ما تداعيات انسحاب أمريكا من أفغانستان بالنسبة للطرفين؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يرى المحلل الأمريكي جيم كوك، أنه بينما انحسرت أفغانستان بشكل كبير من الذاكرة العامة، تحيي الذكرى السنوية الثانية للانسحاب الأمريكي مشاهد صادمة للفوضى في مطار كابول حيث حاول المدنيون اليائسون الفرار من البلاد، ووسط هذا الارتباك قتل 13 جندياً أمريكياً بشكل مأساوي في تفجير إرهابي مروع، وتوجهت بعض أفراد الأسر المذهولة مؤخراً إلى واشنطن تطالب بإجابات من كبار القادة العسكريين والمدنيين.
وقال كوك، هو أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الحرب البحرية الأمريكية، في نقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، إنه "في سياق الدفاع عن إجراءات إدارة الرئيس بايدن، اعترف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، بأنه لم تكن هناك وسيلة سهلة لإنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا، ولكن هذا لا يعني أنها لم تكن تستحق خوضها".
وأضاف أن "هذه المناسبة الكئيبة توفر فرصة للتأمل بشأن الحرب وتداعيات الانسحاب بالنسبة لأفغانستان والمصالح الأمريكية، وللأسف هناك تقدم ضئيل في حكم أفغانستان والازدهار الاقتصادي والأمن فيها على مدار العامين الماضيين".
وعلى الرغم من المؤتمرات الدولية وتعهدات المانحين بمليارات الدولارات في صورة إغاثة إنسانية وأشكال أخرى من المساعدات، فإنه أمام مبادرات النوايا الحسنة هذه فرصة ضئيلة في تغيير الوضع الراهن بشكل كبير، وعلاوة على ذلك، فإن أولئك الذين اعتقدوا على نحو متفائل في أن تحقق طالبان إصلاحاً، رأوا آمالهم تتحطم مراراً بسبب سياساتها المتشددة وحكمها الوحشي.
Another Anniversary Passes With Little Progress in Afghanistan https://t.co/FKFaybdBmC
— Jim Cook (@jlcookri) August 26, 2023والسؤال هو كيف يؤثر الوضع الراكد والمحزن في أفغانستان على مضي السياسة الخارجية الأمريكية قدماً إلى الأمام؟ ومثلما تخبط أسلافه طوال حرب استمرت عقدين من دون خطة واضحة للفوز في أفغانستان، يبدو الرئيس جو بايدن قانعاً بمواصلة هذا النهج في حقبة ما بعد الانسحاب.
وبينما تحتفل كابول بالذكرى الثانية لحكم طالبان، شهدت البلاد تدهوراً بكل المقاييس ومازال يعاني مواطنوها من التداعيات.. ويقول البنك الدولي في تقاريره إن الاقتصاد الأفغاني انكمش بنسبة 35% بين عامي 2021 و2022 ويعيش أكثر من 9 أشخاص من كل 10 في فقر.
وحتى حرب طالبان على المخدرات، التي خفضت بشكل كبير زراعة الأفيون في البلاد بسبب الإذعان الطوعي والتنفيذ الصارم لحظر فرضته الحكومة، أضرت اقتصادياً بالمزارعين الذين يعيشون عند حد الكفاف، نظراً لأنهم فقدوا دخولهم بزراعة محاصيل أقل ربحية مثل القمح.
وبناء على ذلك، فإن هناك نحو 6 ملايين أفغاني على بعد خطوة واحدة من السقوط في المجاعة، ويعتمدون على برنامج الأغذية العالمي للحصول على حصص غذائية.. ومما يزيد الأمور سوءاً، حظرت طالبان على النساء الأفغانيات العمل لدى الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى، ما فاقم التحدي الخاص بتوزيع المساعدات الإنسانية.
وأخيراً، تواصل طالبان حظرها القمعي على تعليم الإناث رغم الانتقادات العامة من علماء الدين داخل البلاد، وتظل طالبان حكومة منبوذة، ولا تلوم إلا نفسها بسبب عدم استعداد المجتمع الدولي لمنح اعتراف دبلوماسي رسمي، كان سيمنح الشرعية ويحفز على تقديم مساعدات مالية أكبر وضخ استثمار أجنبي مباشر في البلاد.
