سعيًا لاستشراف مستقبل المشهد الروسي الأوكراني بعد مصرع يفغيني بريغوجين قائد قوات فاجنر الروسية شبه العسكرية، حاول   الكاتب مايك إيكيل تقديم إجابات عن 5 أسئلة رئيسية في تحليل بمركز "أوراسيا ريفيو" للأبحاث (Eurasia review) ترجمه "الخليج الجديد".

وفي 23 أغسطس/ آب الجاري، أعلنت السلطات الروسية مصرع بريغوجين ونائبه الرجل الثاني في فاجنر ديمتري أوتكين، في تحطم طائرة ركاب خاصة في منطقة تفير شمال موسكو.

وهذه الطائرة كانت مملوكة لبريغوجين الذي قاد في 23 يونيو/ حزيران الماضي تمردا فاشلا ضد قيادات في وزارة الدفاع الروسية انتقد أدائها في الحرب الروسية المتواصلة على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وأعلنت قناة "جراي زون"، التابعة لفاجنر عبر منصة "تيليجرام"، أن الدفاعات الجوية الروسية هي التي أسقطت الطائرة للانتقام من بريغوجين، بينما نفت موسكو أي دور لها، وأعلنت فتح تحقيق في الحادث.

اقرأ أيضاً

روسيا توعز للنظام السوري بطرد مقاتلي فاجنر

1- بوتين.. أقوى أم أضعف؟

إيكيل قال إن "التمرد الذي أطلقه بريغوجين ضد الكرملين قبل شهرين بالضبط من تحطم طائرته التجارية كان هو التحدي الأكبر الذي واجهه بوتين خلال 23 عاما قضاها في السلطة".

واعتبر أن "التهديدات لا تزال قائمة بالنسبة لبوتين، وتوجد شكوك متزايدة بين النخب الروسية حول قراره بغزو أوكرانيا والطريقة التي يشن بها الحرب، وهو ما يظهر على الاقتصاد الروسي".

و"من المتوقع أن يفوز بوتين بفترة رئاسية جديدة مدتها 6 سنوات في الانتخابات المقررة في مارس/آذار المقبل، لكن الانتكاسات في الحرب وعدم اليقين بشأن المستقبل قد تجعل الحملة الانتخابية أكثر صعوبة مما يأمل"، بحسب إيكيل.

وتابع أن "الوفاة المفاجئة للرجل (بريغوجين) الذي تحدى بوتين علنا تشكل إشارة لا لبس فيها إلى أولئك الذين قد يفكرون في تجاوزه، وهو شكل من أشكال "تحصين حكمه من الانقلابات"، على الأقل في الوقت الحالي، لكن بتكلفة كبيرة بالنسبة له على المدى الطويل".

اقرأ أيضاً

ماذا يعني مقتل زعيم فاجنر لحميدتي وحفتر.. وما هي بدائل بوتين؟

2- أوكرانيا.. ما مصير الحرب؟

"لعبت قوات فاجنر دورا بازا محوريا في ساحة المعركة في عدة مواقع في أوكرانيا على مدار ال 18 شهرا الماضية (...) لكنها لم تكن سوى جزء صغير من مئات الآلاف من القوات الروسية المنتشرة، والتي تواجه الآن هجوما مضادا أوكرانيا بطيئا ولكن لا هوادة فيه وتأمل كييف أن يقلب دفة الحرب"، كما أردف إيكيل.

وأضاف: "وفقا لمحللين فإنه في ساحة المعركة، من غير المرجح أن يتأثر أداء روسيا بشكل كبير بسبب حالة عدم اليقين داخل فاجنر. وكان الكرملين يتحرك بالفعل لمحاولة وضع قوات فاجنر تحت قيادة أكثر رسمية لوزارة الدفاع، ومن المرجح أن تتسارع العملية".

إيكيل زاد بأنه "على أعلى مستويات القيادة، فإن وفاة بريغوجين ستعزز قبضة اثنين من المزعجين، وهما وزير الدفاع سيرجي شويجو ورئيس الأركان العامة الجنرال فاليري جيراسيموف".

