نايا حنا سفيرة الطفولة إلى السماء
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
نايا حنا تلك الفرشاة فارقتنا باكرًا، ولكن غير آسفة. احفظوا هذا الاسم جيدًا. وعلى الذي أطلق تلك الرصاصة الطائشة والغادرة أن يعلم أن تلك الرصاصة لم تصب فقط نايا، بل كل لبناني أبكاه رحيل هذه الطفلة – الملاك. وليعلم أن الرصاصة، التي أطلقها ابتهاجا بنجاح ابنه في الشهادة الرسمية سترتدّ عليه، وإن طال الزمن، وسيلاحق صوت مايا، الذي خطفه الغدر والطيش، ذاك الذي اعتادت يداه أن تحمل سلاحًا صُنع فقط للرجال الرجال، في الليل والنهار، وسيكون ذاك الصوت الخافت أقوى من تلك الرصاصات الطائشة التي تزرع الموت والحزن في الأحياء المجاورة.
على مدى 23 يومًا كانت نايا ترقد في سريرها في المستشفى من دون حراك، ولكنها كانت تشارك أهلها الصلاة لكي تتم مشيئة الله في كل شيء. كانت تصلي من أجل من أطلق عليها النار من دون أن يعرفها. هي متأكدة من أن مطلق النار ما كان ليطلق تلك الرصاصة القاتلة في الهواء لو كان يعرف أنها ستتسبّب بهذه المأساة. هذه الرصاصة أفرحت عددًا قليلًا من المنتشين بفرحة النجاح، ولكنها أبكت الكثيرين، وأنا واحد منهم، ليس على موتها، وقد أصبح لنا ملاك جديد في السماء، بل على وطن لا يزال فيه أشخاص يعتبرون أن الأرض والفضاء ملكهم، ويستطيعون بالتالي أن يتصرّفوا بهما على هواهم، ومن دون رادع أو وازع.
نبكي نايا اليوم، ولكننا نبكي في الوقت نفسه لأننا لم نستطع أن نحميها برموش العيون، ولم نستطع أن نكّون لها مظّلة حديدية تقيها من هذا الرصاص الذي يُسمّى عن خطأ "طائشًا"، فيما هو في الحقيقة رصاص قاتل لا يرحم. هذا الرصاص هو جبان تمامًا كالذي يطلقه في مناسبات الفرح والحزن على حدّ سواء. لم أرَ في حياتي من هو أكثر جبنًا من ذاك الذي يحمل السلاح تبخترًا، وهو يعرف أن كل رصاصة يطلقها في الجو قد تصيب أحد الأبرياء، وقد يكون واحدًا من أقاربه. فلو لم يكن هذا القاتل والمتخفّي وراء تسمية "رصاصة طائشة" جبانًا لما حمل سلاحًا ولا أطلق رصاصة واحدة في غير موضعها الطبيعي والشرعي.
نايا حنا اسم يجب ألاّ ينساه أحد، وبالأخص ذاك الذي كان يطلق الرصاص"ابتهاجًا" في ذاك اليوم المشؤوم، لأن فرحته المؤقتة ستتحوّل إلى حزن داخلي سيرافقه مدى الحياة.
نايا حنا انت سفيرتنا إلى السماء. غادرت هذه الأرض طفلة لتصيري ملاكًا في السماء. دورك سيكون كبيرًا جدّا حيث أنت. دورك أن تتضرعي إلى خالق السماء والأرض وكل ما يُرى وما لا يُرى لكي يحفظ الطفولة في لبنان، وأن يحميها من شرّ كل أشرار الأرض، وأن يحفظ وطنك ويردّ عنه كيد الكائدين وخبث المتربصين به شرًّا.
صوتك الخافت يا نايا سيرافقنا في حّلنا وترحالنا، وسيكون لنا صوت ضميرنا، الذي يجب ألا يستكين قبل أن يرتدع كل طائش، وأن يفكرّ ألف مرّة قبل أن يطلق رصاصة الرحمة على رأسه لا أن يطلقها طائشة على رؤوس الناس الآمنين.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إسحاق نيوتن مكتشف الجاذبية.. كيف أثرت مأساة الطفولة في عبقريته؟
شهدت مدينة لينكولنشاير بوولثورب في إنجلترا في مثل هذا اليوم عام 1642، مولد إسحاق نيوتن، صاحب التأثير الكبير في عالم القوانين الفيزيائية والرياضية، فلم يكن مجرد عالم، بل كان فيلسوفا وتنويريا بارزا، وقدم إسهامات علمية مهمة، حتى أصبح من أكثر الشخصيات العلمية شهرة، وما نزال نتبع نظرياته إلى اليوم.
محطات في حياة نيوتنتمكّن إسحاق نيوتن، بفضل عبقريته من أن يكون أقرب إلى الأسطورة، فالعالم المولود في أسرة بسيطة، تمتع بذكاء جعله صاحب نظريات مؤثرة، وبحسب التقويم اليولياني الذي كانت تتبعه إنجلترا، فإنه وُلد في مثل هذا اليوم، وقبل أوان ميلاده بثلاثة أشهر، أي في الشهر السادس من الحمل، فكان صغير الحجم، وتوفى والده قبل ولادته بـ3 أشهر، لكنه نضح بين أسرته، وكان يتمتع بالبراعة الشديدة والفطنة المتقنة، بحسب الموسوعة البريطانية للعلوم والمعرفة.
صدمة غيرت حياة إسحاق نيوتنتزوجت والدة نيوتن بعد بلوغه 3 سنوات، وتركته مع جدته، ما أثر في شخصيته، إذ كان يميل إلى الوحدة والعزلة، وكان لا يحب زوج والدته، وتربى على يد خاله الذي كان يعطي له كتبه القديمة ليتعلم منها، لدرجة أنه وهو في سن 5 سنوات، كان يحاول اختراع طواحين الهواء، وفي عام 1653 توفى زوج والدته وعاش معها، لكنه لم يحب العيش مع إخواته غير الأشقاء.
ودخل المدرسة وعاش مع عائلة كلار الصيدلي، التي استضافته في منزلها لقربه من المدرسة، وتعلم من الصيدلي خلطات الأدوية والأعشاب، ومع شكوى المدرسة منه، قررت والدته عام 1659 منعه من الذهاب إلى المدرسة، ولم يفلح في أي عمل حتى كمزارع مثل والده، ليقرر خاله دخوله إلى المدرسة مرة أخرى، ويتكفل به مدير المدرسة هنري ستوكس، الذي مجح في إقناع مديره والدته دخول الجامعة.
أهم نظريات إسحاق نيوتندخل نيوتن عام 1661، جامعة كامبردج في إنجلترا، وحمل الحطب مقابل الحصول على دراسات مجانية، وكان يتجاهل منهج الجامعة ويذاكر الفيزياء والرياضة، واهتم بعلم البصريات، وفي عام 1665 أغلقت الجامعة مؤقتا، بسبب وباء الطاعون الأسود، وبسبب الحالة التي كان عليها المجتمع والتباعد الاجتماعي، ترك لعنانه الخيال وتطرق إلى قانون الجاذبية، وفقًا للكاتب ويليام ستوكلي في كتاب «مذكرات حياة السير إسحاق نيوتن».
واخترع نيوتن قوانين الحركة والجاذبية والرياضيات وعلم التفاضل والتكامل، وظل يقدم المزيد من العلم في حياته، حتى توفى عن عمر يناهز 84 عامًا، وهو نائم في سريره، تاركًا إرثًا من علميا ما يزال أساس العلم إلى اليوم.