(عدن الغد)متابعات:

في ظل الواقع الصعب الذي فرضته الحرب المستمرة منذ نحو 8 سنوات في اليمن، وتفكك مؤسسات الدولة الرسمية وهشاشتها إلى حد كبير، يعكف مسؤولون يمنيون على إعداد خريطة طريق تعطي السلطات المحلية في المحافظات مزيداً من الصلاحيات والاستقلالية عن الحكومة المركزية.

يهدف المشروع إلى البدء في التطبيق في كل من عدن، وحضرموت وتعز في مرحلة أولى لتطبيق التجربة والاستفادة منها قبل تعميمها على بقية المحافظات، وفقاً لحديث أجرته «الشرق الأوسط» مع المهندس بدر باسلمة رئيس اللجنة الفنية لمشروع «تمكين السلطات المحلية»، قال خلاله إن «بناء القدرات سيكون في المحافظات كلها، لكن التوجه هو التركيز على (المحافظات الثلاث) للاستفادة من الدروس فيها، وتعديل بعض الأمور التي قد نحتاجها لتكون نموذجاً لبقية المحافظات».

المشروع الجديد الذي يحظى بموافقة رئاسية، ودعم إقليمي وأيضاً دولي، يهدف إلى تمكين السلطات المحلية في المحافظات من إحداث تنمية اقتصادية مستدامة بمشاركة مجتمعية، وإشراك القطاع الخاص بما يخلق فرص عمل، ويحدد العلاقة بين المركز والسلطة المحلية، والقطاع الخاص.

ويعيش اليمن حرباً منذ نحو 8 سنوات بعد سيطرة الميليشيات الحوثية، المدعومة من إيران، على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء بقوة السلاح.

الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أكد في أواخر يونيو (حزيران) الماضي، خلال زيارته محافظة حضرموت، التزام مجلس القيادة والحكومة تعزيز دور السلطات المحلية في المحافظات المحررة كافة، ودعم جهود الأمن والاستقرار وتحسين الخدمات.

وأكد المهندس بدر باسلمة رئيس اللجنة الفنية لمشروع «تمكين السلطات المحلية» أن المحافظات بعد تطبيق المشروع ستكون قادرة على تقديم الخدمات بمشاركة القطاع الخاص، وستكون لديها التمويلات الكافية لتنفيذ المشروعات، حيث يعاد مفهوم الدولة ودورها لتصبح وظيفتها تنظم آلية العمل، ووضع معايير وتنظيم السوق والاقتصاد.

> تفكك مؤسسات الدولة

أوضح باسلمة أن واقع الحرب لثماني سنوات في اليمن أدى إلى تفكك مؤسسات الدولة بشكل كامل، وإلى هشاشتها وضعفها، ولم تعد المؤسسات قادرة على تقديم الخدمات، كما أن السلطات المحلية وجدت نفسها في واقع لم تكن مستعدة له نهائياً.

وأضاف: «كانت 97 في المائة من المشروعات تأتي من السلطات المركزية، وكان على السلطات المحلية متابعة عملية التنفيذ، والآن مع الحرب تم إلقاء المسؤولية كاملة على السلطات المحلية لتوفير الخدمات، والقيام بمهام كبيرة لم تكن قادرة ولا مهيأة للقيام بها».

ولفت باسلمة إلى أن السلطات المحلية اجتهدت وفقاً لقدراتها لإيجاد مخارج، وتوفير الخدمات، والتنمية في حدها الأدنى، وأخذ بعض المحافظين صلاحيات أكثر مما يمنحه القانون لهم. وتابع: «المحافظات مارست صلاحيات فوق ما أعطى لها القانون، بسبب ظروف الحرب (...) كما أن وجود الأموال التي لم تعطَ للمركز خلق نوعاً من الفوضى في المحافظات بدرجة كبيرة، وخلق فساداً محلياً كبيراً دون رقابة».

في الجانب الآخر – والحديث للمهندس بدر - السلطات المركزية غير قادرة على مواكبة الأمر؛ بسبب تفكك الدولة ومؤسساتها وضعفها، واختيار وزراء بناء على المحاصصة.

