على الرغم من الزيارات الرسمية بين الصين والولايات المتحدة مؤخراً، إلا أن التصعيد الأمريكي تجاه بكين مازال مستمراً ضمن سياق الحرب التجارية بين البلدين، إذ تشعر واشنطن بأن صعود بكين سيهدد مكانتها ونفوذها عالمياً.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة ربما تلجأ لسياسة الدبلوماسية الهادئة مع الصين، من خلال تبادل الزيارات الرسمية ولكن في الوقت نفسه لن تلجأ إلى تنفيذ ما تقوله في أفعالها على أرض الواقع، حتى تنهي العداء التجاري بين البلدين.

إفساد الزيارات

ويقول عضو لجنة الشؤون الآسيوية بالمجلس المصري للشؤون الخارجية الدكتور ضياء حلمي إن "الصين استقبلت عدداً من المسؤولين الأمريكيين خلال الشهور القليلة الماضية ومن بينهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينغر، والتي تعتبر زيارة مدفوعة من الإدارة الأمريكية، والتقى خلالها كبار المسؤولين في الصين وعلى رأسهم الزعيم الصيني شي جينبينغ"، مشيراً إلى أن "الزيارات الأمريكية تعددت في الفترة الماضية بدءاً من زيارة وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، ثم زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين ثم أخيراً زيارة وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو لتهدئة الأوضاع مع بكين".

وأوضح حلمي أنه في "أعقاب الزيارات الأمريكية الرسمية تخرج الإدارة الأمريكية بتصريحات تفسد مسارات هذه الزيارات الهامة، وآخر هذه المواقف تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن الرئيس الصيني شي جينبينغ "ديكتاتور"، بعد أيام من زيارة بلينكن للصين، وهو تصريح يخرج عن الأعراف التقليدية والدبلوماسية وتسبب في خلاف بين بكين وواشنطن".

وأكد الدكتور حلمي أن "الولايات المتحدة لن تغير المنهج ولا الطريقة التي تتعامل بها مع الصين، حيث تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر، وهناك رسائل متناقضة من الولايات المتحدة الأمريكية وهذا لا يناسب مسار العلاقات الدبلوماسية بين الدول والتي تحكمها الأفعال وليس الأقوال".

US Commerce Secretary Gina Raimondo met with her Chinese counterpart in Beijing on Monday, as Washington works to cool trade tensions between the world’s two largest economies.

Read more: https://t.co/7jT8zUp0FA#USA #China pic.twitter.com/DobAMdzeWq

— Business Recorder (@brecordernews) August 28, 2023 وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، أفادت وسائل إعلام غربية بأن مجتمع الاستخبارات الأمريكية يعتقد أن الصين يمكنها تطوير تكنولوجيات في المجال السيبراني، تسمح لها بالتدخل في القنوات الفضائية وشبكات الدول الغربية واستخدامها لمصلحتها، فضلاً عن السيطرة على الأقمار الصناعية نفسها. طريق مسدود

وحول اتجاه الولايات المتحدة لسياسة التعامل مع الكل وتغليب المصلحة العامة خلال تعاملها مع الصين، قال الدكتور حلمي إن "واشنطن تسير في طريق مسدود لن يؤدي إلى شيء وسوف تستمر الصين في حماية نفسها ضد المحاولات الأمريكية في الحرب التجارية القائمة بينهما"، مؤكداً أن "هناك وهم أمريكي بأن واشنطن تستطيع هزيمة الصين تجارياً وهذا لن يحدث إطلاقاً".

وأكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن "الصين قطب جديد جاء بالفعل، والموعد حان للرد على أي محاولات للإيقاع بها"، مشيراً إلى أن "الصين أكثر حكمة وسياسة عما تفعله الولايات المتحدة ولن تغير من سياستها (الصين) في تايوان"، وقال: "هكذا عودتنا الولايات المتحدة أن تهاجم الطرف الآخر ثم تصالحه ولا تفعل ما تقوله".

وأضاف حلمي أن "الصين مؤخراً حين وجدت أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد تغيير المنحى، أعطتها بكين تحذيرات شديدة اللهجة، وظهر ذلك في استقبال الصين للوزراء الأمريكيين من دون حفاوة وهذه رسالة سياسية بأنها لا تهتم بمثل تلك الزيارات". 

