صحيفة الاتحاد:
2024-09-16@21:00:10 GMT

محمد كركوتي يكتب: صناعة الفضاء تحلق

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

لن يهدأ التنافس في صناعة الفضاء على مستوى العالم، بل على العكس تماماً، يتصاعد الحراك في هذا المجال، سواء من ناحية الابتكارات الفنية الداعمة، أو من جهة الإنفاق المتسارع، ولاسيما في البنية التحتية لصناعة لم تكن موجودة قبل 70 عاماً تقريباً. الساحة الدولية تنتظر الكثير من النشاط الفضائي، فالطلب على الخدمات يرتفع بسرعة «ضوئية».

 
ولأن الأمر كذلك تنضم دول جديدة إلى هذا السباق، خصوصاً تلك التي تتمتع بالحد الأدنى المطلوب للانطلاق في فضاء لا حدود له، وفي صناعة باتت جزءاً أصيلاً من مجموع الميادين الإنتاجية الأرضية. 
فالخدمات التي يوفرها هذا القطاع متنوعة وتشمل الاتصالات التقليدية المعروفة، وشبكات الإنترنت، ومراقبة التحولات البيئية للأرض، فضلاً عن التنبؤ بالكوارث الطبيعية المحتملة، والعمل على التقليل من آثارها، إلى عمليات الإنقاذ المختلفة، وتوفير المعلومات للملاحة الجوية والبحرية، وغير ذلك من الاحتياجات.
وبرغم المصاعب التي مر بها الاقتصاد العالمي في العامين الماضيين، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم، نما ما بات يعرف بـ«اقتصاد الفضاء» 8% على المستوى العالمي، مسجلاً في العام الماضي 546 مليار دولار، بحسب وكالة «سبيس فاونديشن» Space Foundation، والتوقعات تشير إلى أن نمو الصناعة سيبلغ 41% في السنوات الخمس المقبلة، ما يعني أن القيمة الإجمالية قد تصل إلى 1000 مليار دولار بنهاية العقد الحالي. 
صحيح أن قطاع الفضاء تعرض للتباطؤ في سياق الأزمة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، لكن الصحيح أيضاً وتيرة التباطؤ نفسها لم تكن قوية، مع ارتفاع نسبة الجهات الاستثمارية الخاصة الداخلة إلى هذا الميدان المتنامي. 
فعلى سبيل المثال، بلغ العدد الإجمالي لعمليات الإطلاق إلى مدار الكرة الأرضية في العام الماضي (أقمار صناعية وروبوتات وغيرها) 186 رحلة، مرتفعاً من 145 رحلة في العام 2021. وتم ذلك حتى في ظل التباطؤ المشار إليه.
اللافت هنا، أن عدد عمليات الإطلاق التجارية بلغ 81 من الإجمالي العام للعمليات، ناهيك عن مخططات لبناء قواعد قمرية بما فيها الخطة الصينية الجاهزة بالفعل للتنفيذ. 
ولا شك في أن أحد أهم الأسباب التي أدت إلى التوسع المتواصل في صناعة الفضاء، تراجع تكاليف التشغيل. فتكلفة إطلاق قمر صناعي في المدار، تتراجع كل عام منذ أن بدأت عمليات الإطلاق. وهذه التكاليف تختلف بالطبع بحسب أحجام وقدرات هذه الأقمار. 
كما أن الابتكارات المعززة للصناعة، ساهمت في خفض التكاليف في العقد الماضي، ومن المتوقع أن تتراجع أكثر بنهاية العقد الحالي. 
كل هذا، وغيره من العوامل، ساعدت على النمو في تمويلات الصناعة الفضائية، بما في ذلك ارتفاع الميزانيات المخصصة من الحكومات حول العالم التي تسعى لأن تكون لبلدانها مكانة في هذا الميدان. ومن النقاط اللافتة أيضاً، أن ثلث الإيرادات يأتي حالياً من البنية التحية التي تدعم أنشطة الفضاء، ما يؤكد أن المسار نحو استكمال هذه البنية يحتاج إلى وقت لن يكون قصيراً، ويتطلب مزيداً من الإنفاق في المرحلة المقبلة.

