الحشود الأمريكية التي تُسوّر حدود العراق وتسير في شوارعه ليست حباً في العراقيين أو لتخليصهم من نظام سياسي فاسد، فأمريكا غايتها إبقاء الوضع العراقي على ما هو عليه فاشلاً ضعيفاً ممزقاً.
خوارزمية السلطة الحاكمة في العراق ظلّت طلسماً يصعب حله بعد عام 2003
الحشود الأمريكية التي تسوّر حدود العراق وتسير في شوارعه ليست حباً في العراقيين
لا يريد أصحاب المزادات السياسية والمصابون بأحلام اليقظة أن يصدّقوا أو يعترفوا بأن العالم تُسيّره القوى الكبرى، ومن رابع المستحيلات التعامل معها بمنطق الفهلوة أو التذاكي (كان غيرك أشطر)، فتأمين المصالح الاقتصادية ومناطق النفوذ يتغلب بأضعاف على كل الشعارات الفارغة.
خوارزمية السلطة الحاكمة في العراق ظلّت طلسماً يصعب حله بعد عام 2003، محاولات متذبذبة أو مترددة لإرضاء الجانب الأمريكي، في الوقت ذاته كان التقارب العميق مع إيران، ويبدو من خواتيم الحكاية أن العقد السياسي آن له أن ينفرط مع أحد الطرفين، فلا يمكن لأصحاب القرار في المنطقة الخضراء أن يجمعوا البيض جميعه في سلة واحدة.
هو التوقيت المناسب الذي وجدته واشنطن لاختبار حكام العراق في موقفهم، خصوصاً بعد علمها أن دولارات نفطهم تذهب إلى الجارة الشرقية لتصنع المسيّرات، التي تقتل حلفاء واشنطن في الحرب الأوكرانية – الروسية.
منذ عودة الفريق الأمني العراقي برئاسة وزير الدفاع من واشنطن والعراق يعيش سيناريوهات هي الأقرب إلى الحرب، لتُعيد إلى ذاكرة العراقيين المنسية أحاديث الصحاف وزير الإعلام العراقي في زمن النظام السابق، ووصفه للقادمين من الأمريكان بـ”العلوج” وخطابات التحدي بإبادتهم إن عبروا الحدود، على الرغم من أن جحافلهم وصلت إلى أعتاب بوابات بغداد.
ماذا يحدث في العراق؟ القيادة المركزية الأمريكية ومن خلال موقعها تعلن أن قوات التحالف ستقوم بعمليات تمارين تعبوية جوية وأرضية في المناطق المحيطة بأربيل – الكيارة والموصل لضمان فاعلية العدد والعدة، وذات القوات هجّرت رعاة الأغنام بعد ساعات على قيامها بعمليات استطلاع بري لمناطق صحراء الأنبار الغربية القريبة من الشريط الحدودي مع سوريا.
تصريح لافت لحيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق بأن النظام السياسي في هذا البلد قد ينهار في أي لحظة تزامن مع زيارة إسماعيل قاآني السرية إلى العراق، التي لفتت الانتباه في توقيتها وتسريبات ما دار حول مطالبته الفصائل المسلحة بعدم التصعيد مع القوات الأمريكية في الوقت الراهن، لاسيما وأن إيران والولايات المتحدة في طور تبادل أسرى والسماح الأمريكي لإيران بالحصول على أموالها المجمدة لدى بعض الدول، والتي قد تكون عربوناً مقابل التغاضي عن الموقف الأمريكي المتصاعد في قضية تحجيم دور بعض الأذرع الموالية لإيران.
أحداث وكأنها كلمات متقاطعة توصل إلى نتيجة أن التصعيد بات أقرب إلى الحرب التي لا يعرف توقيتها أو مكانها.
المشهد السياسي العراقي بات يتعقد خصوصاً مع التبريرات الضبابية التي تتناقلها الحكومة وماكينتها الإعلامية، وقد تزيد من هلامية الموقف لاسيما بعد امتناع القوات الأمريكية عن تبرير هذه التحركات الداخلية وعلى الحدود مع سوريا بإجابات مقنعة لحكومة السوداني.
هل سيكون سيناريو حادث المطار في اغتيال قيادات في الحشد، أو هي عبارة عن حرب قد تندلع داخل الأراضي العراقية أو في دول الجوار، لتصفية بعض جيوب الميليشيات المتمركزة على الحدود.
أسئلة من الصعب أن توحدها إجابة لاسيما فيما يراه المواطن البسيط من أرتال القوات الأمريكية وهي تجوب المحافظات وشوارع العراق وتغلق حدوده، وتبرير غامض بأنه إعادة انتشار لتلك القوات، في حين أن ما يرى من تلك الحشود في تزايد، من دون مغادرة أو نقصان.. ثم ما سر المعدات العسكرية التي يتم استبدالها بأخرى قتالية إن كان الأمر كما يدّعون إعادة تمركز؟
هي الحرب التي إن اندلعت فإن وقودها الناس والحجارة، أولئك البؤساء الذين كانوا دوماً حطباً لحروب مستعرة، وكأنها دورة الزمن الرديء التي تعاود للعراقيين وتأبى أن تفارقهم.
الحشود الأمريكية التي تُسوّر حدود العراق وتسير في شوارعه ليست حباً في العراقيين أو لتخليصهم من نظام سياسي فاسد، فأمريكا غايتها إبقاء الوضع العراقي على ما هو عليه فاشلاً ضعيفاً ممزقاً يسوده التشتت والفوضى، بل هي من أجل مصالحها ومناطق نفوذها التي تستصرخها للحد من التوغل الروسي والصيني، ولقطع إمدادات السلاح الإيراني الذي بدأت ناقلاته تصل إلى مشارف إسرائيل على الجبهتين السورية واللبنانية، وذلك هو ملخص كل هذه الجعجعة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني فی العراق التی ت
إقرأ أيضاً:
البابا: ما يحدث في غزة قسوة وليس حرباً
الفاتيكان (وكالات)
أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تمدد مهمة حفظ السلام في الجولان المحتلة «الأونروا»: مليونا شخص محاصرون في ظروف مروعة بغزةدان البابا فرنسيس، أمس، قسوة غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل سبعة أطفال من العائلة ذاتها في قطاع غزة، بناء على ما أفاد به الدفاع المدني في القطاع. وقال الحبر الأعظم أمام أعضاء في حكومة الفاتيكان «أمس، تعرّض أطفال للقصف، هذه قسوة وليست حرباً، أريد أن أقول هذا لأنّه يمسّ قلبي». وأعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 10 أفراد من عائلة واحدة بينهم سبعة أطفال جراء غارة إسرائيلية طالت منزلهم في جباليا بشمال القطاع أمس الأول، مشيراً إلى أن أكبر الأطفال كان في السادسة من العمر، حسبما صرّح المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل. وفي ظل العنف المستمر، ترعى الولايات المتحدة ومصر وقطر مفاوضات لوقف الحرب وتأمين إطلاق سراح عشرات الرهائن في غزة. والثلاثاء الماضي أبدت الولايات المتحدة «تفاؤلاً حذراً» بشأن احتمالات التوصل لوقف لإطلاق النار. وفي الأسابيع الأخيرة، أدلى البابا بتصريحات أكثر حدّة تجاه العمليات الحربية الإسرائيلية.
في الأثناء، واصلت الطائرات الإسرائيلية قصفها لمناطق قطاع غزة في اليوم الـ442 من الحرب مخلفة أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى. وأدى القصف الإسرائيلي خلال الـ24 ساعة الماضية إلى سقوط 77 قتيلاً و174 مصاباً.