انفراجة كبيرة بملف سد النهضة خلال ساعات.. هل تتراجع إثيوبيا؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يمثل ملف سد النهضة الإثيوبي أهمية كبرى لمصر، التي طرقت كل الأبواب خلال السنوات الماضية؛ لإيجاد حلول دبلوماسية للملف الأشهر خلال العقد المنصرم، متمسكة بالحلول السلمية لهذه القضية الشائكة التي تمس حياة المصريين، وفقا للاتفاقيات الدولية ونصوص القانون الدولي، رافضة لكل التصرفات أحادية الجانب من قبل إثيوبيا.
وانطلقت صباح اليوم الأحد 27 أغسطس 2023 في القاهرة، جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا بعد سنوات من تجميدها نتيجة للموقف المتعنت من جانب أديس أبابا، والتي جاءت على ضوء البيان الصادر في 13 يوليو 2023، عن لقاء القيادتين المصرية والإثيوبية بالقاهرة على هامش قمة دول جوار السودان، والتنسيق مع جمهورية السودان الشقيقة.
وأكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم، أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث، مشددًا على أهمية التوقف عن أي خطوات أحادية في هذا الشأن، وأن استمرار ملء وتشغيل السد في غياب اتفاق يُعد انتهاكًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015.
وشدد سويلم، على أن مصر تستمر في بذل أقصى الجهود لإنجاح العملية التفاوضية، مؤكدًا على إيمان مصر بوجود العديد من الحلول الفنية والقانونية التي تتيح تلبية مصالح الدول الثلاث، والتوصل للاتفاق المنشود.
من جانبها أكدت إثيوبيا اليوم الأحد، أنها ستواصل العمل من أجل التوصل إلى "نتيجة ودية" للمفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان.
ونقلت السفارة الإثيوبية في القاهرة عن رئيس الوفد السفير سيلشي بيكيلي، المشارك في المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا التي انطلقت في القاهرة اليوم، قوله إن بلاده تؤكد حقها في استغلال مياه نهر النيل لتلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية، مضيفا "لا تراجع عن حقوقنا".
كما أكد المسؤول الإثيوبي على ما وصفها بالفوائد التي ستجنيها الدول الثلاث من سد النهضة، وأن بلاده "متمسكة بموقفها الذي يرتكز على مبدأ الاستغلال المتساوي والعادل وسوف تواصل العمل نحو التوصل إلى حل ودي في مفاوضات السد".
من جانبه قال المتخصص في الشأن الأفريقي مكي المغربي، إن المفاوضات الجديدة بين مصر وأثيوبيا بشأن سد النهضة هي خطوة جيدة ومطلوبة، في ظل إجراء اتفاقات مبدئية ووعود بعدم الإضرار بمصالح مصر والسودان، مشيرا إلى أنه الآن بعد بدء ملء السد، باتت نقاط التفاوض والمواقف أكثر وضوحا والتحركات تسير بشكل سريع من كل الأطراف.
وأضاف المغربي - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه حال الاتفاق على قواعد التشغيل سيكون للسد فوائد للجميع وتتمثل في استقرار منسوب النيل طوال العام، مؤكداً ضرورة الانتهاء من المفاوضات المتعلقة بالاتفاق على ملء وتشغيل سد النهضة في 4 أشهر، وإجراء مفاوضات عاجلة بين مصر والسودان وإثيوبيا، للاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، وتحقيق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة، وتعزيز قدرة الدولتين على التعامل مع التحديات المشتركة.
وأوضح أن الدولة المصرية تمتلك رؤية لحل الأزمة، مؤكدا أن الفرصة قائمة لإنقاذ المفاوضات هذه المرة حيث إن الموقف المصري والسوداني متطابق ما يجعلهما أكثر قوة خاصة.
فيما كشف أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي جهود مصر حتى لا يشعر المواطن بأضرار سد النهضة، خلال حديثه عن تطورات التخزين الرابع لسد النهضة، قائلا إنه تم تخزين 15 مليار م3 إلى الآن، إضافة إلى 17 مليار م3 تم تخزينها خلال الثلاث سنوات الماضية؛ ليصبح المخزون 32 مليار متر مكعب في بحيرة سد النهضة، وسيستمر التخزين الرابع على الأقل إلى أول سبتمبر، وسيتم تخزين من 5 إلى 9 مليارات م3 أخرى.
لقاء السيسي وآبي أحمدوأضاف شراقي - خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الـ 25 مليار م3، التي سيتم تخزينها تمثل نحو 45% من حصة مصر المائية، وللمرة الأولى منذ إنشاء نهر النيل منذ ملايين السنين لا يأتي الفيضان في موعده خلال شهر أغسطس.
وسبق واستقبل الرئيس السيسي رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على هامش زيارته للقاهرة مطلع يوليو الماضي؛ لحضور مؤتمر قمة دول جوار السودان وذلك بقصر الاتحادية، حيث عقدت بينهما جلسة مباحثات موسعة، تناولت عدة موضوعات كان على رأسها ملف سد النهضة.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في مصر، أحمد فهمي، حينها، إن لقاء الرئيس السيسي، مع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، شهد أجواء إيجابية خلال استئناف المناقشات بينهما ، متابعا بأن هناك "تأكيدات متبادلة من رئيس وزراء أثيوبيا على صدق نوايا بلاده واستعداداتها للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن حول ملء وتشغيل سد النهضة".
