ألعاب باريس 2024 أمام تحدي ضمان وسائل النقل لذوي الاحتياجات الخاصة
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
إعداد: أمين زرواطي تابِع | سيرييل كابو إعلان اقرأ المزيد
يستعمل سيرج مابيلي هاتفه النقال لتحديد وجهته: قاعة بيرسي متعددة الرياضات (بارك أومنيسبور دو بيرسي) الواقعة في الدائرة الثانية عشرة في باريس. من ساحة إيطاليا، التي تبعد عنها 2,7 كلم، تستغرق الرحلة عادة نحو عشر دقائق عبر الخط السادس من مترو الأنفاق.
وهو ما استنكره مابيلي الذي يشغل منصب نائب رئيس الرابطة الفرنسية لذوي الاحتياجات الخاصة APF قائلا: "حين تكون من ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن التنقل في باريس هو بمثابة سباق الحواجز"، مضيفا: "سيتوجب تسريع الوتيرة لكي نكون جاهزين للألعاب".
ومنذ ترشح العاصمة الفرنسية في 2015، تعهد المنظمون بجعل باريس2024 "ألعابا شاملة ومتاحة" وبأنها ستسمح بتغيير الحياة اليومية لـ12 مليون فرنسي، أي 17 بالمئة من إجمالي السكان، الذين يعانون من إعاقة حركية، حسية، معرفية، أو عقلية.
نحو 350 ألف مستخدم من ذوي الاحتياجات الخاصةلا يزال عدد الورشات كبيرا، أبرزها مقرات الإقامة والمواصلات وسبل الوصول إلى مواقع المنافسات. ويبدو أن وسائل النقل في المنطقة الباريسية (ما يعني العاصمة وضواحيها) هي لوحدها مشروع ضخم بامتياز. فحسب التقديرات، سيتنقل في باريس خلال فترة الألعاب الأولمبية (26 يوليو/تموز-11 أغسطس/آب) والبارالمبية (28 أغسطس/آب-8 سبتمبر/أيلول) حوالي 350 ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، أي ما بين 4 إلى خمسة آلاف شخص كل يوم.
اقرأ أيضامواعيد مسابقات ونهائيات الألعاب الأولمبية المنظمة في باريسفي المقابل، وقبل عام أقل من من الموعد الرسمي لانطلاق المنافسات الأولمبية، فإن ركوب مترو الأنفاق والحافلات، أو قطارات الشبكة الجهوية السريعة الباريسية RER، هو بمثابة كابوس بالنسبة للمستخدمين.
يقول سيرج في هذا الصدد: "المترو هو أسوأ وسائل النقل في باريس، إذ لا يوجد سوى الخط 14 وبعض المحطات التي هي مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة، أما البقية فهي لا تتوفر سوى على سلالم. أما المصاعد، فغالبا ما تتعطل عن الخدمة".
وفي هذه الأحوال، يكون استخدام الحافلة هو الحل الوحيد أمام سيرج، إلا أن "أوقات الانتظار أطول بسبب حركة المرور". ويقول إنه يعجز عن الصعود في غالب الأوقات نظرا للزحام الشديد أو بسب العطل في بعض التجهيزات".
إلى جانب ذلك، هناك العديد من العوائق على الأرصفة، مثل الحفر والأشغال. وبالتالي، "حين تكون لديك إعاقة حركية، يجب أن تكون صبورا ورياضيا، أو أن تأخذ سيارتك".
سيرج مابيلي، نائب رئيس الرابطة الفرنسية لذوي الاحتياجات الخاصة APF، أمام قصر بيرسي أومنيسبورت، باريس، فرنسا في 24 أغسطس/آب 2023. © سيرييل كابو، فرانس24.في المقابل، يؤكد نائب رئيس هيئة النقل في منطقة باريس (إيل دو فرانس موبيليتي) Ile-de-France Mobilités، غريغوار دي لاستيري، والذي يمثل أيضا مدينة باريس، على أن هناك عملا مضاعفا من أجل تحسين هذا الوضع. في هذا الصدد، رصدت السلطات ميزانية مقدرة بـ1,5 مليار يورو لجعل الـ270 محطة التابعة للشركة الوطنية للسكك الحديد SNCF بالمنطقة الباريسية متاحة لذوي الاحتياجات الخاصة وسهلة الوصول في أفق عام 2025. ويستخدم هذه المحطات يوميا أكثر من خمسة آلاف مسافر.
