عربي21:
2024-07-07@03:16:02 GMT

العلمانية التركية بين جمهوريتين

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

في الرابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس الجاري قضى القضاء التركي برفض الدعوى التي رفعتها الأحزاب العلمانية ضد قرار تعيين أئمة في المدارس والجامعات كمرشدين معنويين للطلاب، ويقول إن هذا القرار لا يتعارض مع مبادئ العلمانية.. انتهى الخبر.

من بلدية إنيبولو على البحر الأسود قبل 98 عاماً من اليوم، أعلن مؤسس الدولة الجمهورية التركية مدنية جمهوريته، بما حمله الإعلان من انسلاخ الجمهورية من ظهيرها العربي الإسلامي ومن ثم منع كل مظاهر التدين والتحول المظهري للتغريب، من ارتداء السراويل والقمصان وربطات العنق والسترات والقبعات الغربية، ومنع لبس العمامة، كإعلان لحقبة جديدة ستعيشها دولة الخلافة بعد أن أصبحت جمهورية.



هذا الإعلان رُتب له لسنوات في كيان وعقل مؤسس الجمهورية، ولعل من كشف عن هذه النوايا رفيقه وصديق الكفاح، مظهر موفيت بك، في أرضروم ليلة 7/8 تموز/ يوليو 1919، حين أسر له بأن تركيا الجديدة لن يكون فيها خلافة وأنه سيمنع الحجاب، وسيرتدي فيها الرجال القبعة بدلا من الطربوش أو العمامة، وستكتب كلماتها باللاتينية، وسيتم "إصلاح" الدين!

وهذا ما حدث تدريجيا حتى قنن ما حلم به مصطفى كمال باشا وأصبحت مؤسسات الدولة تحمي الحلم بعد أن أصبح واقعاً. يحكي فخر الدين ألتاي في كتابه "10 سنوات من الحرب وما بعدها" أن الرئيس عصمت باشا عند عودته من إزمير في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، سأل مستقبليه عن موقف المتعصبين من القبعات، وعندما أجابوا بأنهم خجولون ويقبلون بشكل لا إرادي، رد عصمت باشا: "إنه من الضروري الحفاظ على هذا الضيق حتى تتغير الأجيال".

هكذا كانت العلمانية الكمالية تفرض على الشعب التركي فرضاً، وهو ما ترك ندبة كبيرة في المجتمع التركي لا تزال واضحة وعميقة يضغط عليها من أراد تحريك المجتمع، ويلعب عليها طالبو العودة للماضي أو تهميش من يقودون الحاضر، فيبحثون في إمكانية إقصائهم مستندين على إرث يراد له أن تعاد صياغته وفهمه.

منذ وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم وهو يأخذ على عاتقه التعليم كأولوية في مشروعه الحضاري لبناء جمهورية جديدة، إذ يرى الحزب أن التعليم هو المفتاح لتطوير الاقتصاد والمجتمع في تركيا، لذا فقد نفذ عدداً من البرامج والسياسات لتحسين الوصول إلى التعليم ورفع مستوى جودته. ويرى المعارضون للحزب أنه اتخذ التعليم وسيلة لتدمير المبادئ العلمانية التي رسخها أتاتورك في جمهوريته المؤسسة قبل مئة عام، فيما يرى أردوغان أن حزبه يقدم رؤية أخرى لعلمانية المؤسس أكثر تكاملية وتعايشا بين أفراد المجتمع المختلفة ميوله وتوجهاته.

فتمكين النساء المحجبات في كل مؤسسات الدولة للوصول لخدماتهن أو الالتحاق ككادر في دولاب عملها إنما هو حق أصيل لمواطن اختار هويته التي لا تخالف المبادئ العلمانية المبنية على الحرية والانفتاح، واختيار الأب لابنه نظاماً تعليمياً خاصاً فهو من صلب العلمانية التي تنادي بالحرية، وممارسة الشعائر الدينية في العلن لا يضر العلمانية من وجهة نظر العدالة والتنمية. ففي مقابلة له في برنامج "المقابلة" مع الإعلامي علي الظفيري على قناة الجزيرة في عام 2016، عرّف الرئيس التركي ومؤسس حزب العدالة والتنمية؛ العلمانية من وجهة نظر حزبه على أنها "معيشة كل المجموعات الدينية والفكرية بالطريقة التي يريدونها، والتعبير عن أفكارهم كما يؤمنون بها، وقيام الدولة بتأمين كل المعتقدات".

