شبكة انباء العراق:
2024-11-25@15:32:40 GMT

مرارات فوق البحر الاحمر

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

دخل مكتبي ، رجل أشيب الرأس متوسط القامة ، عرف نفسهُ بأنه أستاذ الاقتصاد الكمي في واحدة من جامعات جنوب العراق ، ثم اخذ مجلسه على اول كرسي في الطرف الايمن من مكتبي ليبادرني القول مبتسماً هل رأيتني من قبل ؟ اجبته ربما ، هنا اطلق الرجل اساريره وعلت الابتسامة ثغره ثانيةً قائلاً :ما اسهل الكلام وما اشق اللحظات والمواقف …! و واصل حديثه ، انه من الصعب عليك ان تتذكرني مالم اكرر ما حدث لنا سوية قبل (اكثر من اربعين عاما ).


هنا توقف الرجل من فوره ملتزماً الصمت ليتركني في دوامة الانفعالات وانا ابحث عن الاستفهام والشوق الى المجهول ، حيث كان من ايسر الامور على نفسي في تلك اللحظات هي الغربة المتسارعة بين بحر الوجد وبحر الامل .ثم استدركت وانا ابحث في يقيني صفحة قديمة ليقلبها هذا الرجل في تاريخي الشخصي المليء بالمتاعب والمحن !! هنا اجبت الدكتور محمد القادم من الجنوب ، لا اتذكر يا استاذ ،فان سوء الحظ قد سلط علينا عدواً اسمه الافكار فغزانا من داخل ذكرياتنا وعبث فيها ايما عبث
خلال العقود العجاف الماضية ،فربما كان الحادث المشترك بيننا فريسة لقهر معُذب ، ولكن لابد من بلوغ الحقيقة.
تبسم الدكتور محمد ثانية وهو من شاطرني البؤس والخوف والهم فوق سماء البحر ، قائلاً لا اسعى الى هذه المقابلة العسيرة ولكن جئت كي اذكرك ما حصل لنا على متن الطائرة الخاصة الرسمية الحديثة الصنع والتي تحمل عنوان : Lockheed JetStar….!!!
هنا انسكب سم القلق ليبتعد عن نفسي ،فاطلقت ضحكة عالية قائلًا له كيف لا اتذكر وانت من جلس الى جانبي في تلك الطائرة التي اريد لها ان تسقط في الشعب المرجانية للبحر الاحمر!!! .
ففي شهر أيار /مايو من العام 1980 حملتنا طائرة رسمية صغيرة حديثة الصنع ،وفي اول طيران لها بعد قدومها من الولايات المتحدة وهي تتسع لمجموعة لايزيد عددها على عشرة اشخاص ، مُتسمةً بطابعها البيروقراطي من حيث طغيان الجلد الابيض الثمين على مقاعدها وسيادة اللون الذهبي على مقابضها المعدنية ومواسير المياه ، ويوحي لك مجلسها وانت داخلها شدة المكتبية الحكومية وطغيانها ، وهي محلقة في السماء مواصلةً رحلتها من بغداد الى دار السلام عاصمة تنزانيا الواقعة قبالة الساحل الشرقي لافريقيا .اذ حملت الطائرة وفدا رسميا فنيا يراسه سياسي كبير صوب هذه الدولة الفقيرة ، لتحظى حكومة الرئيس جوليوس نايريري بقرض من الاموال التي وفرتها ريوع دورة الاصول النفطية التي تراكمت في نهاية سبعينيات القرن الماضي قبل ان تفنى موارد البلاد في حرب هوجاء في الاشهر اللاحقة .
ففي سماء البحر الاحمر اخذت طائرة JetStar بالنزول تدريجياً من مستوياتها العالية وصارت تلامس لمعان الامواج الا قليلاً ، ولم يمر حينها من امامي سوى ذلك الشاب مهندس الطائرة الذي حانت منه شدة نظره الى ارض الطائرة وان مفاصله ترتعد خوفاً صامتًا وهو يذهب مسرعاً بين مقدمة الطائرةً ويعود الى مؤخرتها بذهن مشتت . فالمنظر وسيناريو الاحداث اللحظية بات مرعباً ولم يبرح مخيلتي .اما زميلي محمد الذي جلس الى جانبي فقد حمل منظر البحر فوق راسه وهو ينظر الي بعينٍ متلصصة حذره ، وغدا كلانا يختلس الخوف بالنظر نحو مهندس الطائرة لنتسائل ما الخطب ايها الرجل ؟ فكانت اجابته لاشيء . ولم يفصح وجه ذلك الشاب المهندس عن تعبير محسوس في مفاصل وجهه ، سوى سحنة واحدة تدفع اساريره صوب الخوف بلا حذر.وظل يسرع الذهاب والاياب وهو يتمتم في نفسه ليقتنص فرصة للحزن الداكن بعد ان طغى الخوف على انفاسه.
هبطت الطائرة على مدرج طاريء في مدينة جدة ، واحاطتها في الوقت نفسه عدد من سيارات الاطفاء والاسعاف من كلا الجانبين لتواكب الطائرة بسرعات عالية وهي تترنح على مدرج الهبوط الاضطراري.
مضت ساعات قليلة من الانتظار ولم يكتشف فريق الصيانة التابع لشركة لوكهيد اي عطل ، بعد ان اشروا فجأة ان هناك عطل متعمد بفتح الملفات الفولاذية التي تربط مقدمة الطائرة في بدنها ، وهو فعل مروع اريد منه احداث خلل في توازن الضغط داخل الطائرة نفسه ، ما قد يتيح سقوطها بعد قطعها مسافات محددة.
انتهت اللعبة وواصلنا الطيران صوب العاصمة التنزانية دار السلام ونحن جميعا نغفوا بصمت مطبق ،لنذهب في اليوم التالي مباشرة الى وزارة المالية التنزانية التي كتب على مدخل بوابتها و باللغة السواحلية ( وزارة يا فدا) اي (وزارة الفدية او المال). استدركت في نفسي ما هي الفدية التي ستدفع الى الحكومة التنزانية ؟ هل نحن ام القرض ؟انه المال المجهول الذي افتتحنا به رحلتنا الى شرق افريقيا بالتقلب على ظهر طائرة JetStar فوق البحر الاحمر !!! ام انه يوم لاتكفي فيه الفدية و لاتمضي الا في رحلة هابطة نحو اعماق مياه البحر الاحمر، كي تنعقد المكيدة .
ضمت الطائرة شخصية اقصيت من مناصبها كافة بعد العودة بفترة قليلة كي اتيقن انها المكيدة الخفية . فربما لا تصنف مثل هذه الحوادث بالصدف القدرية طالما ظلت ايادي الخصومة تتهاوى من امامي وهي تدير مكرها بخبث محكم لترمي مراراتها في النهاية كضحايا فوق البحر الاحمر.

