عربي21:
2024-11-27@07:07:56 GMT

العلمانية التركية بين جمهوريتين

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

في الرابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس الجاري قضى القضاء التركي برفض الدعوى التي رفعتها الأحزاب العلمانية ضد قرار تعيين أئمة في المدارس والجامعات كمرشدين معنويين للطلاب، ويقول إن هذا القرار لا يتعارض مع مبادئ العلمانية.. انتهى الخبر.

من بلدية إنيبولو على البحر الأسود قبل 98 عاماً من اليوم، أعلن مؤسس الدولة الجمهورية التركية مدنية جمهوريته، بما حمله الإعلان من انسلاخ الجمهورية من ظهيرها العربي الإسلامي ومن ثم منع كل مظاهر التدين والتحول المظهري للتغريب، من ارتداء السراويل والقمصان وربطات العنق والسترات والقبعات الغربية، ومنع لبس العمامة، كإعلان لحقبة جديدة ستعيشها دولة الخلافة بعد أن أصبحت جمهورية.



هذا الإعلان رُتب له لسنوات في كيان وعقل مؤسس الجمهورية، ولعل من كشف عن هذه النوايا رفيقه وصديق الكفاح، مظهر موفيت بك، في أرضروم ليلة 7/8 تموز/ يوليو 1919، حين أسر له بأن تركيا الجديدة لن يكون فيها خلافة وأنه سيمنع الحجاب، وسيرتدي فيها الرجال القبعة بدلا من الطربوش أو العمامة، وستكتب كلماتها باللاتينية، وسيتم "إصلاح" الدين!

وهذا ما حدث تدريجيا حتى قنن ما حلم به مصطفى كمال باشا وأصبحت مؤسسات الدولة تحمي الحلم بعد أن أصبح واقعاً. يحكي فخر الدين ألتاي في كتابه "10 سنوات من الحرب وما بعدها" أن الرئيس عصمت باشا عند عودته من إزمير في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، سأل مستقبليه عن موقف المتعصبين من القبعات، وعندما أجابوا بأنهم خجولون ويقبلون بشكل لا إرادي، رد عصمت باشا: "إنه من الضروري الحفاظ على هذا الضيق حتى تتغير الأجيال".

هكذا كانت العلمانية الكمالية تفرض على الشعب التركي فرضاً، وهو ما ترك ندبة كبيرة في المجتمع التركي لا تزال واضحة وعميقة يضغط عليها من أراد تحريك المجتمع، ويلعب عليها طالبو العودة للماضي أو تهميش من يقودون الحاضر، فيبحثون في إمكانية إقصائهم مستندين على إرث يراد له أن تعاد صياغته وفهمه.

منذ وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم وهو يأخذ على عاتقه التعليم كأولوية في مشروعه الحضاري لبناء جمهورية جديدة، إذ يرى الحزب أن التعليم هو المفتاح لتطوير الاقتصاد والمجتمع في تركيا، لذا فقد نفذ عدداً من البرامج والسياسات لتحسين الوصول إلى التعليم ورفع مستوى جودته. ويرى المعارضون للحزب أنه اتخذ التعليم وسيلة لتدمير المبادئ العلمانية التي رسخها أتاتورك في جمهوريته المؤسسة قبل مئة عام، فيما يرى أردوغان أن حزبه يقدم رؤية أخرى لعلمانية المؤسس أكثر تكاملية وتعايشا بين أفراد المجتمع المختلفة ميوله وتوجهاته.

فتمكين النساء المحجبات في كل مؤسسات الدولة للوصول لخدماتهن أو الالتحاق ككادر في دولاب عملها إنما هو حق أصيل لمواطن اختار هويته التي لا تخالف المبادئ العلمانية المبنية على الحرية والانفتاح، واختيار الأب لابنه نظاماً تعليمياً خاصاً فهو من صلب العلمانية التي تنادي بالحرية، وممارسة الشعائر الدينية في العلن لا يضر العلمانية من وجهة نظر العدالة والتنمية. ففي مقابلة له في برنامج "المقابلة" مع الإعلامي علي الظفيري على قناة الجزيرة في عام 2016، عرّف الرئيس التركي ومؤسس حزب العدالة والتنمية؛ العلمانية من وجهة نظر حزبه على أنها "معيشة كل المجموعات الدينية والفكرية بالطريقة التي يريدونها، والتعبير عن أفكارهم كما يؤمنون بها، وقيام الدولة بتأمين كل المعتقدات".

