إلى أي مدى تغلغل مشاهير التواصل الاجتماعي في حياتنا هذه الأيام؟

كيف أصبحوا تدريجيا جزءا لا يتجزأ من يوميات كثير من الأسر؟ لماذا صار ما يروجونه من سلع وأدوات وأزياء ومستحضرات تجميل وعطور وغيرها من الأمور الضرورية وغير الضرورية هي الرائجة، أو «الترند» وفقا للمصطلح الدارج في عوالمهم وحساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي؟

كيف أصبح أبناؤنا، بل كثير منا نحن الكبار، يشعر بالنقص الحقيقي، إن لم يلحق ذلك «الترند» فيشتري مما يروجونه من سلع ربما لا يحتاجها أحيانا وهو يعلم بل ومتأكد أنها لا تستحق السعر الذي يبيعها به هؤلاء مثلا؟

كيف تكونت لهؤلاء المشاهير، وأغلبهم من الفارغين نفسيا وثقافيا، كل هذه الهالة الكبيرة التي تجاوزوا فيها حتى المشاهير القدماء من الممثلين والمغنين والرياضيين على سبيل المثال؟ كيف أصبحوا مشاهير؟ وكيف استحقوا لقب «مؤثرين» فأمعنوا في تأثيرهم السلبي على كل من يتابعهم حتى من دون أن يشعروا بذلك أحيانا؟

ألوان وأضواء وحكايات تافهة ومعلومات مغلوطة ونميمة قميئة وأفكار سقيمة وإشاعات في كل المجالات، واستعراض للخصوصيات وأسرار البيوت، وتفاخر بالثروات والممتلكات والسفرات، وغيرها من أمور كانت الى سنوات قريبة جدا من المحرمات اجتماعيا فأصبحت بوجود هؤلاء «المشاهير» من ضرورات الحياة، يطمح إليها الشباب والفتيات، ويضغطون على أسرهم للوصول إليها.

لقد أصبح هؤلاء المشاهير أكثر خطرا مما كنا نتوقعه في بدايات انتشار الظاهرة، بعد أن اكتشفوا أن شهرتهم التي هي رأس مالهم فيما هم عليه، تحتاج المزيد من الانكشاف أمام الآخرين، والمزيد من الانغماس في تصرفاتهم الغريبة في سبيل لفت نظر أكثر عدد ممكن من الناس بعد أن تكاثرت أعدادهم، وأصبحت آلياتهم القديمة في تحقيق الشهرة غير مجدية! وهكذا أصبحنا نرصد المزيد من التصرفات التي تجعلهم دائما في قلب الأحداث اليومية لنا جميعا رغما عنا دائما!.

لقد أكد لنا الزخم الإعلامي والشعبي الذي أعقب الحادث المروري المأساوي لإحدى مشاهير التواصل الاجتماعي في الكويت مؤخرا، الحجم الكبير الذي احتلته ظاهرة المشاهير في حياتنا وتأثيرها السيئ من حيث ندري أو لا ندري أحيانا.

لقد أودى الحادث، الذي لم تعرف ملابساته بعد، رغم بعد الأخبار غير الرسمية التي انتشرت عنه، بحياة ثلاثة شباب، في حين نجت منه المشهورة التي قبض عليها لاحقا وما زالت في طور التحقيق معها!.

مأساوية الحادث لها دور كبير في حجم ما انتشر عنه من أخبار أشغلت المجتمع الكويتي بأكمله، لكن وجود مشهورة يعرفها معظم من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ضاعف من حجم الحادث إعلاميا وشعبيا، وهو ما يثبت لنا خطورة الدور الذي يضطلع به هؤلاء المشاهير ومدى تأثيرهم علينا جميعا وعلى أبنائنا من المراهقين والمراهقات.

لقد هالني مثلا أن الجميع تقريبا يعرف هذه الفتاة، ويعرف دقائق حياتها في كل شيء تقريبا، حتى أنني سمعت أطفالا لا يتعدى أكبرهم التاسعة من عمره يتحدثون عنها بتعاطف شديد لأنها وفق كلامهم، فقدت والدها مؤخرا، وأنها تمر لذلك بظروف نفسية قاسية ولذا فهم متعاطفون معها حتى وهم شبه متأكدين من مسؤوليتها عن الحادث!.

