مفاوضات أزمة مرتبات الموظفين في اليمن: خلافات حول التمويل وآلية الصرف
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
تصطدم المفاوضات المستمرة حول ملف تسليم رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بنقاط خلافية عدة، تعيق التوصل إلى تفاهم يتيح صرفها، وسط تزايد حالة الاحتقان الشعبي ضد جماعة الحوثيين، وإضراب المعلمين في مناطقها بسبب حرمانهم من الرواتب للعام السابع على التوالي.
ويعد ملف الرواتب من أبرز الملفات التي يجري التفاوض حولها بين الأطراف المعنية، الحوثيين والسعودية، باعتباره يتصدر الملفات في الجانب الإنساني، كتمهيد لحل سياسي شامل ينهي الحرب المندلعة في البلد منذ أكثر من ثمانية أعوام.
ويعاني الموظفون اليمنيون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من انقطاع رواتبهم منذ سبتمبر/أيلول 2016، حيث ترفض الجماعة صرف رواتبهم، متهمة من تصفه بـ"العدوان السعودي الأميركي" بالوقوف وراء توقف صرف المرتبات، على الرغم من الإيرادات الكبيرة التي تجبيها، وتتيح لها صرف الرواتب وتحسين أحوال الموظفين.
في المقابل عمدت الحكومة اليمنية، في السنوات الماضية، وبشكل تدريجي، إلى ضمان انتظام صرف مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
لا مفاوضات مباشرة بين الحوثيين والحكومة
ويقول مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يوجد أي مفاوضات مباشرة بين الحكومة والحوثيين، وإن المفاوضات الجارية هي فقط بين الحوثيين والسعوديين.
ووفقاً للمصدر نفسه فإن هذه المفاوضات تتم إما بشكل مباشر أو بوساطة العُمانيين. كما أن السعودية تُعد بمثابة الوسيط بين الحوثيين والحكومة الشرعية، وحتى بين الحوثيين والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الذي يقول المصدر إنه "لا يعلم ما الذي يدور، وإنما يتم إبلاغه بالنتائج، وإحضاره لإعلان النتائج عندما يتم التوصل إليها".
ويشير المصدر إلى غياب الحكومة تماماً عن المفاوضات الجارية حول ملف صرف المرتبات، موضحاً أنه لا يوجد وفد مفاوض تابع لها بهذا الخصوص.
ويلفت إلى أنه قبل أشهر تمت تسمية أعضاء لجنة للتفاوض باسم الحكومة، تتكون من ممثلين للقوى المؤيدة للشرعية للتفاوض حول مختلف الملفات، غير أنه لم يصدر بها قرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حتى الآن، من دون معرفة أسباب عدم صدور قرار بها.
خلافات السعوديين والحوثيين حول ملف المرتبات
وبحسب المصدر فإن هناك نقاطاً خلافية في المفاوضات الجارية بين السعوديين والحوثيين حول ملف المرتبات، إذ يريد الحوثيون أن تُسلّم المرتبات إليهم على أن يعمدوا إلى تسليمها للموظفين، لكن الحكومة، عبر الوسيط السعودي، ترفض ذلك من الأساس، وتتمسك بضرورة أن يتم اعتماد جدول الموظفين لعام 2014، أي عام الانقلاب الحوثي، على أن يتم فتح حسابات للموظفين في البنوك، ويتم تحويل المرتبات إليها مباشرة.
ووفقاً للمصدر فإن هناك جهودا بذلها السعوديون في هذا الجانب، غير أنهم فشلوا في إقناع الحوثيين بأي آلية نتيجة تمسك الجماعة بمطلبها بأن يتم تسليم المرتبات إليها.
كما يتطرق المصدر إلى نقطة خلافية أخرى ترتبط بمصدر دفع المرتبات، فالحوثيون يرفضون تماماً أن تدخل عائدات ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرتهم، ضمن مصادر دفع المرتبات، ويريدون أن تكون من عائدات النفط والغاز، أو أن تدفعها السعودية، لذا قاموا بضرب ميناء الضبة لتصدير النفط في حضرموت، ومستمرون بالتهديد بإعادة ضربه إذا تمت معاودة تصدير النفط منه، ما لم يتم الاتفاق على دفع المرتبات لهم من عائداته.
وبحسب المصدر، فإن الحكومة ترفض طرح الحوثيين، ومصممة على أن يتم دفع المرتبات من عائدات ميناء الحديدة، ويمكن إضافة جزء من عائدات النفط، فيما تطرح قيادة الحوثيين أن يتم إعادة جميع الإيرادات (إيرادات المحافظات التابعة للحكومة)، إلى خزينة البنك المركزي بصنعاء، الذي يسيطر الحوثيون عليه.
فشل السعودية بالتوصل لحل مع الحوثيين
ويشير المصدر إلى أن "السعوديين عندما ذهبوا بأنفسهم إلى صنعاء للتحاور في هذا الملف لم يستطيعوا التوصل إلى حل مع الحوثيين، رغم كل التنازلات التي قدمت لهم، من بينها استعدادهم لدفع المرتبات لمدة ستة أشهر من ميزانية المملكة، لكن الحوثيين رفضوا الآلية، ما دفع السعوديين للاستعانة بالوساطة العمانية، التي يبدو أنها فشلت أيضاً بإقناع الحوثيين".
