بعد غياب ما يقارب الخمسة عقود عادت روسيا من جديد لتستعيد مكانتها العالمية في مجال الفضاء، وذلك بعد أن كانت من أوائل الدول الرائدة في مجال الفضاء خلال الحقبة السوفيتية والحرب الباردة للهبوط علي سطح القمر من خلال المركبة الفضائية " لونا ٢٥ "، إلا أن المركبة تحطمت على سطح القمر يوم الإثنين الماضي الموافق ٢١ من شهر أغسطس الجاري، وذلك بعد فقدان التحكم في المركبة التي كانت تستعد للدخول في المدار ما قبل الهبوط، وفي هذا الإطار قالت وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" إنها فقدت الاتصال بالمسبار بعد مشكلة واجهت المركبة التي تحركت نحو مدار لم يكن متوقعاً، ما أدى لاصطدامها بسطح القمر، ووفقاً للوكالة الروسية للفضاء كان من المقرر أن تدور المركبة الفضائية على بعد ١٠٠ كيلومتر فوق سطح القمر، وكان من المقرر أيضاً أن تهبط على القطب الجنوبي من القمر، وكان من المفترض أن تستمر مهمة المركبة لمدة عام تقوم خلاله بأخذ عينات من القمر، والقيام بتحليلها، إلا أن المركبة تحطمت لتكشف وفقاً للخبراء والمحللين تأخر روسيا في مجال الفضاء، بسبب تراكم الكثير من المشكلات التي عانى منها قطاع الفضاء الروسي خلال السنوات الماضية، ومنها الفساد المتفشي، ونقص الابتكار واستخدام خبراء الفضاء لتقنيات تعود إلى الحقبة السوفيتية، ناهيك عن العقوبات الدولية التي تعاني منها روسيا، بسبب حربها مع أوكرانيا، ومنها إعلان وكالة الفضاء الأوروبية والأمريكية وقف التعامل مع روسيا في مجال الفضاء وبخاصة في عملية إطلاق المركبة "لونا-٢٥"، ما أدى إلى فشل مهمة الإطلاق التي كانت تعطيها روسيا أهمية خاصة وتنظر إلى نجاحها في هذا الظرف الزمني الذي تعيشه روسيا، ونقصد به حربها مع أوكرانيا، تلك الحرب التي عرضت روسيا لاستنزاف الكثير من مواردها المالية والعسكرية والبشرية، لخوضها حربا بالوكالة مع الغرب وأمريكا، وبالرغم من أن أمريكا تعتبر اصطدام المركبة الروسية فشلا وتراجعا روسيا في مجال الفضاء فإن بعض الخبراء والمحللين في مجال الفضاء يعتبرون هذا الفشل نجاحاً لروسيا بسبب فشل المهمات الفضائية السابقة لكل من روسبا واليابان وغيرهما من الدول، ودليلهم على ذلك أن روسيا تلقت خلال الأسبوع الماضي صوراً حية من على سطح القمر، رغم أن المهمة لم يكتب لها النجاح، ويرون بأن فشل المهمة يرجع إلى مشاكل منهجية، ومشاكل خاصة تتعلق بنقص قطع الغيار، وأيضا بسبب العامل البشري الذي لعب دوراً في اصطدام المسبار بسطح القمر، لأنه ووفقاً لرئيس وكالة الفضاء الروسية "يوري بوريسوف" كان من المفترض اتخاذ القرار لتوجيه المسبار للقيام باللفة الثانية حول القمر ثم اختيار المنطقة المثالية لمرحلة الهبوط، وهذا يعود إلى تعجل الهبوط قبل هبوط البعثات الأخرى، أي قبل هبوط البعثة الهندية التي هبطت بالفعل يوم الخميس الماضي ٢٤ من أغسطس الجاري على سطح القمر.
ومع فشل هبوط المركبة الروسية لونا-٢٥ على سطح القمر تكون روسيا قد تراجعت إلى حد كبير في مجال الفضاء بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع الصين والهند في استكشاف الفضاء والهبوط على سطح القمر، ومع ما تعانيه روسيا من مشكلات كثيرة في مجال الفضاء ومنها انقطاع العلاقات مع أمريكا والغرب في هذا المجال تكون روسيا مجبرة للتعامل مع الخبرات الصينية والهندية في هذا المجال الذي يحتاج إلى تضافر كافة الجهود الدولية من أجل مصلحة البشرية، ولهذا فإن روسيا ستستمر في هذا البرنامج، وستواصل محاولاتها الفضائية في ظل وجود رئيس جديد للوكالة الروسية للفضاء، وفي ظل وجود كوادر جديدة، ما يرجح بقيامها بمحاولات أخرى خلال العام ٢٠٢٦ نحو القمر ما يدل على أن روسيا لن تتخلي عن هذا السباق والمنافسة رغم هذا الفشل.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فی مجال الفضاء على سطح القمر فی هذا
إقرأ أيضاً:
رئيس وكالة الفضاء المصرية يشارك في فعاليات «أيام استدامة الفضاء» بفيينا
شارك الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، في فعاليات "أيام استدامة الفضاء" التي نظمها مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي في فيينا، خلال الفترة من 29 يناير إلى 1 فبراير 2024، وذلك في إطار تعزيز التعاون الدولي في مجال استدامة الفضاء الخارجي.
وتضمنت الفعاليات ورش عمل ومحاكاة متقدمة لتنسيق حركة المهمات الفضائية، إذ شهدت ورشة العمل الافتتاحية، التي أدارتها أرتي هولا ميني، المدير العام لمكتب الأمم المتحدة للفضاء الخارجي، مناقشة المخاطر التشغيلية للمهمات الفضائية، وأهمية وضع سياسات وإجراءات تضمن الاستخدام الآمن والمستدام للفضاء الخارجي.
مراقبة وتتبع المهمات الفضائيةتم عرض سيناريوهات افتراضية للتعامل مع حالات الاقتراب غير الآمن للأقمار الصناعية وتأثير الحطام الفضائي على المهمات المدارية، بمشاركة خبراء من شركة الفضاء والطيران الأمريكية.
وخلال ورشة عمل أخرى حول مراقبة وتتبع المهمات الفضائية، نوقشت ضرورة إدراج معايير محددة في تصميم المهمات الفضائية لضمان استدامتها، مثل تركيب أنظمة تتبع دقيقة، وضمان القدرة على التخلص الآمن من الوقود والطاقة المتبقية، إضافة إلى الالتزام بتسجيل المهمات لدى الجهات الدولية المختصة.
أهمية تبادل المعلوماتواختتمت الفعاليات باجتماع عام استعرض الدروس المستفادة، حيث شدد المشاركون على أهمية تبادل المعلومات بين مشغلي المهمات الفضائية بشفافية وتنسيق الإجراءات التصحيحية في حالات الاقتراب الخطر.
وفي كلمته، أكد الدكتور شريف صدقي على الحاجة إلى وضع إجراءات تنفيذية متفق عليها دوليًا لضمان سلامة العمليات الفضائية، مشيرًا إلى دور اللجنة الفرعية التقنية العلمية التابعة للجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي في صياغة هذه الإجراءات بما يتوافق مع المتطلبات التقنية للمهمات الفضائية.