علي جمعة: كل ما جاء به النبي هو شرح وتوضيح لما أنزله الله
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن السنة النبوية وحي من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي يتبع ما يوحى إليه في جميع أفعاله وأقواله، قال تعالى في أصل رسالة نبيه: (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الأحقاف:9].
أضاف "جمعة" أن كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من فعل أو قول هو شرح وتوضيح لما أنزله الله عز وجل، قال الرازي في تفسيره: إن الرسول هو المبين لكل ما أنزله الله تعالى على المكلفين (مفاتيح الغيب)، وقد كان الصحابة إذا أشكل عليهم شيء من كتاب الله عز وجل يرجعون إليه صلى الله عليه وسلم فيبين لهم ما خفي عنهم، ويفصل لهم ما أجمل فيه، لذلك أضحت السنة ضرورية للوصول إلى الفهم الصحيح والتدبر السليم لآيات القرآن الحكيم.
أوضح أن هذه الشروح والأحكام التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي من وحي الله عز وجل كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل:44]، ولذلك قال الإمام الشافعي: كل ما حكم به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن.
وقال السيوطي: من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولا من القرآن، فما أجمل منه في مكان فقد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر منه، ثم قال: فإن أعياه ذلك طلبه من السنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له (الإتقان في علوم القرآن).
وبين أن من هنا أيضا أكد الإمام الشاطبي رحمه الله أن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها إنما هي بيان للكتاب، قال: لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه وهو السنة، لأنه إذا كان كليا، وفيه أمور كلية، كما في شأن الصلاة والزكاة والحج والصوم ونحوها فلا محيص من النظر في بيانه (الموافقات).
والتفسير النبوي للقرآن الكريم هو كل ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم تفسيرا وافيا لما في القرآن; من بيان لمجمل، أو توضيح لمشكل, أو تقييد لمطلق, أو إفهام لمعنى كلمة أو شرح جملة، أو زيادة حكم فهمه من القرآن، قال القرطبي: البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين: بيان لمجمل في الكتاب كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها، وكبيانه مقدار الزكاة ووقتها، أما النوع الآخر فهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم الحمر الأهلية (الجامع لأحكام القرآن ).
ومن الأمثلة الواضحة لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما نزلت آية (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) [البقرة:187] عمد عدي بن حاتم رضي الله عنه إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض، فجعلهما تحت وسادته، فجعل ينظر في الليل فلا يستبين له، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: «إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار» (البخاري).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على جمعة الله عز وجل الرسول صلى الله علیه وسلم الله عز وجل من القرآن علی جمعة
إقرأ أيضاً:
وكيل كلية الدراسات الإسلامية: مصر لها نصيب من حب رسول الله ﷺ وآل بيته
عقد الجامع الأزهر، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان "سفراء الإسلام والهجرة المباركة" وذلك بحضور كل من؛ أ.د نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأ.د أسامة مهدي، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأدار الحوار الشيخ وائل رجب، الباحث بالجامع الأزهر الشريف.
في بداية الملتقى قال الدكتور أسامة مهدي، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة، إن النبي ﷺ كان خبيرا بأمور الناس، لذلك كان يوظف الشخص المناسب في المكان المناسب بحسب ما يتمتع به من إمكانيات وقدرات، والدليل على فهم الرسول ﷺ لقدرات وملكات كل واحد من صحابته الكرام، ما رواه أنس بن مالك رضى الله عنه: قال رسول الله ﷺ "أرحم أمتي أبو بكر أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" وهذا هو المنهج القرآني كما حكاه على لسان سيدنا يوسف عليه السلام "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم"، وهو منهج يعتمد على مبدأ الكفاءة والقدرة على أداء المهام الموكلة للشخص.
وأوضح أستاذ الحديث أن الرسول ﷺ كان يختار للمهمة التي يريدها أو الموفد الذي يوفده إلى قوم من الأقوام، وفقا لقدرة الشخص على أداء المهمة المكلف بها، فعندما ننظر في اختيار سيدنا مصعب بن عمير ليكون سفيرًا للنبي ﷺ إلى المدينة، وليكون بذلك أول سفير في الإسلام، اختاره النبي ﷺ لأنه من أعلم الصحابة، وأكثرهم كياسة وقدرة على الصبر وسعة الصدر، بالإضافة إلى لباقته، وقدرته على الإقناع بسبب ذكائه الشديد، لهذا كان مصعب بن عمير سفيرا عظيما للإسلام وأسلم على يديه أقوام كثيرة في المدينة، وما يحكى من قصته في إسلام أسيد بن حضير خير برهان على أنه يستحق أن يكون سفيرا لرسول الله ﷺ ، فعندما التقى بأسيد بن خضير واستطاع أن يقنعه بالإسلام عندما جاءه أسيد وقال له ما جاء بكما إلينا؟ تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلا، إن كان لكما في أنفسكما حاجة. فقال له مصعب أو تجلس فتسمع. فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره. فقال أنصفت، ثم ركز حربته وجلس فكلمه مصعب بالإسلام وتلا عليه القرآن.