بل إن هناك من تعاطف معها، رغم ذلك، فقط لأنها فتاة جميلة ومشهورة ومحبوبة من قبل متابعيها. أما من حملها المسؤولية كاملة وطالب حتى بإعدامها قبل انتهاء التحقيق والمحاكمة، وقبل حتى أن نتأكد من التفاصيل المعلنة، فقد فعل ذلك أيضا لأنها مشهورة ومعروفة وتحظى بجماهيرية بين الكثيرين، وأنها ثرية تعيش حياة بذخ ومساحة واسعة من الحرية الشخصية بما لا يشبه وضع مثيلاتها من الفتيات الكويتيات، ما جعل من ذلك الوضع مدعاة لتجريمها قبل التحقق من الجريمة!.

هذا يعني أن شهرة الفتاة أصبحت هي موضوع الحكاية في تفاصيل الحادث، أما الشباب الثلاثة الذين توفاهم الله في ذلك الحادث فليسوا سوى تفصيلة صغيرة في اكتمال المشهد كله للأسف! رحمهم الله.

سعدية مفرح – كاتبة كويتية
صحيفة الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

من حكايات صفية زغلول!!

السيدة صفية زغلول، رفيقة درب الزعيم سعد زغلول، وزوجته المخلصة، كانت شخصية قوية جدًا، فقد كانت مرادفًا لشخصية سعد،ومعاونًا للزعيم القوى والسياسى الصلد، بعدما تمكنت بإرادة حديدية من تحويل منزل الزوجية، إلى مركز للنضال. صفية زغلول لها حكاية مهمة يجب أن نعيد نشرها حتى لاننسى أن الوفد كان رائدًا فى إشتغال المرأة بالعمل العام!!
> ما يجب أن يُنسب لصفية زغلول أنها قالت عقب اندلاع ثورة 1919 والقبض على سعد زغلول: بيت سعد هو «بيت الأمة». وهى قصة مهمة يحكيها الكاتب رشاد كامل نقلًا عن وثائق المرحلة قائلًا: «واندلعت الثورة فى اليوم التالى مباشرة وعادت الروح إلى الأمة.. وبعد القبض على سعد زغلول قام «على شعراوى باشا» وكيل الوفد بدعوة باقى أعضاء الوفد لاجتماع طارئ يعقد فى بيته لبحث الموقف، وسمعت «صفية زغلول» بهذا الأمر وثارت ثورة عارمة واتصلت بعلى شعراوى باشا تليفونيًا، فردت عليها زوجته «هدى شعراوى» فطلبت منها صفية التحدث إلى على شعراوى واندهشت بشدة «هدى شعراوى» فلم تكن التقاليد وقتها تسمح لسيدة متزوجة بأن تطلب التحدث مع رجل متزوج فى التليفون.. واستدعت «هدى شعراوى» زوجها للحديث مع «صفية زغلول» وقالت له بحسم وحزم: سمعت أنك ستعقد اجتماعًا للوفد فى بيتك! هذا الاجتماع يجب أن يعقد فى بيت «سعد».
> قال على شعراوى باشا متسائلًا: كيف نعقد الاجتماع فى بيت «سعد باشا» وهو غير موجود؟
> ردت صفية دون تردد: إنه موجود وسوف يكون موجودًا ولو قتله الإنجليز، إن هذا ليس بيت «سعد» إنه «بيت الأمة وقلعة الثورة».
> رد على شعراوى باشا بقوله: لك حق، سنجىء ونعقد الاجتماع فى بيت «سعد باشا»، ولكنى أحب أن أحذرك فقد تتعرضين للمتاعب نتيجة لهذا.. قالت صفية زغلول: بعد أن أخذوه لم تعد لحياتى قيمة، قيمة حياتى وهو هنا.
> وأمرت صفية بفتح أبواب بيت الأمة، وتخصيص كل غرفه للثورة.. وفى اليوم التالى اجتمعت صفية زغلول مع «هدى شعراوى» وحرم «محمد محمود باشا» وقالت هدى شعراوى هانم إنها قامت بكتابة برقيات احتجاج باسم سيدات مصر إلى زوجة المندوب السامى البريطانى،  وإن زوجها «على شعراوى» رئيس الوفد بالنيابة أخذ البرقيات وعرضها فى اجتماع الوفد وعاد إليها متهلل الوجه قائلًا لها: لقد أعجب أعضاء الوفد ببرقيتك حتى إنهم قرروا حفظها فى محضر جلسة الوفد.
