في هذا العالم المتسارع ، وبما فيه من مُلهيات تشتِّت الذهن، نغرق باستمرار في مجموعة كبيرة من الأفكار والآراء التي تقودنا نحو الإفراط في التفكير والشك في الذات.
وعادة ما ينطوي الإفراط في التفكير على نمطين أساسيين من التفكير المدمّر هما :التحسّر والقلق المستمرّ: ففي حين ينطوي التحسُّر على التفكير المستمرّ بالماضي ،ينطوي القلق المستمرّ على أفكار وتنبؤات سلبية وأحيانًا كارثية حول المستقبل ، ويمكن لدوّامة التفكير الزائد أن تؤثر سلبًا، ليس فقط على الصحة الذهنية للفرد ، ولكن أيضًا على صحته الجسدية والعاطفية كالحزن والاكتئاب، وأن يكون للإفراط في التفكير أضرار أخرى عديدة تطالُ جميع نواحي حياته.
للمصادفة السارة ،انتهيت قبل فترة من قراءة كتاب رائع للكاتب جون إيكوف بعنوان:
(Soundtracks: The Surprising Solution to Overthinking)، وترجمته: (الموسيقى التصويرية.. الحل المُدهش لمشكلة الإفراط في التفكير).
يدور الكتاب بشكل أساسي حول مفهوم الموسيقى التصويرية “Soundtracks” وهي الأفكار المتكرّرة التي تشكّل حياتنا.
تشبه هذه الموسيقى التصويرية، النتيجة الخلفية للفيلم الذي نسمعه باستمرار والذي يوجِّه أفعالنا ، فيما يرى المؤلف أننا بحاجة إلى التعرف على الموسيقى التصويرية لدينا وتغّييرها لتوّجيه حياتنا في الإتجاه المطلوب.
يقدم الكتاب عملية من ثلاث خطوات، تشمل التعرف على الموسيقى التصويرية الحالية لدينا ،وإعادة كتابتها لتناسب أهدافنا وتكرار الموسيقى التصويرية الجديدة لخلق عقلية جديدة.
إن مشكلة الإفراط في التفكير -كما يصوِّرها المؤلف- ، هي خوف يتسلّل إلينا ليقضي على الوقت والإنتاجية والإبداع ، فيما نحن نستردها فقط عندما نتحكّم في هذه المشكلة.
يناقش المؤلف أيضًا مفهوم التفكير الإنتقائي ، وهو القدرة على اختيار الأفكار التي يجب التركيز عليها ،ويرى أن هذا ضروري لمنع الموسيقى التصويرية السلبية من السيطرة على أذهاننا ،واستبدالها بأخرى إيجابية،لافتاً أن لأفكارنا تأثير مباشر على أفعالنا ، وبالتالي من المهمّ إختيار أفكارنا بحكمة.
ويؤكد الكتاب أيضًا على أهمية وجود مجتمع من الأشخاص ذوي التفكيرالمماثل الذين يمكنهم دعمنا وتحميلنا المسؤولية، في حين تتمثّل فلسفته في أن الأشياء التي نفكّر فيها، تتحوّل إلى أفعال نقوم بها، وبدورها تتحوّل إلى النتائج التي سنحصل عليها.
ويرى أن الفكرة الرائعة التي نفكر فيها، هي بلا قيمة إن لم تتحول إلى أفعال ،وحتّى ننجح لابدّ من تحويل الموسيقى التصويرية السلبية إلى إيجابية ، ذلك أن تكرار الموسيقى التصويرية الإيجابية باستمرار، يساعد في تعّزيز أنماط التفكير الجديدة، وإضعاف قوة الأنماط السلبية ،وبمرور الوقت، سوف يميل العقل تلقائيًا نحو الأفكار الإيجابية، ممّا يقلّل من الإفراط في التفكير والقلق.
هناك مثال لرجل أعمال تعرّض لعملية نصب في إحدى الصفقات التجارية، فعند الصفقة التالية سوف يدخل إلى الإجتماع وهو في وضعية الشخص المدافع والقلِق من تكرار عملية النصب، وقد ينتج عن هذا إن لم يتم معالجة هذا الوضع سريعاً، ضياع العديد من الفرص القيّمة.
