع نادي السويق العماني وأهلي دبي الإماراتي، كما تألق مع منتخب تونس وخاض معه ما يقارب 40 مباراة أحرز فيها 16 هدفا، من بينها "هاتريك" في شباك رواندا في تصفيات أمم أفريقيا 1984.
"الأفريقي تنكر لرموزه"لم يكن اعتزال الكرة بالنسبة للهادي البياري في عمر 35 عاما سوى نهاية لمسيرة لافتة ختمها بلقب الدوري التونسي الذي انتظرة الأفريقي 10 سنوات كاملة، لكن تلك الإنجازت قوبلت بالتجاهل من قبل ناديه وفق تعبيره بعد أن عاش أوضاعا معيشية وصحية صعبة، خصوصا في السنوات الأخيرة.
ويقول البياري للجزيرة نت "لا يعلم الكثيرون أني مدرب أملك كل شهادات التدريب، ولكن لم أحظ بأي اهتمام من النادي الأفريقي، ووجدت نفسي خارج أسوار فريقي لأسباب أجهلها".
ويضيف "أمضيت قرابة 20 عاما من عمري في الأفريقي، ولكن عندما داهمتني المتاعب الصحية لم أتلق أي دعم من النادي، خضعت لجراحة في الظهر وتم تركيب فقرات صناعية بعد عملية معقدة جدا، لم يساعدني مسؤولو فريقي ولو بفلس واحد رغم أن تكلفتها كانت باهظة جدا".
يذكر البياري تلك المعاناة الصحية ليقول "حز في نفسي أن يصبح اللاعبون الرموز خارج الاهتمام بمجرد اعتزال الكرة، لم تكن المتاعب الصحية سوى نتاج لما قدمته على أرض الملعب، تعرضت للكثير من الإصابات وكنا نلعب بعقلية احترافية رغم أننا في ذلك الوقت لاعبون هواة، كنا نتقاضى منحة مالية لا تفوق 400 دينار (نحو 135 دولارا) شهريا".
وكشف البياري أن الجراحة التي خضع لها لم تكن دافعا للمسؤولين للسؤال عنه أو حتى تكريمه في إحدى مباريات النادي، مضيفا "في مباراة الديربي الأخيرة ضد الترجي اضطررت إلى اقتناء تذكرتين لبعض أصدقائي، لم يبادر أي مسؤول في النادي بدعمي، الحمد لله، أعيش حاليا براتب المعاش من عملي السابق في وظيفة بسيطة".
إعلانوتولى البياري مهمة مرافق للفريق الأول عام 2019، قبل أن يتم استبعاده بمجرد نهاية ولاية الرئيس السابق عبد السلام اليونسي، وهو ما زاد شعوره بالتجاهل والنكران، قائلا "لم أبحث عن المناصب أو تدريب النادي رغم امتلاكي كل المؤهلات لذلك، لكن ما يحزنني حقا هو سياسة النكران من قبل المسؤولين الحاليين، لم تتم استشارتي حول أوضاع النادي الذي غابت عنه شمس الألقاب وأضحى في مهب الأزمات".
وإلى جانب ما عاناه من تجاهل خلال محنته الصحية الأخيرة وجد الهداف التاريخي للأفريقي نفسه مبعدا عن النادي تحت ذرائع واهية وفق وصفه، إذ يقول "الأفريقي يعيش منذ سنوات أزمة كروية أبعدته عن منصات التتويج بسبب الاستنجاد بالمدربين الأجانب وعدم استشارة رموزه ولاعبيه ومدربيه السابقين، اليوم خرج الفريق من سباق المنافسة على الدوري بعد الخسارة أمام الترجي 3-1، ورغم ذلك فإن المدرب الفرنسي دافيد بيتوني لا يزال يحافظ على منصبه رغم سوء النتائج".
وعجز الأفريقي (ثاني أقدم أندية تونس بعد الترجي) عن اعتلاء منصة التتويج بلقب الدوري الممتاز منذ العام 2015، كما شهدت نتائجه تراجعا مدويا في المنعطف الحاسم من الموسم الجاري، ليفقد حظوظه في المنافسة على اللقب بعد أن ابتعد 6 نقاط عن الترجي والمنستيري المتصدرين قبل 3 جولات من نهاية السباق.