من تابع المحادثة الصوتية بين وجهاء ونشطاء مدينة السويداء في الجنوب السوري مع أمين فرع حزب البعث في المدينة يدرك حجم الإحباط الذي حلّ بالشعب السوري القابع تحت سلطة الاحتلال الداخلي الأسدي، ويدرك معه تماماً حالة الانفضاض الشعبي عن العصابات الحاكمة، والأكثر من هذا يدرك معه أن الشعب السوري المقيم تحت سلطة الاحتلال الداخلي، لم يعد يثق أبداً بحاكم دمشق المدعوم من احتلالين روسي وإيراني، بعد عجزه تماماً على إقناع ما تبقى له من شعب سوري خاضع لسلطته واستبداده بأنه مثل أنموذج إدلب المحاصر دولياً، مع أن النموذج الادلبي يفتقر إلى منافذ بحرية وجوية واعتراف دولي، ومع هذا تطالب السويداء بأن يقوم النظام السوري بالحذو حذو إدلب في توفير الخدمات لأهلها.
أول ما لفت أهالي السويداء وغير السويداء من المناطق الخاضعة لسيطرة عصابات الكبتاغون هو توفر الكهرباء على مدار الساعة، على مستوى الشمال السوري المحرر كله، وهو ما وفّر الكثير على السكان المحليين في الشمال السوري، بخلاف الحالة الصعبة التي يعيشها كل من هو تحت سلطة النظام لغياب الكهرباء، وانعكاسات ذلك على الحياة الصعبة التي يتكبدها سكان المناطق الخاضعة للنظام السوري.
أما على مستوى الشباب فقد استأثرت أخيراً مباراة كأس الشهداء في الشمال المحرر بين فريق أمية وحمص العدية، باهتمام وانشغال كل ساكني المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، في ظل الصورة الجميلة التي عكستها للملعب والمباراة وأجوائهما، إن كان من حيث البساط الأخضر الذي فرش في الملعب أو الكشافات القوية الحاضرة على وسط الملعب وجوانبه، فضلاً عن حضور جمهور زاد عن الـ15 ألف مشجع، وسط هتافات ثورية جددت الثورة السورية، وأحيتها من جديد في ظل الحراك الذي شهدته السويداء، والمتوقع أن ينتقل إلى مناطق الساحل السوري حيث الحاضنة الأساسية للنظام.
معرض الكتاب في إدلب والذي شاركت فيه أكثر من 18 دار نشر ومكتبة وعرض آلاف العناوين وعشرات الآلاف من الكتب، شكّل نقلة نوعية في الشمال المحرر الذي يسعى إلى تقديم نفسه كنموذج حكم يفي بمتطلبات الأهالي؛ إن كانت الخدماتية أو المعيشية وقبلها الأمنية والآن الثقافية. ويأتي أنموذج جامعة إدلب ودائرة المعارف وكتاب كافيه، وغيره من المعاقل الثقافية ليعزز حضور النموذج الإدلبي على الساحة الثقافية، مثل هذا الأمر دفع الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرة عصابات الأسد للمطالبة بأنموذج إدلب، وهي التي درج النظام السوري منذ الأب حافظ الأسد وحتى الآن على نعتها بالمدينة المنسية، فغدت اليوم أنموذجاً تطالب به الشرائح الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
اللافت أن الشمال المحرر وعاصمته إدلب اليوم، نجح في تقديم أنموذج في القوة الخشنة الحريصة على المحرر من خلال العمليات الهجومية المركزة التي استهدفت مفاصل مهمة للنظام، إن كان في قمة النبي يونس أو في تفجير الأنفاق الأخيرة والتي أودت بحياة ضابط كبير بالإضافة إلى ضباط وجنود آخرين وتدمير دبابات وعربات عسكرية، وبجانب القوة الخشنة التي يحرص الشمال السوري المحرر على تقويتها وتعزيزها انتظاراً لفرصة ربما تكون قريبة، فإن الشمال المحرر يقدم اليوم أنموذجاً أيضاً للقوة الناعمة، وهو النموذج الذي تطالب به كل القوى والشرائح المقيمة تحت سيطرة النظام، الأمر الذي يعني أن الثورة السورية ليست طريقاً للتضحية بالنفس، وإنما كانت مقدمة وتوطئة لتحيا نفوس وتحيا معها الثورة السورية وأجيال سوريا المقبلة، وبالتالي فإن ما يسعى البعض إلى ترويجه من أنه لا بديل عن النظام السوري، ومؤسساته، عرّتها إدلب؛ ليس بشهادة سكانها ومقيميها وإنما بشهادة من هو مقيم تحت سيطرة النظام السوري.
استجابة الشمال السوري المحرر وعاصمته إدلب، بالإضافة إلى تفاعل المحافظات الأخرى مع حراك السويداء أعطى بعداً جديداً للأخيرة وتحركها، ودعم بالتالي مشروعية انتفاضة الشعب السوري على مدى 12 عاماً، وجدد كذلك الاهتمام الدولي بالثورة السورية، وهي مؤشرات كلها تؤكد على أن نظام الأسد لم يعد مقبولاً ولا يمكن التعويل عليه، وأن كل من يسعى إلى التطبيع معه يراهن على حصان خاسر في ظل حصان الشعب الذي فاز بالسباق منذ اليوم الأول للثورة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السويداء إدلب الثورة سوريا سوريا الثورة إدلب معيشة السويداء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المناطق الخاضعة الخاضعة لسیطرة النظام السوری الشمال السوری
إقرأ أيضاً:
«المرايا» تعكس حفاوة الجمهور المصري بالمبدع السوري ماهر البارودي
في أمسية فنية بروح عربية، شهد جاليري مصر حضور عدد مميز من التشكيليين ومحبي الفنون المصرية لمشاركة الفنان السوري الكبير ماهر البارودي افتتاح معرضه الشخصي "المرايا".
ويُعد البارودي إحدى علامات التشكيل السوري وعرف في مصر من حصوله على جائزة بينالي القاهرة الدولي العاشر، وهو فنان يعمل ويقيم في فرنسا وله العديد من العروض والمشاركات الفنية في كثير من المحافل الدولية وحاز على العديد من الجوائز والتكريمات بفضل أسلوبه الفني والتعبيري الخاص ورؤيته العميقة والصادقة المرتبطة بجذوره الوطنية والعربية والشرقية.
ولد ماهر البارودي في دمشق (سوريا) 1955، يقيم ويعمل في ليون (فرنسا) منذ عام 1980، خريج كليات الفنون الجميلة في دمشق وليون وباريس، أستاذ في كلية "إميل كول" في ليون من عام 1996 إلى 2022.
أقام البارودي 25 معرضاً فردياً وأكثر من 65 معرضاً جماعياً منذ عام 1982، في فرنسا وألمانيا وروسيا وبولندا وسويسرا وإيطاليا والنمسا وإنجلترا وسوريا ولبنان والإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر وتونس.
حصد العديد من الجوائز: جائزة باريس في ليون، وجائزة المؤسسة الفرنسية في باريس، وجائزة بينالي القاهرة الدولي العاشر (مصر)، وجائزة إعمار الدولية في دبي.
المقتنيات العامة: المتحف الوطني ومتحف الفن المعاصر في دمشق، ومتحف فن الجرافيك في القاهرة، ومتحف الهواء الطلق في أسوان، والعديد من البلديات في فرنسا وألمانيا وسوريا.
المقتنيات الخاصة: في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق المتوسط والولايات المتحدة.
العرض مستمر حتى 28 نوفمبر 2024 (4 أ ابن زنكي متفرع من شارع حسن صبري الزمالك).