أستاذ عمارة: التصميم التقليدي للمباني الخرسانية لا يسمح بالتهوية الطبيعية
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
أشاد المعمارى أيمن ملوك، أستاذ العمارة بمعهد بحوث الإسكان والبناء، بمساعى وزارة البيئة لوضع كود موحّد للتصميم يراعى التخفيف من التعرّض لانبعاثات الطهى فى المطابخ، ووضع المواصفات القياسية الخاصة بمتطلبات خفض تلوث الهواء الداخلى، مشيراً إلى أن التصميم التقليدى للمبانى الخرسانية الشائعة الآن لا يسمح بخروج الهواء الساخن والتهوية الطبيعية، وأن التخطيط المثالى لـ«المطبخ الصحى» يجب أن يجعله بحجم غرفة النوم الرئيسية، مع وضعه بالجهة «القبلية» وزيادة عدد وارتفاع الشبابيك قدر الإمكان.
كيف تُقيّم الخطوة التى اتخذتها وزارة البيئة بنشر دليل إرشادى خاص بتلوث الهواء الداخلى وإجراءات التخفيف من التعرّض لانبعاثات الطهى فى مطابخ المنازل؟
- بداية لا بد من القول إن راحة الإنسان وصحته فى أى فراغ أو مبنى يعيش فيه، هى المطلب الرئيسى الذى نحاول أن نُعلى منه فى الفترة القادمة، وهذا جزء من توجُّه الدولة لتبنى مبادئ المبانى الخضراء، وأن تجعلها أساساً لبعض مشروعاتها، وهو ما يدفعنا لأن نركز مع الدولة لزيادة هذا الاهتمام. وتبنى الوزارة هذا الدليل يعتبر إحدى المميزات الكبيرة، ولا بد أن يتم تبسيطه ليكون فى مستوى المواطن العادى، ليفهم ويستوعب مستوى الخطوات القادمة وكيف يمكن اتخاذها.
إلى أى حد تُعتبر تصميمات المطابخ الشائعة الآن بعيدة عن المواصفات المثالية والاشتراطات الصحية، ومنها تقليل تأثر مستخدمى المطابخ والسكان بالانبعاثات الضارة الناتجة عن الطهى؟
- للأسف الشديد نحن نلجأ إلى المبانى التقليدية الخرسانية ونجعل ارتفاع الشقق فى التخطيط العام للمدن لا يزيد على 3 أمتار، بخلاف التشطيب، لكى نُقلّل التكلفة، لذلك نصل فى النهاية إلى ارتفاع 2.60 متر، و2.70 متر، وهو ارتفاع لا يسمح بتحريك الهواء.
ولو عُدنا للتاريخ قليلاً، وبيوتنا قديماً فى الريف أو الحضر، سنجد أنه فى الريف المصرى معظم الطبخ كان يتم فى الأماكن المفتوحة، وكان فيه حاجة اسمها حوش أو ساحة يتم فيها الطبخ بصفة عامة، غالباً تكون بجوار غرفة الخزين، فبالتالى كان الموضوع صحياً من بدايته، صحيح أنه كان يستخدم وقود ينتج عنه ثانى أكسيد الكربون لكن بالإضافة لأن الطهى كان يتم فى مكان مفتوح، فإنه كان يتم مراعاة وجود مدخنة للتخلص من التلوث الناتج عن هذا الحرق.
وماذا عن بيوت الحضر؟
- بيوت الحضر كانت المطابخ تساوى غرفة كبيرة، كما كان الحال فى البيوت القديمة فى وسط البلد أو مصر الجديدة، حيث كانت المطابخ مساحتها كبيرة، وارتفاعاتها كبيرة جداً، وكان أقل ارتفاع 4 أمتار و4.5 متر، وكانت تصل إلى 5 أمتار أحياناً، وهذا كان يعطينا مساحة كبيرة جداً لتحريك الهواء بحيث لا يتراكم، وكانت له عوائد صحية مرتفعة، وكانت الأسرة تجتمع فى هذا المطبخ للأكل، والسفرة لم تكن تُستخدم إلا فى حالة وجود ضيوف.
وباب المطبخ كان كبيراً وارتفاعه قد يصل إلى 4 أمتار تقريباً، وهو ما كان يسمح بأن يدفع الهواءُ البارد الهواءَ الساخن الناتج عن الطهى، وشبابيك المطبخ أيضاً كانت كبيرة على ارتفاعات 2.5 متر أو أكثر من الأرض، وبالتالى كانت حركة الهواء كبيرة جداً جداً داخل المطبخ، وطبعاً لو الشقة كانت بحرية، كانت المطابخ غالباً ما توضع فى الجهة القبلية، وهو ما كان يساعد أيضاً على خروج الهواء الساخن بقوة اندفاع الهواء البارد القادم من داخل الشقة.