> قالت «صفية» إن كتابة الاحتجاجات والبرقيات لا تكفى،  يجب أن تخرج المرأة المصرية إلى الشارع، تخرج جميع النساء إلى الشوارع متظاهرات هاتفات بسقوط الاحتلال.
> قالت حرم «محمد محمود باشا» بحماس: إننى لم أضع قدمى فى الشارع منذ كنت طفلة، ولكنى موافقة على الخروج إلى الشارع حتى لو ضربنا الإنجليز بالرصاص.. ردت السيدة «هدى شعراوى» مستغربة: يضربوننا بالرصاص! لو قتلوا امرأة واحدة فسوف تلتهب مصر كلها.
> قالت «صفية زغلول» وهذا ما نريده تمامًا.. وبالفعل قادت صفية زغلول هذا الاتجاه بمساندة من صديقتها هدى شعراوى ومعها تلميذة هدى وقائدة المظاهرات النسائية سيزا نبراوى ليصبحن النساء الثلاث قصة تستحق التسجيل والتوثيق فى زمن عادت فيه المرأة للخلف مرة أخرى!
> هذا التوثيق المهم الذى نشره الكاتب الكبير رشاد كامل، استكمله الكاتب الكبير مصطفى أمين فى كتابه «من واحد لعشرة» قصة خروج السيدات فى مظاهرات لأول مرة قائلًا: ما كاد «على شعراوى باشا» يعرض الفكرة حتى ثار وهاج وماج كل الأعضاء ورفضوا خروج النساء فى مظاهرة، وكان من رأى الأغلبية أن هذا الفعل وقاحة وقلة حياء! وكان من رأى الأقلية أنها مع تقديرها للوطنية التى أملت هذه الفكرة الجريئة، إلا أن الأغلبية العظمى للشعب تستنكر خروج النساء إلى الشوارع، وأن هذا سوف يقسم الرأى العام فى مسألة فرعية، بينما هو مُجمع لأول مرة على مسألة واحدة هى مسألة الاستقلال، فخروج النساء إلى الشوارع قد يجعل الإنجليز يتهمون الثورة بأنها تدعو إلى الخروج على الدين الإسلامى! وبذلك تنفض أغلبية الشعب عن الثورة!
> وكانت الأغلبية التى تعتبر خروج المرأة إلى الشارع وقاحة وقلة حياء مؤلفة من «على باشا شعراوى» نفسه، و«عبدالعزيز بك فهمى» و«محمد على علوبة» و«جورج بك خياط» و«حسين باشا واصف» و«عبدالخالق باشا مدكور» و«محمود أبو النصر بك» و«عبداللطيف المكباتى بك».. وكانت الأقلية التى رفضت رفضًا دبلوماسيًا خشية انقسام الأمة مؤلفة من «أحمد لطفى السيد بك» و«مصطفى النحاس بك» و«سينوت حنا بك» و«على ماهر بك» ودكتور «حافظ عفيفى». ورغم ذلك خرجت المرأة للمظاهرات وانتصرت إرادة صفية زغلول وسيدات الوفد المصرى.

مقالات مشابهة

  • عام انفصال المشاهير..زيجات فنية انتهت في 2024
  • مدير «أوقاف القاهرة»: نعمل على محاربة الإرهاب والتطرف والعنف وتفكيك منطلقات وأفكار التيارات المتشددة
  • من حكايات صفية زغلول!!
  • معلومات مغلوطة... الأمن العام نفى اختفاء جوازات سفر بيومترية بيضاء
  • حوادث المشاهير .. سيارات فارهة تتصدر تريند 2024
  • وسم السيسي يعتلي منصات التواصل الاجتماعي .. وهذه حقيقة المظاهرات التي تطالب برحيله
  • هل يمكن إعفاء الحاصل على الدعم النقدي دون وجه حق من رد المبالغ التي صرفها؟.. الضمان الاجتماعي يوضح
  • افتتاح معرض «بريطانيا بعدسة وريشة كويتية» في المكتبة الوطنية
  • ياسين استقبل طائرة كويتية محمّلة بمساعدات طبية جمعتها الجالية اللبنانية
  • كاتبة: الأزمة الإنسانية في غزة تزداد سوءاً