> ملامح المشروع الجديد

يركز مشروع «تمكين السلطات المحلية» الجديد على تقديم الخدمات، والتنمية المحلية، وتوفير فرص العمل بما يحقق الاستقرار المستدام، وفقاً للمهندس باسلمة، وقال: «هذا المشروع يهتم بأكبر شاغل على مستوى المحافظات، وهو الخدمات والتنمية المحلية وتوفير فرص العمل. التوجه من رئيس مجلس القيادة يتمثل في خلق مشروع لتمكين السلطات المحلية من تقديم الخدمات، والقيام بالتنمية المحلية لخلق فرص العمل».

يعاني عديد من المحافظات نقصاً كبيراً في الطاقة الكهربائية... الصورة لأحد المشروعات في محافظة أبين (وزارة الكهرباء اليمنية)
وبموجب خريطة الطريق، فإن السلطات المحلية سوف تُمنح مزيداً من الصلاحيات، بحيث يتم تعديل أي قوانين تتعارض مع قانون السلطة المحلية رقم 4 لعام 2000، في ظل وجود نحو 80 قانوناً تحتاج إلى تعديل، بحسب باسلمة.

وأضاف: «كذلك الموارد، حيث إن تقسيمها يمثل معضلة ما بين احتياجات المركز والسلطة المحلية، وسيتم حل ذلك عبر جدولة العملية في خريطة الطريق بتزمين إعطاء الصلاحيات والموارد وبناء قدرات، وفق جدول زمني. لن أعطي الصلاحيات والموارد كلها مرة واحدة، لعدم تأثر المركز من فقدانه بعض الموارد، وعدم إعطاء السلطة المحلية فوق طاقتها».

> إعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية

أشار رئيس اللجنة الفنية للمشروع إلى أن هناك فهماً خاطئاً لمسألة الموارد لدى البعض، ويفند ذلك بقوله: «البعض يعتقد بأن الموارد هي النفط والغاز فقط، بينما مفهوم الموارد أوسع من ذلك بكثير. إذا نظرنا إلى قطاع الأسماك فإن أغلب المحافظات، خصوصاً الجنوبية لديها سواحل (...) علينا البحث عن موارد أخرى، الزراعة كذلك أذكر قبل الاستقلال كان القطن طويل التيلة من أبين يباع في بورصة لندن من أفضل أنواع القطن في العالم، لماذا لا نعيده؟، نحتاج لإعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية، ولن تكون هناك محافظة دون موارد».

ويفيد المهندس باسلمة بأن خريطة الطريق تهدف إلى أن تبحث كل محافظة عن مصادر نمو وثروة وفقاً لإمكاناتها ومصادر القوة الاقتصادية لديها، وقال: «الشيء الأهم أن القطاع الخاص لفترة طويلة كان غائباً عن التنمية، ولو دخل في السابق بشكل طفيلي، أما الآن فيجب دخوله بطريقة مقننة وواضحة. يجب خلق شراكة بين السلطة المحلية والقطاع الخاص، لكن ذلك يتطلب توفير بيئة جاذبة، قضائية وأمنية، ومع التنظيم سيأتي القطاع الخاص المحلي والإقليمي والدولي».

ويرى باسلمة أن من أبرز التحديات التي ستواجه المشروع هو تمسك المؤسسات المركزية الحكومية بالصلاحيات الممنوحة لها، التي تعدّ التخلي عنها للسلطات المحلية إشكاليةً كبيرةً، بينما يكمن التحدي في إعادة ضبط الممارسات خارج إطار القانون التي حصلت أثناء الحرب في المحافظات، و«كوّنت مراكز قوى كبيرة»، بحسب تعبيره.

> دعم إقليمي ودولي

«مشروع تمكين السلطات المحلية من التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل يحظى بدعم الإقليم والمجتمع الدولي»، كما يؤكد رئيس اللجنة الفنية للمشروع، الذي أشار إلى أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» بدأ فعلاً دعم إعداد خريطة الطريق، كما تقود ألمانيا الجهود الدولية لإنجاح هذا المشروع الحيوي.

