واحدة من أهم قلاع المماليك البرجية في فلسطين، وبشكل أدق في خان يونس جنوب قطاع غزة.

يعود تاريخ قلعة برقوق إلى عام 1387، حيث بناها الأمير يونس بن عبد الله النورزي الداودار بناء على طلب من السلطان أبو سعيد برقوق أحد سلاطين العصر العربي الإسلامي المملوكي ومؤسس دولة المماليك البرجية.

وبنيت لتكون مركزا يتوسط الطريق بين دمشق والقاهرة يتخذه التجار والمسافرين للراحة والتزود بما يلزمهم من حاجيات في تلك الرحلة الطويلة بين أكبر مدينتين في دولة المماليك البرجية حينها، بالإضافة للاحتماء من اللصوص وقطّاع الطرق من الذين كانوا يعترضون طريق المسافرين في هذه الحقبة.



تبعد قعلة برقوق الآن مسافة 20 كم عن الحدود الفلسطينية المصرية وتتوسط مدينة خان يونس، وتبلغ مساحتها نحو 16 دونما.

اتخذت القلعة شكلا مربعا، وتتخذ زواياه أربع نقاط رئيسية من البناء تشير كل زاوية إلى جهة من الجهات الأربعة.

وتدعم هذه الزوايا أبراج دائرية، ولا تزال بقايا البرج الجنوبي الغربي باقية إلى الآن كما تتألف القلعة من طابقين ومسجد للصلاة.



وجاءت تسمية مدينة خان يونس بهذا الإسم من كلمة "خان" التي تعني "القلعة" أو "السوق"، أما "يونس" فهو إسم الأمير يونس الذي بناها.

وعرفت المنطقة قبل تأسيس المدينة باسم "جينيسوس" كما ذكر المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوتس خلال القرن الخامس قبل الميلاد.

وأخذت القلعة اسمها الحالي في العصر العثماني حيث أطلق عليها اسم قلعة برقوق نسبة إلى السلطان برقوق.

والخان حاليا شبه مهدم فيما عدا القسم الأمامي منه والذي يحتوي على الواجهة مع البوابة أو المدخل الرئيسي والمسجد ومئذنته، ولا تزال الجدران وبعض الأبراج باقية .

ويعتبر المسجد جزءا أساسيا من القلعة ويقع على يسار البوابة الرئيسية ويتكون من طابقين، وله بوابتان وعلى كل بوابة عتبة رخامية، كما يوجد نص منقوش ومحفور في المبنى بين المدخلين، أما الطابق العلوي فيكاد يكون كله مهدما.

ويحتوي سطح القلعة على فتحات لإطلاق القذائف من المدافع.

القلعة تشكل أثرا مهما لكنه في حالة خطيرة للغاية نتيجة سقوط جزء كبير من المسجد منذ وقت، ولم يتبق من القلعة سوى السور الأمامي والمئذنة التي تم ترميمها، أما الجدار الخلفي من القلعة فقد دمر أو أزيل تماما.

وشهدت القلعة معركة كبيرة بين العثمانيين والمماليك على السلطة وأصاب القلعة بعض الدمار جراء هذه المعارك، كما أنها تعرضت للتدمير والتخريب أثناء الحملة الفرنسية على مصر والشام عام 1798 حيث ضربتها المدافع الفرنسية من البحر.

وبقيت القلعة حصنا منيعا في الحرب العالمية الأولى عام 1917 حين دمرت الزوارق البريطانية العديد من مبانيها.

واكتسبت القلعة أهمية تاريخية بعد العدوان الثلاثي العدوان الثلاثي على مصر، بمشاركة فرنسا بريطانيا والاحتلال، وارتكاب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بحق أهل مدينة خان يونس في عام 1956 حيث ارتقى مئات الشهداء الذين أُعدموا بدم بارد.

وكان هدف الاحتلال القضاء على المقاومة في قطاع غزة الذي كان يقع تحت الإدارة المصرية، لذلك ضربه الاحتلال بعنف، وقتل المئات من الفلسطينيين على أبواب هذه القلعة دون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال.

واقع قلعة برقوق حاليا لم يمنع من صدور دعوات إلى ضرورة الاعتناء بما تبقى من القلعة لتصبح شاهدا على جزء هام من تاريخ الشعب الفلسطيني.

أما عمليات الترميم فقد خضعت القلعة لعدد من العمليات المتتالية، فخلال العصر العثماني أُعيد ترميم وتعمير الخان على يد حاكم سنجق غزة الأمير أحمد باشا آل رضوان في أواخر القرن السادس عشر.

وكانت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية قد قامت بترميم الخان في 2004 ، حيث تمت عملية تدعيم للجدار الخارجي للخان، وتدعيم وترميم الواجهة التي أبقت القلعة صامدة إلى هذا الوقت.

وفي عام 2010 تم تدعيم مئذنة الخان لأنها كانت آيلة للسقوط، حيث تم تكحيل الجسم الداخلي لها وتركيب سلالم داخلية ورأس المئذنة .

وتسعى بعض الجهات المهتمة إلى إضفاء اللون التراثي الجمالي للقلعة، لكن تراجع الدور الرسمي يقف عائقا أمام تنفيذ بعض المشاريع المتعلقة بإنشاء محال تجارية ومطاعم وغيرها من المنشآت التي يمكن أن تكون معلما سياحيا ينشط حركة السياحة الثقافية الداخلية والخارجية.

 لكن يبدو ذلك صعبا في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والتراجع الاقتصادي والأمني والمعيشي والانقسام، ويشكو العاملون في مجال الآثار من التهميش وقلة الدعم الرسمي والشعبي والمؤسساتي للحفاظ على ما تبقى من رموز أثرية في فلسطين.