وهذا من الأُسس الرئيسية لما يُسمى فى العمارة بـ«التصميم السلبى»، الذى كان يؤدى مهمة تحريك وتغيير الهواء بشكل طبيعى ومن خلال ما يُعرف باسم «التهوية العكسية»، دون استخدام طاقة أو تكنولوجيا، كما هو الحال الآن بالنسبة لاستخدام الشفاطات ومراوح الشفط.
ما ملامح «كود مواصفات البناء» الجديد الذى يمكن وضعه لتقليل الآثار الصحية الضارة الناتجة عن التلوث الناتج عن انبعاثات الطهى؟
- من المبادئ الرئيسية التى يُفترض أن يتناولها هذا الكود الجديد، اعتماد ما يُعرف باسم «التصميم السلبى»، الذى يعتمد على الطاقات الطبيعية ويُقلّل استخدام الطاقة الأخرى، ومنها الكهربائية، وذلك يتم عبر مراعاة الارتفاعات المناسبة للدور المخصّص للسكن بما فيه المطبخ، وغرفة المطبخ لا تكون أقل فى مساحتها من غرفة النوم الرئيسية، لتسمح إلى جانب الأجهزة الكهربائية بوضع مائدة طعام يمكن تناول الطعام عليها، وبالإضافة إلى ذلك يجب مراعاة ارتفاعات الأبواب والشبابيك، وأن يكون مكان المطبخ فى الجهة القبلية، لأنه كلما زادت التهوية الطبيعية قلت الحاجة إلى استخدام الشفاطات، التى تعتبر فى النهاية استهلاكاً للكهرباء.
ضوابط التصميملا بد أن نُراعى فى تصميماتنا أيضاً أن تكون هناك وسائل لاستخدام الغاز الطبيعى و«الغاز الحيوى»، الذى يمكن توليده من المخلفات، خاصة بالنسبة للمساكن فى الريف، حيث يمكن أن نوجّه الناس هناك لاستخدام الوقود الحيوى، ونعلّمهم طرقاً مبسّطة لذلك، لا سيما أن هناك كماً من الأبحاث التى أعدّتها المراكز البحثية فى مصر والعالم، ولا بد أن نضع ذلك ضمن «الكود»، لكى يكون القائم بتصميم المبنى مضطراً للعمل على الوقود الحيوى ولا يستسهل، ويعتمد على الكهرباء أو أنبوبة الغاز أو الغاز الطبيعى.
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
«التطوع البيئي» بوابة المجتمع لاستدامة الموارد الطبيعية
هالة الخياط (أبوظبي)
يشكّل الوعي المجتمعي البيئي في دولة الإمارات ركيزة مهمة من ركائز العمل البيئي ورافداً قوياً، حملت مسؤوليته كفاءات مجتمعية، تدرك أهمية الدور الذي يقوم به الفرد لمواجهة التحديات البيئية، من خلال مبادرات تطوعية تساهم في زيادة المسطحات الخضراء. وفي عام المجتمع، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، دعوة لكل من يعتبر الإمارات وطناً له، أن يكون مساهماً فاعلاً في المجتمع من خلال الخدمة المجتمعية، والتطوع، والمبادرات المؤثرة التي ترسّخ ثقافة المسؤولية المشتركة وتدفع عجلة التقدم الجماعي.
يمثل العمل التطوعي إحدى الدعائم المهمة لجهود دولة الإمارات في الحفاظ على البيئة والتصدي لمتغيرات المناخ، حيث تحرص الدولة على تعزيز المسؤولية المجتمعية، وترسيخ فكرة العمل التطوعي في المجال البيئي، بما يرفع مساهمة جميع أفراد المجتمع في الحفاظ على البيئة وحمايتها، لضمان مستقبل صحي وآمن للأجيال الحالية والقادمة.
وترتكز الجهود التطوعية في دولة الإمارات على مبدأ إشراك الجميع، كلٌ في مجاله وتخصّصه، لتوسيع دائرة خدمة المجتمع، وتعد الإمارات من أوائل الدول في العالم التي سنّت قوانين تهدف إلى تشجيع ثقافة العمل التطوعي وتنظيمه، واعتماد مرجعية موحدة له، بعدما أقرّت قانوناً اتحادياً بشأن العمل التطوعي، حدّدت فيه الشروط الواجب توفرها في المتطوع الطبيعي، وشروط وضوابط تطوع الأشخاص الاعتباريين، بالإضافة إلى تحديد شروط تطوع الأشخاص الزائرين للدولة.
