“فضيحة مدوية”.. ما هي أبعاد سرقة المتحف البريطاني؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
بدأ المتحف البريطاني التعاون مع شرطة لندن في رحلة استعادة نحو 2000 قطعة أثرية سرقت منه خلال مدة زمنية لم تحددها الجهات المختصة بدقة حتى الآن.
وثمة مجوهرات ثمينة وأحجار كريمة بين المسروقات، ولكن لا يمكن حصر كل ما اختفى وفقد، بسبب عدم وجود سجل بكل محتويات المتحف، وفقاً لرئيس مجلس إدارته جورج أوزبورن.
هذه السرقة التي اكتشفت قبل أيام تحولت إلى فضيحة مدوية، أجبرت مدير المتحف هارتويج فيشر ونائبه جوناثان ويليامز، إلى الاستقالة الفورية، خاصة بعدما تأكد تجاهلهما للعديد من التحذيرات بشأن ضعف الإجراءات الأمنية المتبعة في المتحف، وصلت إليهما عبر موظفين ومختصين منذ عام 2021.
الفضيحة لم تبق محلية الطابع، فقد أثارت ردود فعل خارجية بعدما جددت دول حول العالم، مطالبها لبريطانيا باستعادة آثارها الموجودة في المتحف البريطاني، بحجة أنه “ليس قادراً على حمايتها والمحافظة عليها”، وهي ذات الحجة التي لطالما ساقتها إدارة المتحف لرفض إعادة الآثار لدول يقول المتحف إنها “عاجزة عن صون أشياء ثمينة في تاريخها”.
وفقاً للتصريحات الرسمية الصادرة حتى الآن، اختفت القطع الأثرية من المتحف قبل بدء عام 2023، وقد امتدت عملية السرقة على فترة زمنية ولم تحدث في واقعة واحدة. أما الآلية التي اكتشف بها الأمر فلم تعلن بشكل واضح، وقد طلبت شرطة العاصمة من إدارة المتحف التحفظ في بياناتها بشأن تفاصيل العملية، وعدم الإفصاح عن كامل المسروقات.
رئيس مجلس إدارة المتحف ووزير الخزانة السابق جورج أوزبورن، قال في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن عدد 2000 قطعة، ليس نهائياً لقائمة المسروقات. فلا زالت عملية إحصاء المفقودات مستمرة، كما أن شرطة العاصمة تمنع المتحف من الإفصاح عن كامل القائمة، بالإضافة إلى أنه تمت استعادة مئات من القطع المسروقة.
وثمة مفقودات من المتحف كانت معروضة على موقع “ebay” من أجل بيعها، وكان هذا خيطاً من الخيوط التي تتبعتها شرطة لندن للكشف عن ملابسات السرقة وملاحقة الجناة، الذين يعتقد أن بينهم من كان يعمل في المتحف خلال العام الماضي. وبرأي أوزبورن، يصعب التفكير في احتمال غير وجود متورطين من داخل المتحف في الأمر.
رئيس مجلس الإدارة، أوضح أيضاً أن المتحف بدأ منذ عامين في مشروع تخزين آثار في مستودع جديد بمنطقة “وادي التايمز”، وقد اتضح أن نقل الآثار إلى هناك شكل “ثغرة أمنية” يسهل استغلالها، منوهاً إلى وجود أشخاص مطلعين على هذه العملية، وهم على دراية بعدم وجود سجل لكامل محتويات المتحف التي جمعت عبر قرون.
تشير التصريحات الرسمية إلى أن القطع المسروقة تمتد في تاريخها بين القرن الخامس عشر قبل الميلاد وحتى القرن التاسع عشر الميلادي. وجميع المسروقات صغيرة الحجم ولم تعد تعرض على زوار المتحف، وإنما تستخدم فقط لأغراض البحث العلمي والتاريخي، وهو ما قد يكون سهل عملية سرقتها دون لفت الأنظار، وفق مختصين.
