العلاقات التركية العراقية ما بعد زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
(زمان التركية)ــ تشير المناقشات المكثفة التي أجراها وزير الخارجية “هاكان فيدان” في كل من بغداد وأربيل تشير إلى تحولا إيجابيًا في العلاقات بين البلدين، قد يسفر عن تعميق العلاقات بين تركيا والعراق، كما أن تنوع المناقشات واتساع نطاق المواضيع التي تم تناولها يظهر نهجا متعدد الأبعاد لتطوير العلاقات وإرساء أسس أكثر صلابة بين البلدين، ويعني أيضًا خطة عمل تفصل القضايا وتتعامل معها بشكل مستقل، وفي هذا السياق يمكن التوقع أن أول قضية سيتم حلها هي قضية النفط.
وقد أصبحت قضية النفط مشكلة بين بغداد وأنقرة عندما بدأت حكومة إقليم كردستان في تصدير النفط من المنطقة الشمالية شبه المستقلة بشكل مستقل عن الحكومة الاتحادية في عام 2013 وهو ما اعتبرته بغداد غير قانونيًّا، حيث تدفقت صادرات إقليم كردستان عبر خط أنابيب إلى فيش خابور على الحدود الشمالية للعراق، ليتم ضخه إلى ميناء جيهان التركي على الساحل المتوسط، وهو ما دعا العراق إلى رفع دعوى التحكيم في عام 2014 لدى غرفة التجارة الدولية في باريس بشأن دور تركيا في تسهيل صادرات النفط من كردستان دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد، وتمثلت حجة بغداد القانونية أنه من خلال نقل وتخزين النفط من كردستان وتحميله على ناقلات في جيهان دون موافقة بغداد، فإن أنقرة تنتهك أحكام اتفاق خط أنابيب تركيا-العراق الموقع في عام 1973. وهكذا وحتى اليوم لم يتم التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وبغداد على استئناف نقل صادرات النفط العراقية الشمالية إلى تركيا، وهو ما تسعى تركية لتحقيقه من خلال المناقشات الثلاثية مع كلا من بغداد وأربيل.
وبينما كان التركيز على التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين تركيا والعراق خلال المناقشات في بغداد يسلط الضوء على الرغبة في العمل المشترك، فإن معالجة قضايا مثل أزمة المياه، ومكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي، والاستقرار الإقليمي تعكس التركيز على المصالح المتبادلة والرغبة في إيجاد أرضية مشتركة، ومن جهة أخرى فتؤكد المحادثات التي أجريت في أربيل نية تركيا تعزيز علاقاتها مع حكومة إقليم كردستان، وتسلط المناقشات الضوء أيضًا على النية في إقامة علاقات أكثر عمقًا مع حكومة إقليم كردستان.
ولكن في المقابل هناك مطالب لأنقرة فقد دعا “هاكان فيدان”، خلال زيارته الرسمية الأولى للعراق بصفته وزير الخارجية التركي الجديد، بغداد يوم الأربعاء إلى إدراج حزب العمال الكردستاني المحظور على قائمة المنظمات الإرهابية، وفي حديثه إلى جانب نظيره العراقي فؤاد حسين، في مؤتمر صحفي مشترك في بغداد، صرح فيدان بأن بلاده تتوقع أن تقوم بغداد بإدراج حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية. وقال للصحفيين في إشارة إلى الجماعات الكردية السورية، إن “التنظيم الإرهابي، يتجاهل الحدود العراقية السورية ويسعى إلى توحيد المنطقتين عبر إقامة ممر إرهابي على طول الحدود”.
وتجدر الإشارة هنا أن حزب العمال الكردستاني، والمدرج على لائحة المنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يقاتل الدولة التركية منذ عام 1984 من أجل الحكم الذاتي داخل تركيا ويقع مقره الرئيسي في منطقة جبلية بشمال العراق.