وحتى الآن، أخفق الضغط الدبلوماسي والاقتصادي في جعل سلوك طالبان معتدلاً، وهناك قلق بأن فرض عقوبات أشد لن يؤدي إلا إلى إلحاق المزيد من الضرر بالشعب الأفغاني.. ومع الوضع في الاعتبار هذه المعضلة، فإن الآراء في واشنطن مازالت منقسمة بشأن التواصل مع نظام طالبان الوحشي في كابول، ناهيك عن الاعتراف رسمياً به.
وكمثال على ذلك، أرسل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول، رسالة لاذعة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، تعرب عن معارضة شديدة لسفر أي مسوؤلين حكوميين أمريكيين للقاء قادة طالبان في أفغانستان.
ودفع ماكول بالقول إن "مثل هذه المحاولات تعد خيانة صارخة لذكرى القتلى وملايين الأفغان الذين مازالوا يأملون في أفغانسان حرة ومزدهرة وديمقراطية، بينما تثير مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن "تطبيع" النظام الذي يواصل ارتكاب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان ودعمه النشط للقاعدة".
ورغم أن بايدن زعم أن تنظيم القاعدة لم يعد موجوداً في أفغانستان، قدم تقرير حديث للأمم المتحدة تقييماً مفاده بأن التنظيم الإرهابي يحتفظ بعلاقات تكافلية وتعاونية وثيقة مع طالبان، وأنه يقوم حالياً بإعادة قدراته العملياتية.
ولتخفيف حدة خطر المجموعات الإرهابية التي تستعيد نشاطها، ترى الإدارة الأمريكية أن الهجوم بمسيّرة العام الماضي، قتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول، يعد تأكيداً على نهجها الواضح بشأن مكافحة الإرهاب، ومع ذلك، لاتزال أجهزة الاستخبارات قلقة إزاء الملاذات الآمنة في أفغانستان، التي يمكن أن تسهل شن هجمات في المستقبل ضد الولايات المتحدة ومصالحها.
وعلاوة على ذلك، قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا في شهادة مؤخراً: "إن التقليص في وسائل جمع المعلومات والموارد التحليلية والمعلومات الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع، يعني أن حملتنا ضد القاعدة وتنظيم داعش-ولاية خراسان الإرهابيين يعد تحدياً، وبينما يمكننا أن نرى الأطر العريضة للتخطيط لهجوم، فإننا نفتقر للتفاصيل الدقيقة لنرى الصورة الكاملة للتهديد".
ورغم المخاطر، فإن من غير المحتمل أن يعلن بايدن عن تغييرات كبيرة في النهج السياسي في أي وقت قريب، وبصفة خاصة في الوقت الذي تبدأ فيه بشكل جدي دورة الانتخابات الرئاسية حامية الوطيس، وبدلاً من ذلك، سوف تواصل الإدارة الأمريكية التخبط في حقبة ما بعد الانسحاب الأمريكي وإعادة توجيه تركيز سياستها الخارجية -واهتمام الشعب- نحو التحديات الجيوسياسية في أوكرانيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
واختتم كوك تقريره بالقول إنه "إذا تكللت هذه الجهود الرامية لطي صفحة أفغانستان بالنجاح، فإن أفغانستان سوف تظل فكرة متأخرة وموضوعاً يظهر مجدداً فقط خلال جلسات الاستماع المشحونة بالانفعالات ومراسم إحياء الذكرى السنوية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أمريكا أفغانستان حركة طالبان فی أفغانستان على ذلک
إقرأ أيضاً:
أردوغان: نواصل محادثتنا مع ترامب بشأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، اليوم الجمعة ، حول تأثير الانتخابات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، أن أنقرة ستواصل محادثاتها مع ترمب في الفترة المقبلة، وسيقيِّمون انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وكيف سينهون دعمهم لتنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي.
وأضاف أردوغان أن ترمب لديه وعود بإنهاء الصراعات التي بدأتها إسرائيل. ونريد أن يفي بهذا الوعد، وأن يقول لإسرائيل "توقفي".
ويأمل أردوغان أن يجري خلال فترة الولاية الثانية لترمب، إرساء فترة من السلام والهدوء الدائم في المنطقة.
وأشار أردوغان إلى أن الاستمرار في سياسات عهد بايدن سيوسع الصراع في المنطقة، وإن قطع ترمب دعم الأسلحة لإسرائيل يمكن أن يكون بداية جيدة، وأي خطوة تدعم أهداف إسرائيل التوسعية يمكن أن تزيد التوترات في المنطقة وتوسع مناطق الصراع.