الأتراك وعودة قبرص إلى الواجهة!
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
ماذا تعني عودة قبرص إلى الواجهة بالنسبة للأتراك؟
عودة قبرص للواجهة تضع حداً لحماسة مفرطة أبدتها قوى المعارضة التركية بالتوجه الى اوروبا والقطيعة مع إرث تركيا الحضاري، وإدارة الظهر للعالم الإسلامي.
مواجهات الخط الفاصل بين شطري قبرص وهجوم بقنابل المولوتوف على مسجد في ليماسول بالشطر الرومي تأكيد لعبثية الركض خلف سراب أوروبا مقابل واقعية الانفتاح على الشرق.
حادثة الطريق بين شطري جزيرة قبرص اكتسبت أهمية كبيرة للأتراك والأوروبيين بعد أسابيع من قبول انضمام السويد للناتو وتعهد أوروبا باستئناف المفاوضات مع تركيا.
سخونة الأجواء بين شطري قبرص ذكّر بأحد أهم الملفات التي يضعها الاتحاد الاوروبي عائقا أمام انضمام تركيا للحلف وهو النزاع مع قبرص واليونان، وانتماء تركيا الديني.
زيارة المدمرة الامريكية روزفلت التابعة للاسطول السادس السبت لميناء لارنكا بقبرص الرومية تؤكد الشراكة بين قبارصة اليونان واميركا وحدود العلاقة مع تركيا أمريكيا واوروبيا.
* * *
أطلق تعبيد طريق يربط قرية بيلا الواقعة في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة بأراضي قبرص التركية مواجهة بين قوات الامم المتحدة وقبارصة أتراكاً يومي الجمعة والثلاثاء من بداية الاسبوع الفائت.
وفي حين بررت القبعات الزرق التابعة للامم المتحدة وقبرص الرومية اليونانية إعاقتها للمشروع بانتهاكه المنطقة العازلة التي تم انشاؤها عام 1974، رد القبارصة الأتراك والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تصرفات قوات حفظ السلام غير مقبولة، وأن مشروع الطريق ضروري للقرية.
التوتر في الجزيرة لم ينته عند الخط الفاصل بين الشطرين التركي والرومي؛ فسرعان ما انتقل الى مدينة ليماسول التابعة لقبرص الرومية بهجوم شنه متطرف على مسجد "إبراهيم آغا كوبرولو" في الشطر الجنوبي، عاكساً التحريض وارتفاع منسوب التوتر بين شطري الجزيرة باتخاذه طابعا دينيا متطرفا.
التوتر بين شطري الجزيرة غير المعترف بها في الشمال، والمعترف بها في الجنوب العضو في الاتحاد الاوروبي، يعيد إلى الاذهان جهود تركيا المتعثرة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، والتي كان من المتوقع احياء المفاوضات حولها بعد رفع تركيا الفيتو عن عضوية السويد، ومن قبلها فنلندا للحلف الاطلسي (الناتو).
حادثة الطريق سخنت الأجواء بين شطري الجزيرة، معيدة الى الاذهان واحدة من اهم الملفات التي تضعها دول الاتحاد الاوروبي عائقا امام انضمام تركيا للحلف؛ وهو النزاع مع قبرص الرومية ومن خلفها اليونان، وانتماء تركيا الديني.
وهو ما اختزلته حادثة الطريق والمسجد خلال الايام التسعة الفائتة، ولخصه بيان وزارة الخارجية القبرصية الرومية اليونانية بالقول بأن استمرار العمل في المنطقة و(تقصد فتح الطريق) قد لا يؤثر سلبا على محاولات استئناف محادثات السلام فحسب "وإنما على مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا أيضا".
العلاقة بين تركيا واليونان وقبرص بشطرها التركي غير المعترف به دوليا والجنوبي الرومي المعترف بحكومته وسيادته متشابكة ومعقدة، وتمثل احد اهم خطوط التماس التي ترسم حدود العلاقة بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة من جانب وتركيا.
ففي مقابل رفض اوروبا انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، تقف تركيا ايضا عائقاً امام قبول قبرص الرومية في حلف الناتو.