                                        فلسطينيون يعدون القطايف أمام قلعة برقوق.

وقد زار العديد من الرحالة المسلمين والغربيين مدينة خانيونس، وخانها الشهير ووصفوه بأنه أفضل خان على الطريق القديم بين مصر وفلسطين.

ولا تزال قلعة برقوق تؤكد ذلك عبر الشواهد التي لا تزال صامدة رغم مرور الزمن والغزاة.

المصادر

ـ ماهر عبد الرحمن، قلعة برقوق: 632 عاما من التاريخ في فلسطين، العربي الجديد، 4/8/2019.
ـ مصطفى عبد الرحم، "قلعة برقوق" لا تزال شامخة تحمي خان يونس منذ 600 عام، عربي21، 7/1/2021.
ـ أحمد صقر، قلعة برقوق.. معلم تاريخي عريق شاهد على مجازر الاحتلال، عربي21، 30/1/2020.
ـ قلعة برقوق ... شموخ التاريخ يقاوم الزمن، موقع عرب 48، 19/6/2016.
ـ التاريخ يقاوم القصف الإسرائيلي.. قلعة برقوق في غزة صامدة لأكثر من 600 عام، عربي بوست، 27/7/2022.
ـ عمرو الفرا، قلعة برقوق بخان يونس دليل على عراقة شعبنا، مركز المعلومات الفلسطيني، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، 3/3/2010.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين تاريخ فلسطين تاريخ هوية تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من القلعة خان یونس

إقرأ أيضاً:

في أي عمر تظهر آثار العادات السيئة على صحتك؟

فنلندا – تابع فريق بحثي دولي صحة مئات الأفراد منذ ولادتهم عام 1959 وحتى بلوغهم سن 61، بهدف دراسة تأثير العادات غير الصحية على المدى الطويل.

وتناولت الدراسة عادات مثل التدخين والإفراط في شرب الكحول وقلة النشاط البدني، حيث رُصدت العلاقة بين هذه السلوكيات والاضطرابات الصحية الجسدية والنفسية.

وأظهرت المتابعة أن أولى مؤشرات التدهور الصحي تبدأ في الظهور بوضوح عند سن السادسة والثلاثين، لدى الأشخاص الذين اعتادوا على تلك العادات في شبابهم، إذ كانوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والاكتئاب، مقارنة بمن تبنوا نمط حياة صحي.

وقالت الدكتورة تيا كيكالاينن، من جامعة لوريا في فنلندا، إن نتائج الدراسة تؤكد ضرورة معالجة السلوكيات الخطرة في وقت مبكر، موضحة: “تبرز نتائجنا أهمية التدخل المبكر لتقليل تراكم الأضرار الصحية بمرور الوقت”.

وكشف فريق البحث أن لكل عادة غير صحية آثارها الخاصة: فقد ارتبط التدخين بضعف الصحة النفسية، بينما ارتبط نقص النشاط البدني بتدهور اللياقة الجسدية، وكان الإفراط في تناول الكحول مرتبطا بتراجع شامل في الصحة العقلية والجسدية.

وأشارت النتائج إلى أن تأثير هذه العادات يزداد كلما طال أمد ممارستها، إذ يساهم التدخين مثلا في الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب، في حين تؤدي قلة الحركة وتناول الكحول المفرط إلى أمراض قاتلة كفشل الأعضاء والسكتة الدماغية والنوبات القلبية.

وعلى الرغم من أن دراسات سابقة ركزت على تأثير هذه السلوكيات في منتصف العمر، فإن هذه الدراسة، المنشورة في مجلة Annals of Medicine، تناولت بدايات تشكّل هذه العادات، وأثرها منذ سن الشباب وحتى الكهولة.

ولفت الباحثون إلى أن العلاقة بين العادات السيئة وسوء الصحة قد تكون متبادلة، حيث يمكن أن يؤدي الاكتئاب أو المشاكل الجسدية إلى تبنّي سلوكيات ضارة مثل التدخين أو قلة الحركة أو الإفراط في شرب الكحول.

كما أوضحت الدراسة أن نتائجها تنطبق بدرجة أكبر على من وُلدوا في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، بينما قد تختلف أنماط الحياة ومصادر الخطر في الأجيال الجديدة، لا سيما مع ظهور سلوكيات مثل تدخين السجائر الإلكترونية.

وأشارت الدراسة إلى أنها لم تتناول جميع جوانب نمط الحياة، مثل النظام الغذائي أو تعاطي المخدرات، ما يفتح المجال لأبحاث أوسع في المستقبل.

المصدر: ديلي ميل

مقالات مشابهة

  • قهوة باردة على شاطئ البحر
  • توزيع مواد إغاثية لـ 1500عائلة عائدة إلى قلعة المضيق بريف حماة
  • رمى بقايا طعامه في النهر.. مطالبة بمحاسبة سائح عربي أساء الى بيئة كوردستان
  • صاحب القلب الطيب.. عمرو الليثي ينعى أمح الدولي
  • وفاة سعد الله آغا القلعة.. رائد التوثيق الموسيقي والوزير السوري السابق
  • الكوارث الطبيعية والحروب وتأثيرها على عمل الإعلام في السودان
  • نيويرك تايمز: تركيا تقاوم الاستبداد في ظل صمت عالمي
  • ثروة للتأمين ونادي الزمالك: بداية جديدة تحمي فرسان القلعة البيضاء
  • الجماز: الهلال هو قلعة الكؤوس والأهلي أصبح من الماضي .. فيديو
  • في أي عمر تظهر آثار العادات السيئة على صحتك؟