وأضاف: «الأمر يحتاج لحوار بين المركز والسلطات المحلية، عبر مراحل من الأسفل للمستوى الأعلى، بحيث يمكن التطبيق، ووافقت المجموعة الدولية على الدعم والبحث عن خبرات دولية في هذا الجانب، وكان لهم شرطان: الأول الاستقلالية والنزاهة للجنة الفنية وألا تتبع المركز ولا المحليات، والثاني أن تتوج الخريطة بقرارات رئاسية للتنفيذ وليس مجرد توصيات، وهو ما وافق عليه رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي»، وفقاً لباسلمة.

> مشروع تنموي

شدد المهندس بدر باسلمة على أن مشروع إعداد خريطة طريق لتمكين السلطات المحلية من التنمية الاقتصادية لا علاقة له بالسياسة أو التجاذبات السياسية بين الأطراف اليمنية إطلاقاً، مبيناً أن الهدف هو تمكين السلطات المحلية من تقديم الخدمات والتنمية وتوفير فرص العمل لتحقيق الاستقرار، وهو ما يخدم الجميع، بحسب وصفه.

> النتائج المتوخاة

«ستكون المحافظات قادرة على تقديم الخدمات بمشاركة القطاع الخاص وبتمويلات ذاتية كافية بعيداً عن تدخل المركز بعد تطبيق المشروع»، كما يؤكد باسلمة، مشيراً إلى أن «وظيفة الدولة ستصبح تنظيم آلية عمل تدخل القطاع الخاص، ووضع معايير لتنظيم السوق والاقتصاد أكثر مما هي داخلة في الاقتصاد، ويتم تحديد العلاقة بين المركز والسلطة المحلية، ومع القطاع الخاص».

وفي ختام حديثه، اعترف باسلمة بأن «الواقع في اليمن صعب ومعقد، لكن يجب علينا التفاؤل وعدم فقدان الأمل. علينا أن نحفر في الصخر ورؤية النور في أي جانب».

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: على تقدیم الخدمات مؤسسات الدولة فی المحافظات القطاع الخاص مجلس القیادة خریطة الطریق قادرة على فرص العمل إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزيرة التنمية المحلية ومحافظ القليوبية يضعان حجر الأساس لتطوير شارع الرشاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وضعت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، و المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، حجر الأساس لمشروع تطوير شارع الرشاح (مصرف مسطرد) بحي شرق شبرا الخيمة، وذلك بتكلفة إجمالية تبلغ 51.7 مليون جنيه بتمويل من الخطة الاستثمارية لوزارة التنمية المحلية للعام المالي الجاري .

يأتي هذا المشروع في إطار خطة محافظة القليوبية لتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتحويل شارع الرشاح إلى محور مروري مميز يربط طريق ترعة الإسماعيلية بمحور العصار، مما يساهم في تسهيل حركة المرور وتخفيف الازدحام في المنطقة.

ومن المقرر ان يشمل المشروع رصف الشارع بالكامل، ودفن كابلات الكهرباء ذات الضغط العالي، وإنشاء أرصفة بأحدث المعايير الهندسية، وتزويد الشارع بأعمدة إنارة حديثة، بالإضافة إلى شبكات متطورة لتصريف مياه الأمطار.

كما تمكنت محافظة القليوبية خلال الأيام الماضية من إزالة جميع التعديات والمخالفات على حرم الشارع، وذلك لتوسعة الطريق وتسهيل حركة المرور حيث وجه المحافظ بإنشاء أسواق حضارية بديلة للأكشاك التي تمت إزالتها، وذلك لتوفير أماكن مناسبة للباعة الجائلين.

واستمعت وزيرة التنمية المحلية ومحافظ القليوبية إلي شرح تفصيلي حول مراحل تنفيذ المشروع وموعد الانتهاء منه.  