وفيما يبدو أن أردوغان وحزبه حققا نجاحاً كبيراً في تغيير هذه النظرة التفسيرية الأحادية البعد، والتي أُسس لها على مدى مئة عام، وحمتها الدولة بمؤسساتها الناعمة كالإعلام والتعليم، أو الخشنة كالشرطة والجيش، بأن تقضي المحكمة في حكم تاريخي بأحقية الدولة تعيين أئمة في المدارس والجامعات كمرشدين معنويين للطلاب، ما يعني إعلانا حقيقيا للجمهورية الثانية التي عمل عليها العدالة والتنمية في الأعوام الواحد والعشرين الماضية وانتصرت لها مؤسسات الدولة من غير إجبار ولا تخويف ولا تضييق، بل من الضروري أن تزيد مساحة الحرية لا الضيق، كما قال عصمت باشا، حتى تتغير الأجيال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العلمانية تركيا العدالة والتنمية التعليم أردوغان تركيا أردوغان العدالة والتنمية العلمانية التعليم مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة والتنمیة

إقرأ أيضاً:

تركيا تستدعي السفير الألماني وبرلين ترد بالمثل

أنقرة (زمان التركية) – أثار إعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم التحقيق مع لاعب المنتخب التركي، مريح أميرال، بسبب رفعه شارة “الذئاب الرمادية” خلال مباراة منتخب بلاده مع النمسا ضمن بولة أمم أوروبا غضبا تركيا واسعا.

وفي ظل ردود الفعل المستنكرة للواقعة، قامت الخارجية التركية باستدعاء السفير الألماني لدى أنقرة.

وكان دميرال قد ذكر في تصريحاته عقب المباراة: “أنا افتخر بكوني تركي وأعبر عن هذا كل مرة، لهذا فعلت هذا احتفالا بالهدف، الأمر طبيعي والجماهير التركية فخورة بنا، وإن شاء الله سنواصل هذا الأداء، الحركة لا تحمل أي معنى، أردت فقط أن أوضح مدى افتخاري وسعادتي”.

وهاجمت وزيرة الداخلية الألمانية دميرال مطالبة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بفرض عقوبات على اللاعب التركي.

وفي بيان منه بشأن الواقعة، أفاد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أنه فتح تحقيقا بموجب البند الرابع من المادة 31 للائحة التأديبية لاتحاد بسبب التصرفات غير اللائقة للاعب المنتخب التركي خلال مباراة فريقه مع النمسا ضمن مباريات دور السادس عشر من كأسس الأمم الأوروبية التي أقيمت بمدينة لايبزيغ الألمانية أول أمس، وأنه سيتم تقديم مزيد من المعلومات حول الأمر خلال الأيام القادمة.

ولم يتأخر رد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حيث صرح الناطق باسم الحزب، عمرو شاليك، أن تصريحات وزيرة الداخلية الألمانية بشأن لاعب المنتخب التركي، والتحقيق الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لا يمكن قبولهما، مفيدا أنه من الأفضل للباحثين عن الفاشية والعنصرية التركيز على نتائج الانتخابات التي تشهدها الدول الأوروبية المختلفة بالآونة الأخيرة.

وأعربت الخارجية التركية في بيانها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضها لفتح تحقيق تأديبي بحق لاعب المنتخب التركي، مفيدة أنه لا يمكن وصف كل من يرفع شارة الذئاب الرمادية “باليميني المتطرف” وأن الحركة غير محظورة في أوروبا بموجب التقرير الصادر عن هيئة حماية الدستور الألمانية في سبتمبر/ أيلول من عام 2023، وأن ردود الفعل الصادرة عن الأجهزة الألمانية تتضمن عداء للأجانب.

وشددت الخارجية التركية على إدانتها لردود الفعل السياسية بحق استخدام رمز تاريخي وثقافي بشكل لا يستهدف أحدا أثناء الاحتفال في مناسبة رياضية.

وفي رد منها على الخطوات التركية، أقدمت الخارجية الألمانية اليوم على استدعاء السفير التركي لدى برلين، وذكر المتحدث باسم الخارجية الألمانية أن الاستدعاء جاء على خلفية واقعة “الذئاب الرمادية”.

Tags: أمم أوروباالخارجية الألمانيةالخارجية التركيةالذئاب الرماديةالمنتخب التركي لكرة القدم

مقالات مشابهة

  • كالهانغولو يودع الجماهير التركية بالدموع بعد الخسارة في اليورو .. صور
  • استمرار الاعتقالات في تركيا على خلفية أحداث ولاية قيصري
  • “شكشك” يبحث مع السفير التركي عددًا من ملفات التعاون المشتركة
  • المخابرات التركية توقف عددا من المحرضين شمالي سوريا
  • الرئيس التركي: زيارة بوتين المحتملة إلى أنقرة قد تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات التركية-السورية
  • هل سيشهد العراق نزوحاً جديداً؟
  • تركيا تستدعي السفير الألماني وبرلين ترد بالمثل
  • داود أوغلو منتقدا أردوغان بشأن سوريا: ليست لقاء عائليا بل حربا قتلت مليون شخص
  • أردوغان يدعم لاعبا تركيا أمام اتحاد كرة القدم الأوروبي
  • بعد موجة من العنف.. تداعيات سلبية على السوريين في تركيا والشمال السوري