حكاية اللص النبيل في البصرة
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
تبقى اللصوصية من السلوكيات الدونية التي يزدريها الناس، وتبقى السرقة حرفة معيبة مشينة مكللة بالعار والقّبح في كل زمان ومكان. لكن بعض اللصوص تميزوا عن أقرانهم بنبلهم وشهامتهم ومواقفهم الوطنية والأخلاقية. وقد نقلت لنا الشفاهيات الشعبية وصية اللص (أدهم من عسقلة) الذي كان اشهرهم في العاصمة العباسية (بغداد).
وظهر في القرن الماضي نشّالاً في ضواحي البصرة، عرفه الناس باسم (قدوري)، وكان من صنف اللصوص الاشقياء المعروفين بالقوة والجرأة. .
قبل بضعة أيام شاهدت لقاءً مصوراً مع الناشط البصري الغيور: (العم أبو علي) يتحدث فيه عن موقف لا يُنسى من مواقف النشّال (قدوري). .
يقول ابو علي: كان قدوري لا يتردد من ممارسة هوايته في الاستيلاء على العملات الورقية التي يحملها كبار الأفندية اثناء تنقلهم في الاسواق وأزقتها المزدحمة. . وفي يوم من الأيام قرر الاستحواذ على محفظة ممتلئة بالنقود يحملها احد الموظفين، فخطفها (قدوري) بلمح البصر. لكنه فوجئ عندما فتحها، انها تحتوي على تقارير طبية، وان صاحبها من المعلمين المصابين بمرض عضال، وفيها أيضاً توصية من مديرية التربية والتعليم تقضي بتوفير المبالغ المالية لهذا المعلم المريض من أجل تغطية نفقات علاجه خارج العراق. فانتفض قدوري على الفور، وتبنى بنفسه حملة التبرعات، حتى جمع أضعاف أضعاف المبلغ المطلوب. وتوجه بنفسه إلى المدرسة التي يعمل فيها ذلك المعلم، فقبل المعلم اعتذاره، وأستلم منه المبلغ وسط جمع غفير من وجهاء المدينة الذين استحسنوا موقف قدوري وأشادوا به. .
تذكرت حكاية العم (ابو علي) عن قدوري النشّال عندما سمعت خبر انقلاب الشاحنة المليئة بالأموال على الطريق العام (بين كركوك والسليمانية) في الوقت الذي انكرت فيه حكومة الاقليم عائديتها. وتذكرت أيضاً المليارات التي سُرقت من الأمانات الضريبية في بغداد بعلم المؤسسات الحكومية. وشتان ما بين مواقف النشّالة في القرن الماضي ومواقف النشّالة في المرحلة الراهنة. واترك لكم حرية الغوص في بحار التناقضات والمقارنات المفزعة بين جمال الماضي وقبح الحاضر. .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
جاسوس سايغون حكاية مراسل حول فندق كونتننتال لمركز استخبارات
وتناولت حلقة برنامج "المرصد" بتاريخ (2025/4/28) حكاية الجاسوس الفيتنامي فام الذي عمل لعقدين من الزمن مراسلا موثوقا، في حين كان في الحقيقة ينقل أسرار سايغون إلى الشمال مساهما بحسم واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن العشرين.
وقبل 50 عاما وفي 30 أبريل/نيسان 1975، دخلت القوات الشمالية سايغون منهية حقبة الاحتلال الأميركي وإعادة توحيد فيتنام، في مشهد حمل بين طياته مئات القصص الخفية التي كان أبرزها قصة الجاسوس الصحفي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4فو نغوين جياب آخر قائد تاريخي لفيتنام الشيوعيةlist 2 of 4الجزيرة نت في فيتنام.. احتفالات عارمة في "هو تشي منه" بخمسينية النصر والوحدةlist 3 of 4حرب فيتنام.. خمسينية النصر والوحدةlist 4 of 4هو شي منه قائد ثورة فيتنام ضد فرنسا وأميركاend of listوقد نشط فام وسط نخبة الصحفيين والعسكريين والدبلوماسيين متنقلا بين الفنادق الكبرى كمراسل محترف، بينما كانت مهامه الحقيقية تتمحور حول تحليل الوثائق العسكرية وإرسال التقارير السرية لهانوي.
