كيف يمكن أن تنهار حرب روسيا في أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يرى د. جيمس هولمز، رئيس كرسي جيه سي ويلي للإستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية الأمريكية، أن روسيا لا تملك رفاهية خفض أعداد الجنود في خطوطها الدفاعية، ما لم تكن تود أن تتخلى عن الأراضي القابعة وراءها.. وإذا استطاعت القوات الأوكرانية أن تحرم خصومها من القوة النارية بقطع طرق إمداداتهم، فمن الممكن أن تنهار الخطوط الدفاعية الروسية برمتها.
إستراتيجية أوكرانيا قائمة على التجويع والتوغل والضرب
وقال الكاتب في مقاله بموقع "1945" الأمريكي: "كان القائد البروسي هيلموت فون مولتكه، المهندس العسكري لتوحيد ألمانيا وواحداً من أشهر الجنود في التاريخ العسكري، ليفهم على الفور الوضع في صيف السخط الأوكراني الذي نشهده حالياً.. فبعد أن روجت كييف وداعموها الغربيون لاحتمالات الهجوم الأوكراني المضاد في ربيع العام الجاري ضد روسيا، سجل الهجوم المضاد تقدماً متقطعاً حتى الآن".
نجاح إستراتيجي وسياسيكان مولتكه سيعزو النتائج المخيبة للآمال إلى أن الجيش الأوكراني يواجه عدواً يشن أقوى أشكال الحرب، ولكان قد بيّن منطقه بإيجاز قائلاً إن "الدفاع التكتييّ هو الأقوى، والهجوم الإستراتيجي هو الشكل الأكثر فعالية والوحيد الذي يؤدي إلى الهدف".
وبتعبير آخر، المنافس الذي يستولي على جزء ولو صغير من أي إقليم، ثم يدافع عنه تكتيكياً، يهيئ نفسه للنجاح الإستراتيجي والسياسي في نهاية المطاف.
How Russia’s War in Ukraine Could ‘Collapse’ https://t.co/GEDIcqpiFt
— BM (@bmangh) August 27, 2023بعد سلسلة مذهلة من الانتكاسات في الشرق في خريف العام الماضي، أمضى الجيش الروسي شهوراً في إقامة دفاعات وتحصينات كثيفة ومعقدة في العمق الأوكراني كي يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، على القوات الأوكرانية أن تستعيد أراضيها في المناطق الشرقية والجنوبية.. وهذا هو عنصر الدفاع التكتيكي في مخطط روسيا.
هل كان مولكته ليزعم أن على أوكرانيا أن تستسلم لليأس والقنوط؟ وهل منطقه يعني أن الطرف المحتل للأراضي المتنازَع عليها سيفوز دائماً وأبداً؟ يتساءل الكاتب ويقول: بالطبع لا. إن اتباع أساليب مولكته الحربية سيفضي إلى التحيز لنتائج في صالح روسيا.. ولكن في سجلات التاريخ العسكري، سُلبت جيوش كثيرة مدافعة عما احتلته من أراض، الأراضي التي سيطرت عليها".
الحرب الأهلية الأمريكيةعلى سبيل المثال، أراد جيش الاتحاد دحر الكونفدرالية الجنوبية خلال الحرب الأهلية الأمريكية، من دون أن يطيح بوجودها السياسي بصفتها دولة مستقلة، بالضبط كما تعقد روسيا الآمال على الإطاحة بالنظام السياسي الأوكراني وتنصيب نظام تابع لموسكو.. وحقق الكونفدراليون هدفهم الإستراتيجي بالتكاتف معاً للانفصال عن الاتحاد.
وعندما حث الرئيس إبراهام لينكولن جنرالاته على تكثيف ضرباتهم على المحيط الكونفدرالي بقوة، استطاعت قوات الاتحاد أخيراً اختراق الدفاعات الكونفدرالية.
وساعدت بحرية الاتحاد الجيش على إحكام السيطرة على الأنهار الجنوبية بعد انتزاعها من الكونفدرالية، ما ساعد قوات الاتحاد الأمريكية على الالتفاف بِحُريّة.. ولذلك، فأوكرانيا لم تخسر كل شيء رغم نتائج المعارك المحبطة صيف هذا العام.
إستراتيجية أوكرانيا.. "التجويع والتوغل والضرب"ويصف الأدميرال السير توني راداكين، رئيس أركان الدفاع البريطاني، إستراتيجية أوكرانيا بـ "التجويع والتوغل والضرب".. والتجويع يعني مهاجمة المراكز اللوجستية الروسية و"خطوط الاتصال"، أي طرق النقل التي تنقل الذخيرة والمخازن إلى الأراضي المحتلة والقوات التي تدير الخطوط الأمامية، فإذا حرمت الجنود مما يحتاجون إليه ليعيشوا ويقاتلوا، فستُضعف قبضة روسيا على الأراضي الأوكرانية.
