قال الدكتور حسني عبيدي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، إن الاتحاد الأوروبي تعلم الدرس سريعا مما حدث في النيجر، وسارع بإنفاذ ما برمجه سابقا من بعثات "عسكرية مدنية" في دول غرب أفريقيا.

واعتبر أن التحرك الأوروبي الأخير ربما يكون أمرا لافتا، لكنه كان منتظرا على كل الأحوال باعتبار ما قام به كان أمرا مبرمجا في السابق لكن جدوله الزمني لم يكن واضحا، وجاء انقلاب النيجر ليدفع الاتحاد إلى التعجيل ببعثاته "العسكرية المدنية"، التي تقوم بمهمة تشبه ما حدث سابقا في مالي.

وجاء حديث عبيدي خلال الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/8/27) لما كشفته وسائل إعلام عن عزم الاتحاد الأوروبي نشر ما سماه مهمة "عسكرية مدنية" في غرب أفريقيا، تشمل نشر ضباط وجنود في ساحل العاج وغانا وتوغو وبنين، وتهدف لتنفيذ تدريب يمهد لنشر عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة.

يأتي ذلك بالتزامن مع جولة لمساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مولي فاي، لبحث الأوضاع في النيجر، مع المسؤولين في 7 دول بالمنطقة، بينها الدول التي تشملها مهمة الاتحاد الأوروبي.

وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن دلالة عزم الاتحاد الأوروبي نشر مهمة "عسكرية مدنية" بغرب أفريقيا في هذا التوقيت، وطبيعة المهام التي ستتولى قواته إنجازها في إطار هذه المهمة، ومغزى تزامن القرار الأوروبي مع جولة مساعدة وزير الخارجية الأميركي في عدد من دول المنطقة، وعلى أي نحو يمكن أن ينعكس هذا الاهتمام المتزايد على مسار انقلاب النيجر.

هدفان للمهمة

وفي حديثه لما وراء الخبر، أوضح عبيدي أن مهمة الاتحاد الأوربي التي سرعها انقلاب النيجر، لها هدفان، الأول مواصلة النصح وتدريب القوات المسلحة في الدول الأربع التي ستنتشر فيها، لتأهيلها ضد الجماعات المسلحة، بينما يتمثل الهدف الثاني وهو الأهم في مواجهة التغول الروسي بالمنطقة.

ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يستعمل مصطلح "إنفاذ قوات مسلحة"، بل يعتبر المهمة "مدنية عسكرية"، حيث يحمل الأفراد المرسلون صفة المستشارين والمدربين، وإن كانوا ينتمون للقوات العسكرية، لكن لا يمكن تسميتهم قوات مسلحة، فهم يقومون بالتدريب فقط.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه 10 تمثيلات في العالم منها 7 في أفريقيا، وهو ما يعني أن القارة السمراء لها مكانة مهمة في الإستراتيجية الأوروبية، وقد شكل ما حدث في النيجر منعطفا في السياسة الأوروبية عامة والفرنسية خاصة، لافتا إلى أن أوروبا تحاول المحافظة على ما يمكن مما تم تحقيقه من مكاسب سابقا في أفريقيا.

بينما يرى صديق جاربا شيهو الأستاذ المساعد في المركز الأوروبي للدراسات الأمنية والمختص بالشأن الأفريقي، أن الاتحاد الأوروبي يحاول عبر تحركه الأخير الموازنة بين وجوده والصعود الروسي والصيني في المنطقة، في ظل تنامي الشعور المعادي لفرنسا لدى الأفارقة.

وأشار في حديثه لما وراء الخبر، إلى أن دول المنطقة لديها مستويات مختلفة من العلاقات مع الدول الأوروبية، لكن الشعور المناوئ والمعادي لفرنسا بات واضحا أكثر مما كان عليه سابقا، ولا يمكن القبول بها في صدارة المشهد الآن وهو ما يتطلب منها اتخاذ خطوة للوراء وترك المجال لدول أوروبية أخرى لإصلاح ما تم إفساده من قبلها.

الحل الدبلوماسي

وشدد جاربا شيهو على أنه ليس هناك بدل من الحل الدبلوماسي في التعامل مع انقلاب النجير، وهو الأمر الذي يراه الجميع، وإن اختلفت درجة حماسهم له، حتى تلك الدول التي تظهر داعمة للتدخل العسكري الذي لا يوجد إجماع عليه حتى بوصفه خيارا ممكنا في التعامل مع الأزمة.

بدوره، لا يرى السفير ديفيد شن مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون أفريقيا، تعارضا بين الجهود الأوروبية والأميركية في غرب أفريقيا، بل يراها تكاملية حيث تدعم واشنطن جهود الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الجهاديين في المنطقة، وكذلك لمنع تكرار سيناريو الانقلابات الذي حصل في بعض الدول.

وأشار في حديثه لما وراء الخبر إلى أن تلك الجهود ليست جديدة، وهي مستمرة منذ سنوات في مناطق الساحل، ويضاف إليها الآن هذه الجهود الجديدة في دول غرب أفريقيا، ويمكن أن نقول إنها متأخرة نوعا ما، وهي لم تحقق أهدافها حتى الآن، على حد تقديره.