كما صرح فيدان بأن “حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية تحتل سنجار ومخمور وقنديل والعديد من المناطق العراقية الأخرى”، وبالطبع فقد كانت العمليات العسكرية التركية المستمرة في المنطقة ضد المسلحين الأكراد مصدرًا للتوتر بين أنقرة وبغداد التي اتهمت تركيا بانتهاك السيادة العراقية وقتل المدنيين، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في معرض تعبيره عن شكاوى بغداد الطويلة الأمد بشأن العمليات العسكرية التركية المستمرة، حيث أكد حسين على أهمية سيادة بلاده.
ولكن من جهة أخرى كان رد فيدان هو نفي اتهام تركيا بخرق سيادة العراق، وأكد موقف بلاده بشأن النزاع، قائلًا إن حزب العمال الكردستاني هو الذي يهدد سيادة العراق وسلامة أراضيه، وأعقب مصرحًا: “لا يمكننا أن نبقى غير مبالين إزاء تحدي حزب العمال الكردستاني للسيادة العراقية” وأضاف أن حماية سيادة العراق وسلامة أراضيه تظل من بين أهم أولويات السياسة الخارجية التركية.
ومن جهة العراق فإن مشكلة المياه تمثل مشكلة حقيقية ولذلك ضغط حسين من أجل التوصل إلى تسوية للنزاع على تقاسم المياه على الأنهار العابرة للحدود التي تتقاسمها تركيا والعراق، ولطالما اتهمت السلطات العراقية تركيا بقطع حصة العراق المائية من نهري الفرات ودجلة عبر السدود التركية المبنية على الممرات المائية.
وكان رد تركيا الدائم على شكاوى العراق هي أن السلطات العراقية بحاجة إلى تطوير تكنولوجيا الري الخاصة بها من أجل استخدام أكثر فعالية للمياه، وهو الجواب الذي قدمه فيدان خلال زيارته لبغداد حيث شدد على ضرورة إنشاء آلية “علمية وعقلانية” لحل المشكلة.
لا انفراجة في صادرات نفط شمال العراق
وتعهد كل من كبير الدبلوماسيين الأتراك والعراقيين بتعزيز التعاون لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، إلا أن أول زيارة رسمية لفيدان إلى العراق باءت بالفشل في تحقيق تسوية لاستئناف صادرات النفط من شمال العراق إلى تركيا، بعد أن تم تعليق تدفق النفط من شمال العراق في مارس/آذار نتيجة لما قضت به غرفة التجارة الدولية بأن الاتفاق الأحادي الجانب بين تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق لصادرات النفط ينتهك الحقوق السيادية للحكومة العراقية المركزية. ونقلاً عن مصادر مطلعة على المفاوضات بين أنقرة وأربيل وبغداد لاستئناف تدفق النفط، أفاد موقع المونيتور في وقت سابق من هذا الأسبوع أن العراق كان يضغط على تركيا لزيادة تدفق المياه من نهري الفرات ودجلة مقابل الحصول على الضوء الأخضر لاستئناف العمل صادرات النفط. ومن الجدير بالذكر أن كلا البلدين يواجه جفافا شديدا مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة إلى مستويات قياسية.
وبينما يبدو أن هناك نية نحو تخفيف التوتر في العلاقات بين أنقرة وبغداد إلا أن المشاكل العالقة بين البلدين ليست سهلة حل خاصة فيما يتعلق بمسألة المياه لا سيما وأن تركيا لديها مشكلة في المياة، وكذلك رؤية أنقرة أنه من حقها القيام بعمليات عسكرية داخل الحدود العراقية دون أن ترى ذلك اختراق للحدود العراقية ، وعلى صعيد أخر ففي عقب الزيارة لأربيل تصاعدت الأصوات الصحفية داخل كردستان العراق ترى أن قيام برازاني بالاتفاق مع الحكومة التركية يمثل تنازلا عن القضية الكردية لا سيما وأن الكثير داخل كردستان العراق يرى أن كردستان العراق كأقليم لديه مسؤولية أخلاقية تتمثل في مساعدة الأكراد سواء في سوريا أو تركيا أو إيران من أجل إقامة الدولة الكردية التي تم تفريقها بين الدول بحسب النظرة الكردية.