ستسمح هذه الخطة خصوصا بإعادة ضبط علو الأرصفة وتحسين المنارات الصوتية (أداة تسمح للمكفوفين أو ضعيفي النظر بتحديد موقعهم وتوجيه أنفسهم) وشرائط الإرشاد، وأيضا تحسين اللافتات وخدمة المساعدة. يضيف غريغوار دي لاستيري بأن الخطة شملت لحد الآن "100 بالمئة من خطوط الترامواي وخطي ’آ‘ و ’بي‘ لقطارات RER. بحلول يناير/كانون الثاني 2024، سنكون قد أتممنا العمل على مستوى كافة خطوط الحافلات في المنطقة".
ويقر غريغوار دي لاستيري بأن "الأمر مقعد أكثر بالنسبة لميترو الأنفاق، إذ لا يقل عمر الشبكة عن المئة عام، وهناك بعض المحطات التي تستحيل إعادة تهيئتها"، علما أنه بحلول 2024 ينبغي جعل أربع محطات إضافية متاحة للمستخدمين، وهو ما يرفع العدد من 14 إلى 18 محطة.
ويضف: "كذلك ستكون أيضا 21 محطة جديدة بفضل امتداد الخطوط 4 و11 و12 و14". في المجمل، من المفترض أن تكون 5 بالمئة من الشبكة الحضرية قابلة للاستخدام من قبل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة خلال الألعاب الأولمبية والبارالمبية.
الحافلات، سيارات الأجرة، مواقف السيارات...على الرغم من الجهود التي تبذلها، اعترفت اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية والبارالمبية بأن هذا لن يكون كافيا لنقل كافة الزوار من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مواقع المنافسات الـ24 المتواجدة في منطقة إيل دو فرانس.
للتعويض عن هذه النقائص، درست اللجنة عدة إجراءات تساعد في تعزيز خدماتها. في هذا السياق، تقرر تبسيط مخطط المساعدة في التنقل (PAM) وهي عبارة عن خدمة للنقل العام حسب الطلب للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، وأيضا جعلها أرخص (2 يورو لكل تذكرة). كما تقرر نشر حافلات خاصة لهذه الشريحة تربط بين محطات النقل الباريسية الكبرى ومواقع الألعاب. بدورها، وعدت الحكومة الفرنسية برفع أسطول سيارات الأجرة المهيئة للكراسي المتحركة في باريس من 200 إلى 1000 سيارة. كذلك، ستكون هناك أماكن لوقوف وتوقف السيارات محجوزة لذوي الاحتياجات الخاصة "في أقرب مسافة ممكنة من مواقع المنافسة".
تقول لوديفين مونوس مسؤولة الإدماج البارالمبي وتسهيل الوصول في ألعاب 2024، وهي بطلة بارالمبية سابقة في رياضة السباحة: "نسعى بشكل عام إلى ضمان مرافق تلبي احتياجات المتفرجين من ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء كان ذلك خلال الألعاب الأولمبية أو البارالمبية، وذلك منذ بداية زيارتهم وحتى ختامها. في وسائل النقل، يتم هذا عبر تقديم عدة بدائل". وتضيف: "نعمل أيضا حول المحطات والمواقع الأولمبية للتأكد من أن كل شخص يمكنه التنقل بأريحية قدر الإمكان، ودون عوائق".