قال فواللَّه لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقة وجهه، وتحول أسيد من زعامة الشرك إلى الزعامة في الإسلام بسبب صدق مصعب بن عمير وكفاءته في الحوار والإقناع. وأضاف أستاذ الحديث، أن من النماذج المبهرة من سفراء الإسلام سيدنا جعفر بن طالب، فكان على قدر من الدبلوماسية والبراعة في العرض، فاستطاع أن يعرض الإسلام بصورة لا يمكن لعاقل أن يرفضها فعندما قال للنجاشي ملك الحبشة " أيها الملك، إنا كنا قوما أهل جاهلية ; نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف"، لهذا كان يختار الرسول ﷺ لكل وجهة الرجل المناسب، وبهذا المنهج سبق الإسلام كل الحضارات بالتأكيد لمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
وبين أن السبب في نجاح الصحابة في مبلغ هذه المنزلة العظيمة في التاريخ الإسلامي، وفي أداء المهام التي كلفهم بها رسول الله ﷺ، أنهم لم يكن يشغلهم عن دين الله شاغلة، وكانوا لا يسعون إلى أي فائدة سوى نصرة الحق ونصرة رسوله ﷺ، لذلك أعطوا للإسلام كل شيء من مال وولد وحياة، ولم ينتظروا جزاء إلا رضوان الله سبحانه وتعالى، وكانوا على استعداد تام ليفدوا رسول ﷺ بكل شيء في الدنيا. من جانبه قال الدكتور نادي عبد الله أستاذ الحديث: إن الرسول الكريم ﷺ رغم مكانته العظيمة لكنه بدأ الدعوة إلى الله منفردًا، وكان يعرض أمره على القبائل لعله يجد فيهم العون لدين الله سبحانه وتعالى، ورغم حبه ﷺ الشديد لمكة، إلا أن الله سبحانه وتعالى اختار له مكانا آخر وهو المدينة، لما علمه الحق سبحانه وتعالى من شوق في قلوب أهلها إلى رسول ﷺ، لذلك أمره سبحانه وتعالى بالهجرة إلى المدينة، لأن فيهم العون والنصرة لدين الله سبحانه وتعالى، ولأن الفاصل هو الصدق والحب، لذلك أعز الله سبحانه وتعالى الإسلام بالحب والصدق، كما أن الرسول ﷺ دعا لأهل المدينة نظير حبهم لهم وصدقهم معه فقال ﷺ "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" لما لمسه فيهم من حب وصدق في مؤازرته ونصرة دين الله سبحانه وتعالى. وأضاف وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن سائر الكائنات تحب رسول الله ﷺ فلا يوجد بشر ولا حجر إلا ويحب رسول الله ﷺ.
وتابع: لهذا قال الرسول ﷺ عن جبل أحد "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" لذلك كان مكأفاة لأهل المدينة أن هاجر الرسول ﷺ إليهم لما علمه الحق سبحانه وتعالى من حبهم لرسوله الكريم ﷺ " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، لذلك لما سألأ رَجُلًا النبيَّ ﷺ مَتَى السَّاعَةُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ ﷺ: ما أعْدَدْتَ لَهَا قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا مِن كَثِيرِ صَلَاةٍ ولَا صَوْمٍ ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ، مبينا أن مصر لها نصيب كبير من حب رسول الله ﷺ ولآل بيته الكرام رضوان الله عليهم، لذلك أصبحت مصر موطنًا لهم.
وشدد وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية، على ضرورة التمسك بالعبادة، وخاصة في هذه الأيام لأن الرسول الكريم ﷺ أخبرنا أن العبادة في وقت الفتن كهجرة إليه ﷺ "العبادة في وقت الهرج كهجرة إلي"، ومن الواجب علينا أن نهاجر بالروح بعيدا عن الشحناء والبغضاء، وأن نتخلص من كل أمراض النفس، وأن نقول عفى الله بقلوب صادقة . من جانبه قال الشيخ وائل رجب، الباحث بالجامع الأزهر، لا يوجد في التاريخ بأكمله كصحابة رسول الله ﷺ في الصدق والمؤازرة التي قدموها له ﷺ في بداية دعوته حتى صارت ملء السمع والبصر بفضل الله تعالى، لذلك استحقوا ثقة الرسول ﷺ ليمثلوه في أقوامهم، فكانوا بحق خير سفراء للإسلام، وكان من أوائل هؤلاء الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضى الله عنه، سفير الرسول الكريم ﷺ إلى المدينة، وكان يتمتع برجاحة في العقل وهدوء في الطبع، فوفد عليه الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا. يُذكر أن ملتقى التفسير يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف ملتقى السيرة إلى تسليط الضوء على المعاني الجليلة التي برزت في السيرة النبوية المشرفة.