وفيما يبدو أن أردوغان وحزبه حققا نجاحاً كبيراً في تغيير هذه النظرة التفسيرية الأحادية البعد، والتي أُسس لها على مدى مئة عام، وحمتها الدولة بمؤسساتها الناعمة كالإعلام والتعليم، أو الخشنة كالشرطة والجيش، بأن تقضي المحكمة في حكم تاريخي بأحقية الدولة تعيين أئمة في المدارس والجامعات كمرشدين معنويين للطلاب، ما يعني إعلانا حقيقيا للجمهورية الثانية التي عمل عليها العدالة والتنمية في الأعوام الواحد والعشرين الماضية وانتصرت لها مؤسسات الدولة من غير إجبار ولا تخويف ولا تضييق، بل من الضروري أن تزيد مساحة الحرية لا الضيق، كما قال عصمت باشا، حتى تتغير الأجيال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العلمانية تركيا العدالة والتنمية التعليم أردوغان تركيا أردوغان العدالة والتنمية العلمانية التعليم مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة والتنمیة

إقرأ أيضاً:

عضو بـ«النواب»: مراجعة قوائم الإرهاب يعكس التزام الدولة بقيم العدالة

قال النائب عمرو القطامي عضو مجلس النواب، إن توجيه الرئيس السيسي للنيابة العامة بمراجعة قوائم المدرجين على قوائم الإرهاب يعكس التزام القيادة بقيم العدالة، وتأكيد إعلاء مبدأ الحقوق والحريات، وخطوة جادة نحو تعزيز الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وتابع في بيان: «توجيه يؤكد أن مصر وطن يسع الجميع ما لم تلوث أيديهم بالدماء، وفي نفس الوقت تأكيد على التزام القيادة السياسية بإعلاء قيم العدالة وإتاحة الفرصة لمن توقف نشاطهم غير المشروع للعودة إلى المجتمع كأفراد فاعلين والدمج في كل الأنشطة والفعاليات».

تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن القومي واحترام حقوق الأفراد

أشار إلى أن هذه الخطوة تأكيد أيضا على تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن القومي واحترام حقوق الأفراد، وأن رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهاب، تطبيق عملي وفعال لمتطلبات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت يعكس حرص القيادة السياسية على مراجعة المواقف بدقة وموضوعية ما يسهم في تهيئة مناخ مستقر يدعم العدالة الاجتماعية ويسهم في دمج الأفراد بالمجتمع.

وأكد النائب عمرو القطامي أن إعادة دمج الأشخاص في المجتمع بصورة كاملة يفتح الباب أمامهم للمشاركة الفاعلة في بناء الوطن، إضافة إلى أن هذه الخطوة تعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، داعياً إلى استمرار هذا النهج في مراجعة ملفات أخرى مشابهة بهدف تحقيق العدالة الكاملة وبناء مجتمع أكثر انسجاماً وقدرة على مواجهة التحديات.

مقالات مشابهة

  • من هي الدولة العربية التي يُريد لبنان مشاركتها في مراقبة “أي اتّفاق”
  • العدالة والتنمية يدعو لمقاطعة المجموعة الناشرة لجريدة ’’الأحداث المغربية’’ بسبب “إسرائيل”
  • الشعب الجمهوري يسحب البساط من العدالة والتنمية في أحدث استطلاع رأي
  • حزب السعادة التركي يختار رئيسه الجديد
  • رئيس حزب الاتحاد: رفع 716 اسما من قوائم الإرهاب ينتصر لمبادئ العدالة الناجزة
  • عضو «القومي لحقوق الإنسان»: قرار رفع 716 شخصًا من قوائم الإرهاب يعزز العدالة
  • حزب المؤتمر: مراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب تعكس حرص الدولة على تحقيق العدالة
  • عضو بـ«النواب»: مراجعة قوائم الإرهاب يعكس التزام الدولة بقيم العدالة
  • التميمي: النزاهة تلعب دورا كبيرا بإرساء أسس القوانين التي من شأنها اعلاء كفة العدالة
  • وزير الخارجية التركي: بيئة عدم الصراع في ليبيا التي بدأتها تركيا بدأت تؤتي ثمارها