ولفت فهمي إلى أن هناك رغبة من الجانب الإثيوبي أن تمثل سياسة مصر وتوجهها الثابت من أجل تحقيق ازدهار الشعبين والأمن والسلام في المنطقة، مؤكدًا أن إثيوبيا تعهدت أن ملء السد خلال العام المائي الحالي لن يلحق ضررًا بمصر والسودان ويوفي الاحتياجات المائية للبلدين ونتطلع أن ينعكس ذلك على المفاوضات.
وجدد الزعيمان تأكيد إرادتهما السياسية المتبادلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، سياسيا واقتصاديا وثقافيا، انطلاقا من الرغبة المشتركة في تحقيق مصالحهما المشتركة وازدهار الشعبين الشقيقين، بما يسهم أيضا بشكل فعال في تحقيق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة، وقدرة الدولتين على التعامل مع التحديات المشتركة.
فيما رحب رئيس دولة الإمارات العربية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بـ"الخطوة الإيجابية الخاصة بالاتفاق بين مصر وإثيوبيا مؤخراً، على انطلاق مفاوضات للتوصل إلى تسوية بشأن ملف سد النهضة"، معربا عن "تمنياته أن تصل هذه المفاوضات، إلى حل مُرضٍ لجميع الأطراف وبما يعزز التعاون فيما بينها، ويدعم الاستقرار في المنطقة"، طبقا للبيان.
وبحث الشيخ محمد بن زايد وآبي أحمد خلال لقاء جمعهما قبل أيام "مختلف مسارات التعاون في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتنموية الحيوية، وإمكانات تنميتها في جميع القطاعات بما يخدم تطلعات البلدين المستقبلية لتوسيع آفاق التعاون، والعمل المشترك بينهما ويسهم في دعم التنمية والازدهار لشعبي البلدين"، طبقا للبيان.
وكانت إثيوبيا بدأت تشييد سد النهضة عام 2011 في مشروع يتكلف مليارات الدولارات وتعتبره مصر تهديدا لحقوقها التاريخية في مياه النيل، بينما يخشى السودان من الأضرار البيئية والاقتصادية الناجمة عنه.
وتوقفت المفاوضات بين الدول الثلاث برعاية الاتحاد الإفريقي في أبريل 2021 بعد الإخفاق في التوصل لاتفاق، ما دعا مصر إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي للمطالبة بالضغط على إثيوبيا.
ويشار إلى أن مصر وإثيوبيا كانتا قد اتفقتا مؤخرا على تجاوز الجمود في مفاوضات سد النهضة وبدء محادثات جديدة خلال 4 أشهر، توضح فيها أديس أبابا التزامها، أثناء الملء بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بالقاهرة والخرطوم، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سد النهضة أزمة سد النهضة اتفاق سد النهضة مفاوضات سد النهضة اثيوبيا الدول الثلاث مصر والسودان ملء وتشغیل فی المنطقة سد النهضة بین مصر
إقرأ أيضاً:
الحرب على اليمن تستنزف الترسانة الأمريكية.. الخسائر كبيرة
نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرا سلطت فيه الضوء على الخسائر التي تتكبدها الولايات المتحدة خلال العملية الحالية التي تشنها على اليمن.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البنتاغون اعترف بعد شهر من انطلاق العملية الأمريكية ضد "أنصار الله" بمحدودية تأثيره على القدرات القتالية للحركة، بينما تجاوزت تكلفة العملية حسب تقديرات مستقلة 3 مليارات دولار.
تحطم طائرة أمريكية
وذكرت الصحيفة أن حاملة الطائرات الأمريكية المتمركزة في البحر الأحمر فقدت طائرة مقاتلة جديدة خلال العملية العسكرية الحالية ضد الحوثيين.
وأضافت الصحيفة أن الحادث وقع أثناء مناورة لحاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس هاري ترومان"، مما أدى إلى سقوط طائرة مقاتلة من نوع "إف-18" تقدر قيمتها بـ 60 مليون دولار، في البحر.
وقد أفادت الخدمة الصحفية للبحرية الأمريكية بأن سقوط مقاتلة "إف-18" أسفر عن إصابة جندي واحد، دون وقوع ضحايا بين أفراد الطاقم. وأوضح البنتاغون أن الطائرة كانت تُسحب إلى المستودع عندما فقد الطاقم السيطرة عليها، ما أدى إلى سقوطها من على متن حاملة الطائرات. وأضاف البيان أن المجموعة الهجومية البحرية العاملة في البحر الأحمر ما زالت تحتفظ بكامل قدراتها القتالية.
ونقلت شبكة "سي إن إن "عن مسؤول أمريكي قوله إن حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" قامت بمناورة حادة لتفادي هجوم مركّب انطلق من اليمن، ما تسبب بانزلاق الطائرة وسقوطها في البحر.