وبشأن جولة مساعدة وزير الخارجية الأميركي، يرى السفير شن أنها جولة استطلاعية لتحديد ما يمكن القيام به في المرحلة المقبلة بخصوص قضايا مختلفة أبرزها انقلاب النيجر، لافتا إلى أن بلاده ترغب من خلال هذا التحرك الدبلوماسي إلى رؤية تطور في مسألة قطع العلاقات مع الجماعات الجهادية في المنطقة، ومواجهة تهديد مرتزقة قوات فاغنر الروسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الأمیرکی الاتحاد الأوروبی انقلاب النیجر ما وراء الخبر غرب أفریقیا فی المنطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

أفكار أميركية ملموسة لاحتواء الأزمة بلبنان وتحذيرات من حرب شاملة

قال مسؤول أميركي أمس الاثنين إن بلاده بصدد تقديم "أفكار ملموسة" لاحتواء الأزمة في لبنان، مجددا معارضة واشنطن غزوا بريا إسرائيليا في لبنان، في وقت أدانت فيه دول عربية التصعيد الإسرائيلي وحذرت دول غربية ومنظمات دولية من اتساع رقعة العنف في المنطقة.

ومع توافد قادة العالم إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال المسؤول الأميركي "لدينا أفكار ملموسة سنناقشها مع حلفائنا هذا الأسبوع" لمحاولة خفض التصعيد بلبنان.

ولم يشرح المسؤول الأفكار الملموسة، لكنه أشار إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وغيره من كبار المسؤولين الأميركيين سيناقشونها خلال اجتماعات ستعقد على هامش أعمال الجمعية العامة.

وجدد معارضة الولايات المتحدة غزوا بريا إسرائيليا للبنان، حيث كثف الجيش الإسرائيلي غاراته مما أسفر عن مقتل 492 شخصا وإصابة 1645 أمس الاثنين.

إدانات عربية

وعربيا، أدانت قطر العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودعت المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته من خلال التحرك العاجل لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانه على لبنان وغزة.

وقالت السعودية إنها تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث الأمنية في لبنان، وجددت تحذيراتها من خطورة اتساع رقعة العنف في المنطقة والانعكاسات الخطيرة للتصعيد.

كما أدانت مصر التصعيد الإسرائيلي في لبنان، وأكدت رفضها التام لأية انتهاكات لسيادة لبنان وأراضيه، ودعت إلى تسوية سلمية وإتاحة الفرصة أمام الحلول الدبلوماسية.

وأكد الملك الأردني عبد الله الثاني وقوف بلاده المطلق مع لبنان وأمنه وسيادته وسلامة مواطنيه في مواجهة الحرب الإسرائيلية عليه، مشيرا إلى ضرورة تكاتف الجهود الدولية لوقف التصعيد قبل جر المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.

دعوة لعقد قمة

وفي العراق، دعا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لعقد قمة إسلامية تبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان، معلنا تنظيم جسر جوي وبري لنقل المساعدات وتسهيل إرسال الوقود إلى لبنان.

كما قرر تسهيل إرسال الوقود لتشغيل محطات الكهرباء التي تحتاجها المستشفيات والمؤسسات الخدمية اللبنانية، فضلا عن استقبال الجرحى والمصابين في المستشفيات العراقية، وبذل كل ما يعزز صمود لبنان.

وعلى مستوى المنظمات العربية، أدان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بيان الغارات والعمليات الإسرائيلية الموسعة ضد لبنان، مؤكدا أنها تهدد بتفجير الوضع الإقليمي "على نحو ستكون تبعاته مؤلمة على الجميع".

كذلك، حذر مجلس التعاون الخليجي من الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في لبنان، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك الفوري "لوقف هذه الأعمال الاستفزازية".

سكان جنوب لبنان نزحوا إلى المدارس في العاصمة بيروت (الأناضول) تحذيرات غربية

من جانبه، حذر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من اقتراب المنطقة من حرب شاملة.

وأعرب وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي عن قلقه إزاء سقوط مدنيين بالغارات الإسرائيلية في لبنان، داعيا إلى وقف إطلاق النار من قبل إسرائيل وحزب الله.

كما حذر وزراء خارجية مجموعة السبع من أن التحركات التي تشهدها المنطقة قد تؤدي إلى جر المنطقة إلى صراع أوسع "لن تستفيد منه أي دولة".

وفي الصين، طالب وزير الخارجية وانغ يي المجتمع الدولي باتخاذ موقف أكثر وضوحا تجاه التصعيد في لبنان.

وبأعقاب أسبوع دام في لبنان وإعلان الاحتلال نقل ثقل العمليات العسكرية من غزة إلى لبنان، شن الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات على مواقع في جنوب لبنان والبقاع شرقا، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات ونزوح الآلاف.

مقالات مشابهة

  • لا تشمل المعارضين.. ما وراء مراسيم العفو التي يصدرها النظام السوري؟
  • نصائح مهمة من «حماية المستهلك» لتجنب الوقوع في فخ الإعلانات الخادعة
  • أفكار أميركية ملموسة لاحتواء الأزمة بلبنان وتحذيرات من حرب شاملة
  • ماس كهربائي وراء حريق شقة سكنية ووفاة شخص بالموسكي
  • خطة زيلينسكي للسلام التي لا بد أن يدعمها بايدن
  • مسؤولة أوروبية في صنعاء في مهمة خاصة!!
  • خالد الغندور: الاتحاد السكندري وغزل المحلة مهتمان بسيف جعفر
  • التصعيد في البحر الأحمر .. اليمن يرفع تكلفة الصراع على الغرب
  • الاتحاد السكندري وغزل المحلة مهتمان بضم سيف جعفر من الزمالك
  • حقنة مخدر وراء العثور على جثة شاب في الوراق