وداخل فندق كونتننتال العريق -الذي كان يعج بالصحفيين الغربيين- برع فام في استغلال موقعه، فعمل مترجما ومستشارا غير رسمي لكبار المراسلين مانحا إياهم تحليلات دقيقة للوضع الميداني.
علاقة عميقةوقد رافق برنامج "المرصد" الكاتب الأميركي لاري بيرمان الذي التقاه في مدينة هوشي منه، وتحدث عن عمق علاقة فام بالصحافة الغربية، إذ كان عنصرا لا غنى عنه لفهم المشهد العسكري والسياسي في فيتنام.
ولم يكن فام مجرد مراسل عادي، فقد كانت رسائله المشفرة تصل إلى قوات الشمال عبر أنفاق كوتشي السرية التي شكلت شريان التواصل الحيوي للمقاومة خلال سنوات الحرب.
إعلانوبحسب بيرمان، كان فام يحشو تقاريره السرية داخل لفافات قماش أو علب أفلام مستعينا بشبكة معقدة من العملاء لنقلها إلى معاقل القيادة الشمالية عبر طرق محفوفة بالمخاطر.
وتعود بدايات مسيرة فام إلى انضمامه مبكرا إلى رابطة استقلال فيتنام، قبل أن ينال منحة دراسية إلى الولايات المتحدة، ويتخرج بشهادة في العلوم الإنسانية، مما عزز غطاءه لاحقا كمثقف وصحفي بارع.
وبعد عودته إلى سايغون، عمل مع كبريات المؤسسات الإعلامية مثل رويترز وتايم ونيوزويك، واكتسب مصداقية عالية مما مكنه من الوصول إلى معلومات غاية في الحساسية.
حجر الأساسكان العام 1968 مفصليا، مع تنفيذ قوات الشمال هجوم "تيت" الواسع حيث شكلت المعلومات التي جمعها فام حجر الأساس لخطة الهجوم الذي زلزل الوجود الأميركي في فيتنام.
وتحول فام إلى أحد أبرز مصادر المعلومات للقيادة الشمالية، مستغلا ثقة الصحفيين والمسؤولين الأميركيين الذين كانوا يرون فيه صحفيا محايدا يشرح لهم تعقيدات الساحة الفيتنامية.
وفي الأيام الأخيرة قبل سقوط سايغون، عرض عليه بعض أصدقائه الصحفيين الأميركيين -مثل بوب شابلن- فرصة الهروب معهم، لكنه اختار البقاء تنفيذا لأوامر قيادته.
وبعد الحرب، خضع فام لفترة من "إعادة التأهيل السياسي" لضمان عدم تأثره بالثقافة الغربية، قبل أن يُكرم بلقب "بطل القوات المسلحة الشعبية" ويُرقى إلى رتبة لواء في الجيش الفيتنامي.
وتوفي فام عام 2006 عن عمر ناهز الثمانين، تاركا وراءه سيرة معقدة جمعت بين الوفاء لقضيته والمهارة الاستثنائية في العمل الصحفي والاستخباري.
الاستبداد التكنولوجيكما تناولت حلقة "المرصد" ظاهرة "الاستبداد التكنولوجي" حيث سلطت الضوء على تحول التكنولوجيا من أداة لتحسين حياة البشر إلى وسيلة للسيطرة على سلوكهم وقراراتهم السياسية.
واستعرضت نشأة مفهوم "التكنوقراطية" الذي دعا لاستبدال السياسيين بالعلماء والمهندسين، قبل أن يتطور لاحقا إلى واقع جديد تُحكمه شركات التكنولوجيا العملاقة.
إعلانوأشار خبراء إلى أن وادي السيليكون أصبح مركزا للتحكم الخفي بالمجتمعات، محذرين من أن الديمقراطية الكلاسيكية قد تفسح الطريق لعصر "الاستبداد التكنولوجي" مع صعود نفوذ أباطرة التقنية.
ورأى مراقبون أن الطفرة التكنولوجية منذ التسعينيات، مع هيمنة شركات مثل مايكروسوفت وفيسبوك، أسهمت في إعادة تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي على مستوى العالم.
ومع تزايد قدرة هذه الشركات على جمع وتحليل بيانات الأفراد، بات واضحا أن تأثيرها يمتد إلى أنماط التفكير والاختيارات السياسية والاقتصادية للمجتمعات الحديثة.
28/4/2025