وهناك مثال المرأة التي مرت بتجربة زواج فاشلة، وتردّدت كثيراً في تكرار هذه التجربة مع شخص مختلف، ممّا أضاع عليها فرصة الزواج وتكوين أسرة ،فقط لأن الموسيقى التصويرية السلبية سيطرت على نمط تفكيرها.
نحن بطبيعتنا البشرية ننسى الإنجازات ولا نتذكر إلا الإخفاقات ، بينما ديننا الحنيف يدعونا إلى الإيجابية في جميع الأمور،والأمثلة على ذلك كثيرة.
يقول واتسون تشرشهيل: المتشائم يرى الصعوبات في جميع الفرص، أمّا المتفائل فيرى الفرص في جميع الصعوبات.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
الموسيقى الهادئة.. 6 تقنيات فعالة لتخفيف توتر الامتحانات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يواجه العديد من الطلاب ضغوطًا نفسية كبيرة أثناء فترة الامتحانات، وهو أمر طبيعي، لكن التعامل مع هذا الضغط يعد أمرًا مهمًا للحفاظ على الصحة العقلية والجسدية، وهناك مجموعة من الأساليب التي يمكن أن تساعد في تقليل التوتر وزيادة التركيز، مما يساهم في تحقيق أفضل أداء أكاديمي، ولعل إدارة الوقت بعناية والعناية بالصحة العقلية والجسدية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل هذا الضغط.
وتقدم لكم “ البوابة نيوز” أبرز الأساليب التي تمكنك من تحسين أدائك الأكاديمي والحفاظ على توازنك النفسي، وفقًا لما تم نشره بموقع “ykeducation”
1. تقنيات التنفس والتأمل
من الطرق الفعالة لتخفيف التوتر هي تقنيات التنفس العميق أو التأمل، والتي تساعد على تهدئة العقل وتخفيف القلق، مما يزيد من قدرتك على التركيز خلال الدراسة، كما يعتبر التنفس العميق من أسهل الطرق التي يمكن ممارستها في أي وقت وفي أي مكان، ويعمل على تقليل مستويات التوتر بشكل ملحوظ.
2. الاستماع إلى الموسيقى الهادئة
الموسيقى لها تأثير كبير على المزاج والتركيز، وتساهم في تحسين حالتك النفسية، كما تساعد على زيادة التركيز أثناء المذاكرة، مما يعزز من فاعليتك في التحصيل العلمي، ويفضل اختيار الأنواع التي تتيح لك الاسترخاء والهدوء.
3. التواصل مع الآخرين
من المهم أن تحيط نفسك بالدعم الاجتماعي في فترات الضغط، فيمكن أن يسهم التواصل مع الأصدقاء أو أفراد العائلة في تقليل الشعور بالإرهاق، ولا تتردد في الانضمام إلى مجموعات دراسية أو طلب المساعدة من الزملاء لتحسين أدائك الأكاديمي والتخفيف من الضغط النفسي.
4. تخصيص وقت للأنشطة الترفيهية
من الضروري أن تجد وقتًا للأنشطة التي تحبها خلال فترة الامتحانات، مثل ممارسة الرياضة أو مشاهدة الأفلام، فهذه الأنشطة تعمل على تقليل التوتر وتمنحك فرصة للاسترخاء، مما يعيد لك نشاطك ويزيد من قدرتك على التركيز عند العودة إلى الدراسة.
5. نظام المكافآت
تحفيز النفس هو أحد المفاتيح لمواصلة العمل بجدية خلال فترات الامتحانات، ويمكنك تحديد أهداف صغيرة وتكافئ نفسك عند إنجازها، مثل تناول وجبة خفيفة أو مشاهدة فيلم، مما يساعد في جعل عملية الدراسة أكثر متعة ويحفزك على الاستمرار.
6. استغلال الوقت بشكل فعال
إدارة الوقت بذكاء يعد من العوامل الأساسية في تقليل التوتر، ويمكنك استغلال الأوقات القصيرة بين الأنشطة لمراجعة الملاحظات أو حفظ المفردات، كما أن الاستيقاظ مبكرًا لإنجاز المهام الصعبة يترك لك وقتًا أكبر لبقية اليوم، مما يتيح لك استراحة كافية قبل العودة إلى الدراسة.