USA has been living off the hard work of developing nations, thanks to extraordinary/unfair privilege of dollar.

But #dedollarization has begun -- main theme of #BRICS expansion.

Trade balance: US v. China.????

One country working its ass off; other country printing money and… pic.twitter.com/D85AjeFt1v

— S.L. Kanthan (@Kanthan2030) August 25, 2023

وكانت بكين قالت قبل أسابيع إنها تشعر "بخيبة أمل كبيرة"، لأن إدارة بايدن تقدمت بخطط لفرض قيود جديدة على الاستثمارات الاقتصادية الأمريكية في الصين.

وقال ليو بينجيو، المتحدث باسم السفارة الصينية: "على الرغم من تعبير الصين المتكرر عن قلقها العميق، تقدمت الولايات المتحدة بخطوات لفرض قيود جديدة على الاستثمارات، الجانب الصيني يشعر بخيبة أمل كبيرة من هذا". 

مستقبل اقتصادي جديد

ورأى الدكتور ضياء حلمي أن "نهج الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة سوف تتغير قواعده تماماً في ظل المستقبل الاقتصادي العالمي الجديد، والاتجاه للاستغناء عن عملة الدولار عالمياً وربطها في المبادلات التجارية".

وقال حلمي إن "النظام المالي العالمي الحالي لن يستمر في الاعتماد على الدولار كعملة عالمية، وهناك تعاملات بالعملة الوطنية بين الدول الآن، والأرجنتين سددت قسطاً بعملة اليوان الصيني، ولن يتم استخدام الدولار كوسيلة عقاب في المستقبل".

كما أكد حلمي أن "بنك التنمية التابع لمجموعة بريكس قد يصدر عملة وطنية لدول المجموعة، والفترة المقبلة لن يكون هناك عقوبات مثلما كان يحدث في الماضي"، مشيراً إلى أن "الصين لا تهتم بالآخر ولا تريد أن توجه صراعها للآخر على عكس الولايات المتحدة، التي ترى أنها حينما تعطل الآخرين وتدخلهم في صراعات، فإن ذلك من ضمن مصلحتها.

ووقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخراً أمراً تنفيذياً لتقييد الاستثمارات الأمريكية في بعض قطاعات التكنولوجيا العاملة في جمهورية الصين الشعبية، وفقاً لما ذكره مسؤولون بارزون في الإدارة الأمريكية.

وأوضح المسؤولون أن القطاعات الثلاثة تشمل الشركات العاملة في أشباه الموصلات الكهربائية وأشباه الإلكترونيات الدقيقة، وتكنولوجيا المعلومات الكمومية، وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الصين أمريكا الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

هل العنف السياسي غريب على الولايات المتحدة؟

تشهد الانتخابات الأمريكية حالة استقطاب عنيف جداً وتوترات وطنية أسفرت عن محاولتين لاغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وانسحاب رئيس بايدن من السباق، وهجمات خطابية شرسة، مما يدفع للتساؤل هل سبق للولايات المتحدة أن شهدت انتخابات مثل هذه؟

تضاعفت التهديدات ضد أعضاء الكونغرس عشرة أضعاف

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد أن أطلق مسلح النار على أذن دونالد ترامب وقتل شخصاً في 13 يوليو (تموز) إن "فكرة وجود عنف سياسي أو عنف في أمريكا مثل هذا أمر غير مسبوق".

وكرر هذا الشعور يوم الأحد، بعدما قال مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه يحقق في محاولة "واضحة" لاغتيال ترامب في ملعب الغولف الخاص به في فلوريدا.
لكن صحيفة "التايمز" تقول إن هذا ليس استثناءً في السياسة الأمريكية. إنه أمر مألوف للغاية بشكل مخيف.
ومنذ المعارك الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدامز والرئيس الثالث توماس جيفرسون، كانت الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة سيئة السمعة بسبب الخطاب الفاضح واحتمالات الفوضى.
ففي انتخابات عام 1800، كانت الهجمات الشخصية بين أتباع المتنافسين عنيفة للغاية، إذ وُصف فوز جيفرسون بأنه سيؤدي إلى "تعليم وممارسة القتل والسرقة والاغتصاب والزنا وزنا المحارم علناً"، بينما اتُهم آدامز بأنه "متشدد مثير للاشمئزاز" وله "شخصية خنثوية بشعة".