أخبار ذات صلة محمد كركوتي يكتب: إمدادات الغذاء في دائرة الخطر محمد كركوتي يكتب: المخاطر المصرفية والفائدة مرتفعة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كلام آخر محمد كركوتي فی العام

إقرأ أيضاً:

الفضاء الرقمي بين التفاهة والمسؤولية ورهان المعالجة

يشهد الفضاء الرقمي اليوم زيادة ضخمة في حجم المحتوى بمختلف أنواعه وأشكاله، حيث يمكن من خلاله لأي شخص الوصول إلى جمهور واسع بسرعة وسهولة، دون الحاجة إلى معرفة عميقة أو خبرة كبيرة، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار المحتوى السطحي على منصات التواصل الاجتماعي، مما يثير تساؤلات حول العوامل التقنية، الاقتصادية، القانونية، والاجتماعية التي تعزز هذه الظاهرة. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا أتاحت الفرصة للجميع للمشاركة، إلا أن هذه المشاركة غالبًا ما تأتي مع ثقة زائدة ومحتوى لا يرتقي إلى المعايير المعرفية أو الذوق العام.

تأثير دانينغ-كروجر ودور الاقتصاد الرقمي

للإحاطة بهذه الظاهرة، يمكن الإشارة إلى تأثير « دانينغ-كروجر »، وهو مفهوم يوضح كيف يميل الأشخاص الذين يمتلكون معرفة محدودة إلى المبالغة في تقدير قدراتهم. هذه الثقة الزائدة تدفعهم إلى نشر محتوى رقمي سطحي وغير مستند إلى أسس معرفية متينة، في المقابل، يميل الأشخاص الأكثر معرفة إلى الشك والتدقيق، مما يقلل من تواجدهم الرقمي.

من جهة أخرى، يلعب الاقتصاد الرقمي دورًا رئيسيًا في هذه الظاهرة، حيث تعتمد منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير على الربح السريع من خلال الإعلانات، وهذا يدفع صناع المحتوى، في بحثهم عن دخل مادي، إلى إنتاج مواد تجذب المزيد من المشاهدات والتفاعل، حتى وإن كانت ذات جودة ضعيفة، هذا التركيز على الانتشار الواسع والسريع غالبًا ما يأتي على حساب المحتوى المفيد والمثمر.

الفضاء الرقمي كامتداد للفضاء العام

وفي نفس السياق نحتاج لفهم الفضاء الرقمي، وذلك بالرجوع إلى مفهوم الفضاء العام الذي طرحه الفيلسوف يورغن هابرماس. في الأصل، كان الفضاء العام يمثل الساحة التي يجتمع فيها الناس لمناقشة القضايا العامة بشكل عقلاني ومنظم ويشكل دائرة تتوسط السلطة والمجتمع، تأثر مع مرور الوقت لعوامل اقتصادية وسياسية. لكن اليوم، في عصر الأنترنت وما تلاها من تطورات تكنولوجية، امتدت هذه الساحة التقليدية إلى فضاء جديد للتواصل والتفاعل وصياغة الرأي العام، وبدوره أصبحت الساحة الرقمية خاضعة لتأثيرات أخرى، مثل الخوارزميات والمصالح الاقتصادية. 

هذه الخوارزميات، التي تدير منصات التواصل الاجتماعي، تفضل المحتوى الذي يولد أكبر قدر من التفاعل، بغض النظر عن جودته. وبالتالي، نجد أن المحتوى السطحي والمثير هو الذي يهيمن على هذه المنصات، في حين يتم تجاهل المحتويات التي تقدم معلومات معرفية أو نقاشات هامة، مما يساهم في تشكيل مزاج ورأي عام بطرق غير صحيحة تعتمد على الإثارة أكثر من المعرفة.

أهمية التنظيم التقني ودور التأهيل والتكوين

وللحد من هذه الظاهرة، هناك حاجة ملحة لتطوير إطار تنظيمي وتقني يحكم الفضاء الرقمي، بجعل هذه الفضاءات شفافة الخوارزميات وتُوجه نحو تشجيع المحتويات ذات الجودة وتثري الفضاء، بدلًا من تلك التي تركز فقط على الانتشار الواسع والسريع دون قيد ولا شرط.

إلى جانب التنظيم التقني، يبقى التأهيل والتكوين أمرًا أساسيًا لتحسين جودة المحتوى الرقمي، ويحتاج صناع المحتوى إلى تطوير مهاراتهم الفكرية والرقمية، ليكونوا قادرين على إنتاج مواد ذات قيمة حقيقية، كمايشمل التأهيل أيضًا تعلم مهارات التفكير النقدي وفهم أخلاقيات الإعلام الرقمي والحقوق والواجبات في هذا الفضاء.

المقاربة القانونية بين الحرية والمسؤولية

كما يحتاج الفضاء الرقمي إلى إطار قانوني ينظم السلوك الرقمي بنفس المقاصد التي تنظم الفضاء العام التقليدي. اذ لا يمكن السماح للممارسات غير الأخلاقية أو المحتويات التي تتسبب في إلحاق الضرر أو التي تحمل مخاطر للأفراد أو المجتمع بأن تكون شائعة في الفضاء الرقمي في حين أنها مجرمة في الفضاء العام. لذلك، هناك حاجة لوضع قوانين تنظم هذه المحتويات بهدف الحفاظ على سلامة الجميع. فالعديد من الدول شرعت في تطوير تشريعات تهدف إلى مكافحة انتشار الأخبار الزائفة والمحتويات المسيئة لعقلنة وتنظيم الفضاء الرقمي. هذه القوانين يجب أن تكون مرنة لتواكب التطورات التكنولوجية السريعة، وأيضًا أن تكون صارمة في التعامل مع التهديدات الرقمية الجديدة. 

في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها الفضاء الرقمي، تبرز الحاجة إلى تنظيم تقني وقانوني يوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية. وذلك بتضافر جهود الحكومات، الشركات الكبرى للتكنولوجيا، وصناع المحتوى وفعاليات المجتمع المدني من أجل تعزيز الشفافية في عمل الخوارزميات، والتأهيل المستمر لصناع المحتوى، وتطبيق قوانين صارمة لحماية المتلقي، لجعل الفضاء الرقمي ساحة مثمرة للنقاشات الجادة والمعرفية، تعزز جودة التفاعلات ومساهمة في صياغة حقيقية للرأي العام ودعم لمجتمع المعرفة، وليس فقط ساحة مليئة بالفوضى والإثارة والانتشار الواسع والسريع للتفاهة.

مقالات مشابهة

  • وزير قطاع الأعمال العام يستعرض مستجدات المشروع القومي لتطوير صناعة الغزل والنسيج
  • محمد كركوتي يكتب: سوق لندن و«مانشستر سيتي»
  •  ياسمين صبري تتجنب أزمة العام الماضي.. هذا ما قررته
  • عاجل| نمو إنتاج الطاقة المتجددة بالأمارات 70% العام الماضي
  • خالد ميري يكتب: أرض الألغام.. واحة للأحلام
  • عمليات بغداد تصدر 6 توجيهات للجماهير التي ستحضر مباراة الشرطة والنصر
  • إيران تطلق قمر صناعي إلى الفضاء.. فيديو
  • الفضاء الرقمي بين التفاهة والمسؤولية ورهان المعالجة
  • البرازيل تكافح أعدادًا قياسية من الحرائق وسط أسوأ موجة جفاف على الإطلاق
  • هدفه اكتشاف الفضاء.. «لؤي» باحث مصري شارك في صناعة صاروخ «أريان 6»