أهداف المليشيا من معركة المدرعات عسكرية وسياسية في نفس الوقت. هي لا ترغب في هزيمة الجيش بقدر ما ترغب في هزيمة المدرعات. هؤلاء بالنسبة للمليشيا العقبة الكبرى أمام الحل التفاوضي مع البرهان.

فبالنسبة للمليشيا، المدرعات هي اللواء نصر الدين واللواء بكراوي، وهي انقلاب بكراوي ضد الدعم السريع، وهي الضباط الشرفاء الذين تم فصلهم من الجيش إرضاءً لحميدتي ولكفيل حميدتي، هي المجاهدين، هي كل ما وقف ويقف صخرة صلبة أمام مشروع حميدتي لابتلاع السودان.

المدرعات هي كابوس حلف المليشيا وقحت وكفليهم الخارجي، هي العقبة الكؤود أمام التسويات المفروضة من الخارج، أمام إخضاع السودان ورهن إرادته للأجنبي.

المليشيا لا ترغب في هزيمة الجيش ومن وراءه الشعب السوداني فهي تعلم أنها لا تستطيع ذلك، ولكنها تريد إخراج المدرعات من المشهد بكل ما تمثله من صلابة وعناد أمام مشاريع سلب الإرادة الوطنية، ومن ثم عقد تسوية مع البرهان وما يتبقى من الجيش.

هل يريد البرهان ذلك؟ لا أعرف. ولا أحب أن اتهمه وسأحكم عليه بخطواته المعلنة الصريحة. ولكن لم يرد ذلك أم أراده ستبقى المدرعات عصية على أوهام المليشيا وستقضي عليها للأبد. وستبقى رمز قوة وصلابة الشعب السوداني أمام مخططات الخيانة والتآمر والغدر من أعداء الداخل والخارج.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله

في مشهد بدا عفويًا، التقى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال زيارته أمس لمنطقة الدندر، بالمواطن “حماد عبد الله حماد” الذي اشتهر قبل أشهر بمقطع متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ظهوره بشكل عفوي أمام كاميرا تلفزيون السودان بعد اندلاع الحرب. الرجل بدأ حديثه حينها بتمجيد الجيش السوداني، لكنه سرعان ما أطلق عبارة مباشرة، وغير محتشمة تجاه مليشيا الدعم السريع، أربكت المذيع، ومنعها لاحقًا الإعلام الرسمي من البث، لكنها انتشرت مجتزأة وأصبحت مادة واسعة التداول بين جمهور منصات التواصل الاجتماعي.

تلك الواقعة تعود إلى لحظة صادقة انفجرت من وجدان مواطن سوداني بسيط، عايش بمرارة فظائع هذه الحرب، وذاق، كما غيره من السودانيين، مرارة الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين والبنى التحتية، في تعدٍّ لا يُمكن وصفه إلا بأنه ممنهج وبعيد عن كل قواعد القانون الدولي والإنساني.

زيارة البرهان للدندر، ولقاؤه بحماد عبد الله، وإن أثارت الكثير من التفاعل، يجب أن تُقرأ في سياقها الإنساني أكثر من كونها موقفًا سياسيًا. فالمنطقة، كغيرها من بقاع السودان، لم تكن بمعزل عن تداعيات الحرب، ومواطنوها، الذين عانوا من التهجير والانتهاكات، ربما وجدوا في ذلك اللقاء رسالة تضامن، أو اعترافًا ضمنيًا بما عاشوه من أهوال.. وكان من الطبيعي أن تكون القيادة قريبة من شعبها في هذه اللحظات الفارقة.

لكن تبقى هناك حساسية رمزية لا يمكن إغفالها، إذ إن اللقاء، دون ضبط لسياقه الإعلامي أو توضيح لمقاصده، منح صدىً متجددًا لخطاب شعبي عُرف بفجاجة مفرداته، التي حاول البعض اتخاذها تجريمًا للموقف. وهنا يبرز التحدي الحقيقي: كيف نوازن بين التعبير الشعبي المشروع، والارتقاء بخطاب الدولة، دون أن نُسقط من حسابنا الجراح التي ما زالت تنزف؟

وفي هذا السياق، تبرز دلالة الآية الكريمة من سورة النساء، حيث يقول تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (الآية: 148).
وهي آية عظيمة تُرشد إلى أن الجهر بالسوء – وإن كان مكروهًا – فقد يُباح للمظلوم، دون أن يتجاوز. فالظلم لا يُعطي الإنسان تفويضًا مفتوحًا في القول، بل مساحة من التعبير المشروط بالعدل وضبط اللسان، لأن الله سميع لما يُقال، عليم بما تُخفي الصدور.. وإن صبر فهو خير له.

لذلك ليس من العدل تحميل رئيس مجلس السيادة وزر كل انفعال شعبي، خصوصًا في ظل الفظائع المتكررة التي ارتكبتها المليشيا بحق الوطن والمواطن، لكن من حقنا، في المقابل، أن نتساءل عن ملامح الخطاب العام الذي يُبنى في هذه المرحلة المفصلية. فالحرب ليست فقط معركة على الأرض، بل معركة في المعنى واللغة والمستقبل.

السودان اليوم لا يحتاج إلى بطولات لفظية، بل إلى خطاب رصين يُواسي المنكوبين، ويؤسس لمشروع وطني جامع. أما الذين صنعتهم الصدف الإعلامية، فمكانهم ربما في ذاكرة الطُرفة والمزاح العفوي ، لا على منابر القرار أو رمزية المشهد الوطني.

دمتم بخير وعافية..

إبراهيم شقلاوي
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بكري: زيارة البرهان مهمة في ظل انتصارات الجيش السوداني.. ومصر لا تتعامل مع الميليشيات
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • شاهد بالفيديو.. صاحب مجزرة تصفية المواطنين بمنطقة “صالحة” يكذب مزاعم وتصريحات الدعم السريع.. يؤكد انتمائه للمليشيا ويكشف عن نمرته العسكرية وتاريخ إنضمامه لقوات حميدتي
  • لواء احتياط إسرائيلي: لهذه الأسباب لن يتمكن الجيش من هزيمة حماس في غزة
  • لواء إسرائيلي سابق: الجيش عاجز عن هزيمة حماس
  • لواء إسرائيلي: الجيش في حالة مزرية وعاجز عن هزيمة حماس
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • السودان: المُسيّرات التي استهدفت عطبرة حديثة وفّرتها للمليشيا راعيتها الإقليمية
  • المليشيا تقوم بكل غباء بتهديد العاصمة ووسط السودان وشماله لتحصد النتيجة في شكل متحركات نزحف نحوها إلى دارفور
  • البرهان: قريبا سيتم حسم محاولات المليشيا لإطلاق المسيرات نحو المرافق الحيوية وإبطال مغامراتها المشؤومة