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات البحر الاحمر

إقرأ أيضاً:

تحطم طائرة شحن قرب مطار فيلنيوس في ليتوانيا

تحطمت فجر اليوم الاثنين طائرة شحن قادمة من ألمانيا قرب مطار عاصمة ليتوانيا، فيلنيوس، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين.

وقالت الشرطة الليتوانية إن الطائرة التابعة لشركة خدمات الطرود الألمانية "دي إتش إل" كانت قادمة من مدينة لايبزيغ في ألمانيا سقطت على مبنى سكني بينما كانت تستعد للهبوط في المطار.

وأضافت أنه كان على متنها طاقم من 4 أشخاص، وقد تم العثور في موقع الحادث على قتيل، في تعاملت طواقم الإسعاف مع 3 مصابين.

كما قالت الشرطة إنه تم إجلاء 12 شخصا من مبنى مؤلف من طابقين تحطمت الطائرة فوقه مما أدى لاشتعال النيران فيه.

???????? Boeing 737 has crashed in Vinicius, Lithuania outside the airport after flying from Leipzig, Germany. The plane belonged to DHL. It crashed into a two story building and caught fire. One of the pilots is reported passed, the rest are uninjured. The cause is being investigated. pic.twitter.com/2vZNQ1kJfh

— SputnikSpreader (@VasBroughtToX) November 25, 2024

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الليتوانية عن متحدثة باسم خدمة الإنقاذ قولها إن شخصا واحدا على الأقل لقي حتفه جراء الحادث وأصيب 3 آخرون، مضيفة أن العديد من فرق الطوارئ توجهت للموقع.

وبحسب بعض المواقع الروسية، فإن الطائرة المنكوبة من طراز بوينغ 737.

في السياق، قال رئيس المركز الوطني لإدارة الأزمات في ليتوانيا إن تحطم طائرة الشحن قد يكون لأسباب فنية، مضيفا أنه يجري التحقيق في الحادث.

وأظهرت مشاهد نشرتها وسائل إعلام ليتوانية صورا ومقاطع فيديو لتحطم الطائرة وتوجه فرق كبيرة من الإطفاء والإنقاذ والشرطة لمكان الحادث.

كما شهدت المنطقة انتشارا كبيرا للشرطة وسيارات الإسعاف، إضافة إلى تطويق وإغلاق عدد من الشوارع الرئيسية القريبة.

مقالات مشابهة

  • إعادة فتح ميناء الغردقة البحرى وانتظام الحركة الملاحية بموانئ البحر الاحمر
  • الدفع بطائرات لانتشال الغرقى.. العثور على ناجين من حادث غرق اللانش السياحي واستمرار البحث عن مفقودين
  • تحطم طائرة شحن قرب مطار فيلنيوس في ليتوانيا
  • بقرب مبنى سكني.. تحطم طائرة شحن في ليتوانيا
  • تحطم طائرة شحن في ليتوانيا
  • ننشر أول صور لعملية إنقاذ طاقم سفينة بضائع القصير التي تعرضت للاصطدام بالشعاب المرجانية
  • صنعاء تدين الانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون في البحر العربي
  • فيولا ديفيس.. ممثلة الفقراء التي يكرّمها مهرجان البحر الأحمر
  • ناشئات صيد الدقي تهزمن الترسانة ببطولة منطقة الجيزة لكرة الطائرة
  • معهد أمريكي يسلط الضوء على القاذفة الشبحية B-2 ونوع الذخائر التي استهدفت تحصينات الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)