تمثل أفريقيا ساحة نزال مفتوحة على النفوذ بين روسيا وفرنسا وسط هزائم متتالية تتلقاها الأخيرة آخرها كان في النيجر.

وفي السنوات الأخيرة تعيش بعض دول أفريقيا فترة تحولات كبيرة جعلتها تبحث عما يثبّت سلطتها وتجد روسيا أقرب ما تكون في استجابتها لذلك لعدة أسباب.

ومن أبرز هذه الأسباب عدم وجود تاريخ استعماري لروسيا في أفريقيا، وعدم تدخل روسيا في الشأن الداخلي الأفريقي كما تفعل الدول الغربية، واعتماد موسكو نهج التعاون مع تلك الدول بدلا من المساعدات المشروطة.

وتنتشر الشركات الروسية في أفريقيا، إذ تنقب عن البوكسيت في غينيا والألماس في أنغولا، كما تعمل على استخراج الغاز الصخري من موزمبيق، ضمن استراتيجية تقوم على توسيع نفوذ موسكو الاقصادي والعسكري في أفريقيا بشكل متسارع، إذ تقدم نفسها بديلا عن القوى الاستعمارية السابقة، وعلى رأسها فرنسا.

كما ترجع أسباب اهتمام روسيا بأفريقيا إلى الرغبة في إعادة إحياء روابط الحقبة السوفيتية مع القارة الأفريقية لاستخراج الموارد مقابل المساعدة الأمنية.

أيضا تعد أفريقيا الحدود الثانية بعد أوروبا الشرقية بالنسبة لروسيا لتطويق أوروبا الغربية من خلال استغلال تداعيات وارتدادات ظواهر الهجرة والإرهاب وانعدام الأمن في منطقة الساحل الأفريقي بغرب أفريقيا كورقة ضغط وتهديد لأوروبا، لكون هذه المنطقة جوارًا غير مباشر. 

وسعى الاتحاد السوفيتي إلى استغلال الإرث الاستعماري الغربي لتقويض النفوذ الغربي في القارة، حيث أقام أولًا علاقات مع شمال أفريقيا، وفي النهاية أقام علاقات مع القادة في أفريقيا جنوب الصحراء، ووقع الاتحاد السوفيتي معاهدات تعاون مع 37 دولة أفريقية، وقدم مجموعة من المساعدات الاقتصادية للتنمية الزراعية والرعاية الصحية والبنية التحتية.

وترتكز سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ وصوله السلطة في العام 2000 على إعادة نفوذ روسيا في المناطق التي كان الاتحاد السوفيتي حاضراً فيها بقوة، ومن بينها مناطق واسعة من أفريقيا ودولها.

اقرأ أيضاً

روسيا تنقضّ على المصالح الفرنسية

وفي ما يلي يرصد "الخليج الجديد" أبرز الهزائم التي تلقتها فرنسا لصالح روسيا في أفريقيا:

الغابون (أكتوبر/ تشرين الأول 2017)

في أكتوبر 2017 وقعت شركة "روس نفط" الروسية مذكرة مع وزارة النفط في الغابون لاستثمار مشترك في حقول النفط وبناء البنية التحتية للنفط والغاز.

وفي أكتوبر 2021 أعلنت الغابون انسحابها من المنظمة الفرانكوفونية وانضمت إلى الكومنولث وتحللت من الهيمنة الفرنسية.

والمنظمة الدولية للفرانكوفونية هي أيضًا مؤسسة مكرَّسة منذ عام 1970 لتعزيز اللغة الفرنسية والتعاون السياسي والتعليمي والاقتصادي والثقافي بين البلدان الأعضاء في المنظمة الدولية للفرانكوفونية.

مالي (أغسطس/آب 2020)

في أغسطس 2020 نجح المجلس العسكري في مالي بانقلاب عسكري على السلطة، وبدأ بسياسة عدائية ضد فرنسا لصالح روسيا الذي وقع معها اتفاقيات عسكرية وصفقات أسلحة.

وفي أغسطس 2022 غادر آخر جنود قوة برخان الفرنسية دولة مالي بعد مرور 9 أعوام على وجودهم فيها.

وواصل النفوذ الروسي تمدده في البلد الأفريقي مع تلقي باماكو أسلحة وطائرات من موسكو ووصول آلاف الجنود الروس إليها.

بوركينا فاسو ( يناير/ كانون الثاني 2022)

في يناير/ كانون الثاني 2022 وقع انقلاب عسكري في بوركينا فاسو، تمكن العسكريون فيه من إبعاد الرئيس روش مارك كريستيان كابوري، وإعلان وصول "الحركة الوطنية للحماية والاستعادة" بقيادة الكولونيل بول هنري سانداوغو داميبا إلى السلطة، ثم أعقب توقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية واقتصادية مع روسيا.

وجاء ذلك على حساب فرنسا التي تلقت هزيمة جديدة في القارة السمراء، إذ أعلنت بوركينا فاسو في مارس/ آذار 2023  وقف العمل بـ"اتفاق المساعدة العسكرية" الموقع عام 1961 مع فرنسا.

وجاءت هذه الخطوة بعد رسالة رسمية في يناير/ كانون الثاني 2023 طلبت بموجبها واغادوغو من باريس سحب قواتها من أراضيها خلال شهر.

وفي فبراير/ شباط أعلنت بوركينا فاسو انتهاء عمليات القوات الفرنسية على أراضيها، تنفيذا لقرار إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع باريس.

وفي يوليو/ تموز من نفس العام أعلنت روسيا، اعتزامها إعادة فتح سفارتها في بوركينا فاسو، بعد 31 عاما على إغلاقها عام 1992.