كما أشارت الصحيفة إلى أن العنف السياسي ليس جديداً في الولايات المتحدة، إذ اغتيل أربعة من بين 45 رئيساً، وتعرض 16 آخرون لمحاولات اغتيال. 

"There is no place for political violence in America"
- What Every Anti-America Dem/Rhino is Parroting

This is the Reality ???????????????????????? pic.twitter.com/Sr0kt4OajN

— D. Valory ✞???????????? Ⅹ (@DsJ0URNEY) July 14, 2024

وكان التعديل الأول للدستور علامة بارزة في السياسة الديمقراطية التي دافعت عن حقوق الأمريكيين في التعبير عن آرائهم، وكثيراً ما تم اختباره إلى أقصى حدوده في الحملات السياسية.

وفيما دعا ترامب - في البداية على الأقل - إلى الوحدة بعد المحاولة الأولى لاغتياله، فقد خرج ليلقي باللوم على منافسيه الديمقراطيين ويستخدم المحاولة الأخيرة كصرخة حاشدة حزبية، قائلاً: "خطابهم يتسبب في إطلاق النار علي، بينما أنا من سينقذ البلاد وهم الذين يدمرون البلاد".
ويلقي الجمهوريون باللوم على بايدن لأنه ذهب بعيداً في وصف ترامب مراراً وتكرارًا بأنه تهديد للديمقراطية ووصف فلسفته بأنها "شبه فاشية".
وتضاعفت التهديدات ضد أعضاء الكونغرس عشرة أضعاف بين عامي 2016 و2021، بينما ارتفع الإنفاق على الأمن الشخصي في الكونغرس خمسة أضعاف بين عامي 2020 و 2022، وفقاً لبحث تم الاستشهاد به في Threats as Political Communication، وهي ورقة بحثية من تأليف ناثان كالمو وليليانا ماسون.
الواقع أن العديد من المراقبين، مثل مستشار الأمن القومي السابق لترامب هربرت ماكماستر في كتابه "في حرب مع أنفسنا"، ألقوا بعض اللوم في الأجواء المحمومة اليوم على الشائعات والإهانات التي تشتعل بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقدم إيلون ماسك، الملياردير المالك لموقع "إكس"  الذي رد على منشور يسأل "لماذا يريدون قتل دونالد ترامب؟" بكتابة "لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن-كامالا"، مع رمز تعبيري لوجه مفكر. ثم أدرك أنه ذهب بعيداً وحذف المنشور.

لكن هذه الانتخابات لن تصبح أكثر هدوءاً.

والسبب الآخر وراء هذه الأجواء المتقلبة هو شخصية ترامب نفسه، الذي بنى حياته المهنية في مجال الأعمال على عقلية الفوز بأي ثمن.
وكانت حملة عام 2024 استثنائية ولكنها ليست بعيدة عن التوترات التي شهدها عام 1968، عندما انسحب الرئيس جونسون، وقُتل روبرت كينيدي بالرصاص بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في كاليفورنيا، وكانت هناك احتجاجات في المؤتمر الوطني للحزب في شيكاغو.

مقالات مشابهة

  • هل العنف السياسي غريب على الولايات المتحدة؟
  • الولايات المتحدة تعلن اكتمال انسحابها من النيجر
  • «الصيد» تبحث تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير مع الملحق التجاري في بكين
  • العرب في مصيدة الانتخابات الأمريكية
  • واشنطن: الولايات المتحدة ليست مستعدة لرفع القيود المفروضة على أوكرانيا
  • بعد زيارة رسمية لجوبا- رئيس مجلس السيادة يعود للبلاد
  • أين وصل مقترح واشنطن الجديد لوقف الحرب بغزة؟.. الخارجية الأمريكية تجيب
  • الخارجية الأمريكية: واشنطن تواصل الحوار مع الشركاء لوقف إطلاق النار في غزة
  • «البرهان» يغادر إلى جوبا في زيارة رسمية
  • في زيارة رسمية.. وزيرة خارجية كوريا الشمالية إلى روسيا