قالت صحيفة لوباريزيان الفرنسية إن العلاقات بين فرنسا والنيجر تقترب من نقطة اللاعودة، بعد أن ظلت تتدهور باستمرار منذ الانقلاب الذي دفع بـ"المجلس الوطني لحماية الوطن" إلى السلطة، برئاسة الجنرال عبد الرحمن تياني، مشيرة إلى أن إمهال الانقلابيين السفير الفرنسي 48 ساعة لمغادرة البلاد يعكس رغبة واضحة في عدم إقامة أي علاقات دبلوماسية مع باريس.

وقامت الصحيفة بتقييم للوضع المتوتر للغاية -في تقرير بقلم إنزو غيريني- في 6 أسئلة، على أساس المهلة التي قدمها الانقلابيون، كما يلي:

ما الذي حدث؟

يوم الجمعة الماضي (25/8/2023)، قرر المجلس الوطني لحماية الوطن الذي وصل إلى السلطة في النيجر طرد السفير الفرنسي سيلفان إيتي من البلاد، لأنه تجاهل "دعوة" من وزارة الخارجية النيجرية، ولكن أيضًا بسبب "أفعال أخرى من قبل الحكومة الفرنسية تتعارض مع مصالح النيجر"، وأمهلته 48 ساعة، وذلك بالتزامن مع تظاهر آلاف الأشخاص بالقرب من القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي، وبعد يوم من تجمع 20 ألف شخص أول أمس السبت في نيامي لدعم النظام العسكري هناك.

ماذا يعني مثل هذا القرار؟

قال باريسي تيري فيركولون، منسق مرصد وسط وجنوب أفريقيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن "هذا القرار يثبت أن النيجر لم تعد ترغب في إقامة أي علاقات دبلوماسية مع باريس"، وأوضح أن الانقلابيين يستلهمون ما حدث في بلدان أخرى في منطقة الساحل، مثل مالي وبوركينا فاسو، حيث لم يعد هناك سفير فرنسي.

ماذا كان رد فعل فرنسا؟

أمام هذا القرار، أعلنت باريس أن "الانقلابيين لا يملكون صلاحية تقديم هذا الطلب، وموافقة السفير لا تنبثق إلا عن السلطات النيجرية الشرعية المنتخبة"، خاصة أن الرئيس المطاح به محمد بازوم لم يستقل بعد من منصبه، ومن ثم طلبت فرنسا من سفيرها البقاء في منصبه.


ماذا سيفعل السفير؟

يقول نيكولا نورمان، السفير الفرنسي السابق لدى مالي والكونغو برازافيل والسنغال، إن "السفير سيبقى لأن باريس أعطته الأمر"، موضحا أن "السفير -مع ذلك- سيغادر على المدى الطويل، ولكن بعد حل الوضع السياسي، إذ يوجد رئيس شرعي لم يستقل، لكنه مسجون، ورئيس فعلي منقلب عليه".

ما الذي يخافه السفير إن بقي؟

لا يخشى نيكولا نورمان من أن يحدث في نيامي ما حدث في إيران عام 1979، عندما هاجم حرس الثورة الإسلامية السفارة الأميركية واحتجزوا الدبلوماسيين رهائن، لأن الانقلابيين -حسب رأيه- يتبعون منطقا شعبويا لا منطقا ثوريا، واستدل على ذلك بخطاب زعيم المجلس إبرو أمادو أمام حشد في نيامي قائلا "لطردهم (يعني الفرنسيين) لا تذهبوا إلى سفارتهم (…) بعد عودة الجميع إلى منازلهم سينتهي بهم الأمر بالمغادرة".

كيف وصلنا إلى هنا؟

يرى نيكولا نورمان أن فرنسا تبنت موقفا متشددا منذ بداية الأزمة، بدل أن تكون أكثر واقعية مثل شركاء النيجر الآخرين، ورأى أنها تتحمل مسؤولية الإخفاقات الاقتصادية والأمنية للحكومات الأخيرة باعتبارها قوة استعمارية سابقة وشريكة للنيجر الآن، موضحا أن "التصريحات المعادية لباريس تلعب لصالح الانقلابيين، من خلال تصنيف فرنسا كخصم وكبش فداء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی نیامی

إقرأ أيضاً:

اكتشاف بروتين قد يكون مفتاحا لفهم سر نشأة اللغة المنطوقة

لا تزال أصول اللغة البشرية لغزا محيرا للعلماء، وعلى الرغم من أن بعض الأدلة تشير إلى أن النياندرتال كانت لديهم تراكيب تشريحية في الحنجرة والأذن تمكنهم من التحدث والاستماع، فإن الدماغ البشري وحده هو الذي شهد توسعا في المناطق المسؤولة عن إنتاج وفهم اللغة.