واعتبر أن "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعود ليطارد بوتين وكبار الضباط هو الانتقادات التي هاجم بها بريغوجين وحلفاؤه شويحو وجيراسيموف بشكل متكرر وكانت تتعلق بقيادتهما وسلوكهما وقراراتهما القتالية في أوكرانيا، والتي رأى مراقبون خارجيون أنها كانت مبررة وموضوعية".

اقرأ أيضاً

روسيا تلزم مقاتلي فاجنر أداء قسم الإخلاص والوفاء

3- الصقور والقوميون.. هل يتم إخضاعهم؟

"بانتقاده لكل من شويجو وجيراسيموف، أعطى بريغوجين صوتا لشكاوى حقيقية من الجنود العاديين الذين عانوا بسبب المشاكل المؤسسية في الهياكل العسكرية الروسية"، كما أضاف إيكيل.

وتابع أن "خطب بريغوجين اللاذعة كانت أكثر وضوحا نظرا لكيفية قيام الكرملين بتجريم كل الانتقادات العلنية للجهود الحربية في أوكرانيا بزعم "تشويه سمعة القوات المسلحة للاتحاد الروسي". وقد تم سجن العشرات من الروس الذين انتقدوا الحرب أو حتى عارضوها".

وأضاف أن "رحيل زعيم فاجنر يزيل أعلى الانتقادات العامة، لكن الشكوك الأساسية حول شويجو وجيراسيموف ستظل قائمة، وسوف تتضخم إذا حققت أوكرانيا تقدما كبيرا في هجومها المضاد".

اقرأ أيضاً

انترسبت: هذا هو إرث مؤسس فاجنر الأكثر ديمومة رغم الرسائل الرادعة لمقتله

4- فاجنر.. إلى أين؟

إيكيل قال إن "فاجنر هي الأكثر شهرة، إذ غرس مقاتلوها أعلامهم وتركوا وراءهم آثارا من الفوضى في أماكن مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وليبيا وسوريا وأوكرانيا، كما حققت إيرادات مربحة من مشاريع تجارية مثل التعدين وتهريب الذهب في جمهورية أفريقيا الوسطى وحماية منشآت النفط والغاز المملوكة للنظام في سوريا".

وتابع أن "الوظيفة الأخيرة كانت بمثابة امتداد للسياسة الخارجية الروسية ومكنت موسكو من توسيع نفوذها خاصة في الأماكن التي تتنافس فيها مع الولايات المتحدة و/أو فرنسا، ولهذا يعتقد خبراء أن فاجنر سوف تختفي".

و"قد تكون فاجنر قوة أقل فعالية من دون بريغوجين، وربما يعطي ذلك فرصة لظهور شركات عسكرية خاصة ظاهريا أخرى تم إنشاؤها في السنوات الأخيرة، وفي بعض الحالات ترتبط ارتباطا وثيقا بالدولة"، بحسب إيكيل.

اقرأ أيضاً

وصفه بالموهوب.. بوتين معزيا في وفاة بريغوجين: واجه أقدارا صعبة ولكنه ارتكب أخطاء

5- الجنرال سوروفيكين.. ما مصيره؟

ولفت إيكيل إلى أنه تم تعيين الجنرال سيرجي سوروفيكين مسؤولا عن حرب أوكرانيا لمدة شهرين في العام الماضي، و"كان يُنظر إليه على أنه قائد أكثر قسوة، وهذا أحد أسباب تأييد بريغوجين له".

وأضاف أنه "سوروفيكين استمر في منصبه لمدة شهرين فقط، ثم أخرجه بوتين من القيادة، وحل محله الرجل الذي سخر منه بريغوجين: جيراسيموف.. وعندما أطلق بريغوجين تمرده في 23 يونيو/ حزيران الماضي، ظهر سوروفيكين في مقطع فيديو يناشد قوات فاجنر عدم الاستمرار في التمرد".

وأردف أن "مراقبين شككوا في صحة مناشدته معتبرين أنها تبدو قسرية، فيما قال مسؤولون أمريكيون إنه ربما كان على علم مسبقا بالتمرد.. وبعد انتهاء التمرد، اختفى سوروفيكين عن الأنظار، وكثرت شائعات بأنه معتقل".