في السياق، نقلت وكالة "النبأ" التابعة للحوثيين عن مصدر سياسي مطلع، يوم الجمعة الماضي، أن ملف المفاوضات لم يشهد أي جديد، منذ مغادرة الوفد العماني العاصمة صنعاء في 20 أغسطس/آب الحالي وحتى اليوم، في ظل مماطلة واضحة من قبل "دول العدوان"، فيما يتعلق بالملفات الإنسانية، وفي مقدمها ملف المرتبات.
ويقول المحلل السياسي رماح الجبري، لـ"العربي الجديد"، إن حالة الغليان والاحتقان والرفض الشعبي لجماعة الحوثيين في صنعاء ومناطق سيطرتها، مع إضرابات الموظفين لا سيما المعلمين، تهدد بتحرك مجتمعي يمكن أن يتطور لثورة ضدها، وهو ما دفعها لتفعيل مفاوضات سابقة توقفت عند ضرورة أن تتفاوض الجماعة مع مجلس القيادة الرئاسي بعيداً عن الأطراف الخارجية، بما فيها السعودية التي تقدم نفسها كوسيط.
الحوثيون لا يبحثون عن حلول
ويضيف الجبري أن المشكلة تكمن في "أن المليشيا الحوثية لا تبحث عن حلول لإنهاء معاناة اليمنيين، وتحقيق السلام العادل والشامل، فهي ترى أن التوصل لأي اتفاق شامل، يمثل خسارة كبيرة بالنسبة لها، نظراً لما يمكن أن تفقده من إيرادات وسلطة ومشروع طائفي، ولذلك تركز على ما تسميه الملف الإنساني ورواتب الموظفين بشكل خاص".
ويوضح الجبري أن "بعض المعلومات تشير إلى التوافق على صرف رواتب الموظفين من إيرادات النفط والغاز وميناء الحديدة، وأي نقص يمكن أن تساهم فيه الأمم المتحدة بدعم التحالف، إلا أن نقطتي الخلاف تتمثلان في آلية الصرف، ونقطة الخلاف الأخرى الرفض داخل مجلس القيادة الرئاسي من قبل ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي بأن يتم تقديم إيرادات المحافظات الجنوبية للمحافظات الشمالية".
ويلفت إلى أن الحوثيين يرفضون صرف الرواتب في مناطق خاضعة لسيطرتهم، رغم الإمكانيات المادية والإيرادات الكبيرة التي يتحصلون عليها، لا سيما من الموارد النفطية عبر ميناء الحديدة، ومنذ إعلان الهدنة في إبريل/نيسان 2022 دخلت حسابات أكثر من 3.5 مليارات دولار من 157 سفينة نفطية أفرغت حمولتها في ميناء الحديدة، وهذه أرقام بعثة الأمم المتحدة التي أعلن عنها وزير الإعلام معمر الأرياني.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الحوثي رواتب حقوق میناء الحدیدة بین الحوثیین دفع المرتبات من عائدات حول ملف أن یتم
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تستعد لشن هجوم جديد على الحوثيين في اليمن
نقلت القناة 14 الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين قولهم إن إسرائيل تستعد لهجوم جديد ضد الحوثيين في اليمن.
وتوعد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الخميس، بتنفيذ مزيد من الهجمات على الحوثيين، بعد أن قصف سلاح الجو الإسرائيلي صباحا أهدافا استراتيجية في ميناء الحديدة وفي عمق اليمن، مشيرا إلى أن الحوثيين سيتعلمون "بالطريقة الصعبة".
وأكد نتنياهو، في مقطع فيديو، أن هذه الضربات تأتي ردا على الهجمات المتكررة التي شنها الحوثيون ضد أهداف مدنية في إسرائيل.
وأضاف: "لقد فعلنا ذلك ردا على هجمات الحوثيين التي تستهدف المدنيين في إسرائيل. إنهم لا يهاجموننا فقط، بل يستهدفون العالم بأسره، بما في ذلك تهديد طرق الشحن والتجارة الدولية".
وتابع: "إسرائيل تعمل ضد الحوثيين نيابة عن المجتمع الدولي بأكمله، وهذا ما يدركه الأميركيون وغيرهم جيدا".
وأشار رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى أن الحوثيين، الذين يعتبرهم جزءا من "محور الشر الإيراني"، سيتعلمون الدرس بـ"الطريقة الصعبة" أنه لا يمكن السكوت على الأضرار التي يلحقونها بإسرائيل، مشددا على أن كل من يهاجم إسرائيل سيضطر لدفع ثمن باهظ.
من جانبه قال عبد الملك الحوثي، يوم الخميس، إن جماعته "في حالة حرب ومواجهة مفتوحة مع إسرائيل".
وذكر الحوثي، في كلمة له، أن "الوضع غير آمن لشركات الطيران في مطار بن غوريون، وعليها ألا تعود للطيران".
وأوضح أنه "تم إطلاق الصاروخ الفرط صوتي باتجاه وزارة الدفاع في تل أبيب تزامنا مع الغارات الإسرائيلية على اليمن".
ووفق الحوثي فإن الهجمات الإسرائيلية على اليمن الخميس أوقعت تسعة مدنيين.