وبحسب دراسة جديدة نُشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، فإن فريقا بحثيا من جامعة روكفلر الأميركية أعلن أنه على مقربة من الكشف عن هذا السر، حيث حصل العلماء على أدلة وراثية مثيرة تشير إلى وجود بروتين يُعرف باسم "نوفا 1" موجود حصريا لدى البشر ربما قد لعب دورا حاسما في نشأة اللغة المنطوقة.

ويقول محمد الجندي، باحث في الكيمياء الحيوية في جامعة أوبسالا السويدية، وغير المشارك في الدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "المتغير هو أحد أشكال التحول في الجينات، فلكل جين شكل أساسي، وعندما تحدث له بعض التغيرات الطفيفة تؤدي إلى ظهور المتغيرات، ولكن في معظم الحالات تحافظ المتغيرات على نفس وظيفة الجين الأساسي ولا ترقى إلى تكوين جين جديد بوظيفة مختلفة".

والجينات هي أكواد موجودة على الحمض النووي الموجود في خلايا أجسامنا، كل منها مسؤول عن سمة أو وظيفة محددة، ويمكن النظر إلى الحمض النووي كله على أنه "كتاب تعليمات" ضخم يحتوي على جميع الأوامر البيولوجية التي تجعل الكائن الحي على ما هو عليه.

نمط التعبير عن جين (نوفا 1) في دماغ الفأر، ويظهر (نوفا 1) باللون الأخضر (جامعة روكفلر) لغز النطق يحير العلماء

لطالما ارتبطت القدرة اللغوية لدى البشر بجين يدعى (فوكس ب 2)، يتحكم في تطوير الدماغ، إلا أن دوره لا يزال محل جدل. وعلى النقيض، يُعتقد أن جين (نوفا 1) يلعب دورا أكثر تعقيدا.

إعلان

ولقياس ذلك، أدخل فريق بقيادة روبرت دارنيل، رئيس مختبر علم الأورام العصبي الجزيئي في جامعة روكفلر، المتغير البشري من بروتين (نوفا 1) في فئران المختبر، وأظهرت النتائج نجاح الفئران في إصدار أصوات مختلفة عند التواصل فيما بينها، مما يشير بحسب الباحثين إلى تأثير هذا المتغير على الأنماط الصوتية.

وتشرح يوكو تاجيما، من مختبر علم الأورام العصبية الجزيئي، جامعة روكفلر بالولايات المتحدة الأميركية، والمؤلفة الأولى للدراسة في تصريح حصلت الجزيرة نت على نسخة منه قائلة: "التغيرات التي طرأت على جين (نوفا 1) ربما قد أدت إلى تطورات مهمة في الدماغ البشري ساهمت في نشأة اللغة وتطورها." وأضافت: "اكتشفنا أن التغيير البشري الفريد في البروتين يتسبب في تغييرات جوهرية في التعبير الجيني المرتبط بالصوتيات."، ولذلك يعتقد الباحثون بناء على تجربتهم أن (نوفا 1) ربما يكون جينا رئيسيا في اللغة البشرية.

استخدم الباحثون تقنية كريسبر لتحرير الجينات بهدف استبدال النسخة الطبيعية من بروتين (نوفا 1) في الفئران بالمتغير البشري (شترستوك) توظيف التحرير الجيني رغم التحديات

استخدم الباحثون تقنية كريسبر لتحرير الجينات بهدف استبدال النسخة الطبيعية من بروتين (نوفا 1) في الفئران بالمتغير البشري. وعند تحليل تأثير هذا التغيير، لم يجد الباحثون أي تأثير على الوظائف العصبية أو الحركية، لكنهم لاحظوا تغيرات ملحوظة في الأصوات التي تصدرها الفئران.

ويقول الجندي: "من التحديات التقنية لاستخدام التحرير الجيني في هذا المجال هو أن بعض المتغيرات لا تتوافق عند نقلها بين البشر والفئران، وثاني التحديات يكمن في قَصْر عملية التحرير على حمض أميني واحد فقط تجنبا لظهور أي نتائج غير مرغوب فيها، بالتالي تسهل عملية قياس نتائج تحرير الجين".

راقب الباحثون، وسجلوا وحللوا الأصوات التي تصدرها الفئران المعدلة وراثيا، وقارنوها بالفئران الطبيعية. ونظرًا لأن الفئران تصدر أصواتا لا يمكن سماعها بالأذن البشرية، استخدم الباحثون ميكروفونات حساسة للموجات فوق الصوتية لتسجيل الأصوات في حالتين: عندما تكون صغار الفئران منفصلة عن أمهاتها، لاستكشاف نداءات الاستغاثة، وأثناء تفاعل الذكور مع الإناث البالغة لدراسة أصوات المغازلة.