إيكيل ختم بأنه "في 22 أغسطس/ آب الجاري، ذكرت وسائل الإعلام الروسية أنه تم إعفاء سوروفيكين من قيادة القوات الجوية الفضائية، لكنه تُرك "تحت تصرف" وزارة الدفاع، وربما تم نقله إلى منصب آخر داخل الجيش.. وبعد يوم واحد من تلك التقارير، تحطمت طائرة بريغوجين".

اقرأ أيضاً

جرى احتواؤها قبل قطع رأسها.. الجارديان: هكذا تعامل بوتين مع فاجنر بعد تمردها الفاشل

المصدر | مايك إيكيل/ أوراسيا ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: روسيا بوتين بريغوجين حرب فاجنر أوكرانيا قوات فاجنر اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

مستشرق إسرائيلي: شعورنا بالفشل غير مسبوق والحرب أثبتت عدم إمكانية محو حماس

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، تتزايد تساؤلات الإسرائيليين عن سبب شعور الفلسطينيين بالنصر رغم مشاهد الدمار المحيطة بهم، واستشهاد عشرات الآلاف منهم.

وعن هذا قال رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، مايكل ميلشتاين: إن "حرب السيوف الحديدية (حرب الإبادة) تنضم لسلسلة من الصراعات في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي التي تنتهي بطريقة معقدة".

وأضاف ميلشتاين في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21"، أن "إسرائيل تحقق إنجازات استراتيجية ونجاحات عسكرية، لكنها تشعر بالمرارة وحتى الفشل، رغم معاناة الفلسطينيين ضربات قاسية وخسائر عسكرية، لكنهم ينظرون للحرب باعتبارها إنجازا تاريخياً، لاسيما وأن إسرائيل شعرت بالأذى والمفاجأة".

وأوضح أن "هذا الأمر تكرر في حرب سيناء 1956، التي كانت، مثل الحرب الحالية، مصحوبة بضغوط أميركية على إسرائيل، لتنفيذ انسحاب إقليمي، وإنهاء الصراع، وكذلك في حرب 1973، والانتفاضة الثانية 2000، وحرب لبنان الثانية 2006، وعملية الجرف الصامد (تصاعد العدوان على غزة عام 2014)".


وأشار إلى أن "الذاكرة الجماعية العربية ترى هذه الحروب باعتبارها إنجازات نتجت عن إظهار التضحية، والقدرة على تحمل الخسائر البشرية الكبيرة، فضلا عن الصمود الذي لم يسمح لإسرائيل بإعلان النصر الكامل، وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع حماس، تكمن جهودها لترسيخ رواية في أذهان الجمهور مفادها أن نتنياهو أعلن في السابع من أكتوبر أن هدفه تدمير الحركة، ولكن بعد 15 شهرا اضطر لتوقيع اتفاق معها، بمعنى آخر، فإنه اعترف بحكم الأمر الواقع بأنها العامل المهيمن في غزة، دون أن يكون هناك بديل لها".

وأوضح أن "هناك شعور مماثل يسود بين قطاعات كبيرة من الجمهور في غزة، رغم معاناتهم غير المسبوقة، فإنهم يرون في اتفاق وقف إطلاق النار، وهجوم السابع من أكتوبر، إنجازات وطنية، ويعتقد معظم الفلسطينيين أنه هجوم على أهداف عسكرية، ولم يصاحبه جرائم، ولم نجد مثقفا فلسطينيا بارزا أو زعيما سياسيا أو إعلاميا يتحدث عن الندم والخجل والمسؤولية فيما يتصل بها".

واعتبر أن هناك "رؤية أخرى يمكن استخلاصها من هجوم السابع من أكتوبر، وهي أن الفلسطينيين والإسرائيليين، مقتنعون بأن حماس ليست حادثا عابرا في التاريخ الفلسطيني، بل نتيجة لعدم وجود مفاوضات سياسية، أو بسبب الصعوبات الاقتصادية، وأن أعضاءها ليسوا غرباء منعزلين عن المجتمع الذي يعملون فيه، بل جزء لا يتجزأ منه، مندمجون فيه، وهو يؤثر فيهم، ويمثلون أجزاء كبيرة منه، وبالتالي فإن هذه الحركة لا يمكن محوها، كما زعم العديد من الإسرائيليين".