اقرأ أيضاً

تحولات جيوسياسية بأفريقيا.. لهذا تفقد فرنسا نفوذها التاريخي لصالح روسيا

أفريقيا الوسطى (نوفمبر/ تشرين الثاني 2022)

في نوفمبر 2022 وجهت جمهورية أفريقيا الوسطى ضربة قوية للنفوذ الفرنسي فيها، بإنهاء عمادة السلك الدبلوماسي الممنوحة حصريا للسفير الفرنسي بشكل دائم في انتصار جديد لروسيا.

وجاءت هذه الخطوة بعد تعاون متزايد بين موسكو وبانجي كان من أبرز ملامحه وصول آلاف الجنود الروس إلى أفريقيا الوسطى بالسنوات الأخيرة.

بينما غادر في ديسمبر/ كانون الأول 2022 آخر جندي فرنسي أراضي البلد الأفريقي.

النيجر (يوليو/ تموز 2023)

في 26 يوليو 2023 بدأ المجلس العسكري في النيجر تحت مسمى "المجلس للوطني لحماية الوطن" انقلابا على الرئيس محمد بازوم المحتجز في قصره منذ ذلك التاريخ، فيما جرى تعليق العمل بالدستور.

ومطلع أغسطس أعلن الانقلابيون تعليق العمل باتفاقيات عسكرية مع باريس.

والجمعة 25 أغسطس أعطى المجلس العسكري في النيجر السفير الفرنسي مهلة 48 ساعة لمغادرة نيامي بينما وردت فرنسا على الفور بالرفض معتبرة أن "الانقلابيين لا يملكون أهلية" لتقديم مثل هذا الطلب.

يأتي ذلك في ظل نية فرنسا قيادة تدخل عسكري ضد النيجر لإعادة الرئيس بازوم إلى السلطة.

اقرأ أيضاً

لمواجهة النفوذ الروسي.. فرنسا تعكف على ترميم استراتيجيتها بالساحل الأفريقي

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا فرنسا روسيا النيجر انقلاب النيجر مالي بوركينا فاسو بورکینا فاسو لصالح روسیا فی أفریقیا العسکری فی روسیا فی

إقرأ أيضاً:

البنك العربي الأفريقي يتعاون مع جامعة أسيوط لدعم القطاع الصحي بالصعيد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن البنك العربي الأفريقي الدولي، توقيع بروتوكول تعاون مع جامعة أسيوط يهدف إلى دعم تطوير المستشفيات الجامعية وتعزيز المنظومة الصحية والتعليمية والبيئية في صعيد مصر، وذلك في إطار استراتيجية البنك للمسؤولية المجتمعية (CSR) وتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).

تم توقيع البروتوكول بين تامر وحيد، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي الدولي والعضو المنتدب، والدكتور أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط، خلال احتفالية شهدت التأكيد على أهمية التعاون المشترك لتحقيق التنمية المستدامة في صعيد مصر.

وفي تصريح له، أكد السيد تامر وحيد، أن هذه الشراكة تمثل خطوة هامة ضمن استراتيجية البنك لدعم التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن البروتوكول يستهدف تحسين المستوى الصحي والبيئي والتعليمي للأطفال في صعيد مصر.

 وأضاف: "نعمل من خلال هذا البروتوكول على المساهمة في القضاء على قوائم انتظار العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان، وتجهيز الحضّانات للأطفال حديثي الولادة بأجهزة قياس وعلاج الصفرة، بالإضافة إلى توفير أجهزة الغسيل الكلوي للأطفال وتحسين مستوى معيشتهم."

من جانبه، أعرب الدكتور أحمد المنشاوي عن تقديره للدور الريادي للبنك العربي الأفريقي الدولي في دعم المسؤولية المجتمعية، مشددًا على أهمية هذه الشراكة. 

وصرح قائلاً: "تأتي هذه الاتفاقية في إطار جهود الجامعة المستمرة لتطوير المستشفيات الجامعية ورفع كفاءتها لتقديم خدمات طبية متميزة. نحن نثمن دعم البنك الذي يجسد نموذجًا رائدًا للتعاون بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع المصرفي لدعم الصحة العامة وتحقيق أهداف الدولة الاستراتيجية."

ويشمل البروتوكول تقديم الدعم اللازم لتطوير البنية التحتية للمستشفيات الجامعية بجامعة أسيوط، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، بالإضافة إلى دعم القوافل الطبية الشاملة التي تستهدف تعزيز الرعاية الصحية في محافظات الصعيد.

مقالات مشابهة

  • ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابها من تشاد والسنغال؟
  • 24 ساعة فارقة في القرن الأفريقي.. آبي أحمد يجهض إعلان أنقرة بشن هجوم على الصومال
  • البنك العربي الأفريقي يتعاون مع جامعة أسيوط لدعم القطاع الصحي بالصعيد
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة: حان الوقت الآن لإبرام صفقة محددة زمنيًا
  • منهج المدارس في فلوريدا: هل يفي بتوقعات تدريس التاريخ الأفريقي الأمريكي؟
  • بوركينا فاسو تؤكد التزامها تجاه تحالف دول الساحل
  • التعادل ينهي مباراة زد أمام إنبي في الدوري المصري
  • الجوهري فكر يرحله.. شوبير: الحضري كان مزرجن في بوركينا فاسو 98
  • إيران تصوت لصالح رفع الحظر المفروض على واتساب
  • أكاديمية الشرطة تنظم ورشة عمل عن «وحدات دعم السلام بالاتحاد الأفريقي»