ورغم فقدانها للعضوبة في الناتو، فإن شراكة قبرص اليونانية مع واشنطن تبدو قوية؛ اذ رست المدمرة الامريكية روزفلت (DDG 80) التابعة للاسطول السادس اليوم السبت في ميناء لارنكا التابع لإدارة جنوب قبرص الرومية للصيانة والتزود بالمياه والوقود قادمة من اسبانيا بعد زيارة قامت بها لدولة لاتفيا في بحر البلطيق، وهي زيارة تبدو اعتيادية الا انها من ناحية اخرى تؤكد عمق الشراكة بين القبارصة اليونان واميركا وحدود العلاقة مع تركيا وسقوفها امريكيا واوروبيا.
حادثة الطريق بين شطري جزيرة قبرص اكتسبت اهمية كبيرة للأتراك والاوروبيين بعد أسابيع من قبول انضمام السويد للناتو، وتعهد اوروبا باستئناف المفاوضات مع انقرة.
فعودة قبرص للواجهة تضع حداً للحماسة المفرطة التي أبدتها بعض قوى المعارضة التركية بالتوجه الى اوروبا والقطيعة مع ارث تركيا الحضاري، وإدارة الظهر للعالم العربي والاسلامي، وتذكر مجددا بقدر تركيا الثقافي والاقتصادي بالتوجه نحو الشرق الحضاري في آسيا الوسطى والعالم العربي وأفريقيا بل نحو الصين والهند، خاصة أن المنافع المتوقعة من هذا التوجه اكبر بكثير من المنافع المتوقعة للانفتاح على اوروبا الغارقة بالصراعات والتناقضات بجمعها بين الشعبوية واليمينية المتطرفة والنزعة الليبرالية اليسارية المنحرفة اخلاقيا وانسانيا والتي تقودها نحو الشذوذ والانحطاط الاجتماعي والديموغرافي.
ختاماً..
ما حدث عند الخط الفاصل بين شطري قبرص الجمعة والثلاثاء، وما حدث يوم السبت من هجوم على مسجد في ليماسول في الشطر الرومي من الجزيرة، تأكيد لعبثية الركض خلف سراب أوروبا واتحادها، في مقابل واقعية الانفتاح على الشرق في آسيا وإفريقيا.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا أوروبا قبرص أمريكا اليونان الخط الفاصل الاتحاد الأوروبي المعارضة التركية الاتحاد الاوروبی حادثة الطریق
إقرأ أيضاً:
السفير المصري في نيقوسيا يقدم أوراق الاعتماد لرئيس جمهورية قبرص
قدم السفير محمد زعزوع، سفير جمهورية مصر العربية في نيقوسيا يوم 22 نوفمبر أوراق اعتماده لرئيس جمهورية قبرص "نيكوس خريستودوليدس"، وأعقب مراسم تقديم أوراق الاعتماد إجراء مقابلة ثنائية بين السفير المصري والرئيس القبرصي، حيث تمت المقابلة في أجواء ودية، قدم خلالها الرئيس القبرصي التهنئة للسفير المصري على تولي مهامه الجديدة، مؤكداً على عمق العلاقات الإستراتيجية التاريخية التي تجمع البلدين، وحرص الجانب القبرصي على تقديم كافة سبل الدعم للسفير المصري الجديد لتطوير العلاقات الثنائية.
من جانبه، أكد السفير محمد زعزوع على اعتزامه بذل الجهود للارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، وتكثيف الأنشطة السياسية والاقتصادية والثقافية، وتنمية التبادلات الحكومية والشعبية بين مصر وقبرص، مسلطاً الضوء على الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، كما استعرض التطورات التي يشهدها الاقتصاد المصري في الفترة الاخيرة.
كما تبادلا وجهات النظر بشأن أهمية تعزيز التعاون بين البلدين بالنظر للقرب الجغرافي، ووجود تحديات إقليمية مشتركة، لاسيما في خضم الأزمات التى تعانى منها منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم ضرورة تكثيف التشاور والتنسيق الثنائي في كافة الموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.