وأكد أنه "منذ السابع من أكتوبر لا يوجد انقسام حاد بين الحركة والجمهور الفلسطيني، وهي الصورة التي تحاول حماس نفسها تسويقها، بما يعزز مكانتها في النظام الفلسطيني، والتصور الذي يقدس استمرار النضال ضد الاحتلال، مما يجعل من هذه المواجهة الأصعب في تاريخ الصراع الإسرائيلي العربي، وقُتل خلالها عشرات آلاف الفلسطينيين، جعلت من حماس قوة عظمى".

ولفت إلى أن "حرب غزة التي قتل فيها الآلاف من سكانها، ودمّر القطاع، انتهت بعداء غير مسبوق، وطموحات محمومة للانتقام من إسرائيل، وليس مستغربا ألا نسمع أي أصوات، أثناء الحرب وبعدها، تدعو للتخلي عن طريق المواجهة، في ظل هشاشة النقاش حول الدولة الفلسطينية نظرا للضعف العميق الذي تعانيه السلطة الفلسطينية، كما أن فكرة الدولة الواحدة خيال خطير سيؤدي لواقع بلقاني دموي، وسيشكل سيناريو متفجر متمثل بالاختلاط الديمغرافي والجغرافي الكامل بين الشعبين، وسيكون أكثر خطورة".


ومن ناحية أخرى، قال مراسل ذات الصحيفة للشؤون الفلسطينية، عيناف حلبي: إن "العالم سرعان ما نسي أهوال هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وتمسك بالصور القادمة من غزة للأطفال الجائعين، والرضع الذين يموتون من البرد، والغزيين الذين فقدوا ممتلكاتهم وأرواحهم، وحماس التي ستعود للسلطة بسرعة كبيرة، ومن بقي في غزة من قياداتها العسكرية والسياسية سيستمرون بإدارة شؤون القطاع، وكأن شيئا لم يكن، بعد أن نجحت بتجنيد أكثر من أربعة آلاف عنصر جديد، رأينا بعضا منهم في شوارع غزة حيث احتفل الآلاف خلال تسليم الأسيرات".

وأضاف حلبي في مقال ترجمته "عربي21" أنه "يمكن للإسرائيليين القول بصوت حازم وواثق، أن هذا ما سيكون عليه قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، أما الإسرائيليين فسيستمرون بالعيش مع ندبة السابع من أكتوبر، مع الصور القاسية والمرعبة، والمختطفين الذين ماتوا، والقليلين الذين ما زالوا على قيد الحياة، أما من بقي منهم أحياء، فسيعيشون مع الصدمات واليأس، ومع جيش فقد جنوده، ووضع اقتصادي صعب يؤثر علينا جميعًا، فيما أثارت هذه الحرب العديد من الأسئلة والمخاوف الإسرائيلية، لأن حماس تمتلك ذخيرة لا حصر لها، بجانب أموال وتمويل لا ينضب".

مقالات مشابهة

  • مستشرق إسرائيلي: شعورنا بالفشل غير مسبوق والحرب أثبتت عدم إمكانية محو حماس
  • ترامب: تحدثتُ إلى بوتين حول إنهاء حرب أوكرانيا
  • ما الذي دعا البرهان إلى بعث أسئلة السياسة والحرب قائمة؟
  • زمن الخداع والحرب السائلة
  • ترامب: تحدثت مع بوتين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • «الكرملين» يرفض التعليق على تصريحات منسوبة لترامب عن اتصال مع بوتين لوقف حرب أوكرانيا
  • بين وعود ترامب وطموحات بوتين.. هل باتت أوكرانيا خارج الحسابات؟
  • ترامب تحدثت مع بوتين بشأن إنهاء حرب أوكرانيا في مكالمة هاتفية ..تفاصيل
  • رويترز: ترامب تحدث مع بوتين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • علاقتي جيدة مع بوتين..ترامب: تحدثت مع بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا