حسن إسماعيل: الجيش والسياسة ودحض أحاديث (الكوار) !!
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
كثيرون لايعلمون أنه وفي الفترة من الخمسينات وحتى تاريخ اليوم قد اندلعت في أفريقيا اكثر من سبعين حرب أهلية!! في السودان والكنغو واوغندا ورواندا واثيوبيا وليبيريا والصومال وبوركينا فاسو ونيجيريا وزيمبابوي وتشاد وليبيا وغيرها وغيرها ،هذا بالإضافة لمشكلة سيناء في مصر والعُشرية السوداء في الجزائر
– وكثيرون لايعلمون أن الجغرافيا السياسية في أفريقيا ليست حاكمة ، بمعنى أن الخارطة الإثنية ليست متطابقة مع الخارطة السياسية فتجد هنالك قبيلة امتدادها البشري يَعبُر عشرة حدود سياسية، وقبيلة أخرى تمتد عبر ثلاثة دول، وأخرى تمتد عبر اربعة دول وهكذا… أنا أحدثك مثلا عن الهوسا والطوارق والأورومو والزغاوة والرزيقات والدوجون والماساي واليوروبا وغيرهم ثم أنك ستجد في أحايين كثيرة أن رابطة العرق غالبة على رابطة الإنتماء السياسي أو على الأقل تأثيرات هذه الرابطة حاضرة وحيوية ونشطة….
– فإذا كانت الحكومات هي الصيغة النهائية لما عليه المجتمعات والدول فإن صيغة الحكم في أفريقيا لن تستقر طالما أن الإطار الأول( المجتمع ) والإطار الثاني ( الدولة) هما في حالة اهتزاز كبير وعدم ثبات!!
– اما المدخل الثاني فكثيرون لايعلمون أن النمط الحزبي الذي ساد في أفريقيا مابعد الاستقلال هو نمط الحزب الواحد وهو نمط ساد في أكثر من نصف أفريقيا السياسية ولعله كان مفهوما أن نمط الحزب الواحد كان بدافع استيعاب (الخليط الإثني) داخل الجغرافيا الواحدة وتذويب مراكز القبائل والعشائر هذه في وعاء حزبي واحد لتلافي مخاطر الأوعية القبلية على مستقبل الدولة الحديثة الناشئة في القارة ولكن وللأسف ورغم النجاح النسبي لهذا النمط الحزبي ولكنه خلّف روح استبدادية سيئة وسط نُخب مابعد الاستقلال والتحرر وخلّف طبقة من الشموليين المدنيين هم في الحقيقة أسوأ بكثير من زعماء القبائل والعشائر لأنهم للأسف قدموا أنفسهم في لبوس مدني حداثي ولكنهم ظلوا يستخدمون ذات أدوات القبيلة والعشيرة ويحمون أنفسهم بولاءات عشائرية وطائفية مغلقة ( الأمثلة عندنا في السودان شاخصة وترفع اصبعها لتشير إلى صدرها)!!
– أما المدخل الثالث فإن المستعمرين خلفوا من ورائهم طواقم من السياسيين كانوا بمثابة ( وكلاء ) لهم في البلدان التي غادروها كانت مهمتهم تنفيذ كل وصفات وطبخات تلكم الدول لما بعد الاستقلال فبقيت معظم الدول الأفريقية مثقلة بديون وهمية ومتوهمة عن طريق الأداء الإقتصادي الصدئ والذي خلّف افريقيا بعد ستة عقود من التحرر وهي مثقلة بالدين الخارجي وفوائده وخيراتها تحت الأرض بل تحت أقدامها خاما وبكرا في حين يزدحم ظهر الأرض بالحروب الأهلية !!
– ثم … ظل الجيش السوداني ومن ورائه الشعب السوداني مثله مثل معظم سائر الحال في أفريقيا يتحمل كل إرتدادات ذلك الحال البائس ، وبحسبة بسيطة فإذا جمعت مبالغ مديونيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس مع مبالغ مبيعات السلاح لاشعال الحروب الأهلية ومبالغ إيواء قادة (التمردات) من الساسة الذين يشعلون تلكم الحروب والصرف عليهم ستكتشف أن الجيوش الأفريقية وعلى رأسها الجيش السوداني تستميتُ منذ ستة عقود لتتحمل خزي وعار الساسة المدنيين وتداعيات خيانتهم وعمالتهم!
– على الضفة الأخرى تنتصب حقائقٌ لايمكن غض الطرف عنها فكثير من الجيوش الوطنية وأفرادها كانوا شرارة الفعل الوطني للتحرر مثل الجيش الجزائري والمصري والسوداني فجمعية اللواء الأبيض كانت بعضا من ذلك القبس الأول الذي ابتدر المقاومة في قلب الخرطوم
– ثم بعد ذلك تجد من يحدثك عن ضرورة ألّا يكون للجيوش في افريقيا دورا في السياسة…
سيظل ذلك الدور قائما طالما ظلت الأحزاب الكسيحة تتخذ أجنحةً عسكرية( قوات مجد الشيوعية) ( جيش الأمة الصادق المهدى) وقوات الفتح وغيرها من الهراء الذي لم يبدأ بخلايا الأحزاب في الجيش مرورا بالجبهة الوطنية ولم ينته بقوات التجمع الوطني الديمقراطي وقبل ذلك خزعبلات حركات الكفاح المسلح التي يريد بعضها أن يغير حتى معتقدات الناس الدينية ثم تجد من ينادي في وسط كل هذه المخاطر من يحدثك عن ضرورة بقاء الجيش في الثُكنات يلعب أفراده ( السيجة) !!
– الخلاصة والمختصر… نعم الجيش السوداني يحتاج لعملية تأهيل وتطوير مستمر ولكن عندما ينادي بهذا ياسر عرمان فلابد من إلقامه حذاءً قديما وعندما ينادي بهذا (غلام) يعمل ( نادلا) لمليشيا عشائرية فلابد من جلد ظهره بسياط هذه الحقائق مع التذكير والتثبيت أن أسوأ محاولة إستخدام للجيش في السياسة في السودان هي تلك التي تمت عبر السنوات الأربع الماضية عبر الوثيقة الدستورية البائسة والإتفاق الإطارى اللقيط …
حسن إسماعيل
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يكثف هجماته على معاقل الدعم السريع وعينه على القصر الرئاسي ومركز العاصمة الخرطوم.. آخر المستجدات
يواصل الجيش السوداني معاركه مع قوات الدعم السريع في عدة جبهات متفرقة حيث يسعى للسيطرة على مركز العاصمة الخرطوم، كما كثف هجماته الجوية على معاقل الدعم في الفاشر ويسعى للسيطرة على طرق رئيسية بولاية شمال كردفان، بعد أن حقق تقدما بولاية النيل الأبيض.
وتستمر المعارك بوتيرة متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ يسعى الجيش عبر محور وسط الخرطوم إلى السيطرة على مركز العاصمة، بما في ذلك القصر الرئاسي، ومرافق حكومية سيادية.
وفي ولاية شمال كردفان تدور مواجهات بين الجانبين ويسعى الجيش من خلالها للسيطرة على طرق رئيسية.
وجنوبا، تتواصل المعارك أيضا بولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق حيث أعلن الجيش سيطرته على مدن وبلدات تقع على الشريط الحدودي بين السودان وجنوب السودان.
وفي ولاية شمال دارفور، استهدفت قوات الدعم السريع بالمسيّرات مواقع بمدينة المالحة شمالي الولاية اليوم الأحد.
وفيما يتعلق بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قال الإعلام العسكري في بيان له "إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفذ غارات جوية دقيقة، مستهدفا تجمعات العدو ـفي إشارة لقوات الدعم السريعـ بالمحور الشمالي الغربي مساء أمس مما كبّدهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح".
وأضاف البيان أن مدينة الفاشر تشهد حالة من الاستقرار الأمني وأن القوات المسلحة تواصل تقدمها بثبات في جميع المحاور، وسط انهيار واضح في صفوف العدو وأن المعركة مستمرة حتى تحقيق النصر الكامل واستعادة أمن واستقرار البلاد وفقا للبيان".
وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء السودانية "سونا" إن مدرعات الفرقة السادسة مشاة بالفاشر "نفذت عملية عسكرية محكمة في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، أسفرت عن تدمير عربة جرار محملة بالأسلحة والذخائر تابعة لمليشيا آل دقلو المتمردة، إضافة إلى تدمير 3 عربات لاندكروزر كانت تتولى حراستها، دون نجاة أي من العناصر التي كانت على متنها".
كما نقلت عن الفرقة السادسة مشاة قولها إن "الضربات المدفعية الثقيلة مستمرة بمعدل 4 حصص يوميا، بالتزامن مع حملات التمشيط والرمايات الدقيقة، مما أجبر عناصر المليشيا على الانسحاب الواسع من المدينة، بينما فر بعضهم سيرا على الأقدام نحو المناطق النائية".