ورحب بهذه الخطة كلا من سيرج مابيلي ونيكولا ميريل، المستشار الوطني لتسهيل الوصول بالرابطة الفرنسية لذوي الاحتياجات الخاصة APF، وهو شريك الاجتماعات حول تسهيل الوصول والتي يتم تنظيمها مع منظمات النقل واللجنة المنظمة للألعاب والحكومة. لكن سيرج يتحفظ على الرغم من ذلك قائلا: "نظام الحافلات في الواقع حبر على ورق، فما نريده هو أن نكون قادرين على الوصول إلى المحطات دون صعوبات كبرى". ويتساءل: "هل سنضطر لتحمل وسائل النقل العام؟"
اقرأ أيضاباريس، مرسيليا، تاهيتي... تعرفوا على مواقع استضافة المنافسات الأولمبية 2024
مابيلي نفسه هو لاعب تنس الكراسي المتحركة، وقد اشترى فعلا التذاكر لحضور مسابقات رياضته المفضلة. لكنه يظل يتساءل كيف سيتنقل يومها إلى ملاعب رولان غاروس في بورت دوتوي حيث ستقام المباريات. ويشرح محدثنا: "لا تضمن هذه الخطط سوى مكان واحد لكي شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة ومكان لمن يرافقه. المشكل أني أريد الذهاب لرولان غاروس مع أفراد عائلتي، وسنكون أربعة. ما الذي سنفعله في هذه الحالة؟ ننفصل عن بعضنا؟". مضيفا: "نحن نتكلم عن 350 ألف شخص، هل سيكون هناك ما يكفي من الحافلات ومن أماكن الوقوف؟"
أما بالنسبة إلى 9000 رياضي من ذوي الاحتياجات الخاصة المرتقبة مشاركتهم في الألعاب البارالمبية، فسيتم إيواؤهم جميعا في قرية الرياضيين الواقعة في إقليم سين سان دوني شمال باريس، والتي وعدت السلطاتُ بأن تكون شاملة ويسهل الوصول إليها، بدءا من غرف الاستحمام وحتى اللافتات الإرشادية في الشوارع. في هذه المنشأة الجديدة، ستتيح أنظمة الحافلات المكوكية المحجوزة والمهيئة لهؤلاء الرياضيين بالتنقل في جميع أنحاء القرية حتى مواقع المنافسات.
على مستوى "قرية الرياضيين" التي لا تزال قيد الإنشاء في سين سان دوني، سيربط منحدر وصول كبير متاح للجميع بين إيل سان دوني وشبكة الميترو. © سيرييل كابو، فرانس24. ألعاب باريس 2024.. إرث موضع تساؤلات!بغض النظر عن هذه التساؤلات الشائكة، يأسف المستشار الوطني لتسهيل الوصول بالرابطة الفرنسية لذوي الاحتياجات الخاصة APF نيكولا ميريل، لكون هذه التدابير "قصيرة المدى"، خاصة أن "الألعاب الأولمبية والبارالمبية كانت فرصة مثالية لتحسين تسهيل الوصول إلى حد كبير في باريس ومنطقة إيل دو فرانس".
بالنسبة إلى ميريل، فقد كانت خيبة الأمل كبيرة جدا نظرا للمناسبات العديدة التي تم فيها تنبيه باريس لتدارك نقاقصها في هذا المجال. ففي سبتمبر/أيلول 2021، دعت منظمة الأمم المتحدة فرنسا إلى الامتثال للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويوجد قانون خاص بالمعوقين في فرنسا منذ عام 2005 للحرص على مسألة تسهيل الوصول للجميع.
يختم سيرج مابيلي ونيكولا ميريل بالقول: "لا يزال هناك وقت لتسريع الوتيرة حتى لا تكون هذه الألعاب ناجحة فقط خلال صيف 2024 بل لما بعده أيضا. ويبدو أن جميع الفاعلين مجندون...".
تابعوا على فرانس24 الألعاب الأولمبية 2024 في باريس © استوديو غرافيك فرانس ميديا موند.المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: النيجر الحرب في أوكرانيا مجموعة بريكس ريبورتاج فرنسا الألعاب البارالمبية الألعاب الأولمبية وسائل النقل أولمبياد باريس من ذوی الاحتیاجات الخاصة الألعاب الأولمبیة وسائل النقل فی باریس فی هذا
إقرأ أيضاً:
دبي.. «بطاقة نول» وسيلة دفع لاستخدام السكوتر الكهربائي
أدرَجَت هيئة الطرق والمواصلات في دبي بطاقة نول كوسيلة دفع إضافية لاستخدام السكوتر الكهربائي التابع للمُشَغِّلين المعتمدين، الذين يعملون تحت مظلة الهيئة في الإمارة.