لم تلقي الشرطة حتى الآن القبض على أي شخص مشتبه بتورطه في حادثة السرقة، ولكن موظفاً في المتحف طرد من عمله بسببها ويخضع للتحقيق، فيما استقال مدير المنشأة ونائبه بشكل فوري، وأعلنا أنهما يتحملان مسؤولية ما حدث نتيجة تجاهلهما لتحذيرات بشأن الإجراءات الأمنية الضعيفة المتبعة في حماية محتويات المتحف.
أول التحذيرات التي تلقتها إدارة المتحف جاءت من الأكاديمي وتاجر التحف إيتاي جرادل عام 2021، ولكن لم تكن هناك أي محاولة لإغلاق الثغرات في البروتوكول الأمني المتبع.
وقال المؤرخ البريطاني جون ماكهوجو، إن السرقة الأخيرة أظهرت هشاشة الإجراءات الاحترازية التي لا يزال يتخذها المتحف رغم وقوع سرقات سابقة فيه.
ولفت ماكهوجو في حديث مع “الشرق” إلى أن متحفاً يضم ملايين القطع الأثرية يحتاج إلى كثير من التقنيات والمراقبة البشرية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمقتنيات صغيرة الحجم يسهل سرقتها وإخفاؤها بين الملابس أو داخل الحقائب، كما يسهل بيعها والترويج لها في هذا العصر الذي تنتشر فيه أدوات البيع الإلكتروني ومتاجر الانترنت.
وأشار المؤرخ البريطاني إلى أن الطامة الكبرى في السرقة الأخيرة هي غياب سجل شامل لمحتويات المتحف الوطني، التي جمعت على مدار مئات السنين، فكان يجب صناعة مكتبة كاملة لمحتويات المتحف خلال العقود الماضية، خاصة بعدما توفرت أدوات الأرشفة والحفظ الرقمية التي يمكن تحديثها بسرعة وعبر خيارات تزداد سهولة سنوياً.
أقر رئيس مجلس إدارة المتحف جورج أوزبورن بالضرر الكبير الذي أحدثته السرقة الأخيرة في سمعة المتحف.
وقال أوزبورن إن الحادثة سوف تشكل عامل ضغط كبير تستغله الدول المطالبة باستعادة آثار لها؛ رفضت لندن إعادتها سابقاً بحجة أن هذه الدول لا تستطيع “حماية تاريخها”، ورغم ذلك شدد المسؤول البريطاني على أن الأمر “يمكن أن يحدث لأي متحف كبير حول العالم”.
ونشرت صحيفة “الجارديان” تقريراً يكشف أن حادثة السرقة الأخيرة أحيت مطالبات دول عدة باستعادة آثارها من المتحف البريطاني، بحجة ضعف الإجراءات الأمنية المتبعة فيه، وعلى رأس هذه الدول جاءت اليونان التي قالت وزيرة الثقافة فيها لينا ميندوني، إن الوقت قد حان لإعادة الآثار إلى متحف الأكروبوليس في أثينا.
كذلك، من الدول التي تريد استعادة آثارها مصر التي تطالب بعودة حجر رشيد الشهير، وعدد آخر من قطعها الموجودة في المتحف، وإثيوبيا التي تطالب بصلبان ومجوهرات وأسلحة، وضعت المملكة المتحدة يدها عليها في واقعة مقدالا شمال البلاد عام 1868. وتطالب النيجر باستعادة 900 قطعة برونزية، وتضغط غانا لاسترداد مجموعة كبيرة من القطع الذهبية.
وبينما تعول إدارة المتحف على استعادة القطع المفقودة بأسرع وقت ممكن لوقف مطالبات الدول باسترداد آثارها، قال رئيس قسم الآثار في جامعة أكسفورد دان هيكس لصحيفة “التليجراف” إن الطموحات في هذا الشأن غير قابلة التحقق، لأنه يصعب العثور على آثار غير مسجلة أصلاً في المتحف، وبالتالي قد تبقى الأزمة لسنوات طويلة”.