تكلفة باهظة
أفادت مجلة "ميلتاري" المتخصصة في الشؤون العسكرية أن سقوط طائرة "إف-18" هو ثاني خسارة من نوعها لطائرة مقاتلة على متن حاملة طائرات تتكبدها الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة.
ووفقًا لتقديرات مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف"، أنفقت وزارة الدفاع الأمريكية ما يقرب من 3 مليارات دولار خلال شهر واحد من حملتها العسكرية التي تهدف إلى حماية الملاحة الدولية، في الفترة من 15 آذار/ مارس إلى 15 نيسان/ أبريل، وقد خُصص مليار دولار للذخيرة والنفقات التشغيلية.
وقد أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن فعالية العملية تبدو منعدمة، حيث كشف مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية، خلال جلسات إحاطة مغلقة مع المسؤولين الحكوميين وأعضاء الكونغرس، أن إدارة الرئيس الأمريكي حققت نجاحا محدودا في استهداف وتدمير الترسانة التابعة لجماعة "أنصار الله"، والتي تشمل الصواريخ والطائرات المسيّرة ومنصّات الإطلاق.
وأعرب مسؤول رفيع في البنتاغون لأعضاء الكونغرس عن "قلق بالغ" داخل البحرية الأمريكية بشأن الوتيرة السريعة لاستهلاك الذخائر في العمليات العسكرية الجارية في اليمن.
وفي تصريح لموقع "ذا أمريكان كونسيرفاتيف"، قال المحلل العسكري الأمريكي دان غرايزر: "نحن ننفق ثروة على إنشاء قوات لمواجهة أسوأ السيناريوهات المحتملة، ثم نجد أننا نمتلك جيشا ضخما مزودا بأسلحة متطورة للغاية تكلف مليارات الدولارات، لكنها لا تعمل كما كان متوقعا".
وأضاف: "في النهاية نحن نقاتل في إطار سيناريو أقل خطورة بكثير من الذي كنا نتخيله. هناك عدم تطابق مالي، فمثلاً نستخدم صاروخًا بقيمة 2 مليون دولار لإسقاط طائرة مسيرة تكلف ألف دولار، وهذا أمر مضحك".
وتابع غرايزر أن الولايات المتحدة بحاجة إلى "إنشاء قوات تقليدية أكثر توازنًا لاستعادة التناسب الضروري".
نقص الذخيرة
تضيف الصحيفة أن إحدى المشاكل التي قد تواجهها واشنطن نتيجة لاستمرار الحملة في اليمن هي نقص الذخيرة، وقد برزت هذه المشكلة جزئيًا نتيجة للسياسة الجمركية الجديدة التي اتبعها الرئيس دونالد ترامب.
وفي تصريح لموقع "تاسك آند بوربوزد" الأمريكي، قال القائد السابق في البحرية الأمريكية والباحث في معهد هدسون، برايان كلارك: " قواعدنا الصناعية أصبحت غير قادرة على إنتاج الأسلحة التي صممناها، لأنها تمتلك خصائص محددة ولها سلسلة إمداد فريدة من نوعها".
وأضاف: "هناك توقعات بأنه في حال حدوث غزو صيني لتايوان، فإن ذخيرة الولايات المتحدة، وخاصة البحرية الأمريكية، ستنفد في غضون أيام قليلة".
في هذا الصدد، أكد موقع بوليتيكو أن ممثلي صناعة الدفاع الأمريكية طلبوا من البيت الأبيض منحهم ميزة استراتيجية بموجب سياسة التعريفات الجمركية الجديدة من أجل تجنب الاضطرابات في سلاسل التوريد.
صمود الحوثيين
قال المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" في بيان رسمي إن "الولايات المتحدة، من خلال مواصلة عدوانها على اليمن، ترتكب جرائم متعمدة بحق المدنيين، وكان آخرها جريمة قتل المهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة".
وأضاف البيان: "إن الجرائم العسكرية التي يرتكبها المعتدي الأمريكي تعبّر عن أعلى درجات الفشل والانحدار الأخلاقي الذي وصلت إليه الإدارة الأمريكية".
وحسب الصحيفة، يُظهر الحوثيون صمودًا أمام الضربات الأمريكية، ومرونة في تشكيل تحالفات جديدة.
وقد صرح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن الاستخبارات الصومالية "اكتشفت علاقات قائمة" بين الحوثيين والجماعات الجهادية في منطقة القرن الأفريقي.
ويؤكد الحوثيون ارتباط نشاطهم في منطقة البحر الأحمر بالأوضاع في قطاع غزة، لاسيما بعد أن استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية ضد حركة "حماس" منذ 18 آذار/ مارس.
وتشير تصريحات حركة "أنصار الله" إلى أن وقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة سيؤدي إلى استقرار الوضع في جنوب شبه الجزيرة العربية.
وتختم الصحيفة بأنه من المرجح أن يكون لمسار المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، رغم تباين المواقف بين البلدين، دورٌ مؤثر في التطورات على الساحة اليمنية.