ومن جانبها وجهت الدكتورة منال عوض بضرورة وجود بلاعات لصرف مياه الأمطار والصرف في أعمال التطوير التي سيشهدها المشروع بالإضافة إلى القيام بأعمال التشجير والإنارة والاحتمال بالشكل الجمالي النهائي ، كما وجهت قطاع الادارة الاستراتيجية بالوزارة بالمرور الدوري لمتابعة مراحل تنفيذ المشروع لسرعة الانتهاء منه في التوقيتات المحددة .

كما أعربت وزيرة التنمية المحلية عن سعادتها بإطلاق هذا المشروع الحيوي، مؤكدة على أهمية تطوير البنية التحتية بما يساهم في تحسين حياة المواطنين حيث يشمل المشروع علي أعمال تجميل وتنسيق حضاري بهدف تحسين جودة الحياة وتسهيل المرور وربط المناطق الحيوية بالمدينة ويبلغ طول شارع الرشاح 1800 متر، وسيتم توسعة الطريق ليصل عرضه إلى 25 مترًا بتكلفة تصل إلي حوالي 51.7 مليون جنيه.

كما أكدت وزيرة التنمية المحلية علي ضرورة الإلتزام بالجدول الزمني المحدد للمشروع للانتهاء منه في التوقيتات الزمنية المحددة ووفقاً لأعلي معايير  الجودة ، مشيرة إلي ان المشروع سيسهم في تسهيل الحركة المرورية، وربط المناطق السكنية والصناعية والتجارية المحيطة به، مما يحقق نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد محافظ القليوبية أن شارع الرشاح أحد أهم الشرايين المرورية في القليوبية وعاني الشارع لسنوات طويلة من الإهمال وتدهور البنية التحتية وسيساهم تطوير الشارع بشكل كبير في تحسين جودة معيشة المواطنين وتوفير بيئة آمنة ونظيفة لهم مؤكدا أن المحافظة لن تدخر جهدًا في سبيل توفير حياة كريمة وآمنة لجميع مواطنيها.

وقد أعرب الأهالي والمواطنون عن سعادتهم الغامرة بهذا المشروع المهم، الذي طال انتظاره ، معربين عن امتنانهم لإزالة التعديات والمخالفات الموجودة في الشارع للقيام بأعمال التطوير ورفع الكفاءة ، وإنشاء أسواق حضارية بديلة، مما سيساهم في تحسين المظهر العام والشكل الحضاري للمنطقة مؤكدين أن المشروع سيساهم في توفير بيئة آمنة وصحية لهم ولأطفالهم.

جاء ذلك بحضور الدكتورة إيمان ريان نائب محافظ القليوبية واللواء طارق ماهر السكرتير العام المساعد والدكتور محمد فوزي معاون المحافظ للاستثمار والمشروعات والدكتور زغلول عبدالمنعم مستشار وزيرة التنمية المحلية لشؤون المجازر والدكتور سعيد حلمي رئيس قطاع الإدارة الإستراتيجية والتنمية المحلية والمهندس ياسر مرعي مدير مركز الشبكات الأرضية وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالمحافظة .

مقالات مشابهة

  • زيادة موازنات المحافظات.. البرلمان يتحرك لمعالجة تردي الخدمات
  • نائب رئيس الوزراء يوجه برفع جاهزيّة السلطات المحلية بالأمانة والمحافظات
  • مسئول حكومي: يوجه برفع جاهزيّة السلطات المحلية في كل المحافظات
  • المداني يوجه برفع جاهزيّة السلطات المحلية بالأمانة والمحافظات
  • التنمية المحلية تتابع جهود وحدة السكان لتمكين الشباب والمرأة
  • وزيرة التنمية المحلية ومحافظ القليوبية يضعان حجر الأساس لتطوير شارع الرشاح
  • إطلاق محفظة لدعم استثمارات المشروع المشترك بين «ألفا ظبي» و«مبادلة»
  • لقاء موسع لتعزيز التنمية المحلية في محافظات الحديدة وحجة والمحويت وريمة
  • ‎ترامب يعلق على قرار اجتماع المملكة ويؤكد: هناك قرار مرتقب لصالح أوكرانيا
  • بسبب الإضرابات.. شلل جوي مرتقب في المطارات الألمانية الكبرى