وتأسس المتحف البريطاني عام 1753، وهو أول متحف وطني عام في العالم، يضم أكثر من 8 ملايين قطعة أثرية تعود إلى حضارات ودول مختلفة، جمعت في غالبيتها خلال حقبة “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس”، عندما كان عشرات الدول تحت حكم التاج البريطاني، وقد نقلت كنوزها وآثارها إلى متاحف المملكة المتحدة.
ولا تعد سرقة اليوم هي الأولى من نوعها التي يتعرض لها المتحف. فقد شهد حوادث مشابهة على امتداد نصف قرن. ففي عام 1970 سرق عدد من القطع النقدية والميداليات الأثرية، كما سرق لصوص دخلوا المتحف بعد كسر سطحه عام 1993، قطعاً نقدية رومانية ومجوهرات بقيمة 250 ألف جنيه استرليني وفق تقديرات مختصين.
حادثة أخرى وقعت عام 2002، عندما سرق زائر تمثال يوناني عمره 2500 عام، ويعتقد أن قيمته تبلغ 25 ألف جنيه استرليني، ودفعت هذه السرقة إدارة المتحف إلى مراجعة الإجراءات الأمنية المتبعة مع زوار المتحف، إذ كان التمثال في مكان مفتوح لا يخضع لحراسة، ولا يوجد ما يعيق لمسه أو حمله والمضي به من الزائرين.
ووقعت سرقة في المتحف ذاته أيضاً خلال 2004، حين تم الإبلاغ عن فقدان 15 قطعة أثرية من التاريخ الصيني تضم مجوهرات وحلي نسائية، سرقها أحد الزوار، أما في 2017، فقد اكتشفت إدارة المتحف أن ماسة من نوع كارتيه باهظة الثمن سرقت منذ 2011، ولم ينتبه أحد لغيابها إلا بعد مضي 6 سنوات، وفق التصريحات الرسمية.
الشرق للأخبار
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الإجراءات الأمنیة المتحف البریطانی فی المتحف رئیس مجلس إلى أن
إقرأ أيضاً:
أليك تطلق “استراتيجية الروبوتات” التي تهدف إلى أتمتة 5٪ من أعمال البناء بحلول عام 2030
أعلنت شركة أليك عن “استراتيجية الروبوتات” التي تركز على تحويل عمليات البناء الأساسية من خلال استخدام حلول الأتمتة المتطورة، وجاء هذا الإعلان خلال فعالية يوم الابتكار السنوية التي تنظمها الشركة. وتماشياً مع أجندة الابتكار الأشمل التي تنتهجها الشركة، سيتضمن هذا البرنامج عقد أليك لشراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة في مجال الروبوتات على مستوى العالم بهدف تطبيق حلول مبتكرة في مشاريع البناء التي تنفذها، وإدخال هذه التقنيات إلى المنطقة، مما سيسهم بالارتقاء بقطاع البناء بأكمله.
وتطرّق السيد باري لويس، الرئيس التنفيذي لشركة أليك إلى أن الشركة بتبنيها لهذه الاستراتيجية المبتكرة تظهر التزامها العميق بدعم المبادرات الحكومية في المنطقة، حيث قال: “نظراً لكون قطاع البناء يوظف نسبةً كبيرة من القوى العاملة، وانطلاقاً من كون أليك شركة مبتكرة وذات تفكير مستقبلي، فإنها تدرك مدى أهمية دمج الروبوتات في عملياتها. كما نعمل في الوقت ذاته بشكل وثيق مع جميع الأطراف ذات الشأن في هذا القطاع، فكل تقدّمٍ يطرأ على القطاع يعتبر تقدّماً لجميع الجهات العاملة فيه، وهذا يعني أن زيادة الاعتماد على الأتمتة على مستوى قطاع البناء كاملاً ستساعد في حل العديد من التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع، بدءًا من تعزيز الاستدامة ومعالجة نقص العمالة الماهرة إلى الإيفاء بالمتطلبات الدقيقة للمشاريع.”
وتمثل استراتيجية الروبوتات الجديدة التي تتبعها أليك امتداداً لمبادرة “الروبوتات المصغّرة” التي أطلقتها أليك خلال عام 2017، والتي تضمّنت منذ إطلاقها قيام الشركة باختبار تسعة حلول مبتكرة مرتكزة على الروبوتات، وتطبيق هذه الحلول بشكل فعلي في مشاريعها. وامتداداً لهذه الجهود الكبيرة، ستتعاون الشركة الآن بشكل وثيق مع الجهات الحكومية والجامعات المحلية والدولية والشركات المخضرمة والناشئة في مجال الروبوتات لتقييم ما يصل إلى 20 فكرة وشراكةً في مجال الروبوتات كل عام. وتهدف الشركة على مدار خمس سنوات إلى أتمتة 5% من أعمال البناء في مشاريعها من خلال تطبيق حلول روبوتية مدروسة ومتقدمة.
وخلال المرحلة الأولى من استراتيجية الروبوتات التي ستتبناها الشركة، تعتزم أليك التركيز على تحقيق الريادة في استخدام تقنيات الروبوتات العالمية التي أثبتت جدارتها بشكل فعلي، إضافةً إلى المساعدة في تسريع التقدّم الذي تحققه مشاريع الروبوتات الواعدة التي ما زالت قيد التطوير. وقد قامت الشركة بالفعل بتحديد بعض مزودي هذه التقنيات، واستعرضت أعمال العديد منهم ضمن فعاليات يوم الابتكار الذي تنظمه الشركة.
ومن بين الشركات الرائدة في مجال روبوتات البناء من جميع أنحاء العالم التي حضرت هذه الفعالية المتميزة، والتي كان عددها 14 شركة، كانت جامعة نيويورك أبوظبي، والتي تستكشف حلول الذكاء الاصطناعي والروبوتات لاكتساب البيانات بشكل ذاتي في مشاريع البناء. كما قدمت شركة (هيلتي HILTI) عرضاً توضيحياً مذهلاً لروبوتها (جايبوت Jaibot)، وهو روبوت بناء شبه مؤتمت، ومصمم لأعمال التركيب الميكانيكية والكهربائية وأعمال السباكة والتشطيب الداخلي. بينما أذهلت شركة (كونستركشن روبوتيكس Construction Robotics) الحضور بروبوتها (ميول MULE) ، وهو حل روبوتي مخصص للمساعدة على رفع الأوزان الثقيلة، وهو مصمم لتحميل المواد الثقيلة ونقلها وتنزيلها في مواقع البناء. أما في مجال الحلول المرتكزة على الطائرات المسيّرة الذي يشهد تقدّماً سريعاً، فقد تميزت شركة (أنجيلز وينغ Angelswing) بمنصتها الرقمية المزدوجة المبتكرة التي ترتكز في عملها على الطائرات المسيرة، والتي تعزز الفعالية والكفاءة طيلة فترة المشروع من مرحلة التخطيط وحتى إتمام التنفيذ.
وفي هذا الصدد، قال السيد عماد عيتاني، رئيس قسم الابتكار في شركة أليك: “في خضم التحولات الكبيرة التي يشهدها سوق البناء، يمثل الوعي البيئي والتقدم التكنولوجي السريع فرصةً مثالية أمام قطاع البناء لتحقيق القدّم السريع نحو عصر يتسم بالكفاءة المعززة والاستدامة والتميز، وتقود أليك مسيرة التحول هذه. ومن خلال الدعم الكبير الذي يقدمه قسم الابتكار الذي نمثله، فقد تم إدماج ثقافة الابتكار في التكوين الجوهري للشركة. كما مكنتنا أطر العمل المصممة بدقّة متناهية من وضع أهداف واضحة ذات معالم ملموسة تضمن استمرارية التطور. وبصفتها شركة البناء الرائدة في المنطقة، فإنّ أليك تدرك تماماً أن نجاحاتها ستقف شاهدةً على القيمة والجدوى التي تتمتع بها الأساليب الجديدة المتبعة في عالم البناء. وانطلاقاً من هذا الإدراك، سنواصل التعاون وعقد الشراكات مع أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم لتقديم أفضل الحلول والتفوق على توقعات المساهمين لدينا”.