Tags: أزمة المياه في العراقالعراقالعراق وتركياتركياالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: أزمة المياه في العراق العراق العراق وتركيا تركيا حزب العمال الکردستانی کردستان العراق وزیر الخارجیة إقلیم کردستان سیادة العراق صادرات النفط بین البلدین بین أنقرة النفط من من أجل وهو ما
إقرأ أيضاً:
السوق العراقية.. متنفس البضائع الإيرانية الذي تتجاذبه المصالح بين النفوذ والتحديات الدولية- عاجل
بغداد اليوم – بغداد
في ظل أزماتها الاقتصادية الخانقة، تبحث إيران عن أسواق خارجية تمثل متنفسا لبضائعها وشركاتها، ويبرز العراق كوجهة رئيسة بحكم اعتماده الكبير على الاستيراد.
وفي السياق، أكد أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي في حديث لـ"بغداد اليوم"، الأربعاء (5 آذار 2025)، أن "العراق يشكل سوقا واعدا للبضائع والشركات الإيرانية، لا سيما في قطاعات الطاقة، والتجارة، والبنية التحتية، والصناعات الغذائية، حيث تمتلك إيران حضورا قويا بالفعل".
ومع ذلك، يرى السعدي أن "البيئة العراقية ليست مثالية تماما للاستثمارات الخارجية، خاصة الإيرانية، نظرا لجملة من التحديات الداخلية، أبرزها الفساد، وسوء الإدارة، والمنافسة المتزايدة من الشركات التركية والصينية التي تسعى لتوسيع نفوذها في السوق العراقية".
وعلى الصعيد السياسي، أوضح السعدي أن "التوجهات الحكومية العراقية تسعى إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية، مما قد يحد من قدرة الشركات الإيرانية على فرض هيمنتها على بعض القطاعات الحيوية".
أما فيما يخص موقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فيؤكد السعدي أنه "يواجه ضغوطا إيرانية متزايدة لتسهيل دخول الشركات الإيرانية إلى السوق العراقية، خاصة مع تقلص نفوذ طهران في سوريا ولبنان.
وفي المقابل، يتعرض السوداني لضغوط داخلية ودولية، خاصة من الولايات المتحدة ودول الخليج، التي تسعى للحد من الهيمنة الاقتصادية الإيرانية في العراق".
ويختم السعدي حديثه بالتأكيد على أن "قدرة السوداني على الموازنة بين المصالح الاقتصادية للعراق والضغوط السياسية الإقليمية والدولية، ستكون العامل الحاسم في تحديد ملامح العلاقة الاقتصادية بين بغداد وطهران خلال الفترة المقبلة".
الخلفية الاقتصادية والسياسية
ولطالما كانت العلاقة الاقتصادية بين العراق وإيران محكومة بعوامل متعددة، تتراوح بين الجغرافيا، والتاريخ، والسياسة. فبعد عام 2003، عززت إيران وجودها الاقتصادي في العراق، مستفيدة من الفراغ الذي خلفه الحصار والعقوبات الدولية التي فُرضت على العراق سابقا، إلى جانب العلاقات الوثيقة مع بعض القوى السياسية العراقية.
دوافع التوسع
تعاني إيران من أزمات اقتصادية خانقة، أبرزها التضخم المرتفع، وانخفاض قيمة العملة، والعقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية.
هذا الوضع جعلها تبحث عن أسواق خارجية تساعدها على تصريف بضائعها وضمان تدفق العملات الصعبة، والعراق يعد من أهم هذه الأسواق نظرا لاعتماده الكبير على الاستيراد في مختلف القطاعات، بدءا من السلع الاستهلاكية وصولا إلى مشاريع الطاقة والبنية التحتية.