وتفصيلاً، قال صلاح الدين المرزوقي، مدير إدارة أنظمة التحصيل الآلي، بقطاع الدعم التقني المؤسسي في هيئة الطرق والمواصلات: «لقد أضفنا بطاقة نول إلى وسائل دفع تعرفة استخدام السكوتر الكهربائي المتوفرة في مختلف المناطق والقريبة من محطات وسائل النقل الجماعي في خطوة تهدف إلى تحقيق رؤية الهيئة في التطبيق الأمثل لسياسة الميل الأول والأخير من خلال تقديم أفضل التسهيلات، التي تُسهمُ في تكامل وسائل النقل العام مع وسائل النقل المرنة وذلك من خلال إضافة وسيلة دفع سهلة مثل بطاقة نول».
وأوضح المرزوقي: «أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي بطاقة نول كوسيلة دفع على جميع تطبيقات مشغلي السكوتر الكهربائي بتوفير بطاقة نول كخيار إضافي ضمن خيارات الدفع عند شراء الباقات المتوفرة لديهم (بالساعات، يومياً، شهرياً، وغيرها) من خلال استخدام تقنيات التواصل قريب المدى على الهواتف الذكية (NFC). ولاستخدام وسيلة دفع استخدام السكوتر الكهربائي، ينبغي على المستخدم تنزيل تطبيق الشركة المُشَغّلة للسكوتر الكهربائي».
وتتوائم هذه المبادرة مع خطط التوسع لبطاقات نول، الأمر الذي ينسجم بشكل حيوي مع استراتيجية دبي اللانقدية، ويعزز العلامة التجارية (نول) كوسيلة دفع في الدولة.
وتُستَخدَمُ بطاقة نول كوسيلة لدفع تعرفة وسائل النقل العام (المترو، الحافلات، الترام ووسائل النقل البحري) ووسائل النقل الخاص (مركبات الأجرة، نخيل مونوريل، السكوتر الكهربائي)، ودفع تعرفة المواقف العامة للمركبات في دبي بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة لدفع قيمة المشتريات في محلات التجزئة في الدولة، ووسيلة لدخول المرافق العامة (المتاحف، النوادي، و غيرها)، بهدف إسعاد المتعاملين من جميع شرائح وفئات المجتمع، وبهذا الصدد أطلقت الهيئة مؤخراً مجموعة من الباقات المتخصصة بهدف التشجيع على النقل العام لمختلف فئات المجتمع مثل باقات نول للطلاب وباقات نول ترحال التي تشمل مجموعة متنوعة من الخصومات والعروض الترويجية في كافة المجالات (المطاعم، التسوق، الأماكن الترفيهية، والفنادق، والطيران، وغيرها).
الجدير بالذكر أن هيئة الطرق والمواصلات قد بدأت تنفيذ مشروع ترقية نظام (نول) الحالي الذي يعمل بـتقنية البطاقات الاعتيادية (Card Based Ticketing)، إلى نظام حديث أوسع وأكثر تطوّراً، ليصبح نظام دفع رقمي مدعوماً بتقنية الحسابات المركزية (Account Based Ticketing)، وفق أفضل الممارسات العالمية، وذلك بهدف تطوير التقنيات المستخدمة في أنظمة الدفع لتمتثل لأعلى المعايير الخاصة بالأمن الالكتروني والمالي، وتطوير الجوانب التشغيلية، وتعزيز الاستفادة من البيانات الناتجة عن النظام، إضافة إلى تخصيص الخدمات والمنتجات وفق احتياجات المتعاملين. حيث سيوفر النظام الجديد عدة خصائص، مثل تخطيط الرحلات، حجزها ودفع قيمتها بشكل مسبق عبر القنوات الذكية.