وانطلاقاً من أهمية مفهوم التطوع للمجتمع الإماراتي، اعتمد مجلس الوزراء في 2022، مبادرة حملة «الإمارات نظيفة»، التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع آنذاك ووزارة التغير المناخي والبيئة، توافقاً مع حملة السياحة الوطنية الداخلية «أجمل شتاء في العالم»، بهدف تنظيف الوجهات السياحية في الدولة، وذلك بالتعاون مع مجموعة عمل الإمارات للبيئة.
وجاءت الحملة في سياق مبادرة تطوعية لتعزيز الجهود التطوعية للجهات الحكومية الاتحادية وكافة أفراد المجتمع وأسرهم من مختلف الفئات والأعمار، لتحقيق المشاركة المجتمعية الواسعة في الأعمال التطوعية، من أجل تنظيف الأماكن والوجهات السياحية الممتدة على مستوى إمارات ومناطق الدولة، بما يؤكد روح المواطنة الإيجابية، ويجسد الموروث الإماراتي الأصيل وحب الوطن.
أخبار ذات صلة "عام المجتمع" يرسخ التقاليد الإماراتية العريقة الإمارات وإندونيسيا تبحثان تعزيز التعاون الثنائي
ونجحت حملة «الإمارات نظيفة» في غرس ممارسات اجتماعية بيئية بين كافة شرائح المجتمع للمحافظة على البيئة، وتبني تطبيقات عملية مستدامة، كما نجحت الحملة في تشجيع كافة الأفراد على المبادرة الإيجابية لخدمة المجتمع، وتعزيز روح العمل التطوعي على نطاق أوسع، والمحافظة على قيم الثقافة البيئية.
وتحرص قيادة دولة الإمارات على ترسيخ، مفاهيم العمل البيئي لتحقيق الاستدامة في المجتمع، وتأتي مستهدفات البرنامج الوطني «ازرع الإمارات» تأكيداً على إيمان القيادة بأهمية دور أفراد المجتمع في دعم توجهات الدولة لتحقيق التنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام.
ويستهدف «ازرع الإمارات» تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة، ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وتعزيز المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية كمنتجات طازجة. وتحرص دولة الإمارات على تنظيم فعاليات سنوية معنيّة بموضوع التشجير وزيادة المساحات الخضراء، بحيث يتم من خلالها تكثيف جهود تشجير الأراضي بأيادي المتطوعين الذين يدركون أهمية المساهمات المجتمعية في تعزيز الاستدامة وتزيين المدن.
مبادرات
أطلقت الإمارات عدداً من المبادرات لحماية البيئة منها «مهرجان الإمارات الأخضر»، و«معاً نحو بيئة أفضل»، و«معاً من أجل بيئة خضراء»، بالإضافة إلى برنامج الماراثون البيئي لطلاب المدارس الحكومية والخاصة وغيرها من المبادرات وذلك ضمن جهودها للحفاظ على البيئة. وأطلقت مجموعة عمل الإمارات للبيئة حملة الإمارات نظيفة، بهدف غرس الممارسات المستدامة بين مختلف شرائح وقطاعات المجتمع في دولة الإمارات، والتشجيع على الزراعة والتشجير وزيادة المساحات الخضراء، وقد نجحت برامج التشجير الحضرية، التي أطلقتها المجموعة في زراعة 2.114.316 شجرة محلية في دولة الإمارات. كما أتاحت هيئة البيئة - أبوظبي الفرصة أمام الراغبين في تقديم الدعم والمساهمة في حماية البيئة للتطوع ضمن أربعة برامج، تتمثل في برنامج «المواطن الأخضر»، وبرنامج المراقب البيئي للشباب «مرشد»، وبرنامج «الخبير الأخضر»، و«المجلس الأخضر للشباب».
دعائم
تشجع «الهيئة» العمل التطوعي في المجال البيئي باعتباره إحدى الدعائم الرئيسية للحفاظ على البيئة والتصدي لتغير المناخ. وتسعى الهيئة إلى تعزيز المسؤولية المجتمعية من خلال الإشراف على تنفيذ أربعة برامج تطوعية تهدف إلى تمكين أفراد المجتمع من المساهمة في الحفاظ على البيئة وحمايتها، بما يضمن مستقبلاً مستداماً للأجيال الحالية والقادمة. وتندرج برامج التطوع البيئي تحت منصة «ناها» التي أطلقتها الهيئة، وتهدف إلى تحويل نوايا العمل البيئي إلى إجراءات ملموسة ومؤثرة، حيث توفر هذه المنصة الفرص للشباب وأفراد المجتمع للانخراط في الأنشطة، التي تحفّز العمل من أجل تحقيق أفضل الممارسات المستدامة. وأكدت الهيئة أن منصة «ناها» هي مجتمع ينمو ويجمع بين الاستدامة والمعرفة والعمل المشترك