وأوضح الكاتب أنه إذا تمكنت القوات الأوكرانية من التقدم نحو بحر آزوف جنوباً بما فيه الكفاية، فسيقع خط الإمدادات الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا تحت نيران المدفعية الصاروخية الأوكرانية.. فإذا انقطع خط الإمدادات هذا، سيجد القادة الروس أنفسهم في أزمة كبيرة، والتوغل يعني استغلال الخطوط الدفاعية المتمددة.
حرب التطويقويحذر سلف مولتكه العظيم، كارل فون كلاوزفيتز، مما يطلق عليه اسم "حرب التطويق"، والتطويق خط يتألف من عدد لا حصر له من النقاط المُتراصة على هيئة سلسلة.. ومحاولة الاحتفاظ بجميع النقاط الممتدة على طول خط ممتد تُضعف قوة المدافعين، وتسمح في الوقت عينه للمهاجمين بحشد قوة قتالية متفوقة في مكان ما على طول ذاك الخط لاختراقه.
ويوصي كلاوزفيتز بأنه إذا أُجبر الجيش على الدخول في حرب تطويق، فعلى القادة الحرص على إبقاء خطوطهم قصيرة، وإتاحة دعم ناري في حالة تهديد العدو باختراق الخط الدفاعي.
ويرى الكاتب أن روسيا لا تملك رفاهية خفض أعداد الجنود عند خطوط دفاعها، ما لم تكن تود أن تتخلى عن الأراضي القابعة وراء تلك الخطوط.. وإذا استطاعت القوات الأوكرانية أن تحرم خصومها من القوة النارية بقطع طريق إمداداتهم، فمن الممكن أن تنهار الخطوط الدفاعية الروسية برمتها، وإذا نجحت مرحلتا الحرمان والتوغل، فستسنح الفرصة لأوكرانيا لأن تضرب في عمق الأراضي التي استولت عليها روسيا.
ومع ذلك، يقول الكاتب: ما زالت فرص روسيا في النصر أفضل استناداً إلى منطق مولتكه أو بحكم التفوق الديموغرافي والاقتصادي والعسكري الهائل لروسيا على أوكرانيا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية القوات الأوکرانیة
إقرأ أيضاً:
روسيا: ننتظر رد أوكرانيا على الهدنة والمباحثات
عواصم (وكالات)
أخبار ذات صلةقال الكرملين، أمس، إن أوكرانيا لم ترد على العديد من العروض التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبدء مفاوضات سلام مباشرة، وإنه لم يتضح بعد ما إذا كانت ستنضم إلى وقف إطلاق النار الذي أعلنه بوتين لمدة ثلاثة أيام الشهر المقبل.
وذكر دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحفيين، أن «الرئيس بوتين هو مَن أكد مراراً أن روسيا مستعدة، دون أي شروط مسبقة، لبدء عملية المفاوضات».
وقال: «لم نتلق أي رد من كييف حتى الآن.
وأضاف: «من الصعب للغاية فهم ما إذا كانت أوكرانيا تنوي الانضمام إلى وقف إطلاق النار».
وكان بوتين قد أعلن، أول أمس، وقفَ إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام في الحرب في أوكرانيا، من الثامن إلى العاشر من مايو، وهو الموعد الذي تخطط فيه روسيا لإقامة احتفالات بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
وردت أوكرانيا بالتساؤل عن سبب عدم موافقة موسكو على دعوتها لوقف لإطلاق نار يستمر 30 يوماً على الأقل ويبدأ على الفور. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «نقدر حياة الناس لا المسيرات».
وفي سياق متصل، حذر زيلينسكي، أمس، من تقديم أي أرض «كهدية» إلى روسيا بهدف إنهاء الحرب، وقال خلال قمة إقليمية: «نريد جميعاً أن تنتهي هذه الحرب بشكل عادل، ومن دون هدايا لموسكو، وخصوصاً الأراضي».
وضمت روسيا جزئياً أربع مناطق في جنوب وشرق أوكرانيا، وأعلنتها مناطق روسية في عام 2022، وهي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.
وكانت قد ضمت في عام 2014 شبه جزيرة القرم، ونظمت فيها استفتاءً جاءت نتائجه المعلنة لصالح الانضمام إلى روسيا.
وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول أمس، على أن الاعتراف الدولي بعمليات الضم هو شرط ضروري لإنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا، والتي بدأت في عام 2022.
وتسعى إدارة دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب في أسرع وقت. وذكرت وسائل إعلام أن ثمة توجهاً لديها للاعتراف بسيادة روسيا على القرم ودفع أوكرانيا إلى التخلي عنها.
وميدانياً، قال حاكم منطقة سومي في شمال شرق أوكرانيا، أمس، إن القوات الروسية تحاول إنشاء «منطقة عازلة» في سومي، لكنها لم تنجح في ذلك.