إعلان

وبعد جمع التسجيلات، حلل الباحثون الصوتيات باستخدام برامج متخصصة لتحديد الفروق بين الفئران العادية والمعدلة، وركزوا على عدة معايير، هل الفئران المعدلة تصدر أصواتا أكثر أو أقل من العادية؟ وتصنيف الأصوات إلى أنواع مختلفة، مثل نغمات بسيطة أو متغيرة أو متقطعة، والتغييرات في تردد الأصوات، مثل ارتفاعها أو انخفاضها، وطولها وقصرها، ومدى التعقيد.

وعند مقارنة البيانات، وجد الباحثون أن الفئران المعدلة وراثيا أظهرت تغيرات في تردد الأصوات عند الصغار، حيث أصبحت بعض النغمات أكثر حدة أو أقل حدة من المعتاد. كما لاحظوا انخفاضا في عدد النغمات مما يشير إلى نمط صوتي مختلف.

أما في البالغين، فقد ظهرت تغييرات في الأصوات المستخدمة خلال المغازلة، حيث أصبحت بعض النغمات أقل تكرارا أو أكثر تعقيدا، بالإضافة إلى اختلافات في الترددات العليا، مما يشير إلى تأثير محتمل على التحكم العصبي بالأصوات. وكانت لحظة مذهلة بحسب الباحثين، إذ لم يتوقعوا هذه التغيرات.

أثر المتغير

لمعرفة ما إذا كان هذا التغيير الجيني فريدا للبشر، قارن الباحثون بين الجينوم البشري والحمض النووي الخاص بالنياندرتال والدينيسوفان، وهم أفراد من الجنس الإنساني الذي يضم الإنسان العاقل كذلك (البشر الحاليين)، وقد أظهرت النتائج أن المتغير غير موجود لدى النياندرتال والدينيسوفان، مما يشير إلى أنه تطور حديث نسبيا في تاريخ البشر، وربما كان عاملا رئيسيا في قدرة الإنسان على تطوير لغة معقدة.

إلى جانب دوره في اللغة، قد يساعد البحث أيضا في فهم بعض الاضطرابات اللغوية والتطور العصبي. فهناك دلائل على أن الطفرات في جين (نوفا 1) قد تكون مرتبطة بالتوحد واضطرابات النطق.

ورغم النتائج المثيرة، لا يرى الجندي أن (نوفا 1) وحده يمكن أن يكون المسؤول عن نشأة اللغة البشرية، مختتما: "كان يعتقد أن جين (فوكس ب 2) لفترة طويلة هو أحد أهم العوامل المسؤولة عن نطق اللغة أو التواصل البشري، لكن الأمر أكثر تعقيدا مما كنا نظن، وهذه الدراسة تدعم هذه الفكرة. لا يوجد جين واحد فقط مسؤول عن القدرة على النطق والتواصل اللغوي، "فالدلائل التي تقدمها هذه الدراسة وغيرها تستند إلى قياسات وظيفية غير حصرية لتطور اللغة".

وقد تساعد الأبحاث المستقبلية في تحديد العلاقة بين هذا الجين والاضطرابات العصبية، وربما حتى تمهيد الطريق لعلاجات جديدة للاضطرابات اللغوية. في النهاية، يبقى السؤال مفتوحا: هل يمكن من خلال علم الوراثة فك شفرة اللغز الذي جعل البشر متحدثين فريدين؟

إعلان

مقالات مشابهة

  • باريس سان جيرمان يحسم كلاسيكو فرنسا بثلاثية أمام مارسيليا
  • باريس سان جيرمان يتخطي مارسيليا بثلاثية ويحسم كلاسيكو الدوري الفرنسي
  • الجزائر تطالب فرنسا بمراجعة سعر كراء إقامة السفير بـ”فرنك رمزي” منذ 1962
  • البوصلة البولندية لفهم ما يجري في أوروبا
  • قائمة باريس سان جيرمان استعدادًا لكلاسيكو فرنسا أمام مارسيليا
  • وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا تراجعت باريس عن موقفها بشأن المهاجرين الجزائريين
  • وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا لينت باريس موقفها في ملف الجزائر
  • اكتشاف بروتين قد يكون مفتاحا لفهم سر نشأة اللغة المنطوقة
  • الرئيس الفرنسي يستقبل نظيره اللبناني في باريس.. 28 مارس
  • انسحاب مفاجئ لفينغارد من باريس-نيس بسبب الإصابة